العراق والأمن المستعار
اذن الأمن المستعار يكون ثمنه باهظاً على الدولة الطالبة و يثقل كاهلها و يجعلها لفترة طويلة مرهونة الارادة و القرار ناقصة الحرية و السيادة و الاستقلال , أي أنها لاتكون مستقلة بقراراتها و سياساتها ، بل ترتبط بشكل أو بأخر بمصالح و سياسة الدولة الداعية , وأن هذا المصطلح الأمني كان موجوداً منذ القدم ولكن ليس بالمفهوم الحالي الذي ظهر كنتيجة للعديد من التطورات و الأحداث السياسية و الأمنية التي شهدتها العالم خاصة بعد أنتهاء الحرب الباردة و بروز دور العولمة وتقويض السيادة و مبدأ التدخل الأنساني في ظل ثورة الاتصالات والتكنولوجيا و الاعلام التي جعلت العالم قرية صغيرة .
العراق هذه الدولة التي غابت فيها كل أنواع الأمن فلم يكن المواطن في مأمنٍ عن نفسه و ماله و عرضه من بطش و عنف الأنظمة الحاكمة وليس التهديدات الخارجية لأنها كانت تعامل الشعب العراقي على أسس الطائفية و المذهبية و القومية , وبات هذا المشهد أكثر وضوحاً بعد تحريرها عام (2003) و نتيجة للعديد من الأحداث و التغيرات و أجندات الدول أصبح العراق حاضنة للجماعات الارهابية و بيئة ملائمة لنموها حتى وصلت الحالة الى عدم تمكن الاجهزة الامنية العراقية المتعددة من المسك بزمام الامور و حماية أمن المواطنين ، بل أصبحت الاغتيالات و الانفجارات و عمليات السطو و النهب مشاهد يومية و مادة دسمة للأجهزة الاعلامية , و المواطن لايأمن على ماله و عرضه و حياته , وأصبح الامن مفقوداً بكل ماتعنيه هذه الكلمة , مما أضطر الحكومة العراقية و خاصة بعد انسحاب القوات الامريكية نهاية عام (2011) الى طلب المساعدة من الدول الاقليمية و المجتمع الدولي الى المشاركة و بحزم في سبيل وضع حد للانتهاكات والاوضاع الأمنية المتردية ، فمن الدول ما استجابة لهذا الطلب لدوافع عديدة و قاتلت على أرض العراق وقدمت التضحيات وأنفقت الأموال و الاسلحة حتى بات العراق مسرحاً يلعب العديد من الدول ادوارها و تفعل فعلتها حسب ماتمليه عليه أهدافها و بالمقابل فإن هذه الدول لاتستجيب للدعوة حباً للشعب العراقي او من أجل عيونهم وإنما لها أهداف و مصالح تجعل الحكومات العراقية المقبلة غير مستقلة بقراراتها و ستكون مرهونه بهذه المصالح .
اذن الأمن المستعار تجعل الدولة أسيرة الدول المستجابة للطلب و العراق يمر بهذه المرحلة و لايمكن التخلص منها بسهولة و لفترة قصيرة و أنها تستغرق مدة طويلة ان لم تضطر الحكومات الى الاستعانة بالدول في المستقبل و هذا ما يزيد الطين بلة .