قد تكون اللحظة التأريخية فعلا
وفي خضم احداث خطيرة عصفت بالعراق ابتداء من سقوط مدينة الموصل في 10 حزيران 2014 بأيدي جماعات مسلحة استطاعت ان تمد نفوذها وسيطرتها الى مشارف بغداد ، ألقى الرئيس مسعود البارزاني خطابا أمام برلمان كوردستان في 3/7/2014 أوضح فيه العديد من القضايا المهمة نلخصها فيما يأتي:
1- أدى اقليم كوردسستان و شعبه عموماَ دوراَ رئيساَ في إسقاط النظام السابق وبذلا جهوداَ مضنية في تأسيس عراق فدرالي ديمقراطي تعددي.
2- وبعد الأنتظار لعشر سنوات وللأسف ساءت الأوضاع يوماَ بعد يوم،صحيح تم اقرار دسستور للعراق عام 2005، ولكن الكورد لعب دوراَ رئيساَ في صياغته بالرغم من النواقص التي وردت فيه.
3- من الناحيتين الأمنية و العسكرية، كان بيننا تنسيق و لكن الطرف الثاني لم يلتزم به، وكما تعلمون تم تهميش المادة 140 أما مسألة النفط و الغاز فلم تولى أي اهتمام يذكر الى جانب مسألة البيشمركه، وكان الأتفاق بيننا و بين بغداد و الأميركان أن يقوموا بتسليح البيشمركة و توفير الأعتدة و المستلزمات العسكرية، و يصبح جزءاَ من المنظومة الدفاعية العراقية، لقد تم ايداع جزء من اسلحة البيشمركة في مخازن معسكر التاجي ومن ثم ينقل الى الأقليم، و منعت سلطات بغداد ذلك الأجراء.
4- لقد ناقشنا كثيراً مسألة المادة 140، وكانوا يذكرون دائماً ان المادة قد انتهت، وبالنسبة لمسألة النفط و الغاز فقد اتفقنا في عام 2007 على مشروع لقانون النفط و الغاز وكان هناك ملحق يشير الى أنه في حال لم يتم اقراره حتى شهر مايس 2007 فإنه من حق الأقليم و بغداد ابرام عقود مع الشركات لأستخراج النفط لحين اقرار القانون، وعقد الأتفاق في شباط 2007، اذاً نحن لم نتخذ أية خطوة خلاف ما يسمح به الدستور أو خارج الأتفاق.
5- لقد انذرنا كثيراً حول الأوضاع في العراق و توجه البلد نحو التفرد و الأنهيار، ولكن و للأسسف لم يؤخذ على محمل الجد الى أن وصلت الأمور الى ما عليها الآن. الآن نرى أن العراق قد تجزأ ونحن كشعب كوردستان غير مسؤولين عن هذه التجزئة و سبب ذلك يعود الى الساسات الخاطئة لسلطات بغداد حيث لم يضعوا أي اعتبار للشيعة و للسنة و للكورد، وقد ساد التفرد في حكم العراق.
6- سياساتهم الخاطئة ادت الى الفشل من النواحي السياسية و الأمنية و العسكرية و الخدمية و الأقتصادية، وبدلاَ من الأعتراف بفشلهم ، يبحثون عن ذرائع و ابسط الأمور بالنسبة اليهم هو اتهام الكورد بأننا السبب في ماحدث.
7- لقد انتظرنا يوماَ بعد يوم و لعشر سنوات ولكن الأوضاع ساءت اكثر، وهل يمكننا الأنتظار لعشر سنوات أخرى؟ وينبغي أنْ نفكر في مصيرنا و مستقبلنا، وعندما ينفرد أحد و يصدر كل القرارات عليه تحمّل مسؤولية نتائج أخطائه ايضاً. قد يلقى اللوم علينا حول دخول البيشمركه الى المناطق الكوردستانية خارج ادارة الأقليم ، وهل كان علينا الأنتظار الى أنْ تدخل داعش تلك المناطق و تستبيحها و تشرد أهلها؟
8- والآن لنا حدود مشتركة على امتداد 1050 كيلومتراً مع دولة اخرى جديدة،سواء كانت ارهابية أو غيرها، ولكنها أمر واقع و ولم تبق مع العراق عدا 15كيلومتراً تبدأ من نفطخانة و حتى خانقين، وكانت الكارثة تتفاقم لو لم تتدخل البيشمركة في تلك المناطق، وبالرغم من ذلك هناك نصف مليون مواطن تشردوا و اصبحوا ثقلاَ على كاهل الأقليم و الآن يعيش في الأقليم نحو مليون لاجىء، و بالرغم من صعوبة ذلك الاّ انها تعتبر محل فخر و اعتزاز شعب كوردستان وحتى على الصعيد الدولي و العالم كله ينظر الى اقليم كوردستان نظرة اعجاب و تقدير لأنه تحول الى ملاذ آمن للمنكوبين.
9- والآن كما ذكرتُ ايها السادة،هناك اوضاع مستجدة، المناطق التي كانت خارج الأقليم اصبحت الآن تحت سيطرة البيشمركة ،و اقول للأخوة العرب و التركمان و الكلدان و الآشوريين في تلك المناطق و بكل ثقة يجب علينا جميعاً ان نصنع اجواء للتعايش معاً و تصبح نموذجاً للتآخي و المساواة في الحقوق و الواجبات. الآن يقولون ان المادة 140 مادة دستورية و نحن ندافع عن وحدة العراق و يهددوننا، وكانوا قبل ذلك يدّعون بأن المادة 140 قد انتهت، و بالنسبة لنا عندما نقول ان المادة 140 منتهية يعني انها قطعت اشواطاً و لم يبق سوى الأستفتاء في تلك المناطق،حيث ينبغي انْ يقر الشعب مصيره، واعتقد أنّ على برلمان كوردستان دراسة هذه الأوضاع حول كيفية اتخاذ هذه الخطوة، واذا يعتقد هؤلاء ان باستطاعتهم اعادة السيطرة على تلك المناطق فأنا اؤكد انهم سيرتكبون خطأ، وقوات اليشمركة موجودة فيها لحماية اهلها و لاتنسحب منها تحت ضغط من أي شخص كان.
10-لقد دمروا وحدة العراق و سياساتهم الخاطئة كانت سبباً لتجزئة العراق،و ليس الكورد هم السبب في ذلك، ويتحدثون ايضاً انه لايجوز للكورد اقرار حق تقرير مصيره لأن ذلك خلاف للدستور، حسناَ..لنرجع الى الدستورن لنني لن اتحدث عن شىء خارج الدستور،جاء في الدستور: الألتزام بهذا الدستور هو المحافظة على وخدة الأرتضي العراقية و شرط لبقاء العراق موحداً و نورد مئات النماذج الأخرى التي تثبت عدم التزامهم بالدستور،اذاَ بأي حق و بأي دستور وقانون ارتكبوا كل هذه الأخطاء ازاء الكورد؟ وأن أي خطوة نتخذها فهي دستورية و سمح لنا الدستور بها، وبما أنهم غير ملتزمين بالدستور الذي اشار الى شرط من شروط بقاء وحدة العراق اذا من حقنا ان نتخذ قرار تقرير المصير، ولتأتي أية منظمة دولية للتحقق من التزام أي الطرفين بهذا الدستور.
11-نحن لدينا نماذج أخرى، الأتحاد الأختياري هو الأنجح، و التقسيم الأجباري يفشل، المانيا و جيكوسلوفاكيا تم تقسيمهما، وبعد اربعين سنة اتحد الجانبان من المانيا،لأنه كان التقسيم ضد ارادة و مطالب الشعب، و بالنسبة الى جيكوسلوفاكيا كانت في الأصل يتكون من شعبين وقد تم الزامهما على الأتحاد ولم يكن ذلك بمحض ارادتهما.
12- عليهم اخذ العبر و الدروس من هذه التجارب ولايستطيعون اضطهاد الكورد و شعب كوردستان و يجبروهم على العيش معاً، برلمانكم الموقر قرر بعد 2003 أننا سنعيش مع العراق وفق اتحاد اختياري و نؤسس عراقاَ اتحادياً. هم الذين دمروا العراق لذا عليهم محاسبة انفسهم. ولا يلقون اللوم على شعب كوردستان وهذا أمر غير مقبول.
نحن نعيش الآن في وضع ماذا لنا أنْ نعمل؟ قد يتبادر اليكم سؤال حول موقف الخارج من تقرير مصيرنا ككورد. كان في السابق ممنوع احد يتحدث عن هذه المسألة و لم يكن أحد ليسمعك،أما الآن هناك مرونة وتختلف من دولة الى أخرى،ولكن في النهاية علينا كشعب كوردستان ان نتخذ هذا القرار بأنفسنا بدلاً من أن يقره غيرنا.
13- لذا ارى من الضرورة ان اقترح عليكم بأن تستعجلوا لتشكيل مفوضية مستقلة للأنتخابات لأقليم كوردستان وهي الخطوة الأولى، الثانية الأعداد لبدء الأستفتاء لتقرير المصير، وهذا سوف يعزز من موقفنا،ولكن كيف يتم ذلك وماهي الخطوة اللازمة له عليكم دراسة المسألة، لقد آن الآوان لتقرير مصيرنا بانفسنا و لن ننتظر أحد، وقد أثبتنا في السنوات الماضية باننا لم نكن مصد تهديد لجيراننا، وكنّا عوامل خير وسنبقى كذلك، وكما قلتٌ لحين انجاز ذلك سوف نستمر في مساعدة الأخوة الشيعة و السنة لأنقاذ العراق من أزمته.
14- أزمة العراق سياسية بالدرجة الأولى و عسكرية بالدرجة الثانية و يجب معالجتها جذرياً بشكل سياسي، ومن هنا أرى من الضرورة أنْ أثني على وحدة موقف و صفوف الشعب الكوردستاني و الأحزاب السياسية عموماً وهذا هو شرط النجاح وهو أقوى من كل شىء واكثر تأثيراً من كل دعم و اسناد.
وفي مقابل هذه التوضيحات فان رئيس الوزراء المنتهية ولايته (نوري المالكي) قد رفض الاجراءات التي اتخذتها حكومة الاقليم في حماية المناطق المتنازع عليها والتي تقع خارج ادارة الحكومة وحماية سكانها من الهجمات المحتملة للمسلحين بعد ان تلرك الجيش العراقي مناطق ومراكز تواجده وأكد ان المادة 140 لم تنتهي وأن تصرف الاقليم بهذا الصدد غير مقبول وبين ان القوات العسكرية ستعود الى مواقعها بعد انتهاء الازمة . وأضاف المالكي محذرا الشعب الكوردي من "خطورة فكرة الانفصال وتقرير المصير ومعلنا ان حق تقرير المصير غير موجود في الدستور وأن تجسيده فيه يحتاج الى تعديله".
وتعرضت توضيحات الرئيس البارزاني الى جملة من الاعتراضات والانتقادات انصبت معظمها على تشويه مواقف الشعب الكوردي وانكار مابذله من جهود في سبيل الاخوة العربية الكوردية وتحقيق الديمقراطية للعراق. ولذلك فقد وجه الرئيس البارزاني رسالة مفتوحة الى الشعب العراقي في 8/7/2014 استعرض فيها بصورة مفصلة الاوضاع في العراق والاسباب التي ادت الى ان يصل العراق وشعبه الى ماعليه الان من الماسي والمعاناة. ومن أهم نقاط هذه الرسالة مايلي:
1. ان هجمة مشبوهة تتسع لاستهداف الشعب الكردستاني وقيادته ومحاولة تحميله مسؤولية الانهيارات المؤسفة التي تعرضت لها القوات المسلحة والاجهزة الامنية العراقية وأدت الى استباحة مدن وقصبات عراقية
2. ان هذا الاستهداف والتعريض لايتوقف عند هذه القضية "بل بات كما لو انه منصة إضافية لتشويه جميع مواقف شعبنا وإنكار ما بذله في مختلف المراحل التاريخية وما يزال من جهود وتضحيات لترسيخ الاخوة العربية الكردية وتحقيق الديمقراطية للعراق باسره، والحفاظ على لحمة نسيج المجتمع العراقي، وصياغة الشعارات والسياسات والمواقف التي تشكل الاساس المتين لهذه الوحدة الوطنية، على اساس من الشراكة الحقيقية في الوطن، ووفقا لقيم ومبادئ النظام الديمقراطي"..
3. يجري اليوم، في سابقة هي الاخطر، تغذية حملة كراهية قومية " شوفينية " تستند الى تشويه الوقائع، وإظهارها عكس ما هي عليه، وبناء جدارٍ من " الانفصال " بين القوميتين المتآخيتين، والمكونات العراقية، لتخدم اغراضاً سياسية ومصالح فئوية ضيقة، لمن كان المسبب لقيادة العراق من فشلٍ الى فشل، ومن أزمة الى أزمة اشد وقعاً، لينتهي ذلك في نهاية المطاف الى هذا القاع من الانحدار والهزيمة".
4. ان "النغمة النشاز (الانفصال، وتقسيم العراق) ، التي طالما استخدمتها الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة وهي نغمة أثيرة لدى كل طاغية متغطرس، وحاكم فاسد معزول عن شعبه ومغيَّب عن التاريخ ودروسه، يجري الان بنشاط محمومٍ تسويقها بين الاوساط العربية في العراق وخارجه، ودغدغة مشاعرها وجرها الى مواقع الضلالة السياسية، والاسهام في افساد البيئة الوطنية المشتركة، وتصديع الثوابت التي لا يمكن دون الحفاظ عليها، الابقاء على الوشائج الوطنية التاريخية بين العراقيين والمحافظة على وحدة البلاد التي يدعونها".
5. "لم نتردد يوما، في مختلف مراحل الكفاح المشترك مع سائر القوى الوطنية العراقية ضد الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة، في التاكيد على حق تقرير المصير. ولم يكن مفهوم تقرير المصير غائباً عن البرامج المبرمة مع المعارضة، وفي مقدمتها الاحزاب والحركات الشيعية، كما ان مفهوم هذا الحق، جرى التعبير عنه بوضوح، بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق، وفي ديباجة الدستور، في اطار " عراق ديمقراطي اتحادي، وشراكة وطنية حقيقية " .
6. "اننا لسنا مستعدين تحت اي ظرفٍ أن نقبل بلي ارادتنا، واعادتنا الى المربع الاول، ومواجهتنا بما يذكرنا بالسياسات والنهج الذي اغرق كردستان في بحر من دماء مواطنيه، وتحويل موطنهم الى خرائب ومقابر جماعية.. وهذا ما واجهناه بوضوح طوال مرحلة اغتصاب السلطة والعبث بها في ولايتي رئيس مجلس الوزراء
7. تشويه مطلب تقرير المصير: انه "من المؤسف ايضاً، مساهمة البعض في تشويه دعواتنا المخلصة للخروج من المتاهة التي وضعتنا فيها سياسة الانفراد والتهميش والاقصاء والاملاءات، وتجريدها من جوانب مفهومية فيها وتركيزها فقط على اننا نريد الاتفصال، كمفهومٍ وحيد الجانب لمبدأ (تقرير المصير)!. واضاف ان هذا البعض والاوساط المشاركة في الحملة، يتناسى ما اكدنا عليه من ضرورة الالتزام بالثوابت الوطنية الكفيلة بان تجمعنا، والتجاوزات الفظة التي من شأنها أن تفرقنا : يجمعنا الدستور ، وبناء دولة المؤسسات والحريات في اطار النظام الديمقراطي، والمشاركة الحقيقية في حكم البلاد.
8. ضرورة وضع الآليات التي تحول دون الانفراد بالسلطة، أو التغّول بالاعتماد عليها، أو حرفها نحو التسلط والدكتاتورية، واخراجها من المسارات التي يفرضها النظام الديمقراطي الاتحادي التداولي. كذلك يتطلب معافاة الحياة السياسية، بإخراج العملية السياسية من مجرى التحاصص الطائفي واثارة النعرات المذهبية الذميمة، وتعبئتها وتحويل ولاءاتها، فوق اعتبارات الانحياز الوطني، وقيم المواطنة الحرة.
9. ان الاكراد سيواصلون الاتصال بجميع الفرقاء، المتفقين معهم والمختلفين، بغية انضاج حلٍ سياسي جذري، قوامه اجراء اصلاح بنيوي في هيكل الدولة ومرافقها ومؤسساتها، وتكريس آلية ديمقراطية، يتعذر في ظلها تغّول اي حاكمٍ أو سلطة سياسية . والسعي مع الجميع، للبحث في ما يقتضيه الوضع الجديد الذي نجم بعد العاشر من حزيران، من تغييرات وأطر سياسية تستجيب وتطمن المكون السني، وتعزل الارهابيين، وتقصيهم من الملاذات الامنة التي يتحركون فيها.
10. ان تقرير المصير حق مشروع لشعبنا، استناداً لكل الشرائع والمبادئ الاممية والوطنية، وشعبنا لن يتراجع عن هذا الحق، وتطبيق آلياته وتامين مستلزماته، وسيعتمد في ذلك على الدعم من الشعب العراقي والتشاور مع ممثليه وكل المدافعين عن حق الشعوب والامم التي تستباح ارادتها ..ان العيش المشترك خيار طوعي اذا تجسد فيه مايراه الشعب استجابة لمرحلة من مراحل حقه التاريخي وكفاحه دفاعاً عن حقوقه ومصالحه القومية . وشدد بارزاني بالقول "اننا نؤكد بوضوح اننا لن نتراجع عن حقنا في تقرير المصير ، كما يقرره شعبنا بارادته الحرة .. وان تهديد مستقبل العراق والعراقيين ، هي مسؤولية يتحملها من يصرون على تمزيق نسيج المجتمع العراقي، ويخرقون الدستور، ويضعون العراقيين في مواجهة نمط جديد من الدكتاتورية" .
11. وشدد بارزاني بالقول ان "الانفصال وتقسيم العراق، تقع مسؤوليته على القوى والحكام الذين يكرسون نهج تمزيق المجتمع على اساسٍ طائفي ومذهبي، ويقتلون المواطن او يقصونه على الهوية.! .. ليس جلياً امام كل مواطنة عراقية ومواطن عراقي، وامام كل الشعوب المناصرة لشعبنا ، ان تشبث السيد المالكي بولاية ثالثة، رغم ما اصاب البلاد من انتكاسة خطيرة، ورغم تاكيد جميع القوى على تغييره، اداة لدفع العراق الى مزيدٍ من الفوضى والتشتت والانزلاق الى منحدر لا قرار له ..؟ ".
السجالات مازالت مستمرة والمواقف السياسية اليومية متغيرة حيث مازال المالكي مصرا على سياسة المواجهة بدلا من المحاولة للوصول الى تسوية سياسية توافقية تؤدي الى تهدئة الامور واستخلاص النتائج من المرحلة السابقة والانطلاق نحو المستقبل برؤية جديدة .
ان رؤية الرئيس البارزاني تتلخص بوضوح فيمايأتي:
• الشعب الكوردي وكباقي الشعوب يتمتع بحق تقرير مصيره بنفسه
• لايحق للاخرين ان يجددوا طبيعة هذا الحق
• وفي اطار هذا الحق فان الشعب الكوردي له الحق في ان يختار الاستقلال
• ان هذا الحق غير مرهون بفترة زمنية معينة بل هو حق ثابت
• وضمن الاقرار بهذا الحق فان الشعب الكوردي مستعد للعمل مع القوى السياسية الاخرى لاجل بناء شراكة حقيقية في العراق
• ان الولاية الثالثة للمالكي ستكون كارثية لذلك فان الكورد غير مستعدين لتقبل هذه الفكرة
ماذا كان موقف المالكي؟
لقد أظهر المالكي بانه فهمه للسياسة يقترب كثيرا من مقهوم المفكر والقانوني الالماني والمنظر النازي البارز كارل شميت (1888-1985 ) الذي طرح مفهوما خاصا للسياسة بكونها عبارة عن تمييز مابين الصديق والعدو حيث يقول ان السياسة هي قبل كل شيء القدرة على استكشاف العدو. وهذا يعني أنه لا يمكن فهم السياسية إلا على أساس الصراع بين القوميات المختلفة وهو صراع قد يصل إلى مرحلة الحرب أولا والتي تمثل التحدي الأخطر في مجال السياسة لأنها مسألة حياة أو موت.
تكمن خصوصية كارل شميث في رفضه التام تحديد السياسة انطلاقا من المستوى القانوني أو المؤسساتي أو انطلاقا من ماهية أو محتوى أخلاقيٍّ متعال. إن هدفه كان تحديد المعيار، أي العلامة التي تسمح بالتعرف على ما إذا ما كانت قضية ما أو مشكلةٌ ما سياسيةً أم لا، أي تمييز ما هو سياسي بشكل خالص، في استقلال عن أي علاقة أخرى، وهذا التمييز هو بالذات التعارض أو التناقض بين الصديق والعدو، الذي هو المؤشر السياسي الأساس والمحدد. وهنا من الضروري أن نتأمل قول (شميت): إن عالما بدون تمييز بين الصديق والعدو هو، بالتالي، عالم بلا سياسة.
ولكن المالكي يخطأ في تحديد العدو حيث أن المناضلين والشعوب المناضلة لايمكن ان تكون " عدوة" الا بالنسبة للامبرياليين والرجعيين . ولذلك اذا اصطف المالكي مع هؤلاء فانه من الممكن ان يصبح هو عدوا للذين يناضلون ويكافحون في سبيل التحرر ونيل الحقوق.
ومادام السيد المالكي وهو يرنوا نحو الولاية الثالثة متمسك بهذه الفكرة لمفكر بارز ك (شميت) الذي يمثل اتجاه "إمبريالية العقل"، إذا جاز لنا ان نستخدم لغة عالم الاجتماع الفرنسي ( بيير بورديو) وهو يتحدث عن همجية العقل الغربي في تعامله مع الأطراف أو عن "إنتاج العقل للاعقل". ، فان الاخرين الذين يعتبرهم هو ك "عدو" يحق لهم ايضا أن يسلكوا سلوكا اخرا مناقضا له يمثل " تحررا " من شرور شخص يمكن اعتباره ( مثل شميت) عدوا للمجتمع المفتوح. وهذه هي اللحظة التأريخية الحاسمة فعلا.
ولكن هل القائد السياسي وفي اللحظات التأريخية الحاسمة هو " حر" في قراراته وخيارات؟
القرار يتطلب اختيار من بين العديد من البدائل وفي هذا هل ان صاحب القرار حر في الاختيار؟أم أن كل شيء محدد مسبقا؟
ان اعتقاد القائد السياسي ، وكما يقول البروفيسور الفرنسي ( دوروزيل Duroselle) ، بأنه حر ليس الا وهما.
ان كل قائد سياسي كرجل دولة يسعى الى تحقيق أهداف عامة وهي تتعلق بالمصلحة العليا للبلد والشعب.ولكن اذا كان قرار معين ذو أبعاد دولية (كقرار حق تقرير المصير لانشاء دولة...) فان رجل الدولة ملزم أن يفكر وبعمق بردود فعل محتملة من الاخرين ودراسة الانعكاسات التي ستنجم عن القرار.ان هذا يعني أن كل قرار مهم له ابعاد خطيرة يجب أخذها وبجد بنظرالاعتبار.وهنا يدخل عنصر المغامرة والمقامرة في القرار. فقط موضوع المغامرة تستحق المخاطرة.ومع ذلك ، وكما يؤكد البروفيسور ( دوروزيل) ، لايجوز متابعة الهدف عندما يكون الخطر أكثر فداحة حتى ولو كانت الغاية سامية.
ان دور القائد السياسي ورجل الدولة هام جدا في اللحظات التأريخية الحاسمة لانه يلعب اخر الامر دورا شخصيا في الاختيار بين البدائل والاختيار بين التطلعات والضغوطات الاقليمية والدولية.ان عدم التأكد من مواقف وردود أفعال المقابل يضيف صعوبات جمة وخطيرة لعملية اتخاذ القرار.ان القرار يكون عقلانيا عندما تكون كل الفرص مهيئة له لبلوغ الهدف المنشود.وهذا يفرض على صاحب القرار الاحاطة التامة والعميقة بظروف الموقف والقضية.ان هذا يعني أن القرار غير العقلاني هو القرار الذي يتخذ بسرعة و في ظروف حرجة تفتقد الى الوقت أو يتعلق بوجود عنصر مجهول لم يحسب له حساب.