ان لجوء رئيس الوزراء العراقي"نوري المالكي"الى المرأة والتمترس وراءها في صراعه مع خصومه السياسيين وشركائه في الحكم، بدعة لم يقم بها احد من رؤساء الوزراء العراقيين غيره، ولم يفكروا في هذه الطريقة للوصول الى اهدافهم السياسية، فقد دأب"المالكي"على ممارسة هذا النوع من العمل السياسي منذ اول يوم من وصوله الى سدة الحكم، وعبر استغلاله لثلاث نسوة"نائبات"في البرلمان العراقي وصفن في الاوساط السياسية بـ"المشاكسات" لكثرة دخولهن في المشادات الكلامية والمعارك السياسية الجانبية مع خصوم المالكي تحديدا، للدفاع عنه بالحق والباطل في البرلمان وغير البرلمان وعبر وسائل الاعلام، هؤلاء النسوة اصبحن فيما بعد خير معين له في ترسيخ حكمه وتوسيع سلطاته، وهن على التوالي "مريم الريس وعالية نصيف وحنان الفتلاوي"، فمن خلال النائبة "عالية نصيف جاسم" استطاع "المالكي" ان يخترق القائمة العراقية السنية المنافسة ويحدث شرخا كبيرا في صفوفها، حيث كانت عضوة فيها ومن خلالها اصبحت نائبة في البرلمان ولكنها انشقت عنها بدفع من المالكي وشكلت مع منشق اخر هو"قتيبة الجبوري"قائمة اخرى مستقلة سموها"العراقية الحرة"ومازالت هذه القائمة تقف عقبة كأداء في طريق القائمة الام وقادتها في البرلمان.. وعبر"حنان الفتلاوي"استطاع "المالكي"ان يسكت اصواتا كثيرة رافضة لسياساته داخل ائتلاف التحالف الوطني الشيعي الذي يستمد منه قوته وسلطته، وعند حدوث اي مشكلة له مع اعضاء ائتلاف الرافضين لهيمنته السياسية، فان النائبة"الفتلاوي"على اهبة الاستعداد للتصدي لهم وخوض غمار معارك كلامية طاحنة معهم.. ومن شدة اخلاص النائبة الاخرى"مريم الريس"للنهج السياسي الذي يسلكه رئيس الوزراء، قربها الاخير وعينها مستشارة له، وهذه النائبة لها صولات وجولات في الدفاع عن رئيس الوزراء.. هؤلاء الثلاثة خدمن"المالكي"بما لم يخدمه احد من انصاره الرجال المقربين، وعبرن عن توجهاته السياسية خير تعبير، لا يمر يوم دون ان تكون لاحداهن جولة من الصراع الجدلي المرير مع احد خصوم المالكي عبر القنوات الفضائية، او في البرلمان والتصدي لهم بشراسة، سواء كانوا اشخاصا يمثلون شرائح مهمة في المجتمع، مثل مسعود بارزاني او اياد علاوي او اسامة النجيفي او مقتدى الصدر او احزابا مثل التحالف الكردستاني اوالقائمة العراقية اوالتيار الصدري او الدول مثل تركيا والمملكة السعودية وقطر، وكل من وقف بوجه"المالكي" ورفض سياسته الطائفية الاقصائية للاخرين وانتقد نزعته التفردية بالحكم، نال قسطا من هجمات هؤلاء النائبات وتعرض لحملة شعواء من قبلهن، لذلك فان الكثير من السياسيين العراقيين يتحاشون الاحتكاك بهن والدخول معهن في مشادات كلامية عقيمة خوفا من ان يتطور الامر الى ما لا يحمد عقباه، كما حصلت مع رئيس كتلة العراقية"سلمان الجميلي"عندما رمته"عالية نصيف"بحذائها داخل البرلمان وامام كاميرات التلفزيون، دفاعا عن طروحات"المالكي"حول الموازنة العراقية، والعجيب انها افتخرت فيما بعد بقيامها بهذا العمل وعدته"عملا بطوليا !!".. ولم يسلم الاكراد من لسان هذه النائبة حيث وصفتهم بابشع العبارات، فبمجرد ان طالب الاكراد بالتعويضات المناسبة عن الاضرار الفادحة التي لحقت بهم جراء عمليات الابادة المنظمة التي كانت الحكومات العراقية البائدة تمارسها ضدهم، هاجمتهم النائبة ووصفتهم بـ"الفراعنة"واعتبرتهم"الخنجر في ظهور العراقيين"، ومن شدة كرهها للكرد، طالبت باستبدال وزير خارجية العراق"الكردي؛ هوشيارزيباري"باخر عربي !!لمجرد ابدائه رأيا مخالفا لرأي"المالكي"حول سوريا..وشاركت"حنان الفتلاوي"زميلتها في حقدها الدفين على الاكراد ورأت انهم الخطر الحقيقي على وحدةالعراق واستقراره، ونذرت نفسها لرصد ومراقبة تحركات قادتهم وتصريحاتهم وعلى رأس هؤلاء رئيس الاقليم"مسعودبارزاني"وقد طالبت مرارا بوضع قيود صارمة على تنقلاته وزياراته خارج الاقليم وعدم السماح له بذلك الا باذن مسبق من جانب الحكومة المركزية، ناسية ان الدستور"الفدرالي"يسمح لرئيس الاقليم ان يعقد اتفاقات تجارية ودبلوماسية مع الدول ويقوم بزياراتها، من دون الرجوع الى الحكومة المركزية، ووقفت"الفتلاوي"مع كل مشروع كردي مقدم في البرلمان ؛ ترسيم الحدود المقدم من قبل رئيس الجمهورية، ومشروع قانون بتخصيص رواتب للبيشمركة وقانون النفط والغاز وغيرها من المشاريع.. ووسعت"الفتلاوي"من مساحة صراعاتها السياسية لتشمل القائمة العراقية والمظاهرات السنية في الانبار ووقادتها وشيوخ العشائر وكانت لها مناكفات وسجالات تلفزيونية حامية مع شيخ عشائر الدليم"علي حاتم سليمان"ومع غيره..ولكثرة مشاجراتها مع البرلمانيين وعدم التزامها بالنظام الداخلي للبرلمان، منع لفترة من الدخول الى قاعة البرلمان.. ولم تختلف"مريم الريس"عن رفيقتيها كثيرا، في الدفاع عن سيدها"المالكي"، فعندما حاول المعارضون لسياساته وعلى رأسهم"بارزاني"سحب الثقة منه واستبداله باخر، اشترطت ان يتغير بارزاني قبل استبدال المالكي ! وارجعت سبب اصرارهم على سحب الثقة"بتخوفهم من شعبية المالكي ونجاح حكومته ! ولم تنس بدورها ان تهاجم البرلمان ورئيسه وتتهمهم بـ"تعطيل القوانين"لمجرد انهم اتهموا الحكومة بالتقصير..كل الكتل السياسية وقاداتها اخذوا نصيبهم من انتقادات هؤلاء الثلاثة وتطاولاتهن الا "المالكي"وائتلافه، لم يمسا بسوء ابدا، رغم فشلهما المستمر في ادارة الحكم..