مشروع الدولة الكردية
لابد ان يحددوا وجهتهم السياسية، اما ان تحكمهم مفاهيم ديمقراطية بالصورة التي تلائم وتنسجم مع مصالح مكوناتهم العرقية والطائفية المختلفة وبذلك يحفظوا وحدة البلاد من التفكك والتقسيم واما العودة ثانية الى السلطة المركزية الشديدة وممارسة القمع المنظم تحت الهيمنة الطائفية، وازاء رفض "المالكي"وتحالفه الوطني الحاكم للاقتراح الاول وانشاء الاقاليم بحسب الدستور وسعيه الحثيث نحو تأسيس دولة بوليسية، فانه بذلك قد يعلن موت العراق، وانتهائه كدولة، وازاء سعي العراق الحثيث نحو حتفه، فان دولة اخرى تتحرك في احشائه الميتة وتحاول الخروج ببطأ وتؤدة ولكن بقوة وثبات، لتعلن عن نفسها كدولة مستقلة في اي لحظة، ومنذ اجرائها لاول انتخابات تشريعية عام 1992 واختيار حكومة لادارة الاقليم بمنأى عن سلطة بغداد، استطاع الاكراد خلال هذه الفترة من اقامة دولة على ارض الواقع"دولة تحت التمرين ان صح التعبير" لها كل مقومات الدولة المعاصرة تتلقى الرعاية والاهتمام من قبل الامم المتحدة والدول الكبرى"امريكا"انسانيا ولكنها بمرور الزمن تحولت الى"امر واقع"، ولكنها مازالت لا تعترف بها كدولة مستقلة ذات سيادة، ولكي تتحول الى دولة معترف بها رسميا، عليها اولا ان تدفع بالمنظمة الدولية ومن قبلها بتلك الدول الكبرى الى هذه الخطوة، ولا يتأتى لها ذلك الا اذا رسخت القناعة لدى تلك الدول بان الحياة المشتركة بين الشعبين الكردي والعربي بشقيه السني والشيعي اصبحت مستحيلة في اطار دولة واحدة تحت اي ظروف اومسميات ومفاهيم سياسية مضللة مثل ؛ "الشراكة السياسية" و"الديمقراطية التوافقية"و"المحاصصة الطائفية والعرقية"، وقد اثبتت التجارب ان كل المحاولات السياسية المتكررة للتعايش بين القوميتين المختلفتين قد باءت بالفشل وحالت دون معالجة الازمة القائمة بينهما ولم تزد العلاقة بينهما الا سوءا وتدهورا، فلم يبق امامهما الا الانفصال بسلام، وهما اصدقاء، لا اعداء.
ان تركيز الاكراد على جوانب التمايز والاختلاف الحضاري والديني والثقافي واللغوي والجغراقي بينهم وبين الشعب العربي في العراق كاستراتيجية ثابتة، خطوة مهمة وذات جدوى باتجاه انشاء دولتهم الموعودة، بدونها لا يمكن ان يصلوا الى شيء، فلولم تكن الخلافات الدينية والثقافية والقومية الكبيرة القائمة بين شعبي"الكوسوفو"و"جنوب السودان"وبين دولتيهما التي استحال التعايش المشترك في ظلها، لما انفصلا لحد الان وشكلا دولتيهما المستقلتين، ولظلا يتجرعان الصراعات الدموية الى ما لانهاية.. وعلى الرغم من تحقيق بعض النجاح في هذا المجال، ولكن مازالت بعض الاصوات الكردية تؤمن بالطروحات العراقية الوحدوية وتعمل لها وترى في تشكيل الدولة الكردية القادمة حلما لا يمكن تحقيقه.