• Friday, 22 November 2024
logo

هل بامكان المعارضة الكردية أن تتولى رئاسة اقليم كردستان؟ كيف؟

هل بامكان المعارضة الكردية أن تتولى رئاسة اقليم كردستان؟ كيف؟
لا ادري ما الذي دفع بالامين العام السابق للاتحاد الاسلامي الكردستاني الفصيل السياسي المعارض"صلاح الدين بهاءالدين"الى توجيه انتقادات شديدة ومباشرة الى رئيس الاقليم "مسعودبارزاني"من خلال مقابلة صحفية اجرتها معه مجلة مشهورة ومعروفة بمعارضتها الشديدة لـ"بارزاني"وحزبه، ودائمة التهجم عليه وعلى سياساته، فما الذي دعاه الى الخروج غير المألوف عن سياسته الراشدة وحكمته المعهودة طوال زعامته للاتحاد الاسلامي المعارض منذ تأسيسه عام 1994 ولحين استقالته عام 2012 ويصرح على غير عادته بان"اسوء فترة في الحياة السياسية لبارزاني هي فترة رئاسته لاقليم كردستان"ما الذي دفعه الى قول ذلك ولماذا الان وليس عام 2011 عندما وجه تهمة حرق مقراته الحزبية الى حزب"البارزاني"، وهل للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع اجراؤئها في اقليم كردستان في 21 سبتمبر المقبل علاقة في التصعيد السياسي الحالي، وخاصة وان انباءا تناقلت عن عزم الامين العام السابق للحزب الاسلامي ترشيح نفسه لرئاسة الاقليم منافسا بذلك الرئيس"بارزاني"، مما شكل تحديا واستفزازا لمؤيدي الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه"بارزاني"فهاجموه بشراسة ووصفوه بابشع الاوصاف واتهموه بالتجسس لصالح دول وقوى خارجية، وازاء هذه التهمة الخطيرة هدد انصار"بهاءالدين"برفع دعوى قضائية ضدهم، وما زالت القضية تتفاعل في الساحة السياسية الكردية ولا احد يعرف الى اين ستنتهي..

هذه الصراعات الجانبية التي تثار بين حين واخر في الساحة السياسية الكردية تظهر حقيقة ان العلاقة بين السلطة الكردية المتمثلة بالحزبين الحاكمين"الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني"وبين المعارضة بفصائلها السياسية الثلاثة"حركة التغيير والاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية"لم تكن مبنية على اسس مشتركة سليمة، تتعاون وتتكاتف من اجل خدمة المجتمع الكردي، كما في الدول والمجتمعات الغربية، بل مبنية على المصالح الحزبية الضيقة والتربص للاخر وعدم الثقة المتبادلة، لا يمتلك اي من الطرفين خطة معينة للاصلاح السياسي وخاصة الاحزاب المعارضة، التي تدعو باستمرار الى الشفافية والاصلاح السياسي دون ان تكون لها رؤية واضحة"شفافة"وبرامج مطروحة بديلة، كلاهما يجاهدان في ايجاد ثغرة لدى الاخر واعلانها على الملأ، واذا تصفحت جرائد الطرفين ترى العجب العجاب، وكأنك في حرب ضروس بين عدوين لدودين يحاول كل واحد منهما ان يفتك بالاخر وليس بين طرفين تربطهما مصالح وعلاقات مشتركة لا تعد ولا تحصى، كل واحد يظهر نفسه على انه هو الوطني الغيور على الشعب الكردي ومصالحه وانه يمتلك الحقيقة المطلقة، طرف"المعارضة"يدعي العفة والطهارة ويحرص على اظهار نفسه للرأي العام الكردي بانه زاهد في السلطة ولا يريدها بل ويعتبرها رجسا من عمل الشيطان، لذلك نراه يتعفف من المشاركة في الحكومات الكردية المتعاقبة ويرفض الدعوات التي تعرض عليه بين حين واخر، وطرف اخر"السلطة"استفاد جدا من نظرة المعارضة"المثالية"للسلطة وابتعادها عنها، فانغمس فيها وحصرها في يده، ومثلها في المحافل الدولية، واكتسب حضورا شرعيا وسياسيا لدى القوى العالمية المهيمنة، بينما ظلت المعارضة تكرر نفس مفاهيمها السياسية الثابتة التي لا تتزحزح وتدعو الى الاصلاح الجذري الشامل"نظريا"وتدور في نفس الحلقة المفرغة التي ظلت تدور فيها لسنين من دون ان تخوض في تفاصيلها او تكون لها خارطة طريق سياسية واضحة المعالم..

يبدو ان الطرفين المعارضة والسلطة قد اتفقتا"ضمنيا"على توزيع المهام السياسية فيما بينهما بالتساوي دون ان يتعدى طرف على طرف اخر ؛ الحزبان الحاكمان يتكفلان بحمل مسؤولية ادارة الاقليم، بينما تتولى المعارضة مهمة اطلاق دعوات للاصلاح ومكافحة الفساد وتوجيه الانتقادات اليها، ومازال الطرفان ملتزمان بهذا الاتفاق"غير المعلن"، فهل رأيت السلطة تتحدث يوما عن ضرورة اجراء الاصلاح السياسي في مؤسسات الاقليم او ان المعارضة وضعت خطة محكمة للسياسة الخارجية او الداخلية للاقليم؟!! وقد سارت الامور بينهما على خير ما يرام وحرص الطرفان على عدم تدخل احدهما بشؤون الاخر، كل مؤسسات الاقليم من الخدمية والثقافية والامنية الى المؤسسات السيادية والمناصب الهامة خضعت لسلطة الحزبين الحاكمين، بينما تركت مهام عمليات مكافحة الفساد"الشكلية"ووضع الخطط الاصلاحية غير الموجودة اصلا، للمعارضة.. فاذا كان هذا هو واقع الحال السياسي في كردستان، فكيف تجرؤ المعارضة ان تزاحم السلطة في احد مناصبها الهامة كرئاسة الاقليم، وهي لا تملك اي شيء، ولا نحل ولا تربط، بماذا تحكم.. بالشعارات !!
Top