• Friday, 22 November 2024
logo

مبادرة اخرى للبارزاني

مبادرة اخرى للبارزاني
كلما اشتدت الازمة بالحكومة العراقية التي يقودها التحالف الوطني الشيعي و"المالكي"على وجه الخصوص ووقعت في ورطة سياسية لا تستيطع الخروج منها ، ظهرت امريكا الى الواجهة لتنقذها في اخر لحظة ، هذا ما جرت عليه العادة منذ 2003 لغاية اليوم ، ورغم انسحابها الظاهري من العراق فهي تملك معظم اوراق اللعبة السياسية فيه وما زالت اللاعب الاساسي الذي له القدرة على ممارسة الضغط على الفرقاء السياسيين ، ولا اظن ان حكومة بغداد واجهت ازمة حقيقية كالتي تواجهها الان ، فهي في اسوء حالاتها ، وتحتاج الى معجزة لتنقذها منها ، فالمناطق الغربية"السنية"من البلاد تشتعل بوجهها والمظاهرات الغاضبة تتوسع يوما بعد اخر وهي في طريقها الى بغداد وستصلها عاجلا ام اجلا مادامت مطالب المتظاهرين لم تنفذ بعد ونوايا الاصطدام بين الطرفين"السنة والشيعة"موجودة والارض مهيئة لحدوث صراع طائفي جديد ، والله وحده يعلم كيف سيصبح الوضع اذا ما انتقلت المظاهرات الى بغداد .. هذا من ناحية الجبهة السنية (اقول الجبهة لان رئيس الحكومة "نوري المالكي"هو الذي قسم العراق الى جبهات عسكرية وقيادات عمليات ، فالمحافظات الشمالية ؛كركوك وصلاح الدين وديالى تديرها قيادة عمليات "دجلة"والانبار لها قيادة عمليات انبار والبصرة تسيطر عليها قيادة عملية البصرة والموصل كذلك في كما فعل رئيس النظام السابق"صدام حسين"بالضبط عندما قسم العراق الى اربع مناطق عسكرية) اما بصدد الجبهة الكردية فهي مشتعلة اصلا وترجع البركة طبعا الى السيد المالكي وتصرفاته العدائية المتواصلة ضد الاقليم الكردي و رئيسه"مسعودبارزاني"الذي كان له الفضل الاكبر في توليه الحكم ثانية من خلال مبادرته التي قدمها عام 2010 والتي تمخضت عن اتفاقية سميت باتفاقية"اربيل"التي لم ينفذ منها بند واحد ، وبدل ان يشكر الاكراد وزعيمهم على معروفهم هذا ، ناصبهم العداء و دخل معهم في صراع مرير ، وحرك قواته ضدهم تمهيدا لاجتياح مدنهم وغزو اراضيهم .. واليوم وبعد ان فقد اهم شريكين اساسيين في العملية السياسية؛ الاكراد والسنة ، وتكاد الامور تخرج من بين يديه ، يحاول كعادته ان يبحث عن حل"ترقيعي"اخر لانقاذ حكومته الفاشلة من الانهيار والسقوط ، طبعا لم يجد طريقا اسهل من طريق"اربيل"ليصل الى هدفه ولا شعبا ابسط من الشعب الكردي ليخدعه ثانية ، فالمعروف عن هذا الشعب بانه ساذج وعلى نياته ، يصدق كل الناس ويطمئن اليهم ولو كانوا على شاكلة"صدام حسين"او"المالكي"، ولكون"المالكي"ومعه ايران وامريكا يعلمون جيدا ان القيادة الكردية وحدها لاغيرها هي القادرة على ان تؤثر على زعماء السنة من القائمة العراقية وغيرها كما فعلت في السابق ونجحت ، لان علاقاتها ممتازة مع الجميع ..
وفي حال قيام بارزاني بطرح مبادرة جديدة للمصالحة وجمع الفرقاء السياسيين في اربيل وهو ما يفعله في الايام القادمة ، فان عليه ان يطلب ضمانات دولية ويضع شروطا قاسية على"المالكي"لكي لا يكرر ما فعله سابقا مع مبادرته الاولى عام 2010و من اهم هذه الشروط الآنية ؛ حل قيادة عمليات دجلة في كركوك وكافة القيادات العسكرية الاخرى في البلاد قبل الاقدام على اي خطوة ، فليس معقولا ان يدعو الاكراد الى المصالحة الوطنية في حين ان قواته الغازية ما زالت مرابطة على مشارف اربيل تنتظر الاوامر لاجتياحها ؟
ورغم اتخاذ كافة الاجراءات المشددة على المالكي من اجل انجاح المبادرة ، فانها تظل ناقصة وغير فعالة ما لم تترجم الى عمل على ارض الواقع ، ولن تعدو المبادرة من دون ذلك غير حبر على ورق ..
يبدو ان رئيس الاقليم في وضع لا يحسد عليه ابدا ، فهو يعرف تمام المعرفة ان جهوده في توحيد كلمة العراقيين ، لن تصمد كثيرا امام عادة"المالكي"في نقض العهود والمواثيق فهو مهما الزم بشروط وضمانات دولية ، فانه سيعود الى خرقها بمجرد حصوله على ما يريد ، استراتيجية ثابتة اعتمد عليها منذ ان تولى الحكم ولن يحيد عنها لاي سبب كان ومهما كانت الضغوطات"الفارغة!" ..
Top