• Saturday, 23 November 2024
logo

هل من مجتمع مدني وحياة ديمقراطية في العراق؟

هل من مجتمع مدني وحياة ديمقراطية في العراق؟
لم يشهد العراق إلا بدايات لبناء مجتمع مدني في ظل الملكية العراقية وتحت الانتداب البريطاني وما بعده. فما أن بدأت المحاولات الجادة وبرزت بعض المظاهر المهمة للعلمانية في حياة المجتمع والدستور المدني والإدارات المحلية والموقف من المرأة والتعليم, حتى بدأت القوى الحاكمة الإساءة إليها من خلال تطبيق نظام العشائر إلى جانب الدستور الديمقراطي لعام 1925 والدفاع عن العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية والتجاوز على حقوق الإنسان وحقوق القوميات الأخرى في العراق وعدم التوجه الجاد صوب تغيير بنية الاقتصاد العراقي والمجتمع العراقي ليصبح الحاضن الفعلي للمجتمع المدني والديمقراطية. وحين سقط النظام الملكي وتطلع الشعب لاستكمال ما توقف من بناء أسس المجتمع المدني والديمقراطية حتى بدأ التآمر على الجمهورية ورفض العسكر التخلي عن الحكم وإقامة المؤسسات الدستورية في البلدان وخضعت السلطات الثلاث لرئيس الوزراء, مما سهل الانقضاض عليه وقتله وقتل الثورة الوطنية في مهدها.
وما جاء بعد ذلك أخل بكل مقومات المجتمع المدني والحياة الديمقراطية حتى وصل البعث إلى الحكم ثانية وانتهى بعد 35 عاماً بسقوطه تحت ضربات القوات الأجنبية والتي فرضت الاحتلال الأمريكي-البريطاني على العراق بقوة قرار مجلس الأمن الدولي.
وحين يتابع الباحث أحداث العراق الراهنة واتجاهات تطور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال السنوات التي أعقبت سقوط النظام الاستبدادي, يجد نفسه مجبراً على طرح السؤال الأساسي: هل يعيش الشعب العراقي في ظل مجتمع مدني وهل يتمتع بالحريات الديمقراطية؟
وقبل الإجابة عن هذا السؤال يفترض الإجابة عن أسئلة أخرى منها مثلاً: هل تكونت في العراق قاعدة اقتصادية واجتماعية وثقافية ومستلزمات ضرورية لإقامة المجتمع المدني والدولة الديمقراطية وتكريس ممارسة مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وهل ما نشأ في أعقاب سقوط صدام حسين من أجواء الحرية العامة, كان قادراً على ضمان بناء المجتمع المدني الديمقراطي والحياة الحرة والكريمة وحقوق المواطنة المتساوية؟ وهل أن منظمات المجتمع المدني التي نشأت خلال الأعوام القليلة المنصرمة تعبر عن طبيعة المجتمع المدني وعن مهماتها الأساسية؟ وكيف تتحدد معالم المستقبل؟

تشير المعطيات التاريخية إلى أن العراق لم يمتلك قاعدة فعلية قوية لبناء مجتمع مدني وحياة ديمقراطية تبرز فيها معالم أساسية منها مثلاً: الفصل بين السلطات الثلاث واستقلال القضاء وفصل الدين عن الدولة واحترام وممارسة حقوق الإنسان وحقوق المواطنة الحرة والمتساوية والحقوق القومية واحترام الأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية وحرية المرأة ومساواتها بالرجل وغبعاد الدين عن السياسة أساساً ومنع نشوء أحزاب على اسس دينية ومذهبية طائفية. فكيف كان العراق, وكيف هو عليه الآن؟
تشير المعطيات الملموسة إلى الحقائق التالية:
1 . كان الاقتصاد العراقي يعاني من حالات التخلف والتشوه والخراب والانكشاف على الخارج. فهو اقتصاد استخراجي ريعي واستهلاكي في آن واحد, وزادته الحروب والسياسات الخاطئة خراباً. فإلى جانب قطاع استخراج النفط, كان يواجهنا القطاع الزراعي الأكثر تخلفاً والأكثر تشوهاً في بنية إنتاجه وعجزه عن توفير نسبة مناسبة من حاجة السوق المحلية للاستهلاك البشري. وهو لم يكن يعاني من وجود علاقات إنتاجية ما قبل الرأسمالية في الريف وانتشار ذهنيتها وتقاليدها وتأثيراتها المباشرة على المدن فحسب, بل كان يعاني من تخلف في القوى المنتجة المادية والبشرية, إضافة إلى هجرة واسعة من الريف والزراعة إلى المدينة, أيضاً. كما تجلى ذلك في ضعف شديد في إنتاجية العمل وتدهور في معدل غلة الدونم الواحد في السنة, ومن ثم في إجمالي الإنتاج وضعف الدخل المتحقق فيه عموماً وتدهور حصة الفلاح منه.
2 . وعلى صعيد آخر تميزت العلاقات الإنتاجية الرأسمالية بالضعف واقتصار وجودها في قطاعات النفط الخام والتجارة والمصارف وشركات التأمين, ولكنها تلقت في العقود الثلاث التي سبقت السقوط ضربات قاسية وتدميرية بسبب الحروب والسياسات القاتلة للنظام الصدامي. فالصناعة التحويلية, وخاصة الحكومية, محدودة الحجم وضعيفة ومعطلة عن المشاركة في الإنتاج وبيع معظمها بأسعار بخسة رمزية. ولم تبرز أية جهود جدية لتنشيط الاستثمارات الحكومية والخاصة في هذا القطاع, فالجهد أصبح مركزاً على الاستيراد لتغطية حاجة السوق المحلية لا غير.
3 . لقد شارك النظام الصدامي بإضعاف شديد للبرجوازية الصناعية لصالح فئات طفيلية كما حصل تراجع شديد في عدد ومكانة ودور الطبقة العاملة العراقية في العملية الاقتصادية, والمعروف لنا جميعاً أن هاتين المجموعتين من السكان تشكلان الحاضنة الفعلية للمجتمع المدني واحتمال نمو وتطور الحرية والديمقراطية فيه.
4 . وبالمقابل نمت فئات البرجوازية التجارية الكومبرادورية والمقاولة والعقارية وكبار موظفي الدولة البيروقراطيين, كما نمت بجوارها وعلى حساب الفلاحين والعمال والبرجوازية الصغيرة فئة أشباه البروليتاريا والعاطلين عن العمل والمحرومين من الدخل اليومي المجزي. وفي الوقت نفسه, ورغم وجود فئة واسعة من المثقفات والمثقفين, فأن نسبة عالية منهم كانت تعيش في الشتات العراقي, والقسم الآخر كان ولا يزال معطلاً بسبب موقف الفئات الحاكمة من هذه الفئة ومن دورها المؤثر في المجتمع.
5 . إن السياسات الاستبدادية والعنصرية واتجاهات التثقيف والتربية والتعليم وماكنة الدعاية القومية الشوفينية والأساليب القمعية والقسوة والحروب المستمرة الداخلية منها والخارجية التي عاشها العراق طيلة ربع قرن تقريباً, إضافةً إلى الحصار الاقتصادي الدولي الظالم الذي استمر طيلة 13 عاماً, والمعاناة التي تعرض لها الشعب العراقي بغالبيته من فقر وبطالة وجوع وحرمان وقتل وتشريد وتهجير وتعريب قسري, قد عمقت كلها الأزمات في البلاد ودفعت بغالبية الناس إلى الغوص في ذواتهم الداخلية والإيمان بالغيبيات والاستماع لوعاظ المساجد والجوامع والحسينيات والوقوع فريسة شيوخ دين غير متنورين ساعدت على تغييب الوعي الاجتماعي والسياسي العقلاني والمنطقي السليم للفرد والجماعة.
6 . ومنذ سنوات كثيرة برزت بشكل واسع وسائد ظاهرة المحسوبية والمنسوبية في ممارسات الحكام وأجهزة الدولة التي اقتصرت على الأعوان وأعضاء الأحزاب الحاكمة والمريدين ثم اقتصرت على البعثيين منذ مجيء البعث ثانية إلى السلطة في العام 1968 أو الذين انتقلوا إلى صفوفهم بصيغ مختلفة ليوضعوا في أجهزة الدولة وإبعاد غيرهم عنها تدريجاً.
7 . ومما زاد في الطين بلة الفساد الذي تسارع انتشاره منذ الحرب العراقية- الإيرانية بشكل خاص, ثم أصبح سائداً في أعقاب غزو الكويت وحرب الخليج الثانية (تحرير الكويت) والحصار الاقتصادي الدولي.
8. والحصيلة المنطقية لكل ذلك برزت في تفاقم الفجوة بين الأغنياء المتخمين وبين الفقراء الجائعين, بين اصحاب المليارات والملايين من القطط السمان, وبين أولئك الذين كانوا يعيشون تحت خط الفقر العام.
9 . كما برزت الحصيلة في انتشار الكثير من الأمراض والعلل النفسية والاجتماعية والعصبية واستخدام العنف في حل المعضلات في العلاقات اليومية وتفاقمت روح التمرد الفردي من جهة, وروح الخنوع والمذلة والانتهازية والانكسار أمام السلطان من جهة ثانية.
ومن هنا يمكن الادعاء دون تردد بأن المجتمع في ظل الحكم الشمولي المطلق لم يكن مدنياً حيث صودرت فيه جميع حقوق الإنسان وحقوق المواطنة والحقوق القومية والعدالة الاجتماعية.
إن هذا الواقع الذي عاشه العراق في ظل نظام البعث الاستبدادي المطلق, كان المفروض أن يتغير تدريجاً بعد سقوط الدكتاتورية, ولكن وبسبب سقوطه تحت معاول القوى الأجنبية ووقوع العراق تحت الاحتلال الأمريكي – البريطاني رسمياً, كان يعني أن المجتمع العراقي لم يكن مؤهلاً لبناء المجتمع المدني الجديد. كما أن السياسات التي مارستها الحكومات الثلاث المتعاقبة حتى الآن لم تنجز ما كان يفترض البدء بإنجازه لتغيير وجهة بناء وتطور الدولة العراقية والمجتمع العراقي. ويمكن أن نشخص ذلك في النقاط الآتية:
1 . تسلم الأحزاب والقوى الإسلامية السياسية الطائفية والأحزاب السياسية الكردية قيادة الدولة بمساعدة مباشرة من الإدارة الأمريكية وتشكيل أول مجلس للحكم على وفق قاعدة المحاصصة الطائفية والقومية. ثم تواصل هذا النهج عند تشكيل الحكومات الثلاث اللاحقة. وكان لتكريس نظام المحاصصة الطائفي والأثني أثره السلبي الشديد على هوية المواطنة لصالح الهويات الفرعية القاتلة.
2 . غياب الاستراتيجية التنموية للدولة وضبابية السياسات الاقتصادية والاجتماعية مما عمق السمات السلبية كالتخلف وخراب وتشوه ومكشوفية الاقتصاد على الخارج. أي تخلي الحكومة كلية عن التصنيع التحويلي والاهتمام بالنفط على أهميته, وإهمال جدي للزراعة وتغيير واقعها وبنيتها الراهنة وتراجع في معالجة مشكلة الأرض الزراعية وعدم الاهتمام ببنية التجارة وإغراق الأسواق المحلية بالسلع المستوردة ونمو بطيء في إعادة بناء البنية التحتية, وخاصة الطاقة الكهربائية والماء الصالح للشرب وعدم معالجة شحة المياه عموماً والتخزين النقل والصحة والتعليم والاتصالات... الخ.
3 . إن إجراءات الحكم الجديد لم تخفف من حجم البطالة بالطريقة السليمة وعبر تنشيط وتوسيع قاعدة الإنتاج, بل من خلال إغراق أجهزة الدولة بالمزيد من الموظفين, مما جعل البطالة المقنعة هي السمة البارزة للمرحلة الراهنة والتي تتراوح بين 50-60% من القوى العاملة في أجهزة الدولة, إضافة إلى بطالة مكشوفة تقدر رسمياً بحدود 30% من إجمالي القوى القادرة على العمل.
4 . وبسبب سياسة الدولة التي أخذت بنموذج المؤسسات المالية والتجارية الدولية, اي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الحرة, الملتزم باللبرالية الجديدة, رغم بؤس التنفيذ, فأن سياسية الحكومات المتعاقبة لم تتجه صوب التثمير الإنتاجي في الصناعة والزراعة والري والبزل ولم تقدم الدعم اللازم للقطاع الخاص في هذه المجالات أيضاً, مما أبعد موارد البلاد المالية المتأتية من النفط الخام عن عملية التراكم الرأسمالي لإغناء وتعظيم الثروة الاجتماعية. وساهم ذلك في تكريس التشوه في تكوين الدخل القومي.
وإذ برزت منظمات باسم المجتمع المدني فإن الرصد الفعلي لها يشير إلى ما يلي:
أ . وجود منظمات مجتمع مدني تتسم بالديمقراطية والاستقلالية عن الأحزاب السياسية وتمارس عملها تحت ظروف صعبة لا تجد الدعم المطلوب من الدولة. ورغم ذلك استطاعت تكريس حضورها ونشاطها ودورها الإيجابي بين الأوساط الشعبية.
ب . منظمات تابعة للأحزاب السياسية الحاكمة على نحو خاص والتي تبدي اهتماماً بقرارات أحزابها وتلتزم بها وتبتعد في أغلبها عن طبيعة ودور ومهمات منظمات المجتمع المدني.
ج . منظمات ترتبط بقوى وأحزاب إسلامية سياسية شيعية وسنية ومهتمة بالأمور الدينية ولكنها مؤثرة في الأوساط التي تعمل معها بالاتجاهات الدينية التي تحملها, سواء أكانت مع الحكومة أم ضدها.
د . منظمات نشأت في داخل العراق وهي دخيلة على البلاد بسبب علاقتها العضوية بدول الجوار وسياساتها في العراق, وهي في الغالب الأعم تحمل طابعاً دينياً وسياسة تقترب من مهمات الدول التي شكلتها وتساهم في تمويلها.
هـ . منظمات مجتمع مدني تشكلت في صفوف الجاليات العراقية في الخارج, وهي في بعض الحالات امتداداً للداخل وتتوزع على نفس التقسيمات السابقة, خاصة وأن جمهرة العراقيات والعراقيين في الخارج أصبحت كبيرة, إذ يزيد عدده أفرادها عن العدد الذي بلغه في فترة حكم البعث.
وعلى هذا الأساس فأن المنظمات الفاعلة في العراق ضعيفة جداً, لأنها لا تعيش في إجواء المجتمع المدني, ولكن بعضها يتطلع إلى إقامة مثل هذا المجتمع, وبعضها يعمل ضد المجتمع المدني وباتجاه إقامة مجتمع إسلامي سياسي.
5 . إن غياب القاعدة الاقتصادية المادية والبنية الفوقية, وخاصة الطبقية, للمجتمع المدني في العراق قاد إلى بروز ظواهر سلبية حادة في الوضع القائم, والتي تتلخص في سيادة الأجواء والتقاليد والعادات العشائرية ليس في الريف فحسب, بل وفي المدينة أيضاً, وتفاقم دور الطائفية السياسية في حياة المجتمع والاستقطاب الشديد في العلاقة بين الشيعة والسنة الذي شددته وعمقته الأحزاب الإسلامية السياسية ذاتها, وتحول الوزارات العراقية إلى احتكارات للوزراء والطوائف والأحزاب التي ينتمون إليها.
6 . ولا شك في أن الفساد المالي في ظل الفساد والتخلف الإداري والطائفي قد فاقم وساد فعلاً على نطاق واسع. ولعبت قوات الاحتلال والشركات الأجنبية, وخاصة الأمريكية, دورها المتميز في تنشيط الفساد وممارسته بشكل يومي.
7 . إن إسقاط نظام الاستبداد والشوفينية والحروب والقمع الداخلي في البلاد من جهة, وإقامة نظام سياسي على وفق قاعدة المحاصصة الطائفية السياسية والأثنية, رغم وجود هامش من الحرية, قد ساهم في تهميش القوى الديمقراطية ودورها في البلاد وأعاق عملها وتوحدها لتمارس تاثيرها الفعال في البلاد, ورغم التذمر الحاصل في البلاد من سياسات الحكومات الثلاث المتعاقبة منذ سقوط الدكتاتورية, فأن القوى الديمقراطية لم تستطع كسب تاييد المغادرين لمواقع تلك الأحزاب والقوى الدينية, لأنها لا تزال غير موحدة ولا تمتلك برنامجاً مشتركاً بحيث يشكل القاسم المشترك الأعظم في ما بينها. وسيبقى هذا الوضع مستمرا,ً إن استمر وضع حركة التيار الديمقراطي على الحالة التي تميزت بها في الأعوام الثمانية المنصرمة.
واليوم نشاهد وضعاً جديداً يشكل تهديداً خطيراً لما تبقى من حريات يتجلى في السير على طريق الدعوة لإقامة مجتمع إسلامي في البلاد ومناهضة الحريات والثقافة الديمقراطية والذي تجلى في سياسات بعض مجالس المحافظات في الوسط والجنوب وبغداد وفي الموقف من الحرية الفردية وضد أتباع الديانة المسيحية من مواطنات ومواطني العراق والصابئة المندائية والتي قادت حتى الآن إلى موت الكثير منهم وتخريب معابدهم وهجرة الكثير جداً منهم بسبب الخشية على حياتهم, مما فسح في المجال لقوى أخرى السيطرة على دورهم وأملاكهم المنقولة وغير المنقولة. إنها محاولة جادة وخطيرة لتصفية وجود اتباع الديانات الأخرى في العراق. وهي التي يفترض أن يتصدى لها كل إنسان عراقي شريف وغير ملوث بالشوفينية والطائفية والتطرف المعادي لأتباع الديانات والمذاهب الأخرى أو ضد الاتجاهات الفكرية الديمقراطية.
إن كل ذلك يعني بأن المجتمع المدني غائب عن العراق, وبالتالي فأن إمكانية تكريس الحرية الفردية والعامة والحياة الديمقراطية ستبقى عملية صعبة ومعقدة جداً. ولكن هذا لا يعني بأي حال الاستسلام لهذا الواقع المر والتخلي عن النضال من أجل بناء مجتمع مدني وحياة حرة وديمقراطية.
إلا أن السعي لإقامة مجتمع مدني وديمقراطي يتطلب نضالاً متعدد الجوانب:
** النضالً من أجل تغيير سمات وبنية الاقتصاد من اقتصاد نفطي استخراجي ريعي واستهلاكي, إلى اقتصاد إنتاجي متنوع, اقتصاد تلعب فيه التنمية الصناعية وتحديث الزراعة دوراً كبيراً في تغيير بنية المجتمع الطبقية وتطوير القوى الحاضنة للمجتمع المدني, البرجوازية الصناعية والطبقة العاملة وفئة المثقفين, وكذلك تغيير بنية الدخل القومي ومكافحة البطالة المكشوفة والمقنعة وتحسين مستوى معيشة الفرد وتقليص الفجوة الدخلية بين السكان, اي بناء القاعدة المادية للتنمية الاقتصادية, وتغيير بنية التجارة الخارجية لصالح التنمية الإنتاجية وتطبيق قانون الحماية الصناعية والزراعية, إضافة إلى تحديث النقل والمواصلات والاتصالات ...الخ؛
** النضال من أجل تحقيق التنمية البشرية من خلال تغيير وجهة التربية والتعليم لصالح الدراسات المهنية والفنية والتطبيقية التي تلتقي مع مهمات التنمية الصناعية والزراعية وتطوير البحث العلمي الصرف والتطبيقي؛
** التصدي النضالي ضد الاتجاهات التي تريد مصادرة الحريات الديمقراطية, مثل حرية الصحافة والنشر والتظاهر والنوادي الثقافية وحرية تشكي الأحزاب وأصدار القانون الخاص بذلك, تحت واجهات دينية أو مذهبية, وتكريس دور منظمات المجتمع المدني المستقلة عن الحكومة والأحزاب السياسية والملتزمة بمصالع الأعضاء والمجتمع ومعارضة ربط الدين بالدولة وبناء مجتمع إسلامي.
** تكريس الحياة المؤسسية وبناء الإدارة الديمقراطية ومكافحة الطائفية والصراع الديني والطائفي التي تسمح ببناء المجتمع المدني والحياة الديمقراطية.
لا شك في وجود مصاعب جمة وجدية تواجه هذا النضال المتعدد الجوانب, ولكن لا بد من خوضه لصالح مستقبل أفضل للعراق وحياة أكثر كرامة ورفاهاً واستقراراً. إن في هذا تبرز افجابة عن السؤال الوارد في عنوان المقال.
Top