• Thursday, 28 March 2024
logo

ستكون الديمقراطية مبتورة بدون المشاركة العادلة للمرأة

ستكون الديمقراطية مبتورة بدون المشاركة العادلة للمرأة
إن ما نعلنه الآن هو ليس عرضا أعلامياً، بل هو نابع من إيمان الحركة التحررية الكوردستانية وحكومة أقليم كوردستان بحقوق المرأة.... نحن مدركون، و معنا عموم الأحرار في العالم أن ممارسة العنف ضد المرأة هي تهديد جدي للديمقراطية.. و ليس بإمكان أي نظام أن يدعى أنه ديمقراطي مالم يوفر فرص متساوية للعمل والحياة للجنسين معاً، وأنا واثق من أنكم توافقونني الرأي في أن العنف هو من معطيات غياب المساواة والعدالة.. نحن في حكومة أقليم كوردستان نعمل بكل جدية في أن تكون الحكومة ومحامياً نبيها للدفاع عن حقوق المرأة.

نيجيرفان بارزاني
رئيس حكومة أقليم كوردستان

إن الأيمان بحرية المرأة أو تهيئة أرضية مناسبة للمساواة بين الجنسين(الذكر والأنثى) أو بين الرجل والمرأة الهي هدية يقدمها الرجال للنساء أو مسعى مسؤول لضمان سير الديمقراطية بمسار صحيح وحث الخطى نحو النضج والتكامل و نجاح عملية التطور في المجتمع، إلا أن الأيمان الحقيقي بحرية المرأة و تهيئة الأجواء للتساوي بين الجنسين في معظم دول العالم إنما يماثل ومع الأسف إيمان دول الشرق الأوسط بعمية الأنتخابات حيث تحصر الأنتخابات هدفاً للوصول الى السلطة وليس للأيمان بهاء لبناء نظام ديمقراطي في أطار دستور مدني ليبرالي..
وأكثر من ذلك أن الأيمان بالأنتخابات فيها هو لمجرد الوصول الى السلطة و ليس لضمان تداول سلمي للسلطة.. وإذا كانت هذه النظر إزاء عملية الأنتخابات تخص فقط الدول العربية والأسلامية في الشرق الأوسط فإن ذلك يعني عملية تحرير المرأة وتهيئة فرص متساوية لمشاركتها في العمل السياسي والمنظمات الدولية هي نظر شمولية لمعظم دول العالم بأسثتناء بعض الدول مثل(السويد والدانمارك و فنلندا و هولندا و بلجيكا وألمانيا) فإن نسب مشاركة المرأة في العمل السياسي والحكم لا تجاوز في أعضاء الأتحاد الأوربي ال(15) لا تبلغ 30% وحتى أن النسبةس المسجلة في السويد، وهي أفضل دولة في هذا المحفل، لا تبلغ النصف... بل هي 45% والنسب هي أسوء من ذلك بكثير في الدول العشر التي دخلت الأتحاد بعد عام 2004 لأنها لا تبلغ أكثر من 15% فيها، ولا تتجاوز داخل بري ناتها نسبة 16% بصورة عامة و 136% في حكوماتها ولو أخذنا تلك النسب قياسا لتطور الديمقراطية دول الأتحاد الأوربي، فإن الديمقراطية السويدية ستنصب نفسها رائداً للديمقراطية العملية الحية على مستوى العالم، تأتي بعدها ديمقراطيات الدانمارك و فنلندا و بلجيكا وألمانيا نماذج للمجتمع المفتوح والديمقراطي والأهم من ذلك لو تابعنا التقارير السنوية لمنظمة الشفافية الدولية فيما يخص تصنيف الفساد في جميع المجالات، لوجدنا ايضا أن تلك الدول قد سعت لأتخاذ خطوات جدية نحو المساواة بين الرجل والمرأة وتغدو بذلك في مقدمة الدول الأقل فسادا وعلى جميع المستويات المالية القضائية و سيادة القانون...الخ) على عكس الدول العربية والأسلامية التي لا تؤمن بصورة عامة، بالمساواة بين الرجل والمرأة وفشلت سواء في ممارسة الديمقراطية أم في تصنيف الدول الفاسدة وتأتي أحسن تلك الدول في مؤخرة الدول الغربية في هذا المجال ما يعني أن مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي والعملية السياسية وأتاحة الفرص السانحة لترسيخ موقعها في الدول و المؤسسات الدولية هي سبب مهم لـ:
1- نضوج الديمقراطية وتكاملها وترسيخ جذور النظام الديمقراطي.
2- بناء حكم رشيد.
3- لتطوير عملية التنمية المستدامة.
4- لتربية جيل جديد وواع و تخفيض نسب وفيات الأطفال وأهتمام أوسع بالرعاية الصحية، ولو كانت كل تلك المعطيات مؤشرا شاملا على مستوى الدول الديمقراطية والليبرالية، فإن السؤال الرئيسي عندها يكون: ما هي تأثيرات المشاركة السياسية والأقتصادية والأجتماعية للمرأة في مجتمعات ما بعد الحروب و مراحل إعادة البناء و بداية عملية التنمية؟ عن ذلك تقول السيدة(ايزوبل كوليمان) الباحثة الأقدم في معهد مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية ومديرة برامج المرأة والمحاضرة في ذات المعهد في بحث لها بعنوان(المنافع والفوائد التي نجنيها نتيجة الأيمان بحقوق المرأة و نشرته في مجلة(فورن أفيرز) المعروفة فيما يخص تأثيرات و فاعلية دور المرأة في الدول النامية: لقد أظهرت البحوث المهمة على مدى السنوات العشر الأخيرة حقيقة أن مشاركة المرأة وبالأخص في الدول النامية، كانت سببا حاسماً للتطور الأقتصادي وبناء مجتمع مدني فعال، وحكم رشيد هذا فضلاً عن أن الأهتمام بأعداد المرأة وتأهيلها في كثير من المجالات سيكون أحسن سبب لتنظيم نسب الولادات وتخفيض وفيات الأطفال والأهتمام بصحتهم و غذاهم و دراستهم وفي بناء مجتمع قوي يعتمد على نفسه و ترسيخ الديمقراطية فيه).
إن هذه الكلمات التي أوردتها البروفيسورة ايزوبل في مقدمة بحثها الآنف الذكر لهي نتاج بحث عميق و مفصل اجرته بشأن عملية إعادة البناء القومي في دول ما بعد الأزمات أو النامية ومنها أن بلادها الولايات المتحدة كانت قسما أو جزءا من عملية إعادة بنائها بصورة مباشرة و غير مباشرة ما يعني انها قد أجرت ذلك البحث لخدمة بلادها و تهدف منه إيجاد طريق أقصر لأنجاح سياسة بلادها في عملية الديمقراطية والتنمية وبالتالي تطالبها بذلك ولأن هدف بلادها الستراتيجي هو تطوير الديمقراطية في العالم، فإن ذلك يحتم أن تصبح مسألة حرية المرأة و تهيئة الأرضية المناسبة لتكون لها سلطتها في المجتمع، أن تصبح جزءا من السياسة الخارجية الأمريكية أزاء الدول النامية... إلا أننا نتساءل: هل تمكنت الولايات المتحدة من تنفيذ جدي لتلك العوامل في سياستها الخارجية؟ هنا تأتي السيدة أيزوبيل وتعرض بالدليل الملموس أن بلادها قد ضحت بهذه المسألة المهمة، في العراق وأفغانستان ودول الشرق الأوسط من أجل مصالحها المؤقتة والآتية، سيما وقد تعرضت هذه المسألة والكثير من القضايا المهمة الخاصة بالمرأة في العراق وأفغانستان والقابعات تحت ضغط القادة وعلماء الدين الى الأهمال ما ادى الى فشل الأهداف الستراتيجية الموجودة في عملية إعادة البناء والبناء الديمقراطي في هذا الجانب، وتجري مقارنة في بحثها بين دول شرق آسيا وبعض دول جنوبها وعدد من دول أمريكا اللاتينية وبين دول الشرق الأوسط أفريقيا و جنوبها وتؤكد أن بعض دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية قد حققت على مراى من العالم مكتسبات أقتصادية وأجتماعية كبيرة بفضل أتخاذ خطوات مهمة و بناءة لتجاوز التمييز بين الرجل والمرأة عكس الدول الأخرى التي لم تتخذ مثل تلك الخطوات هذا في حين كانت دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية إبان ستينيات القرن الماضي في ذات المستوى لدول الشرق الأوسط وأفريقيا.
(تأهيل الفتاة والمرأة أنتاج وأستثمار كبير للمجتمع)
لو تحدثنا بلغة الأرقام والأحصاءات، فأنها، وعلى مستوى العالم أجمع، تكشف لنا حقيقة أن المجتمعات التي يسيطر عليها الرجال أو الأقلية المسيطرة للرجل هي تلك المجتمعات التي تؤمن فقط بقدرات الرجال وإمكانياتهم والذين يعجزون عن إدارة هذا العمل لوحدهم.. ما يبرر عدم التمكن من توجيه المجتمع المسيطرة عليها القوى الضعيفة للرجل نحو مسار ما يسمى المجتمع الحي والقوي وترسخ فيه الديمقراطية ما يعني أن أنتقاد (أقلية سيطرة الرجل) في المجتمع لا يعني أن الرجال هم محدود والأمكانية بل تأكيد على ضرورة أن تفيق تلك الأقلية أمام حقيقة أن الأعتماد على قدرات الرجال لوحدهم لا يكفي لتنظيم المجتمع أو أن قدراتهم عاجزة عن بناء المجتمع لوحدها.. ما يحتم أظهار و تعريف تلك الأقلية في ثوب أنساني بحقيقة أن إعادة بناء المجتمع ليست تلك العملية التي يفكر فيها الرجال فقط بل هي نجاح لعملية بناء البنى التحتية والتنمية البشرية وهي بحاجة تامة لقدرات الرجل والمرأة في نجاحها.. إلا أننا نتساءل ، بالنسبة للدول النامية و مثيلاتها أننا حين أعلنا للعالم أن الهدف الستراتيجي لحكوماتنا هو الديمقراطية والتنمية فقد أصبح لزاما علينا سبل توافق قدرات الجنسين و نحقق بهما ذلك الهدف؟
والرد هو حتمية تأهيل المراة لهذه المهمة أو أن تنطلق مساعينا في مستويين متوائمين:
1- على المستوى قصير المدى وضمانا لمشاركة آنية للمرأة في العملية السياسية والأقتصادية والأجتماعية للمجتمع فإن ذلك يتطلب إعادة تنظيم الهيكل المؤسساتي لمؤسسات الدولة بشكل يقلل من العراقيل القائمة أمام مشاركة المرأة في جميع المجالات، وفي حالة تعذر ذلك فإن الأمر يتطلب ممارسة ثقة مدنية حيال النسبة التي من الممكن اشراكها للسير نحو المساواة.. وكمثال نقول إن برلمان كوردستان العراق قد قرر تمثيل المرأة فيه بنسبة 30% والمفروض أن تتجاوز هذه النسبة نحو تمثيلهن بذات المستوى في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه بقرار من السلطات العليا فقط بل يجب على مؤسسات الدولة تهيئة الأرضية المناسبة لمحو تلك العادات والتقاليد البالية التي تقف حائلا أمام مشاركة المرأة في المنحى السياسي والأقتصادي والأهم من ذلك ألا تكون تلك المشاركة للترضية أو أستعراضية لا غير، أي أن تعيين المرأة في مؤسسات الدولة لا يكفي بل يجب أن يكون لها وجودها ووفق النسب التي تراها الدولة مناسبة، في المناصب العليا في الحكومة والبرلمان و حتى في السلطة القضائية، وفي حالة إدعاء عدم توفر العدد الكافي من النساء اللائقات لبعض تلك المناصب، عندها يجب مساندتهن و مساعدتهن في تأمين أشراك المرأة في العمل المؤسساتي والسياسي والأقتصادي والأجتماعي.
2- وعلى المستوى بعيد المدى وعلى طريق أعداد جيل واع و مثقف من النساء، فإن على الحكومة أن تولى قصارى أهتمامها بتعليم البنات ليس في مرحلة الأساس، حيث تتوفر لهن في أقليم كوردستان أجواء مناسبة لمواجهة الدراسة، بل أن تتجاوز الى مرحلة الأعدادية والجامعة ايضاً... إن فائدة هذه الستراتيجية الأستثمارية لتعليم البنات لاتقتصر في تحرير أجيالهن المستقبلية بل أن الأهتمام بتعليم البنات ، حسب البروفيسور والخبير الأقتصادي الكبير في البنك الدولي(لورين سميث)(هو أستثمار كبير يوفر أكبر ثروة أنسانية للدولة النامية) وهي مقولة نستنبط منها:
* لو تم الأهتمام بتعليم البنات فإن رفع سن الزواج الى 18 سنة لديهن سيكون أمرا أعتيادياً فقد أظهرت دراسة مؤخرة أنه يتم زواج(25) ألف فتاة دون سن ال(18) سنة في الدول النامية أو ما يقارب نسبة الثلث منهن أي أن الثلث منهن لم يكملن أو تركن الدراسة بعد المرحلة الأبتدائية وهي أحد المخاطر التي تواجههن لأن أحدث البحوث العلمية قد برهنت أن زواج الفتاة في سن دون ال 18سنة و فضلا عن تسببه في ألا يكون لها أي مورد مادي، فإن حملهن في فترة المراهقة إنما يشكل خطرا على صحتها، اي أن تهيئة الفرصة أمامهن لأكمال الدراسة تضمن أنتهاء مسالة الزواج دون سن ال(18).
* وتكون الفتاة التي تكمل دراستها و تتزوج بعد ذلك إمراة ناضجة وواعية و تفهم أهمية الأطفال دون أن تصبح معملاً لأنتاج الأطفال فحسب بل ستنتج عدة أطفال تعلم كيف تربيهم وقد أظهرت البحوث أن المرأة المتعلمة بصورة عامة تسمح فقط بولادة طفل واحد لها في ظرف(3) سنوات فيما تلد غير المتعلمة، فضلا عن تلك المخاطر، عددا من الأطفال الذين تعجز عن تربيتهم بشكل سليم و ستكون المتعلمة خير عون لتنظيم الولادات داخل المجتمع وإيلاء أهتمام أكبر بتربية أطفالها و صحتهم وبالتالي تربية جيل سليم و منظم و تقليل نسب الوفيات بينهم.
* و سيكون للمرأة التي تهيأت لها الفرص قبل الزواج لأكمال تعليمها عملها الخاص والشخصي و مصدرها المادي منه و يكون لها بذلك دورها في القرار الأسري و بالتالي تقليل و تراجع العنف الأسرى الى حد بعيد..
* المرأة العاملة ستخرج من نطاق جدران البيت حتى لوكان ذلك فقط لأداء عملها، و ستكون لتشجيع مؤسسات الدولة في توفير الفرص المتساوية بين المرأة والرجل مديات أكبر في تشجيع المرأة للمشاركة في العمل السياسي والأقتصادي.
* وأظهرت البحوث والدراسات، أن الطفل يستفيد من تعلم أمه أكثر من تعلم أبيه وترتفع نسب تلك الفائدة الى عشرين ضعفاً عن الأب في العائلة التي تكون فيها الأم متعلمة و ينعكس ذلك بتأثيراته على تربية الطفل ورفع مستواه الدراسي وأكثر من ذلك فإن الأم المتعلمة لا تسمح لأطفالها بعدم أكمال الدراسة ما يبرر أمتداد العمر الدراسي لأطفال المتعلمات أكثرهن غيرهم.. إن متابعة علمية لكل ذلك وهو نتاج بحوث عالمية، تعلمنا كبر الثروة التي يجنيها المجتمع نتيجة تعليم البنات وفي مسار ترسيخ الديمقراطية والتنمية المستدامة ايضا.. والأهم من ذلك تغيير عملية (سيطرة الرجل وهيمنته) الى(سيطرة عقلانية للهيمنة الأنسانية)..

(المديات المحدودة لمشاركة المرأة في المجالات السياسية والأقتصادية والأجتماعية).

هناك في الدول النامية، شئنا أم أبينا، مجتمعات رجالية والمقصود بهيمنة الرجل في هذه المجالات هو الأعتماد على قدرات الرجل فقط في معظم المجالات و تهميش دور المرأة فيها.. وأن ما نود الأشارة اليه هنا هو أنه في حال أن الرجال في المجتمعات النامية يحتاجون في عملية أو مرحلة إعادة البناء الى التنمية البشرية أعداداً لهم للمشاركة في عملية إعادة البناء والتنمية سيكون السؤال الأهم.. ما مدى حاجة النساء في مثل تلك المجتمعات الى فرص سانحة لمشاركتهن فيها ويكون الرد في معظم الدول النامية هو: من الأفضل فتح المجال أمام الرجل وليس النساء وبالتالي أعداد الرجل بصورة أشمل.. وقد تبري حقيقة مقارنة جديدة، في تفضيل الرجال لأدارة الشؤون والأعمال على النساء فيما نرى الرجال لا يتميزون كثيرا عند بداية عملية التنمية والبناء الديمقراطي إن لم تكن قدراتهما متساوية، والسبب أن أوضاع(هيمنة الرجل) لا تهئ قدرات النساء كما هو الحال مع قدريات الرجال... هذا الى جانب لأن الأعتماد على العادات والتقاليد السائدة في المجتمع والتي تقلص مديات مشاركة المرأة قد يوفر ارضية أنسب لسيادة(هيمنة الرجل) في المجتمع ما يعني أن حكومة مثل حكومة أقليم كوردستان عندما تجعل من مسألة الحاجة الى مشاركة المرأة أحدى أولويات عملها إنما عليها أن يكون لها موقف الند لعقلية(هيمنة الرجل) داخل المجتمع، وكما أشرنا في جانب آخر من هذا التقرير و تؤكد عليه البحوث العالمية فإن الأمر يحتم أن تشمل ستراتيجية الحكومة وبرامجها أزاء هذه المواجهة المسائل الأقصر والأطول مدى... والأطول مدى والأخير كما أشرنا اليه يهدف الى تربية الفتيات لبناء جيل واع من النساء في المجتمع والأقصر هو كيفية تهيئة النساء في هذه المرحلة للمشاركة في الحياة السياسية والأجتماعية ونشير اليها في عدة نقاط.
1- تهيئة الأرضية لتصبح المرأة صاحبة ايراد خاص ولكن ليس حصرها في أطار المرأة العاملة أو الموظفة الصغيرة بل وأن تجد المرأة نفسها، ضمن القطاع الخاص أيضا كصاحبة او سيدة عمل أو صاحبة متجر و ليس كبائعة في المخازن التجارية مثلاً أو كسلعة جمالية ليس إلا.. إلا أن المرأة الكوردستانية لا تشكل في هذه المرحلة، ومع الأسف، حيث اصبحت البلاد ورشة عمل في مرحلة التنمية وإعادة البناء، اياً من تلك العناوين أي أنه لم يسمح لهن حتى الآن بإن يكون لهن أي دور في عملية تنظيم السوق والقطاع الخاص.
2- وبإمكاننا القول في هذا الأطار أن مصادر دخل المرأة في أقليم كوردستان تنحصر في التوظيف ضمن القطاعين الخاص والعام. ورغم كون ذلك ظاهرة أيجابية في كون نوع من التطور في أيرادات المرأة العاملة قياسا بربة البيت إلا أن ذلك لا يبرر أن تقتنع السيدات بهذا المستوى أو بقائهن كموظفات أو عاملات لهن رواتبهن فحسب، مقابل أحتكار المناصب الأدارية من قبل الرجال.. هنا قد نجد أن هناك نسبا جيدة من النساء في المناصب العليا داخل السلطات الثلاث (القضائية والتشريعية والتنفيذية) إلا أن نسب وجودهن في المناصب المتقدمة مثل نائب رئيس البرلمان و وزراء الحكومة والمستشارين والمديرين العامين والقضاة، هي نسب متدنية وكذلك الحال بالنسبة للأحزاب السياسية سيما في المناصب القيادة ومع أن الأتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني قد أتخذا في آخر مؤتمراتهما خطوات نحو تقدم المرأة في تلك المناصب غير أن تلك النسب لم تتجاوز بعد حدود 10% ولم تنل اي عنصر نسوي بعد عضوية المكتب السياسي للحزبين اللذين تدير برامجهما حكم الأقليم وأن الواقع يؤكد أن أستمرار هذه الحالة والنسب يعني تهميش المرأة في القرارات السياسية والحكومية.
3- يجب أن تكون الحكومة، كسلطة تنفيذية المبادرة لمنح السلطات للنساء وقد توصلت البروفيسورة(أيستردوفلو) الباحثة والأقتصادية في معهد ماسوشيتس التنكولوجي في أحد بحوثها بشأن تعديل دستوري في الهند عام 1993و تقرر بموجبه أناطة سلطات أوسع للمجالس المحلية و تخصيص الثلث من رئاستها للنساء ، قد توصلت الى نتيجة مفادها: عندما تصل المرأة الى مستوى أو موقع المسؤولية، فإنها ستصيغ أساليب تختلف عن الرجال لأوجه صرف الموازنة المتوفرة لديها وقد أظهر ذلك التعديل الدستوري أن المجالس المحلية التي ترأسها النساء قد أناطت الأولوية الى المجالات ذات العلاقة المباشرة بتطلعات النساء.. و تؤكد البروفيسورة( دفلو) أن ذلك لا يعني أن أفضلية اولويات النساء عن أولويات برامج الرجال بل يعني مستويات النساء مهمشة في تلك البلاد وبالتالي فإن المرأة، عندما تصل الى موقع المسؤولية، ستقوم بملء تلك النواقص التي سبق للرجل أن أهملها وهو أمر يتعلق بصورة مباشرة بالبنية التحتية لتنمية المجتمع أي أن هذا البحث يوضح لنا أن برنامج المرأة، عندما تصل للسلطة يختلف عن برنامج الرجل و تهتم أكثر بالجوانب التي تخدم السياسة المحلية والتنمية وأكثر من ذلك فقد أثار البروفيسور(ستيفن فيش) أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيركلي سؤالاً مفاده: لماذا تكون الديمقراطية محدودة بشكل أدنى في الدول العربية والأسلامية قياساً بالدول الغربية؟ و توصل الى قناعة مفادها أنه في البلدان التي تمت الأستفادة من قدرات النساء فيها التي تتسم بفراغ كبير في المساواة بين الرجل والمرأة بشكل أقل وأدنى فإن ذلك يعود، فضلاً عن أرتفاع نسب الأمية فيها، الى معاداة أقل للعقلية العسكرية وبذلك تتهيأ الفرص فيها لوصول أناس متطرفين سياسيا و دينيا الى السلطة وهي تماثل عقلية بعض قادة أفغانستان الذين أخذوا يتجولون في القرى، بعد سقوط نظام طالبان فيها، و يحرقون مدارس البنات و يحولون دون تسجيل النساء أسماءهن للمشاركة في الأنتخابات.
4- ولكي تتحول المرأة العاطلة الى عاملة أو صاحبة عمل و تشارك في القرارات المشتركة داخل الأسرة، فإن جميع الدراسات والبحوث تؤكد ضرورة أن يكون هناك برنامج حكومي لمنح النساء قروضا صغيرة أو تعاون المنظمات الدولية والبنك العالمي في تأمين مثل هذا البرنامج والأفضل أن تكون قروضاً طويلة الأمد لتتمكن من نشاء مشروع صغير خاص بها و يكون لها دخلها الذاتي، ما يمهد لأن تكون جزءا من ايرادات المنزل أو العائلة... و يؤكد العديد من البحوث أن الأسرة تستفيد بشكل أكبر من مواردها عندما تتولى الأم و ليس الأب إدارة مالية الأسرة.. و قد أثبتت دراسة شملت دول البرازيل و بريطانيا و كندا وأثيوبيا بنكلاديش أن الجانب الأكبر من تلك المالية التي أدارتها الأم قد خصص لأغراض الدراسة والصحة والغذاء وأقل من ذلك لأغراض التدخين وأحتساء المواد الكحولية عكس ما كان يتصرف بها الرجل..

عملية طويلة الأمد.. خطوات مستديمة
يؤكد السيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة أقليم كوردستان بأستمرار (أن تطلعاتنا وأمنياتنا تنصب في بناء مجتمع يليق بشعبنا، وهو أكبر من الأمكانيات الكبيرة المتوفرة لدينا...) أي أن سيادته راغب في أن يقول لشعبه بإن عدم التمكن من توفير جميع الخدمات معاَ لايعني عدم تفكيرنا في تأمين المستلزمات الأخرى أو أن تكون طموحاتنا عند ذلك المستوى.. وهو أمر يصح في تقديم الخدمات الأساسية وفي ذات الوقت في تطوير المرأة وتهيئة الجوا لمناسب لمشاركتها على المستويات السياسية والأقتصادية والأجتماعية أيضا .... ولو كان بإمكان حكومة الأقليم تغيير مشاركة المرأة تلك بقرار واحد فأنها كانت بلا شك تتخذ مثل ذلك القرار، إلا أن توفير متطلبات المرأة تلك في بلد مثل أقليم كوردستان يواجه تحديين كبيرين في الأول/
عادات المجتمع وتقاليده والثاني/ ثقافة المجتمع السائدة و هي مسائل قائمة في المجتمع ولا يمكن تغييرها بقرار واحد... ونتساءل هل وقف رئيس حكومة الأقليم و وزارته في التشكيلتين الحالية(السابعة) والرابعة والخامسة مكتوف اليدين أزاء هذا الوضع؟ والرد هو المواقف الشجاعة للسيد نيجيرفان بارزاني في تلك التشكيلات والتي تؤكد اتخاذ تلك الخطوات الجريئة بحيث كان لسيادته تأثيره البالغ في تشريع بعض القوانين مثل الأحوال الشخصية ومنع تعدد الزوجات وحظر قتل النساء بحجة الدفاع عن الشرف وادراج ذلك ضمن القتل العمد ومجموعة أخرى من القوانين والآن فإن استمرار مساعي حكومة الأقليم لمواجهة العنف ضد المرأة والعنف الأسرى ولحكومة الأقليم، كما في(122) دولة على مستوى العالم لها قوانين خاصة لمواجهة العنف الأسرى، إنما يعني أستمرار حكومة الأقليم في خطواتها واجراءاتها وجادة في اشراك أو سع للمرأة في الحياة السياسية والأجتماعية والأقتصادية وضمان أوسع لحقوقها إلا أنها تحتاج الى تنفيذ أسرع ومساندة جميع قطاعات المجتمع الكوردستاني فالمعلوم أن طموحات أقليم كوردستان في تأمين حرية المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة في جميع محاولات المجتمع والحياة هي أكبر مما تحقق حتى الآن...

تماراسون لمجلة كولان:

حقوق المرأة جزء من مسألة أكبر وهي الحقوق الديمقراطية و سيادة القانون
البروفيسورة تماراسون هي استاذة حقوق الأنسان في جامعة وليم وماري ومختصة في التأريخ الأسلامي والأسلام المعاصر وقد تحدثت لمجلة عن دور المرأة في المجتمع والديمقراطية قائلة:
- في النظام الديمقراطي الجميع لهم حق المساواة أمام القانون و يشمل ذلك الرجل والمرأة.. المسلم وغير المسلم، وبرأيي أن حقوق المرأة هي جزء من مسألة أكبر وهي عبارة عن حقوق الديمقراطية و سيادة القانون والتي تساند القيم الأسلامية فليس هناك أختلاف بين حكومة اسلامية وأخرى ديمقراطية تؤمن للجميع حق المساواة أزاء القانون.. و بحكم أن النساء يشكلن أكثر من نصف المجتمع، فإن أي مجتمع ينوي التقدم إنما عليه أن يساعد المواطنين قدر المستطاع، للمشاركة و ليس بإمكان أي مجتمع أن يتطور أو يتقدم دون تعاون أو مساندة جميع أعضائه، إن عدم أحترام حقوق المرأة في دول المنطقة ليس أنعكاسا للقيم الأسلامية بل للقيم الثقافية، وأن تغيير الثقافة وهو عملية بطيئة إلا أنه لا بد من أن يحصل غير أنه بحاجة الى دعم المواطنين.. ولو تابع الجميع و حرصوا على حقوق الأنسان و حقوق المواطنين، مسلمين و غير مسلمين، رجالا ونساء، فإن ذلك يضمن تغيرا أكبر للمجتمع، هذه في الواقع هي مسألة تربوية تخص متطلبات أي بلد و قيمه السائدة... وبالنسبة لظاهرة القتل بدواعي الشرف فإنا أعتقد أن القتل لا يحمل أي شرف وليس هناك في الأسلام شئ بأسم القتل لدواعي الشرف كما أن قوانين الأسلام لا تسمح بقتل شخص برئ حتى أن أكثر تفسير ل (الحدود تقليديا) قد وضع بعض الأساليب القوية للأثبات والأعتراف.. ولو تمت مراعاتها عند الأثبات، عندها سيكون الطرفان، الرجل والمرأة، مستحقين للعقاب.. كما أن حماية شرف الأسرة عن طريق عفة المرأة هي مسألة ثقافة و ليست أسلامية، ففي الأسلام تتم حماية الشرف عن طريق الشرع والذي يصر على أهدافه التي تكمن في حماية الدين كما أن تعدد الزوجات هو الآخر ظاهرة ثقافة فلدي شخصيا صديقات هن (زوجة ثانية) و هن أناس قد تربين جيداً و مهنيات و محترفات في العمل و يعتقدون أن ذلك عمل خطأ و ليس أستهتاراً.!. أي أن تعدد الزوجات هو مسالة ثقافية أو أرثية لأن ذلك أمر وارد في المجتمعات التقليدية سواء كانوا مسلمين أم غيرهم، إلا أن التعددية الزوجية سوف تقود الى موئلها التأريخي مع حلول التقدم الأجتماعي والأقتصادي في المجتمع، فالملاحظ أن نسبة التعددية الزوجية هي في أدنى مستوياتها في المناطق الريفية وهي أنعكاس لمتطلبات الأيدي العاملة في المناطق تلك.. إلا أن هناك في المدن قواعد أقتصادية مختلفة ولا يلاحظ فيها أي تأييد أو دعم لتعدد الزوجات ما يعني أن الدفاع عن المرأة هو من مسؤوليات الحكومة سواء كانت أسلامية أم غيرها.. فلوكانت الحكومة اسلامية فإنها تتحمل مسؤولية تطوير فهم القيم والتعليمات الأسلامية وإن لم تكن أسلامية فإن ذلك هو من مسؤولية العلماء و رجال الدين وأئمة المساجد و معلمي المدارس فليس هناك في القيم الأسلامية شئ يؤيد أو يساند ممارسة القسوة ضد أي أنسان فماذا لوكان ذلك الأنسان إمرأة وهناك حديث شريف يتحدث عن(أن الجنة تحت أقدام الأمهات) فقد كان الرسول(ص) يكن أحتراماً كبيرا لزوجاته وهو في ذلك نموذج رفيع وسام يحتذى وأن الرجال الذين يعلنون أنهم من أتباع السنة النبوية لا يسمحون إطلاقا بممارسة العنف ضد عوائلهم وهذا بالذات ينهي أي قلق أو تمييز يجعل المرأة تفكر في الأنتحار.

ترجمة/ دارا صديق نورجان
Top