حرارة الصيف تُبخّر الوعود بتحسين ساعات التجهيز بالكهرباء
رغم التحضيرات والوعود المتفائلة السابقة ، من وزارة الكهرباء لموسم الصيف الحالي ، الا انه ومع ارتفاع درجات الحرارة مع بدء موسم الصيف اللاهب في العراق الى نصف درجة الغليان ، يتزايد معاناة العراقيين مع الحر في ظل عدم توفر الطاقة الكهربائية اللازمة وتقنينها بشكل ملحوظ في العاصمة بغداد وباقي المدن العراقية .
وبحسب بيانات سابقة، فقد أنفق العراق على قطاع الكهرباء زهاء 100 مليار دولار منذ العام 2003 ولغاية الآن، ورغم تشخيص الخلل إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تحرك ساكناً في هذا الملف وتكتفي بالوعود التي لا تغني عن حر الصيف الذي تجاوزت فيه درجات الحرارة الـ 50 مئوية.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة معالجة مشكلة الكهرباء من خلال الربط الكهربائي مع الأردن ودول الخليج ، إلا أن مشكلة الطاقة يبدو بانها باتت عصيّة على الحل ولم تُعالج ، رغم إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني افتتاح وتشغيل 200 محطة كهربائية في عموم مناطق العراق ومدنه.
وعلى الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بتحسين واقع الكهرباء وزيادة ساعات التجهيز ، إلا أن الواقع يعكس استمرار المشكلات والتحديات التي تحول دون توفير طاقة كهربائية مستقرة للسكان منذ عقود .
وبلغ إنتاج العراق من الكهرباء العام الماضي 24 ألف ميغاواط، بينما يبلغ حاليا 25 ألف ميغاواط، وعلى الرغم من أن إنتاج العام الحالي أكبر من إنتاج العام الماضي ، إلا أن التجهيز أسوأ بكثير ، ويعزو مختصون سبب ذلك إلى الزيادة السنوية في معدل حجم الاستهلاك. المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، قال إن وزارته تدرك حجم المشكلة التي تواجه قطاع الكهرباء اليوم في مختلف المناطق العراقية، وهناك حلول لجأت إليها الوزارة بشكل عاجل، إلا أن هذه الحلول لا تعالج المشكلة بشكل كامل.
وأوضح موسى، أن البنية التحتية وشبكات النقل والتوزيع في العراق قديمة، وتسبب ذلك في عودة أزمة الكهرباء وزيادة في ساعات التقنين، وأن وزارة الكهرباء تعمل على إدامة ساعات التجهيز بأفضل صورة ممكنة.
مشيراً ، إلى أن وزارة الكهرباء لا تعد بمعالجة الأزمة بشكل جذري، لأن ذلك يحتاج إلى وقت طويل ، خاصة أن العجز يصل إلى أكثر من 14 ألف ميغاواط، فضلاً عن الحاجة إلى محطات تحويل وشبكات توزيع جديدة، في ظل الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية.
وأكد موسى ، أن "المشكلة الرئيسية المسببة لتدهور قطاع الكهرباء في العراق هي سوء شبكات النقل والتوزيع، لأن جزءاً كبيراً منها قديم ولا يتحمّل درجات حرارة عالية، وجزء آخر يعاني من زخم وأحمال زائدة تفوق قدرته، بالإضافة إلى التجاوزات الحاصلة على شبكات النقل والتوزيع".
في السياق ، حذّرت لجنة الكهرباء والطاقة في البرلمان العراقي من تفاقم أزمة الكهرباء خلال الشهرين المقبلين بسبب سوء التحضيرات لكوادر وزارة الكهرباء، خلافاً للوعود التي أطلقتها الوزارة لموسم الصيفي الحالي، مبينة أن اللجنة حدّدت الأسباب الحقيقية التي تقف خلف انخفاض معدل ساعات التجهيز في مختلف المناطق العراقية.
وقالت عضوة اللجنة، سهيلة السلطاني، إن التحضيرات التي وعدت بها وزارة الكهرباء لموسم الصيف الحالي لم تكن دقيقة ، إذ تكررت ذات المشكلات التي كانت في العام السابق والأعوام التي سبقته. موضحة ، أن اللجنة حددت الأسباب الحقيقية وراء الفشل في تحقيق ساعات التجهيز من خلال عمليات الإنتاج والنقل والتوزيع، وبالخصوص قضية عدم توفير المغذيات الكافية التي تتحمّل الضغط الكبير على الطاقة الكهربائية.
وحذرت السلطاني من تفاقم الأزمة خلال الشهرين المقبلين، حيث تشهد المنطقة ارتفاعاً عالياً في درجات الحرارة سنويا، مؤكدةً أن لجنة الكهرباء والطاقة تواكب مراقبتها ومتابعتها مع كوادر الوزارة رغم تمتعها بالعطلة التشريعية لتذليل الصعوبات ومواجهة درجات الحرارة العالية التي تواجهها محافظات العراق خلال الشهرين المقبلين.
من جانبه يؤكد الخبير في مجال الطاقة المتجددة مازن السعد، أن «الفكر الذي يدار به ملف الكهرباء منذ أكثر من 20 سنة لم يرتق إلى أساس الإدارة المستدامة والإدارة الذكية في إدارة الدولة بشكل عام وإدارة ملف الكهرباء بشكل خاص».
مضيفاً في حديث لـه، أن "المشكلة تكمن في نظام الإدارة ولا يوجد تنظيم صحيح لتوزيع شبكات الكهرباء، وهنا الدولة تتحمل مساوئ سوء الإدارة».
ويشير الخبير في مجال الطاقة المتجددة ، إلى أن «العراق ينتج حالياً 26 ألف ميغاواط وقد يصل خلال سنة ونصف إلى 30 ألف ميغاواط ، وأنا أراها كافية للعراق في حال إدارة الملف بطريقة صحيحة ورفع التجاوزات من قبل مقار حملة السلاح والمصانع غير المجازة وبعض المجمعات السكنية الاستثمارية المتجاوزة على الطاقة الكهربائية ورفع التجاوزات، عندها سوف يتم توفير الكهرباء بنسبة كبيرة لتكفي الجميع».
ويشكو المواطنون من إن ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية الوطنية لا تتعدى ساعتين متواصلة ، وإن هناك ازدواجية في التعامل مع تجهيز الكهرباء بين منطقة وأخرى ، إذ تشهد المناطق التي يسكنها المسؤولون ومكاتب الأحزاب استمراراً في التغذية بالكهرباء، بينما المناطق الشعبية الأخرى تعاني سوء التجهيز.
مشيرين إلى أن واقع الكهرباء في العراق بات مرضاً مزمناً يتفاقم مع حلول فصل الصيف ، وأن المواطنين يعتمدون على المولدات الكهربائية الأهلية التي لا غنى عنها، وأصبحت بديلاً موثوقاً به بدلاً من الوعود الحكومية التي اعتاد عليها العراقيون في ملف الكهرباء.
وينفي هؤلاء وجود أي تحسن في المنظومة الكهربائية، لافتين الى ان الواقع أصبح يتجه للأسوأ، ولغاية الآن لا توجد معالجة فعلية لهذه المشكلة ، على الرغم من الأموال الطائلة التي صُرفت على المشاريع والمحطات.
ويقول الأكاديمي ورئيس جامعة الفرات الأوسط السابق عبد الكاظمي الياسري : «إننا ومنذ سنوات طويلة نقترح ونقدم الحلول الخاصة بمعالجة أزمة الطاقة الكهربائية دون أن تجد طريقها للتنفيذ، والواقع يقول إن الكادر الذي استهلك 20 سنة ولم يستطيع حل هذه المشكلة فإنه لا يستحق البقاء أكثر وهو لن يقوم بحلها في وقت قريب أو حتى بعيد».
يضيف الياسري: «لا نعلم كم سنة يحتاج كادر وزارة الكهرباء أكثر لحل مشكلة الكهرباء بشكل حقيقي ، ونحن سبق وأن قدمنا مقترح لتشريع قانون يسمح للدولة بشراء الطاقة من المواطن ، حيث أن هناك إمكانية بأن يقوم المواطن بإنشاء محطات لإنتاج الكهرباء، وقد تكون محطات شمسية، وهذه التجربة تتواجد في الأردن على سبيل المثال».
ويرى الأكاديمي العراقي، أن «المشكلة الأساسية لقطاع الطاقة وعدم تنفيذ الوعود لحلها تكمن في أن الأشخاص الذين فشلوا منذ عام 2003 وإلى اليوم ما زالوا يتواجدون في أماكنهم ومناصبهم، والتغيير يجب أن يشمل هؤلاء ولا يقتصر على وزير الكهرباء ، وسبق وأن عملت على العداد الذكي ولدي براءة اختراع والملكية الصناعية وطرحتها على أمانة مجلس الوزراء وخلال سنة وجدت عدم الجدية بالتعامل مع المشاريع التي تؤدي إلى حل أزمة الكهرباء» ، وفق قوله.
باسنيوز