• Saturday, 20 April 2024
logo

عراق عام 2012 والأقتراب من حافة الأنهيار.. أنقاذ الدولة الفاشلة هو مسؤولية كبرى ولا يمكن تركها للعراقيين وحدهم

عراق عام 2012 والأقتراب من حافة الأنهيار.. أنقاذ الدولة الفاشلة هو مسؤولية كبرى ولا يمكن تركها للعراقيين وحدهم
(إذا أردت أن تقرأ مقالا واحدًا فحسب لتقف على حقيقة الأوضاع الراهنة في العراق، فأنني أقترح بصدق أن تقرأ مقال(نيد باركر) المعنون(العراق الذي تركناه هو دولة فاشلة أخرى يستقبلها العالم(لأن بارك قد وصف أوضاع هذا البلد بدقة و تفصيل كالآتي(يرأس نوري المالكي رئيس الوزراء نظاماً هو في غاية الفساد والوحشية ، فالقادة السياسيون فيه يستخدمون القوات الأمنية والميليشيات لقمع أعدائهم و ترهيب الناس بصورة عامة، فقد أصبح القانون سلاحا يُستخدم ضد منافسيه أو خارج تحالفه وقد خمدت الأحلام التي أرتآها العراقيون أزاء قادتهم المنتخبين وبمنتهى السرعة.. والدولة العراقية هي الآن عاجزة عن تأمين الخدمات الأساسية لمواطنيها مثل الكهرباء المنظمة خلال اشهر الصيف، أو المياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية اللائقة هذا تزامنا مع بلوغ نسب البطالة في صفوف الشباب الى 30% ماهيا الأرضية لأدخالهم و بسهولة، صفوف المجموعات الأجرامية والميليشيات... و رغم أن مستوى العنف قد تراجع نسبيا قياسا بعامي 2006-2007، إلا أن مستوى التفجيرات وأطلاق النيران قد وصل مبلغا يشعر معه العراقيون أنهم قد وصلو حافة الأنهيار وغيروا ثقين إطلاقا من مستقبلهم ما وضعهم في إطار من خيبة الأمل واليأس يؤيد لهم أن لا نهاية للقتال والحرب و سفك الدماء لكي يعيشوا حياة طبيعية و هادئة.... ثم أن التعقيدات و العنف في مجال العملية السياسية والتفجيرات داخل المدن قد دمر الأستقرار. واوجد عدم الثقة بشكل يقومون هم بالأنتقام من أعدائهم وسط الشوارع والسؤال هنا هو: ماذا ينوي باركر التوصل اليه؟

إنه راغب بلاشك في تحديد الخطأ الذي أرتكبته إدارة أوباما عام 2010 حيث ساند مسألة بقاء المالكي أولا ثم سحب قواته من العراق.

البروفيسور ماكس بوت
باحث أقدم للأمن الوطني في معهد CFR

بموجب التصنيف الذي أجرته منظمة اليونسكو لتحديد أطر النظافة في عواصم العالم و نشرته أوائل الشهر الحالي، فإن العاصمة العراقية بغداد هي واحدة من أكثر(3) عواصم العالم و ساخة و(8) عاصمة من ناحية تلوث البيئة، وكان العراق في حزيران من عام 2012 ضمن التقرير الثامن لمجلة(فورين بوليس) والصندوق العالمي للسلام التاسع من العشر دول الأكثر فشلاً وهي(الصومال، الكونغو، السودان، تشاد، زمبابوي، أفغانستان ، هايتي، اليمن، العراق وأفريقيا الوسطى ولو أمعنا النظر في هذا التصنيف للدول الفاشلة لوجدنا أن عدداً منها لم تخرج من هذا التصنيف وهي العراق والصومال و زمبابوي وأفغانستان والسودان وهذا دليل على أن هذه الدول تحمل بلا منازع مؤشرات الدولة الفاشلة، وكما أشار البروفيسور(روبرت روتبيرك) رئيس مؤسسة (السلام للعالم) في بحث له بعنوان( الدولة الفاشلة في عالم الأرهاب): إن مخاطر الدول الفاشلة ليست واحدة في داخل حدود تلك الدول فحسب، بل هي خطر على السلام والأمن العالمي وكتب يقول: لقد كانت الدول الفاشلة منذ تسعينيات القرن الماضي، حتى بدايات الألفية الجديدة السبب في مقتل (8) ملايين نسمة ومعظمهم من المدنيين فضلاً عن تشرد(4) ملايين نسمة ورحلوا من مناطقهم ويعاني مئات الملايين تحت نير الفقر وسوء التغذية وأنعدام الخدمات الضرورية وذلك لأن ظاهرة الدولة الفاشلة هي ليست جديدة بالنسبة للعالم بل هي موضع أمتعاضه أكثر من أي وقت مضى لأن لمثل هذه الدولة تأثيراتها على السلم والأستقرار ليس لبلدها فقط بل ولدول الجوار والسلام والأستقرار العالمي أيضا).

(الدول الفاشلة نتاج المستعمرين والحرب الباردة )
الدول الفاشلة ليست متشابهة بل أن طبيعتها تختلف من منطقة لأخرى إلا أن جملة صفات مشتركة تجمع فيما بينها فيما يعود فشل الدولة في العديد من الحالات الى أسلوب تكوينها والمثال على ذلك هو العراق أو يوغسلافيا اللتان كانتا دولتين تم تشكيلهما قسرا، كأحد أخطاء المستعمرينن و رعاية لمصالحهم في بدايات القرن الماضي... ومن أخطاء سياسات الحرب الباردة أن أنقسمت كوريا الى شطرين كما أصبحت جمهورية كوردستان الديمقراطية ضحية تلك السياسات الخاطئة ما منع أن يكون للكورد دولتهم المستقلة و بقائهم شعبا مقسما وبالتالي تعذرت معالجة القضية الكوردية في أي من تلك الأقسام بصورة سلمية و ديمقراطية و كانت النتيجة إندلاع الأنتفاضات والثورات فيها بأستمرار وبالذات في العراق حيث لم تتم معالجة القضية الكوردية فيه منذ بدايات القرن الماضي و حتى يومنا هذا وبالتالي عدم تنعمه بالأستقرار ومارست الحكومات العراقية المتعاقبة كل الطرق والممارسات الوحشية أزاء الكورد حتى وصل بهم الأمر ممارسة الأبادة الجماعية والقتل الجماعي ضد هذا الشعب المظلوم إلا أنهم فشلوا في قمع الحركة التحررية الكوردستانية وكان الأمل، بعد سقوط النظام السابق، بناء العراق على أسس من الديمقراطية وفي أطار الدستور الذي صوت له العراقيون إلا أن الحكومة الحالية أخذت الآن تسير ذات المسار بالنسبة لهذه القضية المهمة وتكاد أن تتحاور مع الكورد ثانية بلغة السلاح والحديد، وهذا ليس حلماً لا يمكن لها أن تحققه فحسب، بل أعادت العراق ثانية الى الدائرة التي يعتبر فيها ثانية بالدولة الفاشلة، ولن يكون بمقدور العراق الخروج من تصنيف الدول الأكثر فشلا طالما بقيت تلك العقلية سائدة فيه وهي حالة، وكما يراها العالم أجمع، جعلت من العراق دولة مضطربة و ملاذا للأرهابيين ، وتسببت هذه الحالة أيضا ليس في هجرة المواطنين العاديين من البلاد فحسب بل في هجرة جماعية للمثقفين وأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين لصعوبة العيش فيها... و سيعاني من بقى فيها إما من البطالة والفقر حيث يشير نيد باركر في تقريره الذي نشرته مجلة (فورن آفيرز) الى أن نسبة البطالة بين الشبيبة فيه قد بلغت 30% منهم وبالمقابل أستغلت الحكومة العراقية هذه الحالة وتجنيد هؤلاء الشباب في تعزيز موقعها ضمن المجموعات الأجرامية والميليشيات التابعة لحزبها(حزب المالكي).. وهي ظاهرة يشعر بها المواطن العادي أيضا و يدرك أن جل أعمال و مهمات هذا الحزب منذ توليه السلطة كانت بهدف تعزيز موقع المالكي ونفوذه على حساب الحكومة و حقوق المواطنين ما يظهر و يبين عليها بوضوح اشارات فشل الدولة ومنها:
• على المستوى الأقتصادي:

1- رغم أن العراق هو أحدى الدول الغنية وله مصادره الطبيعية من النفط والغاز، إلا أن مستوى معيشة المواطنين لا يبلغ هذا المنحى بل أن البطالة والفقر هما في تزايد مستمر وأن النخبة الحاكمة تحتكر جميع المجالات ويتلاعبون بثروات البلاد كيفما شاؤا و يستخدمونها لأغراضهم السياسية .
2- ورغم أحتكام الحكومة على موازنة كبيرة جدا، إلا أنها عاجزة عن تأمين الخدمات الرئيسة مثل الكهرباء والماء الصالح للشرب والتربية والرعاية الصحية.. الخ لا بل أن الكثيرين من أبناء المناطق الأخرى من العراق، قد لجاء الكثيرون منهم الى أقليم كوردستان وأستقروا فيه، يتوجهون الى الأقليم للمعالجة الطبية أيضا وقد فتح الأطباء العراقيون عياداتهم في مدن الأقليم دليلا على كون الأقليم، ومقارنة بالمناطق الأخرى من العراق، هو المنطقة التي يلجأون اليها هرباً من غمط حقوقهم وأنعدام الخدمات في مدنهم..
3- العراق اليوم، وكما هو مصنف ضمن الدول العشر الفاشلة، يعتبر أيضا ضمن الدول العشر الأكثر فسادا في العالم حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية، وهو ما يظهر على الحكومة العراقية اليوم بكل وضوح وذلك بفشلها وعجزها عن تأمين الخدمات الرئيسة إلا أنها بالمقابل توقع عقودا، بمليارات الدولارات لشراء الأسلحة فيما تعتبر عاصمتها (بغداد) ضمن المدن الثلاث الأكثر وساخة وقذارة في العالم.
( على المستوى السياسي )
1- في هذا الجانب، إذا ما تابعنا تصرفات الحكومة العراقية الحالية نجدها تقلد ذات السياسات التي يتبعها قادة الدول الفاشلة والتي أوصلت الدولة الى حافة الهاوية:
2- تنحصر مساعي الحكومة العراقية الراهنة وشخص رئيس الوزراء في تخريب العملية السياسية في العراق وإجهاض العملية الديمقراطية وعدم تنفيذ الدستور العراقي الدائم.
3- لقد بذل المالكي، بتصرفاته في الحكم، كل مساعيه لتصغير أو تحديد دور البرلمان (مجلس النواب) أو أنهائه وهذا ما أشار اليه رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي مؤخرا ما يعني أن رئيس الوزراء لا يؤمن بفصل وتوزيع السلطات.
4- قضى رئيس الوزراء على أستقلالية المحاكم و جعل منها منطلقا لتصفية أعدائه.
5- هو المسيطر على قوات الأمن والجيش.
6- أنهى دور منظمات المجتمع المدني، أو حصرها بالكامل.
7- نوري المالكي وكما يشعر به الجميع و يكتب عنه الأعلام العالمي والمراقبون الصحفيون، قد جعل من الحكومة حزبا يتعامل فقط مع قسم من مذهب معين وهو المذهب الشيعي ما جعل قسما من داخل هذا المذهب وكذلك العرب السنة والكورد يشعرون بأنهم مهمشون في بلدهم.
8- لم تخف حكومة المالكي و حاشيته حقيقة واضحة للعيان وبالأخص في بغداد هي : أن كل من لا ينضم الى حزب المالكي(الدعوة) أولا يخضع لسلطة يعتبر عدوا له وتتم محاربته بكل الوسائل أي أنه قد جعل الحكومة والحكم أداة لتوسيع نفوذه ونفوذ حزبه.


(تماثل الجانبين الأقتصادي والسياسي)
الحقائق تقول أنه لا وجود للجانبين السياسي والأقتصادي في العراق ما جعل الناس يشعرون بالملل والأمتعاض... فرغم أن قوات الأمن والجيش هي خاضعة لسلطات رئيس الوزراء، إلا أن الحكومة عاجزة عن حماية أية منطقة في العاصمة بغداد بأستثناء المنطقة الخضراء ما جعله يتبع كل السبل لأيصال البلاد الى مصاف الدولة الفاشلة في آخر مراحلها وهي خسارة الشرعية القانونية للحكومة، وفي هذه الحالة لا يبقى أي معنى لأية آلية ديمقراطية بأستثناء أن أوضاعا سوف تستجد يتمكن المواطنون فيها من التعبير عن آرائهم وسخطهم.. وتهيئة الأرضية في ذات الوقت لأثارة أعمال العنف بين مختلف القوميات والديانات والمذاهب ولأسباب أهمها:
1- بسبب فقد الثقة بين مختلف المكونات، فإنها تتذكر التأريخ الزاخر والحافل بالمآسي فيما بين تلك المكونات وتتولد لديهم مخاوف تدفعهم الى اللجوء للعنف وكمثال على ذلك نقول : لأن الحكومة العراقية الحالية تخرق الدستور وتهدد الكورد، فإن الكورد قد فقدوا ثقتهم بالمالكي وكادوا أن يلجأوا الى الدفاع وإذا ما حدث مثل هذه الحالة، أي الصدام فإن الدولة العراقية سوف تتحلل والسبب في ذلك يعود الى أنه إذا ما اتبعت الحكومة الحالية طريقا آخر غير الحوار، فإن العراق سيفقد شرعيته كدولة.
2- كان الخطأ الأكبر للولايات المتحدة خلال فترة(2006 – 2007) هو أعتبارها الأقتتال بين الشيعة والسنة قتالاً ضد المتمردين إلا أن هذا القتال قد قدم الحكومة هدية للمالكي ولحزب الدعوة هذا في حين أن الحرب بين الطائفتين لم تنته بعد، بل تكاد تندلع ثانية في كل حين... وفي هذه الحالة ، وإذا ما عجزت دول الجوار والدبلوماسية الهادئة والتعاون الدولي من كبح جماح الوضع، فإن الدولة ستنزلق وتصبح على شفير الهاوية ولا يمكن أنقاذها من الفشل.

(إنقاذ الدولة الفاشلة ليس بالأمرالهين)
إن ماكانت تنخوف منه القيادة السياسية الكوردستانية وشخص السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان هو أن يخفق العراق في العملية السياسية والتوجه نحو دولة فاشلة فقد تركزت هموم وتوجهات الطرف الكوردستاني على مدى الفترة ما قبل سقوط نظام صدام في مؤتمرات المعارضة وفيما بعد سقوط النظام، منذ مجلس الحكم الى كتابة الدستور و فيما بعد أتفاق اربيل ألا يصبح الطرف الكوردي جزءا من المشكلة بل يبقى جزءا من الحل... إلا أنه يبدو أن الطرف الكوردستاني، و نتيجة دفاعه عن تنفيذ الدستور ومنع تحريف العملية السياسية، قد أصبح جزءا من القضية لأن الطرف المقابل قد أصبح هو عدو الدستور والعملية السياسية، و بممارسته سياسة الخداع والتضيل، فقد عطل العملية و خرق الدستور... وبالأخص بعد أنسحاب القوات الأمريكية الذي حدد تماماً النفوذ الأمريكي في هذا البلد، كل ذلك كان العلة وراء فتح أبواب واسعة أمام المالكي ليعود ثانية الى تصفية منافسيه و تهديد أكبر أزاء أقليم كوردستان.. ما جعل الطرف الكوردستاني لم يتمكن من البقاء في موقع الحكم والحياد أكثر من ذلك فضلا عن محدودية القوى الدولية وبما فيها الأمم المتحدة وكان من معطيات هذه الحقائق أن يكرر نوري المالكي ذات السياسة التي أتبعها رئيس زمبابوي(روبرت موغابي) في تشويش مدى الرؤية لدى العالم في عامي(2001 – 2002) إلا أن ما يدعونا لبحثه هنا هو كيفية إنقاذ الدولة الفاشلة.. عن ذلك يقول البروفيسور (روبرت روتربيرك) في بحث قدمه بعنوان( الدولة الفاشلة في عالم الأرهاب): لقد برهنت تجربة مشكلات العالم حقيقة أن منع حالة تشكل الدولة الفاشلة هو ليس بالأمر الهين.. فبأمكان الأرادة الدولية في بعض منها، أن يكون لها دورها في الحيلولة دون توجه الدولة نحو الفشل شرط أن تكون أو ترافق هذه الأرادة مع بدايات التدهور و توقع عدم السيطرة على الوضع في حالة عدم معالجته منذ البداية والأعتراف بأشكال وأنواع المشكلات و سبل حلها و يتطلب ذلك أن تقوم الدول الأقليمية الكبرى و دول الجوار وبالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول المانحة بآدانة المسؤولين الذين لا يسمحون أولا يهمهم معالجة المشكلات بل ويتنصلون منها هنا لا بد من عرض الأنتقادات تلك بكل صراحة وأبلاغ العالم بها وإلا فإن الفشل سيكون مصير الدبلوماسية الهادئة، للحماية من الدول الفاشلة و في حال لم تنجح هذه المساعي فإن على القوى الأكبر و منها الدول المانحة والأمم المتحدة و المجاميع الدولية الكبرى مثل الأتحاد الأوربي و مجلس شرق آسيا، عليها أن تعبر عن مواقفها بكل وضوح وتوجه أنتقاداتها بقوة، وإذا مالم يفد هذا المنهج أيضا فإن الأمر يتطلب تعليق عضوية تلك الحكومة في المنظمات والوكالات الدولية ).
إن ما أشار اليه البروفيسور روبرت هو حالة تصور المشكلة و تحديدها.
لقد أنقذ أتفاق أربيل الذي بادر اليه السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان نهاية عام 2010 أنقذ العراق وأبعده من حافة الهاوية وكان سببا ايضا في أعتبار عام 2011 عاماً جيداً في العملية السياسية في العراق، إلا أن المشكلات قد عادت للظهور مع أنسحاب القوات الأمريكية، لذا فعندما نقدم عى قراءة أوضاع العراق وفق رؤية البروفيسور(روبرت) إنما نشعر أن الأرادة الدولية لم تكن متعاونة لأنقاذ العراق من شفير الهاوية هذا في حين ان السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان قد نبه جميع الأطراف، وقبل أنسحاب القوات الأمريكية، من مخاطر عدم تنفيذ إتفاق أربيل.. وأعلن موقفه في نوروز من عام 2012 : مالم يتم تنفيذ الأتفاق فإن شعب كوردستان سوف يتخذ قراره) لذا فإن الولايات المتحدة، عاجزة الآن، وكما ذكر في مقال له فإن البروفيسور(كينس بولاك) رئيس مركز سابان في معهد بروكينكر أكد أواخر الشهر العاشر في مجلة(ذي ناشنال أنترسيت) تحت عنوان(قراءة ميكافيللية للعراق) أن الولايات المتحدة عاجزة عن التهرب من تداعيات فشل العراق بل عليها أن تحرك مساعيها للحيلولة دون تداعي العملية بكاملها ... وهنا يتوجب:
1- السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان هو الزعيم العراقي الوحيد الذي نبه الجميع أواخر عام 2011 من خطورة عدم تنفيذ أتفاق أربيل وخرق دستور العراق ولو أقدم المجتمع الدولي والدول المانحة والأتحاد الأوروبي على دعم توجهاته والوقوف عند تلك المخاطر، عندها كان بالأمكان حماية أنفسنا، بالدبلوماسية الهادئة، و منع المنتهى الذي آل اليه وضعنا....
2- لقد أبلغ الرئيس البارزاني، الذي توصل بداية عام 2012 الى قناعة عدم وجود إرادة دولية لوضع حد لتلك الأوضاع، أبلغ رسالته في نوروز بإنه في حالة عدم معالجة المشكلات تلك فإنه سيعود الى شعب كوردستان ليتخذ هو قراره، والجدير بالأشارة هنا الى أنه، و بعد أسبوع واحد من رسالة البارزاني هذه فإن مجلة أمريكية معروفة قد نشرت بحثا للصحفي والباحث(نيد بارك) بعنوان(العراق الذي تركناه: العالم يستقبل دولة فاشلة) والذي قال عنه كبار المختصين المعروفين في العالم: أن المقال الوحيد الذي بإمكانه أظهار الواقع العراقي كما هو، هو مقال نيدباركر والذي نوه فيه ليس الى سو حكم المالكي على المستوى السياسي والأقتصادي فحسب بل الى ممارسات المالكي في تصفية منافسيه وخصومه و سجونه السرية التي يعتقل فيها أعداءه، وكان على الولايات المتحدة حيث تتزامن رسالة البارزاني، ومعها الدول الصناعية الكبرى ال(8) والأتحاد الأوربي والأمم المتحدة أن تبادر لتعليق عضوية العراق في الوكالات والمنظمات العالمية وفرض العقوبات الذكية(Smart sanctioh)، على الحكومة العراقية لأجبارها على الخضوع للدستور في حل مشكلات العراق إلا أن ذلك لم يحدث.
3- والسؤال الرئيس هنا هو: هل أن المجال يتسع حتى الآن ليتمكن المجتمع الدولي من أداء دوره؟ عن ذلك يرى المجتمع الدلي أنه لو لم يعد المالكي ثانية، مثل موغابي، الى خداع العالم وعدم تلكؤ العالم عن دوره، بالأمكان عندها إنقاذ العراق من الهاوية.. وبالنسبة لحالة زيمبابوي، فإن معظم الدول المجاورة للكونغو والمجتمع الدولي كان على قناعة بضرورة أنتظار الأنتخابات القادمة ليصار الى أبعاد موغابي عن السلطة عن طريق الأنتخابات إلا أنه، وكما هو المالكي اليوم، قد أقدم قبل فترة جيدة من أجراء الأنتخابات على حصر كل السلطات وتوظيف إمكانيات الدولة لخدمة أغراضه و قمع خصومه وقد كانت الدول المجاورة لجمهورية زمبابوي تعارض أنتقاد موغابي علنا.. و كما تفعل بعض دول الجوار العراقي اليوم وأكثر من ذلك قد وظفت أمكانياتها ونفوذها للحيلولة دون مساءلة المالكي في البرلمان العراقي أو استرداد الثقة منه.. ووجه البلاد نحو:
أ‌- تراجع الدخل الشخصي بنسبة 10% وتجاوز نسبة مرض الأيدز بمقدار 30% حدا يموت فيه 200 مواطن اسبوعيا من اجراء هذا المرض .
ب‌- المعدل المتوسط للتضخم من 40%- 116%
ت‌- أنخفاض نسب متوسط الأعمار من (60-40)%.
ث‌- وأصبح الفساد في حكومة موغابي مسألة أعتيادية.
ج‌- أستجد التقسيم الأتني والطائفي واللغوي في زمبابوي..
ح-عجزت الحكومة عن تأمين الخدمات الأساسية.
خ-اصابة المؤسسات السياسية بالشلل عن أداء أمورها.
د- كان يتعرض للتعذيب والعقوبة كل من يخرج من الخضوع لموغابي و حزبه.
ذ- غلق الصحف المستقلة وأعتقال رؤساء تحريرها.
السؤال الأهم هو: ألم تتكرر في العراق ذات الأسباب التي أودت بزمبابوي و موغابي الى ما آلت اليه بلادهم؟
ورداً على هذا السؤال نقول: لقد زاد المالكي نقطة أخرى عن موغابي لأنه قد هاجم علنا الأعلام العالمي الذي كان ينتقد حكومته و يصفها بمؤامرة حاكتها اسرائيل والسعودية أعداء العراق فضلا عن أنه سبق أن أغلق مكاتب القنوات الفضائية في بغداد ما يضعنا أمام حقيقة أنه لو كانت تلك القنوات العالمية التي تهاجم المالكي قنوات أو صحفا عراقية مستقلة، فإنها كانت تتعرض الى أسوء من ذلك وكما وصفه نائبه صالح المطلك بالدكتاتور وكان أن أصدر قراراً بفصله دون العودة الى البرلمان كما أنه(أي المالكي) قد أصدر خلال شهر واحد أحكاماً بالأعدام- أربع مرات – ضد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وحاك أعضاء كتلة المالكي في البرلمان مرات عديدة أقاويل باطلة ضد رئيس الجمهورية العراقية وذلك فقط لأنه كوردي ليس إلا، وكثيرا ما نسمع، ومعنا العالم وبعض المفكرين الأمريكيين ايضا: أن على العراقيين أن يعالجوا مشكلاتهم بأنفسهم وهي مسالة تعرض ليس العراق فحسب بل السلم والأمن الدولي الى الخطر والسبب الأعتيادي لهذا التخوف هو:
1- العراقيون لا يتمكنون من معالجة مشكلاتهم حيث أن سيادة فقدان الثقة بين المكونات العراقية قد وصلت حد تعقيد أوضاع الحوار وأرضيته وليس هناك طرف يثق بالآخر.
2- كما أن صناديق الأقتراع لا تعالج مشكلات العراق، لأن انتخابات عام 2010 كانت قد تكخضت عن قرار مخالف لقرار الولايات المتحدة والدول الأخرى والتي أيدت بقاء المالكي وابعاد علاوي وأن معطيات الأنتخابات القادمة تماثل أوضاع العراق بأوضاع موغابي فقد قام المالكي بتصفية أعدائه ومنافسيه قبل الأنتخابات وها هو الآن يحاول الوقوف بوجه كوردستان.

(( ماالذي يمكن فعله في العراق ))
وكما أن كوردستان من النواحي الأقتصادية والأمنية والأستقرار هي عراق آخر، فإن كوردستان اليوم وفق تلك الأوضاع هي أيضا عراق آخر وتتوحد رؤيا و مواقف الأطراف الكوردستانية، وعلى أختلاف توجهاتها السياسية والدينية القومية، أزاء تعقيدات الأوضاع هذه في حين أن المالكي في قائمة التحالف الوطني وهي قائمة الشيعة لا يحظى بتأييد الجميع بل هناك أنقسام واضح بينهم ما يعني أنه لن يكون لفشل العملية السياسية في العراق أو توجيهها نحو هاوية(الدولة الفاشلة)، تأثير يذكر على أدارة أقليم كوردستان وأن الذي يشكل موضع الخطر هنا هو فقط المناطق المقتة، ووفق البيان أو الأيضاح الذي وجهه السيد رئيس اقليم كوردستان الأسبوع الماضي فإن سيادته سيعلن الموقف من ذلك بالتشاور مع السيد رئيس الجمهورية والجهات الصديقة في العملية السياسية العراقية، وبالذات إزاء أستفزازات المالكي وتهديداته في تلك المناطق ولكن السؤال هو: هل أن موقف أقليم كوردستان هذا يكون السبب لمعالجة مشكلات العراق وأن يصبح هذا البلد تلك الدولة المعاصرة التي تمناها العالم أجمع مع بداية إعادة بناء العراق عقب تحريره عام2003 ؟ والرد على هذا السؤال يعود بالدرجة الأولى الى المجتمع الدولي بصورة عامة والولايات المتحدة على وجه الخصوص لأن توقعات المختصين والمراقبين تقول: لو وصل العراق الى حافة الهاوية ومدارج التفكيك فإن ذلك لن يكون على شاكلة تقسيم وتفكك جيكوسلوفاكيا السابقة الى جمهوريتي الجيك و سلوفاكيا، بل على شاكله أو تكرار تجربة أسوء من تجربة يوغسلافيا السابقة و ستندلع معارك دامية على المدن والبلدات التي لا يحسم مصيرها بسهولة و في مقدمتها العاصمة العراقية بغداد والتي لن يتخلى عنها بساطة لا العرب السنة ولا الشيعة لا بل أن تقسيم بغداد لا يمكن أن يعالج المشكلة.. هذا فضلا عن أن العراق سيصبح ساحة للنفوذ الأقليمي وأستغلالها من قبل الأرهابيين و محطة لعبورهم ما يتطلب تدخلاً أكبر من قبل المجتمع الدولي و لو تطلب الأمر مرابطة قوات السلام في المناطق الحدودية بين المكونات المختلفة تلافيا للمواجهات المسلحة و معالجة المشكلات عن طريق أعمال العنف وأتاحة المجال لذلك عن طريق الدستور والأتفاقات المشتركة... و نتساءل، هل يقوم المجتمع الدولي بأتخاذ هذه الخطوة السريعة؟ وهو سؤال لا يمكن الرد عليه ب(نعم أم لا) إلا أن العالمين بالمشكلات والمخاطر المستقبلية للعراق يقولون: يجب أن يكون تحرك المجتمع الدولي أسرع من الخطوات التي تودي بالعراق الى الهاوية أما إذا تلكأ المجتمع الدولي هذه المرة أيضا، فإن العراق يكون واقعا في الهاوية وعندها لا يمكن لأي طرف التهرب من نتائجها.
Top