• Friday, 03 May 2024
logo

الاستقلال هو الخيار الوحيد لأنهاء المشكلات القومية طويلة الأمد و الدامية

الاستقلال هو الخيار الوحيد لأنهاء المشكلات القومية طويلة الأمد و الدامية
ترجمة/ بهاءالدين جلال
كيف تنتهي المشكلات العرقية و القومية طويلة الأمد و الدامية و ايجاد الحلول المناسبة لها؟هذا السؤال هو من افرازات التغييرات العالمية الجديدة التي خرج بها انهيار الأتحاد السوفيتي من ابرز المشكلات العرقية و القومية مرة اخرى كظاهرة في السياسة الدولية،لذا فإنّ هذا السؤال لم يصبح فقط مثار اهتمام مراكز البحوث الأكاديمية ،بل لصانعي السياسة على المستوى الدولي، اذاّ السؤال عن كيفية انهاء تلك المشكلات و اعادة تنظيم العالم على أساس السلام و الأمن،سببه هو أنّ الكثير من المشكلات بقيت بدون حلول، وعدا ذلك لايمكن التفكير في العديد من المسائل الأخرى،التي تربط بين السلام و الأمن الأقليميين وبين العالم ،وعلى سبيل المثال لو تحدثنا عن الجوانب السلبية و عدم حل المسألة الكوردية ليس فقط في العراق بل في عموم المنطقة،نجد أنّ هناك على مستوى سياسة صانعي السياسة الدولية قناعة وهي إنْ لم يتم حل تلك المسألة،فلايمكن للشرق الأوسط أن يعيش في استقرار،مثلما حدث في يوغسلافيا السابقة حيث لولا حل مشكلة القوميات وعدم ظهور بعض الدول الجديدة كان هناك مخاطر تهدد منطقة البلقان برمتها وتتحول الى مصدر لأندلاع حرب عالمية أخرى،مثلما كانت البلقان منطقة لأندلاع الحربين العالميتين الأولى و الثانية ،ولكن بعد حل مشكلة البوسنة و الهرسك و الكوسوفو و البوسنة و الجبل الأسود وتحوّل كل منها الى دولة مستقلة وفي الوقت الحاضر نجد أنَ منطقة البلقان لايُنظر اليها فقط بأنها منطقة خالية من المخاطر بل أنها على وشك أنْ تتحول الى منطقة تبني مرة أخرى علاقات جديدة على أساس المصالح المشتركة ،كما نرى انّ الصرب لاينظرون الى الكوسوفو و البوسنة و الجبل الأسود بمنظار الأمس،كما أنّ الألمان و الفرنسيين لاتنظران الى بعضهما البعض كما كانتا في فترة الحرب العالمية الثانية،ولكن السؤال هنا هو هل تم اتخاذ الخطوات لحل مشكلة دول البلقان مباشرة بالشكل الذي نراه اليوم؟ الجواب،كلا،فأنّ منطقة البلقان بعد أنْ وصلتْ الى حافة الأنفجار و والمخاطرعلى يد ميلوسوفيج ونظامه،وبعد اختبارها للعديد من الأساليب كالفدرالية و الحكم الذاتي،نرى أنّ المجتمع الدولي وصلت الى قناعة في أنّ اعطاء المجال الى شعوب المنطقة لأقرار مصيرها و انشاء دولها المستقلة هو فقط الحل المناسب للمشكلات، ولكن السؤال الذي يبقى معلقاَ هنا هو:لماذا يرغب المجتمع الدولي في أنْ يتم اختبار كل الخيارات ولكنه قليلاً ما يقرر اختيار الحل الأمثل ألا وهو الأستقلال؟ هذا في حين أنّ الكثير من المشكلات القومية و العرقية طويلة الأمد وصاحبتها موجات من العنف و اراقة الدماء من الصعب حلها عبر الوسائل السلمية،أو تبذل من أجل حلها جهود كبيرة وإنّ تلك الجهود في بدايتها تظهر وكأنها تؤدي الى النجاح سيما عندما تتجه الشعوب الى الهلاك،ولكن كما نلاحظ من تأريخ تلك المشكلات بأنها سوف تظهر على السطح مرة أخرى،وقد تعود بالقتال و الدماء كما لاحظنا في اتفاقية الجزائر عام 1974، حيث لجأ النظام العراقي السابق الى افتعال حرب دموية ضد ثورة كوردستان ولم يقف عند هذا الحد بل لجأ الى موآمرة دولية و المساومة على بعض أجزاء الآراضي العراقية،حيث اتفق مع شاه ايران في اطار اتفاقية الجزائر المشؤومة على إجهاض الثورة الكوردية، ما ادى الى نكسة الثورة الكوردستانية ، ومع استئناف الثورة قام النظام بكل مالديها من العداء و الشراسة بعمليات الترحيل و التعريب والأسوء من ذلك هو بدءها لأول حملة أنفال ضد الكورد الفيليين في الأيام الأولى لأندلاع الحرب العراقية- الأيرانية تلتها أنفلة البارزانيين في بداية الثمانينيات حتى وصل الأمر في النصف الثاني منها الى استخدام الغازات الكيميائية و بدء حملات الأنفال سيئة الصيت،وهذا التأريخ يذكّرنا بأن نتائج كل تلك الجهود المبذولة لحل المشكلة الكوردية سلمياً هي غير واضحة ثم بدأت المشكلة أكثر دموية،واذا كان هذا الأمر بالنسبة للكورد على هذا النحو فإنه كان لكل المشكلات الأخرى(فلسطين و كشمير و ايرلندا الشمالية)) بالصورة ذاتها.
المشكلات القومية بعد انتهاء الحرب الباردة
بعد انتهاءالحرب الباردة كان ينتظر العالم من النظام الدولي الجديد أنّه يدافع عن حقوق الأنسان و الحريات و الديمقراطية، ولكن للأسف الشديد جلب هذا النظام معه جملة من المشكلات العرقية و القومية لم يستطع ايجاد الحلول لها وعلى سبيل المثال وبعد انتهاء الحرب الباردة،فأن التجربة اليوغسلافية السابقة أظهرتْ لنا تهميش حل المشكلات القومية و نموذجاً للتطهير العرقي و الأنتقام للقومية المتطرفة ،والسؤال هنا هو :لماذا افسح النظام العالمي الجديد، الذي كان يدعو الى انهاء المفهوم التقليدي لسيادة الدولة و عدم سكوت المجتمع الدولي على القتل الجماعي و التطهير العرقي،افسح المجال لتكرار ذات الكارثة التي حلّتْ باليوغسلافيا السابقة؟لماذا لم يسلك الطريق الأسهل ولم يدع الشعوب في تلك المناطق أن يقرروا مصيرهم قبل حدوث المذابح الدموية؟ انّ هذه الأسئلة اصبحت مصادر لجملة بحوث اكاديمية حول كيفية انهاء تلك المشكلات,وأثارت أيضاً جوانب مهمة بأعتبارهل أنّ هناك حلولاً لتلك المشكلات غير الأنفصال أوالأستقلال؟ويجيب الدكتور وليم ايرس في دراسته الموسومة(الأنفصال أو الأحتواء....تقييم للخيارات التي تؤدي الى انهاء المشكلات القومية)ويقول بهذا الصدد: ((نحن على الأطلاع بأن هناك مشكلات كمشكلة ايرلندا الشمالية و فلسطين وكشمير بذلتْ من أجلها جهود كثيرة لحلها سلمياً، وقد شهدتْ تلك الجهود تقدماً ما،ولكن مستقبلها غير واضحة هناك احتمال لظهورها مرة أخرى وبشكل أكثر دموياً، كما أشرنا اليه في مشكلة يوغسلافيا،كل تلك المآسي أصبحتْ سبباً لأجراء البحوث حول المشكلات العرقية و القومية من قبل الساسة و الباحثين والتوقف عند هذا السؤال وهو:كيف يمكن حل تلك الأزمات العرقية والقومية وانهائها بعد أنْ شهدتْ العنف لفترة طويلة.؟وهل يمكن حلها بالوسائل السلمية؟أوما يتم بذله من الجهود في احتمال عودة اطراف المشكلة الى دائرة العنف و الأنتقام؟وللأجابة على هذا السؤال يعتقد المختصون بأنَ هناك اساليباً مختلفة لأيجاد حلول للمشكلات القومية و العرقية،ولكن السؤال الرئيس هو أي من تلك الخيارات يُعد أكثر ملائمة لحل المشكلات؟هل علينا اختبارها جميعاً ؟الجواب هو أنّ كل المشكلات اتخذتْ طابعاً يتسم بالعنف ، الاَ طريقاً واحداً وهو الأنفصال المستمر بين المجموعات المتنازعة،وعند هذا الخيار سوف يحدد مستوى العنف أي من الخيارات سنختار ونتجاهل الأخرى)).
الدكتور آيرس يشير في اطاربحثه الى أنّ تحديد هذا الخيار أي( الأنفصال و الأستقلال) يمكن أنْ يكون من منظور الدول الأسمى سلطة و المجتمع الدولي يؤدي الى نتائج سياسية خطيرة،لذا فأنها تترك هذا الخيار و تبحث عن الأخر،ويتحدث كمثال عن اختيار الخيار الفدرالي للبوسنة قبل الأنفصال و الأستقلال،ولكن كما رأينا إنّ هذا الخيار لقي الفشل ولم يستطع ايجاد حل للمشكلة،وبدون شك فإنّ لغز فشل هذه الخيارات تظهر في تطبيقها، إنّ هذا اللغز يُظهر العلاقة بين مستوى العنف و بين امكانية الحل ومن عدمه،لذا عندما تتم محاولة حل المشكلات القومية عن طريق الخيار الفدرالي تُطرح تجربة خيارات أخرى،وهذا يجعلنا نتساءل أي من تلك الخيارات تكون مناسبة ،وماهي الأجراءات الواجب اتخاذها لنجاحها؟وحول الأجابة عن هذه الأسئلة تشير الدراسات الى مجموعة من العوامل التي تلعب الدور في نجاح الحل أو في فشله،والعوامل هي: ((مستوى العنف الذي واجهته الدول و الشعوب المضطهدة والأدنى نتيجة سياسات الشعوب المتسلطة،التوقعات و التكهنات حول حل المشكلة،القدرة العسكرية للشعوب المتسلطة،ثم يأتي دور الطرف الثالث، سواء كانت الأمم المتحدة أو منظمة قوية كالأتحاد الأوروبي،أو الولايات المتحدة الأمريكية،والتي تعتبر نظرتها الى المشكلة مهمة جداً، وفي هذه الحالة يجب نقل المشكلة على الصعيد النظري الى العملي والتعامل معها على أرض الواقع،ومع أنّ للباحثين اشكالات حول النتائج ويعتقدون أنّها غير مهمة،بل المهم هو المدة المطلوبة للوصول الى النتائج النهائية للمشكلة و الخيارات التي يتم اختبارها من اجل الحل الأمثل،وحول هذا الجانب يؤكد الباحثون على أنّ ماتوصلوا اليه من متابعة الحلول المطروحة للمشكلات القومية و العرقية حتى الآن،هو اذا كانت هناك مشكلة قديمة و دامية فلاخيار لحلها غير الأنفصال و الأستقلال،وما يبعث على التوقف في هذه العملية هو توجيه الأنتقاد الى سياسة المجتمع الدولي ولاسيما بعد انتهاء الحرب الباردة كونه حاول اتباع عدة خيارات لأنهاء تلك المشكلات،ولكن الخيار الذي لجأ اليه كثيراً هو احتواء المشكلة في اطار حدود الدولة،وفي حال ظهور المشكلة مرة أخرى حاول تعويد الشعوب المغلوبة مع العملية الدامية التي اتبعها الشعوب المتنفذة أو النظام السياسي للدولة.
انّ هذا الجانب واضح لنا ككورد،لأنّه بعد استخدام الغازات الكيمياوية و تنفيذ عمليات الأنفال في أواخر ثمانينات القرن الماضي،لم يستطع المجتمع الدولي أنْ يتخذ خطوة عملية نحو الأستجابة والحل لهذه الكارثة،وحتى بعد انتهاء الحرب الباردة و احتلال الكويت من قبل العراق و اندلاع انتفاضة ربيع عام 1991 و محاولات النظام البعثي لأخمادها و تداعيات الهجرة المليونية الـتاريخية على شعب كوردستان،وهذا يعني أنّ شعباً ترك بلاده بالكامل ولم يكن مستعداً للبقاء في ظل النظام البعثي المقبور، ونجد أنّ المجتمع الدولي لأول مرة في التأريخ السياسي المعاصر وضمن اطاراستجابته الأنسانية يصدر القرار 688 ويوفر منطقة آمنة شمال الخط 36 لحماية الكورد,اذاّ الكورد قد أبلغ المجتمع الدولي مرتين منذ 1991 [انه لايرغب البقاء مع العراق ويريد أنْ تكون له دولته المستقلة، والمرتان هما:
1- في ربيع عام 1991 عندما بدأ الكورد الهجرة المليونية كانت بحد ذاتها استفتاء يعني أنّ الكورد فضّل الموت و التشرد على البقاء مع العراق.
2- بعد سقوط النظام البعثي و تزامناَ مع اجراء اولى الأنتخابات في العراق صوت الكورد في اسفتاء غير رسمي بنسبة99 % الى الأستقلال وليس الى البقاء في اطار العراق.
ولو نتوقف على تلك النقطتين بدقة و نعمل عليهما لتوظيفهما في الخطاب الدولي ويفهمه المجتمع الدولي كما هو،يعني أنّ الكورد في العراق لن يرضى بأقل من الأستقلال كحل لقضيته،وسبب هذا الأصرار الذي يشغل قلوب الكوردستانيين هو أنهم جربوا كل الخيارات وكانت الثورات الكوردستانية على امتداد 70 سنة المنصرمة كانت بأستمرار على استعداد لتستجيب الطرف الحكومي أو الأنظمة المتعاقبة على الحكم في العراق لحل المشكلة بالوسائل السلمية،وقد تمت اختبار عدة خيارات وعلى سبيل المثال (اللامركزية. الحكم الذاتي،والفدرالية الآن)ولكن على امتداد تلك الفترة أي منذ ثورة بارزان الثانية وحتى الآن نجد إنّ هذه المشكلة لم تبق فقط بدون حل بل كانت بأستمرار كقنبلة موقوتة تثير خطر اندلاعها مرة اخرى بشكل أعنف و اكثر دموية من قبل،واذا كان المجتمع الدولي ينوي اختبار وسائل اخرى لهذه المشكلة فأنّ شعب كوردستان يعرف الحقيقة بأنه لايجوز بعد الآن هدر الوقت مع الجهود غير المثمرة.

الكورد و الفدرالية ،، تجربة نحو الأنتكاسة
قد لا تكون المسألة الكوردية اولى المسائل القومية في العالم لايمكن حلها عن طريق الفدرالية،وعندما يتحدث المحللون و الساسة في العالم عن نجاح الفدرالية كحل لمشكلات الشعوب يتساءلون لماذا نجحت الفدرالية في بلجيكا و كندا و سويسرا و لن تنجح في العراق؟ هل في الدولة الفدرالية عندما تكون الأمور في اطار حكومة محلية بيد الشعب و يشرع القرارات و يحكم بلده بنفسه،اذاً لماذا لن تُحل المشكلات؟الجواب على هذه الأسئلة لايكمن في اطار نظري أو في اطار تقسيم السلطات وتحديد صلاحيات الدولة الفدرالية بل في تطبيق المفاهيم على أرض الواقع والتساؤل هنا هو هل أنّ تلك التعاريف و التوقعات يتم تطبيقها في العراق؟حيث بأعتبار أنّ تسع سنوات قد مرتْ على سقوط الدكتاتورية ولكن العراق لم يتخذ حتى الآن أية خطوة بأتجاه بناء الدولة الفدرالية،والأسوء من ذلك أنّ الحكومة العراقية تحاول بأستمرار العودة الى المركزية واجهاض الفدرالية و خرق الدستور الذي هو تعريف للدولة العراقية الجديدة كدولة تعددية و فدرالية و برلمانية و ديمقراطية و يسودها التعايش الأختياري،وهل انَ دولة العراق(كما ورد اسمها في الدستور كدولة فدرالية)مستعدة لتغيير مفهوم الوحدة(unity) الى مفهوم الأتحاد و الشراكة وبمعنى(union)،اذا هي مستعدة للمحافظة على الأتحاد و الشراكة في العراق وليس وحدة العراق،وهل هي مستعدة للأعتراف بهذا الشريك وهو الكورد الذي يشكل في اطار التعايش الأختياري وحدة وشراكة العراق؟ وفي اطار اجابتنا على هذا السؤال نصل الى تفكير الحكومة العراقية الفدرالية لحل مشكلة الكورد في العراق الذي يصب في أنّ الكورد ليس فقط شريكاً في العراق بل أنه ضيف فيه و لايملك تأريخه و جغرافيته،هذه الحالة ترغمنا على القول بأنّ اختلاف نظرة الطرف الكوردستاني مع الدولة العراقية لحل المشكلة وصل ال حد اليأس بأنّ الخيار الفدرالي و السلام لايحل المشكلة ابداً. والسبب البسيط لهذا اليأس هو أنّ تأريخ الصبر الذي تحلّى به الجانب الكوردستاني في عملية الحوار و المباحثات بين الثورات الكوردية و الحكومات المتعاقبة في العراق و كذلك المشكلات الحالية بين أقليم كوردستان و حكومة العراق والكورد هو الطرف الرئيس في اعادة بناء العراق الجديد،المشكلة هنا لا تكمن فقط في أنّ الكورد لن يرضى بالفدرالية وانما المشكلة هي إنّ ما دوّن على الورق وما طُرح في الأجتماعات وما جاء في الدستور لم يتم فيها الأعتراف بالحد الأدنى بحقوق للكورد،لأنّ في التطبيق يتراجع الطرف المقابل وهذا يعني أنّ ما توقّع عليه الحكومة العراقية في أثناء الأتفاقيات لتلتزم به و تتخذ الخطوات اللازمة لتنفيذه نجدها تتراجع عنه بأستمرار، ولو أرادتْ الحكومة العراقية و السياسة الدولية الأجابة عن هذا السؤال وهو :اذاً كيف السبيل الى انهاء المشكلة؟فعليهما معرفة أنّ الجواب الشافي لهذا السؤال في هذه المرحلة ليس الاّ اللجوء الى خيارين لا غيرهما، والخياران هما:
1- إمّا التنفيذ الكامل لدستور العراق الذي يتضمن الحد الأدنى من الحقوق الكوردستانية في هذه المرحلة وهي اعادة بناء العراق كدولة فدرالية مع وجود اقليم كوردستان بحدوده التأريخية و الجغرافية كأقليم في اطار الدولة العراقية.
2- وإمّا يجب احترام ارادة شعب كوردستان لكي يقرر مصيره بنفسه.
وحول النقطة الثانية وهي العودة الى شعب كوردستان ليقررمصيره بنفسه،للأسف لايزال يّنظر الى حقوق شعب كوردستان وكأن الشعب يريد أنْ يقرر الحاق أراضي غيره بأراضيه او احتلال اراضي غيره،وانْ لم يكن كذلك عندما يعرّف الدستور العراقي اقليم كوردستان بجغرافيته ويعترف به و يضع الآليات لأعادة المناطق المقتطعة و اقامة العلاقات بين حكومتي اقليم كوردستان و العراق الفدرالي،يعدّ ذلك اعترافا ًضمنياً بأنّ اقليم كوردستان ارض للشعب الكوردستاني،انّ هذا الأقليم اقرته اتفاقية اختيارية التي اشار اليها الدستور بين الشعبين الكوردستاني والعربي العراقي وبأنّ الأقليم هو جزء من العراق ومتى ما اتفق طرفا الأتفاقية على فحوى الدستورالذي نظّم تلك العلاقات ونفّذاه فإنّ تلك الشراكة سوف تستمر،ولكن لو خرق أحد الطرفين التزامه به فإنّ للطرف الآخر الحق في اقرار مصيره، وهذا الجانب يُعتبر مهماً ، وكلما يؤكد الطرف الكوردستاني على هذه النقطة يتخذه الطرف المقابل بنوع من الأستفزازية وينظر الى المعادلة وكأن على الكورد أو الطرف الكوردستاني البقاء قسراً في هذا الأطار، سواء تم تنفيذ العقد الدستوري الذي بينهما أم لا.
انهاء سياسة المناورة و التنصل
ما يثير الأستغراب و السخرية دائماً التصريحات التي يدعو فيها رئيس الوزراء العراقي الحالي أمام وسائل الأعلام الى حل الخلافات من خلال الأحتكام الى الدستور وفي اطاره يمكن حل كل المشكلات القائمة في البلاد،انّ تصريحاته تلك تثير سؤالاً وهو: اذا كان رئيس الوزراء العراقي يؤمن بالدستور الى هذا الحد،اذاّ لماذا يواجه العراق الآن و في أي وقت مضى الأزمة المتعددة الجوانب والتي باتت واضحة لكل فرد من افراد المجتمع بأنّ العراق يخطو نحو التفرد و الدكتاتورية والتفكك و الهاوية،والأهم من ذلك هو الأشارة الى النقطة التي تؤكد عليها كل الأطراف السياسية عدا كتلة دولة القانون التي ينتمي اليها رئيس الوزراء، هل أنّ لها مطلب آخرغيردعوة رئيس الوزراء الى الألتزام بالدستور ؟ والأوضح من ذلك هل لدى اقليم كوردستان مطلب خارج اطار الدستور؟كل هذه الحقائق تقودنا الى اتجاه واحد ألا وهو أنّ رئيس الوزراء العراقي ينظر الى الدستور من منظار المصالح وبمعنى آخر إنّه يلتزم به عندما تكون المواد أو البنود تصب في صالحه أما الأخرى فيتجاهلها لأنها لاتنسجم مع مصالحه الذاتية ويمارس سياسة المناورات و التنصل في تنفيذ الدستور،وهذا ما أدى الى أنْ تتوصل عموم المكونات العراقية الى قناعة بأنّه ينبغي وضع حد لرئيس الوزراء،أو عليه الألتزام الكامل بالدستور الذي
هو بمثابة كتاب يحدد مستقبل العراق،او عليه أنْ يتحمل المسؤولية التأريخية لهذه المرحلة التي تواجه البلد نتيجة خروقاته للدستور،لذا ففي تلك الحالة اذا لم تكن الحكومة العراقية مستعدة كحكومة فدرالية لتنفيذ الألتزامات الدستورية التي تقع على عاتقها فأنّ شعب كوردستان له حق النأي بنفسه عن هذه الأزمة واقرار مصيره وتحديد الخيار المناسب لحل مشكلته.
Top