• Friday, 29 March 2024
logo

دور الأعلام في بناء المجتمع الديمقراطي (صحافة الجماهير والمواطن كمراسل صحفي)

دور الأعلام في بناء المجتمع الديمقراطي (صحافة الجماهير والمواطن كمراسل صحفي)
ترجمة: دارا صديق نورجان

إن بمقدور وسائل الأعلام الحر أن تشارك في تحسين أوضاع الدولة والمجتمعات، وعليها إن أرادت أداء هذا الدور، أن تبدأ أولاً، وفي كثير من الحالات، بعملية أصلاحها الذاتي هي .
فريدريك دبليو جيك


إن الحديث عن دور الأعلام، بقدرما هو أهتمام بحماية المجتمع الديمقراطي ومشاركة المواطنين في العملية السياسية هو لا يخص كيفية عمل الأعلام أو تغطية للأخبار والأحداث أم أن نجعل من أنفسنا رقباء و مراقبين لتصنيف الصيغ المختلفة للعمل الصحفي الحر.. ما حدا بنا أن نوجه تقريرنا هذا بأتجاه توضيح كيفية جعله أو كونه عاملاً لتفعيل الناس وتفاعلهم مع الأحداث والأوضاع السياسية والتوجيه السليم للمقترحات ضمانا لأن يكون لهم دورهم في العملية الديمقراطية ما أوجد الأختلاف القائم بين الأعلام أو العمل الصحفي المهني وبين أستخدام شبكات التواصل الأجتماعي مثل(الفيس بوك والتويتر) حيث بأمكان أي مواطن و متى ماشاء، أن ينشر مواده ومواضيعه على موقعه الشخصي، وفي هذه الحالة، حيث مكنت التكنولوجيا الحديثة جميع المواطنين العاديين من أن يحظى أويقتني ليس فقط المستلزمات الصحفية التقليدية مثل الكاميرات و أجهزة التسجيل) فحسب بل وتتوفر له فضلا عن جهازه اللابتوب مستلزمات مؤسسة صحفية كاملة وعلى جميع المستويات(المرئية والمسموعة والمقروة) وفي هذه الحالة، حيث يتمكن كل مواطن من أداء العمل الصحفي التقليدي، فأن لم تختلف نتاجات الصحفي التقليدي عن نتاجات المواطن الذي ينشر لوحده ويبث المعلومات ، فلن يكون هناك أي فارق بينهما لذا فأن الأهم هنا هو التمييز بين حالتين مهمتين:
1- إن أستخدام تكنولوجيا الأتصالات ونشر المواضيع من قبل المواطنين على الشبكات الأجتماعية، وإن أوجد تحولاً كبيراً في مجال ايصال المعلومات، غير أن هذا العمل والأداء يختلف تماماً عن العمل الصحفي المهني ويتجسد ذلك الأختلاف في أن المواطن يقدم على هذا العمل فقط لأيصال معلوماته وآرائه ووجهات نظره الى الآخرين.
2- وتزامناً مع التطور الكبير الذي حدث في مجال تكنولوجيا المعلومات، فأن مهمة وواجبات الصحفي المهني أو المحترف قد غدت أصعب أي أن الصحفي لا تختصر واجباته في ايصال المعلومات فحسب، بل زادت مهمة أخرى على أعبائه وتتلخص في حث المواطنين على المشاركة في عملية حكم البلاد وان يعي هؤلاء تفاصيل الأحداث والمتغيرات ليتمكنوان أتخاذ قراراتهم بشأنها يؤكد البروفيسور(جان شايفي) المدير التنفيذي لمركز بيو(BEW) للصحافة المدنية في حديث له بعنوان(دور وسائل الأعلام في بناء المجتمع و نشرته لمجلة الألكترونية(وسائل الأعلام والأخلاق): إننا وبهدف بناء مجتمع صحي وسليم نحتاج الى نوع آخر من الصحافة وهي صحافة الناس أو الجماهير أي أن هذا النوع من الصحافة يشجع الناس على المشاركة في بناء العلاقات مع المجتمعات المحلية وتحمل المسؤوليات لمعالجة مختلف المشكلات والقضايا، وفي ذلك ، وبدل أن يأخذ الجمهور مقاعده وينظر الى الأحداث ويؤدون فيها أدوارهم كمشاركين ويتحملون مسؤولية وصيغ معالجة المشكلات...
وتشخص السيدة(جان شيفر) و خلال(6) سنوات من ممارسة مثل هذه الصحافة الجديدة نقطتين مهمتين هما:
1- إذا ما عمدت الصحافة الى أداء مهماتها بصيغ مختلفة فأن الناس أو الجمهور سينفذون هم أيضاً واجباتهم بصورة مختلفة .
2- وإذا ما قمنا بزرع بذور الأبداع في غرف التحرير في الصحافة، فأننا بلا شك سنحصد أفكار الأبداع.

غير أن السؤال الرئيس هنا هو: كيف فكر مركز(pew) في أبداع مسائل أخرى مضافة الى صيغ العمل الصحفي من مثل(العين الساهرة، المهاجم الصعب، المحافظ) ومنها أبداع صيغ جديدة في هذا المدى؟
وتقول البروفيسورة(جان شيفر) جواباً على هذا التساؤل: عندما قرر معهد بيو(pew) فتح مركز خاص لصحافة الناس أو الجمهور أو الشعب فأن فكرتهم هذه، لم تكن من أجل الأهتمام بالصحافة قدر أهتمامهم بمشاركة الناس في خدمة المجتمع. وقد كانت لدى أمناء هذا المعهد تخوفات من أن تتعرض الديمقراطية الى كارثة أي أن يبتعد المواطنون عن المشاركة في عمليات الأقتراع والعمل الطوعي والأسهام الفعال في الحياة اليومية والتعاون العادل والمتكافئ لمعالجة قضايا المجتمع.
وهنا فقد ولدت تلك المخاوف لدى أمناء المعهد المذكور سؤالا مهماً هو: هل أن الصحافة الحرة هي أحدى المسائل المخيفة وهل أن الصحفيين ، ومن خلال تغطية الأخبار والأحداث يتعاملون مع(المشاهد والمستمع والقارئ) وكأن المشاهدة هي صنعه أو خلصة غريبة؟ أم حاولوا أشراك المواطنين، وبشكل فعال، في مجتمعاتهم؟ التي تحكم نفسها بنفسها؟ وقد أخذنا الرد على هذا السؤال نحو أن يعمل فريق(pew) على احتمال أورهان مفاده هل يكون لأداء الصحفيين لأعمالهم بصيغ مختلفة أي تأثير على صيغ عمل المواطنين؟ وهل نتمكن من أختبار بعض الصيغ المختلفة تلك في غرف تحرير الصحافة وصولا لتأثيرات العمل بصيغ متباينة؟ ومدى تأثير التزام الصحفيين بالمبادئ الرئيسة للتدقيق والموضوعية والأستقلالية والعدالة تزامنا مع حاجة المواطن اليهم وقد أظهرت نتائج هذه الأختبارات أن صيغة ممارسة صحافة الناس أو الجمهور قد تحولت الى تلك المساعي التي يبذلها رئيس التحرير و مدير والأخبار بأتجاه أداء أعمالهم بحيث تساعد الناس في الأنتصار على مشاعر الأنطواء والتقاعس.
إن هذا النوع من الصحافة إنما يهدف الى توعية الناس إزاء مجريات الأحداث ليتمكنوا من أتخاذ قراراتهم لخدمة الصالح العام والمشاركة في الحوار و الخدمة العامة وبشكل أدق ممارسة مسؤولياتهم في النظام الديمقراطي، ويعتقد أولئك الذين يعملون في مثل هذه الصحافة أن بالأمكان بناء نظام آخر لتغطية الأحداث والأخبار بشكل يفكر فيه الناس أو يشاركون فيه ، لا أن يكتفوا بالمشاهدة أو مراقبة الأحداث عن بعد.. وفي هذه الحالة فأن الصحفيين الذين يعملون بهذه الصيغة إنما يؤمنون بأن مسؤولياتهم، أزاء الناس هي التي فرضت عليهم مثل هذه الصيغ والممارسات.. أن الشعور بهذه المسؤولية يبعد الصحفي عن أن يؤدي لهم دور المتحدث أو الناطق بل بالعكس من ذلك فأن الصحفي يقف في منطقة محايدة و يحاول أن يسلح المواطنين بالمعلومات الصحية و يضع أمامهم بعض أساليب معالجة المشكلات كمقترح معروض.. وفي هذه الحالة حيث يتولى الصحفي دور توجيه الناس للمشاركة فأنهم لا يتخلون عن المراقبة إلا أن ضمائرهم تكون مرتاحة بأبتعادهم عن أساليب (المهاجم الصلد) وهذا أيضا ما يوسع هوية فكرة الأخبار في هذا الأسلوب من العمل الصحفي.. والأ يكون الخبر فقط عبارة عن طرح المشكلات وأبتعاد الأطراف بعضها عن بعض.. بل أن تعريف الخبر في مثل هذه الحالة هو نقل المعرفة الى المواطنين لذا فأن الصحافة هذه، وكما تهتم بالمشكلات، فأنها تهتم بذات القدر بالأتفاقات وكذلك الحال بالنسبة للأهتمام بالأنتصارات والنجاحات وبالأخفاقات.
لذا فأن تأثير هذه الصيغة على مستوى المجتمع يتسبب في توسيع وتعزيز قدرات المواطنين للتعامل مع المعضلات ويعمل المواطنون أكثر ويشجعوا للمشاركة ، في حالات تلقى المعلومات أثناء تغطية الأخبار والأحداث، ورفع مستويات معلوماتهم أزاء الأحداث والمشكلات السياسية ومقابل ذلك فأن فاعلية الصحافة تزداد أكثر عندما يقترب الصحفي من الجمهور بشكل أكبر.
ويأتي هذا الأقتراب نتيجة تعمق التقارير على المشكلات المجتمع وقضاياه والتي تدفع الصحفي لأن يعثر من جديد على مجتمعه واكتساح قدر كبير من آرائه وتصوراته القديمة، هذا فضلاً عن أن العديد من الأبداعات الجديدة تنبري مع ذلك وتنطلق من غرف تحرير الصحافة ويصار الى أيلاء أهتمام أكبر بمختلف المجالات ويشغل رؤساء التحرير أنفسهم بقضايا أخرى جديدة ويعرضوان أنفسهم للمخاطر من أجلها.
عن هذا المنحى وأهتمام الأعلام بالمعلومات الصحيحة توجهنا بسؤالنا الى البروفيسور(بيتركروس) استاذ الصحافة والأتصالات في جامعة (تنسي) سيما فيما يخص دور الأعلام في المجتمع الديمقراطي وفي تصريح خاص وافى مجلة كولان برأيه قائلاً: إن مهمة الأعلام بالدرجة الأساس هي نشر الحقائق والمعلومات وبشكل يتمكن الناس عن طريق ذلك من بلورة آرائهم ووجهات نظرهم والتي تنسحب في النهاية لصالح العملية الديمقراطية، ووفق فهمنا لفكرة الأعلام فأن على الأخير أن يكون رقيباً على من يتولون الحكم فعلى كل من هو جزء من الحكم أن يخدم المصلحة العامة.
أي انهم يتحملون واجباً أجتماعياً لأداء هذه المهمة, ومن واجبات الأعلام أيضاً أن يتابع ويراقب أداء الحكومة لمهماتها أي أن الأعلام سيكون بمثابة جسر بين الحكومة وبين الناس بصورة عامة، ويهي فرصة سانحة للذين يمارسون الحكم من أقامة علاقات فيما بينهم وبينهم وبين الناس.
هذه في الواقع هي مسألة اساسية في الديمقراطية لأن الكل في الديمقراطية يتمتعون بحصتهم في أبداء تصورهم إزاء صيغ الأداء الحكومي لشؤونهم ما يمنح الأنتقاد الصحفي لصالح الناس أهميته وإذا ما أنتقدت الصحافة، الأمور من زاوية نظر آيديولوجية و سياسية، فأنها في هذه الحالة لا تؤدي واجباتها من وجهة نظر مسؤوليتها الأجتماعية. وقد يكون للأنتقاد أو النقد أثره السلبي على أدارة الديمقراطية و سيرها، وهذا ما يحدث أحياناً في الدول الديمقراطية وهي مسألة تتعلق بأحتراف الصحافة أو الأعلام بل وعلى جميع الأطراف من أصحاب مؤسسات الأعلام والسياسيين و المسؤولين الحكوميين أن يتفهموا جيداً أن يكون الأنتقاد في المجتمع الديمقراطي ونشر المعلومات والأخبار فيه بمنتهى الحرية وبمسوؤلية مقبولة ثم أن مسؤولية الأعلام تكون فقط أزاء الناس وليس أزاء الحكومة والسياسيين، أو أية مؤسسة أخرى وعندما تعمل الصحافة والأعلام بهذا النمط فأنها تنأى بنفسها عن كل السلبيات التي تحدث نتيجة الأنتقاد من منطلقات آيديولوجية و سياسية.

(وسائل الأعلام والمواطن كمراسل صحفي).

لقد شكلت تكنولوجيا أيصال المعلومات صيغة أخرى من التأثير على أيصال المعلومات في المجتمع، ما يبرر سهولة استخدام الموبايل لأيصال المعلومات بين الناس، ويمكن تسميتها ب(الديمقراطية المستحصلة أو المسيطر عليها(democracy Mobil)
عن هذا الأسلوب الحديث والذي يمكن أعتباره ثورة في ايصال المعلومات يشير البروفيسوران الصحفيان (برتراند سكيري ولاري كيمان) الى حصول ثورة كبرى في مجال العمل الأعلامي وذلك يوم 7 تموز 2005 هذا رغم عدم قناعة البعض أن يكون ذلك ثورة لأن ذلك اليوم قد شهد تنفيذ عملية أرهابية في أحد انفاق القطارات بالعاصمة البريطانية لندن حيث لم يكن بمقدور أي صحفي أعتيادي أن يغطى ذلك النبأ بسهولة غير أنه قد تم تسجيل آلاف الصور والأشرطة الحية والأصوات عنها وإيصالها الى وسائل الأعلام والتي شرعت في بثها بأقصى سرعة تلقتها تلك الوسائل عبر الهواتف الخلوية(الموبايل).. ولو تساءلنا من كان هؤلاء المراسلون الذين نقلوا ذلك الحدث لوجدنا أن المواطنين هم كانوا أولئك المراسلين وأدوا بالفعل دور مراسلين صحفيين ولكن السؤال القائم هنا هو : هل كان للمواطنين ، قبل هذا الحدث، أي دور في الأحداث كمراسلين لمؤسسة طوعية؟ بالأمكان هنا الأشارة الى وكالة (اوماي نيوز News ohmay) الكورية الجنوية التي تشكلت عام (2000) كأول تجربة في هذا المجال، ويومها لم يكن هناك سوى 700 مواطن يتعاونون معها كمراسلين غير أن الوكالة عندما احتفلت عام 2007 بنجاحها فأن رئيسها(أو. يون ، هو) قد أعلن: إن لدى وكالة أوماي نيوز اليوم 70 منتسباً فقط وبالمقابل لديها(60) الف مواطن مراسل في (100) دولة يزودوننا بأخر الأخبار بأستمرار.. غير أنه لا بد من التساؤل:
هل أن للمواطن المراسل أية التزامات عند ما يعمل مع وكالة ما؟
هنا نجد أن(أو، يون ، هو) يتحدث عن أخلاق وسلوكيات (المواطن المراسل) قائلا:
1- إن الصحفي المواطن يعمل بروحية وكأن عموم المواطنين هم مراسلون صحفيون وعليهم، حين يقومون بتغطية الخبر، أن يدركوا أنهم مواطنون و يؤدون دور مراسلين صحفيين .
2- إن المواطن الصحفي لا يقدم على نشر أو ايصال معلومات غير صحيحة ولا يكتبها وفق تصوراته واهوائه ووجهات نظره بل أنه ينقل ما يراه فحسب.
3- وأنه لا يغطى الأحداث وألأخبار بلغة خشنة أو رخيصة ولا يهاجم أية شخصية وبأي شكل كان.
4- ويجمع معلوماته بصيغ وطرق مشروعة ويعلم الجهة التي يزودها بالمعلومات والأخبار بمصادرها.
5- ولا يمارس المواطن عمل مراسل صحفي لأغراض أو مكتسبات شخصية .
6- ويعتذر المواطن المراسل عن أية أخطاء أو هفوات يرتكبها ولأي سبب كان و يسارع الى تصحيحها.
إن النقاط التي حددتها وكالة(أوماي نيوز) للمواطن المراسل الصحفي لا تقل أهمية عن المبادئ الأخلاقية للصحفي المحترف أو المهني.. ومع ذلك فقد وجدنا أن أعداد المواطنين المراسلين قد أرتفعت في غضون(7) سنوات من 700 شخص الى(60) الفاً يتوزعون على(100) دولة.
عن المصداقية والدقة في العمل الصحفي سألنا البروفيسور (ريتشارد جون) أستاذ تأريخ الأتصالات في جامعة(كولومبيا) فوافى مجلة كولان برده قائلا:
بأمكان الأعلام أن يكون له دوره في صياغة المشاورات والمناقشات العامة ورفع مستوى الوعي أزاء القضايا المهمة ومراقبة الحكومة وأدائها، و الأعمال والجيش فمهمه الأعلام المسؤول هي التغطية المحايدة والموضوعية للأحداث المهمة واليومية، وهكذا سار الوضع في الولايات المتحدة ليس فقط في مجال الأتصال أو العلاقة بالأعلام التجاري فحسب بل ومع الأعلام العام من تلفزيون وأذاعات عامة ما يبرر حقيقة أن المجتمع الذي يتمتع بأعلام حر و مفتوح يكون أقل فسادا مقارنة بالمجتمعات التي ليس لديها مثل هذا الأعلام، وهي حقيقة مسلم بها من قبل البحوث والدراسات ذات العلاقة بالمعلومات الأجتماعية.. كما أن للأعلام الحر و المفتوح أهميته في تطوير الوضع الأقتصادي وكمثال على ذلك أن المجاعة لم تحدث في المجتمعات ذات الأعلام الحر والمفتوح في الأزمنه المعاصرة لأنها قد أبدت المعلومات الصحيحة واللازمة التي كان من شأنها قطع الطريق أمام حدوث الكوارث..
وبإمكان مختلف وسائل الأعلام في الدول النامية من إذاعة وتلفزيون و صحف وأنترنيت أن يكون لها دورها وتغدو منبرا و منطلقاً لتطوير ثروة أجتماعية للمنظمات طريقاً أو توجهاً للأهتمام بالمجتمع المدني وأسسه مثل الحرية والأنتفاح...
هنا يتضح أن مانوه اليه البروفيسور(ريتشارد) من مصداقية الصحفي وحياديته هو عامل مهم لتقدم المجتمع.. ما حدا بنا، وفي ذات الأتجاه، أن نسأل البروفيسور(روبين مانسيل) أستاذ الأعلام الحديث والأنترنيت في جامعة لندن عن هذه الحقيقة فجاء رده لمجلة كولان: إن الأعلام لا يوجه الحكومة بل يهيئ أرضية مناسبة للحوار وأضاف:
نعم بأمكان الأعلام أن يؤدي هذا الدور غير أنني لا أعتقد أن يكون دور الأعلام توجيه الحكم في المجتمع كما أن وجود مجال مفتوح أمام الأعلام قد يكون سبباً لحدوث أو أجراء الحوار بين الأطراف المختلفة سواء كانت داخل الحكومة أم ضمن مجموعات المجتمع المدني.
وفي ذات الوقت ليس بأمكان الأعلام السيطرة على طبيعة ذلك الحوار، وهذا في الواقع يتوقف على بناء الأعلام وبمعنى آخر من الممكن أن يكون الأعلام في خدمة الحوار الديمقراطي أو أن بأمكانه أن يخلق نوعاً من الأنقسام أو يمارس دوراً في حدوث الخلافات.. هنا في الحقيقة ليس أمامنا نموذج مثالي غير أن الأمور لو ترتبت بشكل يكون الهدف منها تحقيق المزيد من الأنفتاح والموضوعية والتحاور فأن ذلك سيهئ ظروفا مناسبة أمام أعلام ديمقراطي ويتوقف ذلك ايضاً على ذلك البلد و تأريخ المجتمع وبناء المؤسسات فيه بشكل يضمن لها تحقيق هذا الهدف.. ما يؤيد مسألة أنه كلما كان الأعلام مفتوحاً كلما كان أكثر تعاوناً ومساعدة في بناء مؤسسات أكثر ديمقراطية و شفافية.. أي أن الأعلام لا يضمن تحقيق المؤسسات الديمقراطية بل قد يكون من الممكن بناؤه بشكل أكثر تعاوناً وتشجيعاً وأندفاعاً... نعم أنا أدرك أن أمامكم العديد من النماذج المختلفة، النموذج الأمريكي والبريطاني والكندي غير أن الأشكال يكمن في تحديد نوع أي منها يمكن تبنيه محلياً في سياقكم البحثي والعملي هذا.
اي أن ما أشار اليه البروفيسوران المذكوران هو صيغة إدارة العمل الصحفي في أسلوب تعاون المواطنين ومساعدتهم للمشاركة في معالجة المشكلات .. عن هذه المسألة تشير البروفيسورة(أندير الي بريس): أستاذه الأعلام وعلم الأجتماع في جامعة فرجينيا في حديث خاص لمجلة كولان: مسألة آلية العلاقة بين الأعلام وبين المجتمع وتقول:
إن الأعلام برأيي هو مهم للعملية الديمقراطية وفي عدة أوجه فلا شك في أن الأعلام في يومنا هذا هو مصدر للحصول على المعلومات عن العملية السياسية والأقتصادية والمسائل العلمية والسياسية بصورة عامة.
أي أننا لا نتمكن، في حال غياب أعلام حر وديمقراطي، من توفير المعلومات والأخبار للمواطنين وبالتالي يخفق المواطنون في المشاركة في الديمقراطية.. إن على وسائل الأعلام أن تحدد أو تخصص أوقاتا أكثر ومجالات أكبر لمتابعة المسائل المعقدة وسبل حلها.. وأن تتمتع بأكتفاء ذاتي (ماليا) وبرأيي والأمر هكذا أن يكون الأعلاميون أكثر نشاطاً وتفعيل ما لديهم من مستلزمات و أمكانيات وبأنفع السبل وفي ذات الوقت الفات نظر وأنتباه الجماهير لأن الأعلام يحتاج أيضاً الى بيع نتاجاته وتصريفها والأضمن كسب الجماهير عن طريق تحقيق أعمال جيدة ونشطة وفاعلة..
هنا لا بد لنا من الأشارة الى مسألة مهمة وهي أن العالم المعاصر إنما هو بأمسِ الحاجة لأن يعرف صحفية وصحافته بالعالم على أنها صحافة الناس والجماهير ويعمل على مشاركتهم في صنع الأحداث والقرارات ومتابعتها لا أن يكتفي فقط بدور المتفرج لها.
Top