• Wednesday, 24 April 2024
logo

الازمة السورية وردود فعل المجتمع الدولي

الازمة السورية وردود فعل المجتمع الدولي
ترجمة/ بهاءالدين جلال
عقب موقف كل من روسيا و الصين باستخدام حق النقض( الفيتو) لمنع مجلس الامن الدولي من اصدار قرار حاسم ازاء اعمال العنف و القمع التي يمارسها نظام الاسد في سوريا، أُضطر المجتمع الدولي الى البحث عن ايجاد سبيل آخر ليتمكن من اتخاذ قرار من شأنه انقاذ الشعب السوري،الحالة في سوريا اليوم تشبه حالة العراق قبل سقوط نظام صدام حسين في 2003،حيث أُضطر المجتمع الدولي آنذاك الى اتخاذ قرار بهدف اسقاط النظام،ويكاد أن يتكرر السيناريو ذاته الآن،وفي ذلك الحين كان الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش، رغم منع تركيا من فتح جبهة شمالية لعملية تحرير العراق و استياء عدد من دول الاتحاد الاوروبي،قد تمكن بكل جرأة من تشكيل تحالف اختياري (Coalition of the willing) دون الرجوع الى قرار من مجلس الامن الدولي، وبدءعملية تحرير العراق و شعبه من نظام صدام حسين،والآن عندما يتكرر سيناريو العراق لعام 2003 في عام 2012 ضد النظام البعثي السوري،ينتظر عموم العالم من امريكا و الاتحاد الاوروبي و تركيا و غالبية الدول الاعضاء في الجامعة العربية اتخاذ موقف مماثل وعدم القبول بالممارسات القمعية لنظام الاسد ضد الشعب السوري والتدخل في الاوضاع، وللحديث عن هذه المسألة و تداعياتها في الوقت الراهن،سألنا البروفسور مصطفى علوي محمد سيف استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، فتحدث ل(كولان)قائلا ً: (( نعم ،إن الاوضاع الحالية في سوريا تعدّ الاخطر بالمقارنة مع اوضاع الدول الاخرى التي شهدت الثورات،احد الاسباب في الوصول الى هذه المحصلة هو طول المدة،حيث تمر سنة على الاوضاع الحالية في سوريا ولم تنته لحد الآن،كما أن السبب الآخر هو وجود مستوى عال من العنف بالمقارنة مع الدول الاخرى،و بينها ليبيا،لذا فإن طول المدة، مستوى العنف هما معياران،كما أن لظروف سوريا ابعادا أخرى جعلتها تختلف عن غيرها،وتكمن في وجود الاطراف التي لازالت تدعم نظام الاسد،وبالتالي جعلت أزمة سوريا اكثر خطورة بالمقارنة مع مصر و اليمن و ليبيا أو تونس،وهذه ادت الى اطالة أمد الازمة. حيث يُقتل عدد هائل من ابناء الشعب ،لذا نجد أن نتائج الثورة سوف تؤدي الى أن يشهد المجتمع و السياسة في سوريا تحولات أكبر،والاغرب من ذلك هو التعامل الدولي مع الازمة،حيث لم تدرك الدول حتى الآن بأنه لايمكن انتهاء الأزمة سلميا،لذا نرى أنّ المجتمع الدولي قد اتخذ مواقف مختلفة ازاء سوريا، بالمقارنة مع مواقفه بشان ليبيا، السبب هو أن روسيا و الصين هما من الاعضاء الدائميين في مجلس الامن الدولي،ولهما علاقات ايجابية مع سوريا،والاخيرة هي الدولة العربية الوحيدة التي تربطها علاقات ايجابية مع روسيا،و لهذا السبب تعتقد اذاما خسرت سوريا، سوف تواجه روسيا خللا في الحضور والتوازن الدوليين في العالم العربي،وان سوريا هي ملاذها الأخير،كما انها لعبة بين روسيا والصين في مقابل دول أخرى)).
الاسد لايتخلى عن السلطة بسهولة
اذا كانت آراء المراقبين تتحد في حقيقة واحدة و مفادها أنّ الاسد لايتخلى عن السلطة بسهولة،كما اشار اليه وزير الخارجية التركي داود أوغلو بقوله انّ الأسد يقلّد ميلوسوفيج، فأن الواقع يشير بجلاء الى أن المصير النهائي للاسد هو المثول أمام محكمة جرائم الحرب الدولية،ولكن سوريا تشهد اوضاعا دموية في هذه المرحلة،وحول هذا الجانب يقول البروفسور جوشو لانديز استاذ السياسة و رئيسمركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما و المتخصص في السياسة السورية، يقول: (( لأن بشار ألاسد يريد ادارة حكم بلاده على ذات النهج الذي سار عليه صدام حسين في الماضي،وكذلك المجتمع الدولي تعبّر بكل وضوح أنه لايريد التدخل في سوريا كما فعل في العراق و ليبيا،ولكن من المحتمل أن يقوم بتسليح المعارضة السورية،من غير ارسال الطائرات الحربية لقصف الجيش السوري،لذا فإننا نفهم من ذلك أن الاسد لايتخلى عن السلطة سلميا،ولو انتهجت سوريا نهج العراق و لبنان و فلسطين،فإن تهدئة الاوضاع من حيث تشكيل حكومة جديدة و انهاء الحرب واعادة الاستقرار الى سوريا قد تستغرق سنوات عدة،وهذا يعني طريقا مليئا بالمخاطر و المهالك،لذا اتوقع أن يواصل الاسد القتال، ولهذا السبب اعتقد أنه من الضروري ان تتحول المعارضة السورية الى قوة مقاتلة،أي تكون لها قيادة موحدة ولها القدرة على اسقاط النظام،وهذا أمر صعب جدا،لان امريكا هي التي اسقطت نظام صدام حسين في العراق وليست المعارضة العراقية،مع أن عملية تسليح المعارضة السورية قد بدأت الآن و السعودية و تركيا و لبنان ارسلت اليها مساعدات مالية و اسلحة كثيرة بهدف تطوير ادائها القتالي،وانها تمكنت رغم تشكيلتها العسكرية المتواضعة من زعزعة اوضاع النظام و السيطرة على منطقة كبيرة في البلاد،صحيح أن هذه العملية ليست مستمرة، الآ أنه من الواضح أن الحكومة تبدو ضعيفة، كما نرى أن هناك من يتسلل الحدود السورية، الصحفيون،المسلحون الاجانب،والنظام عاجز عن وضع حد لدخول المساعدات المالية و الاسلحة الى البلاد)).
يؤكد جوشو لانديز بصراحة على أنّ الاوضاع في سوريا تتجه نحو الاسوء،وهذا يعني أن الاوضاع المعيشية للمواطنين هي الاخرى تسوء يوما بعد يوم و النظام السوري يفرض الحصار على المناطق المتأزمة أو التي تخرج عن سيطرتها،ولذلك لايمكن التكهن بتهدئة الاوضاع من غير سقوط النظام، وحول هذا الجانب يواصل البروفسور مصطفى علوي حديثه ل(كولان) قائلا: ((تخلي الاسد عن النظام ليس احتمالا قويا،من غير أن تكون له نتائج و تداعيات في المستقبل،لآن مافعله الاسد مع شعبه تجاوز الحدود ولايمكن لغالبية الشعب القبول به،ومن الصعب ايضا الموافقة على المقترح الروسي والتخلي عن السلطة سلميا،لذا من المتوقع ان يُطاح بنظام الاسد عن طريق استخدام القوة،كما ان سقوطه سوف يكون له تأثير كبير و قوي،لان سوريا ليست ليبيا،الموقع الجغرافي والاهمية الستراتيجية لسوريا كطرف رئيس للصراع العربي- الاسرائيلي منحتها اهمية كبيرة على الصعيد السياسي، و كانت سوريا دائما طرفا رئيسا في اي مسألة تتعلق بالعرب و بالذات في منطقة الشام القريبة من نقطة الصراع العربي- الاسرائيلي،وهذا يعني أن سقوط نظام الاسد سوف يكون له تأثير اكبر بالمقارنة مع تونس أو ليبيا)).
اذاً تتجه الاحداث الان نحو المواجهة،وكل المراقبين يتوقعون اندلاع القتال في سوريا،وحول هذه المواجهة اكد جوشو لانديز ل(كولان) : (من الضروري مواجهة جيش الاسد،ومن المؤكد أن الاتجاه الان هو نحو اندلاع الحرب الطائفية والمعارضة السنّية تطلب من السنة العاملين في المؤسسات الحكومية الى محاربة الحكومة،وهذا يعتبرتحولاً بأتجاه القتال بين العلويين و السنّة،كما في العراق حيث استمرت العملية لمدة سنتين تلتها اندلاع الحرب الاهلية، وهذا يعني أن الحرب لم تبدأ هناك قبل قيام الزرقاوي بتفجير جامع العسكريين،وبعدها تصاعدت اعمال العنف ، اعتقد مانراه اليوم في سوريا هو البداية،حيث ينشق السنّة عن الحكومة ثم يزداد الوضع تعقيداً وبالتالي يؤدي الى اضعاف النظام السوري،ولذلك أنا غير متفائل من اصدار القرارات الدولية حول الوضع في سوريا،كما اعتقد أن غالبية القوى الخارجية توصلت الى نتيجة أنه بمرور الوقت سوف تنجح المعارضة السورية و يسقط النظام ،من جانب آخر اعلنت وزارة الخارجية الامريكية أن ألاسد هو شخص ميت و يمشي على رجليه! أما وزير الدفاع الاسرئيلي ايهود باراك فقد اعلن أنّ النظام السوري سوف يسقط في غضون اسبوعين،فيما أكد رئيس الاخوان المسلمين في سوريا أنه يتلاشى في مدة ثلاثة أشهر،ومعظم القادة والرؤساء في دول العالم يتوقعون نهاية النظام خلال شهر واحد،لاأعتقد أن هذه التوقعات صحيحة،ولكني على قناعة تامة بأنه ينتظر نهاية محتومة وسيسقط من غير التدخل الدولي في الحرب الاهلية من خلال ارسال مساعدات مالية او اسلحة للمعارضة السورية،ولكنها على عكس ما فعلته في العراق أو ليبيا لاتقوم بأرسال الطائرات أو القوات العسكرية لاسقاط نظام الأسد،، من جهة اخرى يشير برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري الى أنّ بلاده لاتدخل الحرب مع اسرائيل ولاتتخذ وسائل العنف و المقاومة لأعادة مرتفعات الجولان،وهذا هو تحول كبير في المنطقة و تصريح ايجابي لتقليل حدة المخاوف التي تقلق البعض بشأن مستقبل سوريا)).
Top