• Friday, 29 March 2024
logo

الاسد يقلّد ميلوسوفيج..ومجلس الأمن عاجزعن اصدارأي قرار

الاسد يقلّد ميلوسوفيج..ومجلس الأمن عاجزعن اصدارأي قرار
ترجمة / بهاءالدين جلال


أشار احمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي في محاضرة القاها في معهد الدراسات الستراتيجية الدولية بواشنطن الى أن بلاده ترغب في تخلي بشار الأسد عن السلطة سلمياً مثلما فعل ذلك غورباجوف،ولكنه يبدو أنه يريد تقليد الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسوفيج،إنّ قول اوغلو يشير في احد جوانبه الى النهاية المأساوية التي ينتظرها نظام الأسد،وفي جانبه الآخر اشارة الى المآسي التي تواجه ابناء الشعب السوري في الوقت الحاضر، ويُتوقّع من هذا النظام أن لايتورع في فعل كل شيء وفي ارتكاب المجازر ضد شعبه،ان هذه الحالة دليل على أن نظام الأسد يستمر في فعلته هذه على اتجاهين:
1- نظام الأسد،نظام بعثي،وقد بُني على أسس سيطرة الامن و المخابرات ، كما أن مصير معظم قادة الجيش مرهون بالنظام، لذا من المحتمل حدوث انشقاق أو تمرّد داخل صفوف الجيش، ولكن من الصعب جداً حدوث انشقاق داخل أجهزتي الأمن و المخابرات لانهما تحت سيطرة النظام مباشرة كما كان لدى النظام البعثي في العراق.
2- خصوصية اخرى لنظام الأسد والنظام البعثي البائد في العراق هي أنهما نظامين قوميين متطرفين،و يلتقيان في هذه النقطة مع نظام سلوبودان ميلوسوفيج،لأنه حصل على اصوات الناخبين و تسلم مهام الرئاسة في صربيا بسبب تطرفه القومي،ولكن روسيا ساندتْ ميلوسوفيج بكل جدية،كما تساند الآن نظام الأسد،لذا نرى أنّ دعم روسيا و الصين لميلوسوفيج لم يؤد فقط الى ارتكابه جرائم الابادة الجماعية في كوسوفو، وإنما اللجوء الى هتك اعراض حرائرها ومن هذا المنطلق ،عندما يرى الأسد حق النقض الذي مارسه كل من الصين وروسيافي مجلس الأمن،شجّعه على ممارسة كل الجرائم،وكما نوه اليه عاهل السعودية الملك عبدالله(نحن الآن في زمن حساس جداً،وللأسف ماحدث في الامم المتحدة لم يكن جيداً،كنا نتطلع الى هذه المنظمة من اجل لم شملنا وليس لتفريق صفوفنا) واذا كان الملك عبدالله قد يأس من الامم المتحدة الى هذا الحد،فأنه يجب التفكير في ايجاد خيار آخر لوقف العنف و سفك الدماء في سورية ووضع حد لنظام الأسد،وحتماً أن هذا الخيار ليس سهلاً،ولكنه ليس مستحيلاً،لأن الامم المتحدة لم تستطع حتى في وقت سابق من اتخاذ مواقف مناسبة ازاء مسائل أخرى،وعلى سبيل المثال إنها لم تستطع اصدار اي قرار ابان عملية تحرير العراق حيث تم بعدها تشكيل تحالف بأسم(تحالف اختياري)وهذا يعني تحالفاً بين الدول التي كانت تعتبر بقاء نظام صدام حسين خطراً على السلام و الأمن العالميين،لذا فمن الضروري الأن ايجاد محاولات على الأقل من قبل الدول الصديقة لسورية والاقرار خارج مجلس الأمن،ولكن العامل الرئيس لتهيئة الاجواء في اصدار القرار،هو جيران سورية،لذا فإنّ السؤال يثير الشكوك في هذه الحالة، كيف يكون موقف الدول الجارة لسورية وبالأخص العراق و تركيا؟


الصمت العالمي ازاء العنف في سورية
اعمال العنف وعدم مبالاة نظام الاسد تكاد تصل الى حد الابادة الجماعية،الايادي الحديدية للنظام التي تتصدى للشعب، مهما تكون قوية فإنها لاتستطيع كبح جماح الشعب،ولكن مايؤسف له هو أنّ العالم يدرك جيداً ما يحدث من ابادة جماعية في سورية والمجتمع الدولي لايسمح بوضع حد لها،وحول تصاعد وتيرة اعمال العنف في سورية،سألنا الدكتورة هنادي السمّان استاذة انتروبولوجيا في جامعة اينديا، وقد عبّرت عن رأيها الى كولان قائلة: (لعدم وجود أي قوة رادعة، فإنّ نظام الأسد يفعل ما يشاء،وكذلك بسبب استخدام روسيا و الصين حق النقض"الفيتو" فإنّ المجتمع الدولي فشل في القيام بمهامه و دوره ازاء الشعب السوري،لذا أعتقد أن احسن خيار في الوقت الحاضر هو الحوار بشأن ايجاد مخرج سلمي للمسألة، وعلينا أنْ نضع في الاعتبار أنّ آلاف الأشخاص يُقتلون يومياً وحقاً أنّْ الاوضاع تتطلب حلاً سريعاً،وللأسف لاأعتقد أن بأمكان أي طرف التدخل العسكري في هذا الشأن،لأن معظم الدول الآن بصدد اجراء الأنتخابات و تعيش في ظروف اقتصادية و سياسية صعبة،ولا نجد الرغبة لدى أي دولة في التدخل العسكري،كما ينبغي أنْ لاننسى أنّ سورية تفتقرالى النفط،ولهذا فالوضع في سورية يختلف عن وضع ليبيا،والشعب السوري يعوّض انعدام النفط بأصراره على التضحية بدماء أبنائه،أملاً في تحقيق أحلامهم في ارساء دعائم الديمقراطية)).
ما أشارتْ اليه السيدة هنادي تتسم بنوع من التشاؤم،وفي الاطار ذاته سألنا الاكاديمية و السياسية نعومي جازان متحدثة عن الاوضاع في سورية قائلة: ((من الواضح أن الاوضاع في سورية تتأزم يوماً بعد يوم و تتصاعد وتيرة انتهاكات حقوق الانسان الى جانب توسيع رقعة القتال في المدن، أنا أعتقد أنّْ نظام الأسد فقدتْ شرعيته الكاملة،وما بقي هو أنه نظام عسكري فقط، ولو تأملنا الاوضاع بشكل واقعي لوجدنا أنّ على القوى الديمقراطية العمل و الاجتماع معاً لأيجاد بديل للنظام الحالي،والتركيزعلى اسقاطه وليس البديل عنه هو الجزء منه، والمقصود من البديل هو نظام ديمقراطي و حر و عادل، تنال في ظله كل الاطراف حقوقها المشروعة)).
احتمالات مابعد قرار الأمم المتحدة
بدأ العالم الآن ييأس من الأمم المتحدة خاصة بعد أن إستخدمت روسيا و الصين حق النقض(فيتو)،وحول هذا الموضوع توجهنا بسؤال الى عدي سومر المراقب و المحلل السياسي،عبّر عن رأيه ل(كولان) قائلاً:
((التوقعات بأسقاط نظام الأسد ليست سهلة،وحتماً أن هناك اختلافاً بين "مصر" و"سورية"ومع الدول الأخرى،اذن لانستطيع قياس ذلك على أساس تجارب أخرى،لذا فالتوقعات في غاية الصعوبة لأن الكثير يعتقد أنّ النظام كان يجب أن يسقط منذ فترة ولكن مر عام على بدء الأزمة و النظام لايزال قائماً، وقد قُتل الالاف من المواطنين حتى اليوم،وعلى سبيل المثال لم يكن يتوقع أحد أنّْ نظام حسني مبارك يسقط مبكراً،ومن الواضح أنّهم لن يبقوا صامتين ازاء نظام الأسد،لأن الجميع يشيرون الى مابعد الأسد،نشر "توماس فريدمان" مقالاً في "نيويورك تايمز" يدعو فيه بكل صراحة روسيا و الدول التي تؤيد نظام الأسد الى تغيير مواقفها،ويشير ايضاً الى أنّ الشعب السوري يتطلع الى اسقاط نظام الأسد ويرفع العلم السوري السابق الذي كان مرفوعاً قبل حكم نظام حافظ الأسد،لذا فإنّ الاوضاع الآن تتجه نحو الحرب الأهلية،وبدون شك فإنّ الحرب الأهلية طويلة المدى تعتبر عاملاَ مهماَ في افشال الدولة سيما أن غالبية الاجهزة و المؤسسات الحكومية هي تحت سيطرة العلويين،ومَنْ يأتي بعدهم الى السلطة سوف تكون أمامه مهمات كثيرة،خاصة البنى التحتية التي هي عملية صعبة جداً،لذا فأن افشال الدولة يتطلب دعماً قوياً من المجتمع الدولي للشعب السوري للوصول الى السلطة وبناء الديمقراطية ، واعتقد أنّ بأمكان المجتمع الدولي دعم "المعارضة السورية"، والضغط على النظام للتخلي عن اضطهاد الشعب كنظام عسكري كما أشرتُ اليه منْ قبل)).المراقب و المحلل السياسي عدي سومر يؤكد على التدخل الدولي ويعتقد أنه آن الأوان لتغييرالمواقف،ومرة اخرى سألنا السيدة هنادي السمان: الى أين تتجه الاوضاع بعد تغيير المواقف الدولية؟وفي اطار حديثها ل"كولان" قالتْ:على الشعوب جميعاً التعاطف مع الشعب السوري، وللأسف فإنّ سورية أصبحت ضحية لمصالح القوى العظمى، نجد أنّ روسيا و الصين و ايران وحتى تركيا تطلق تصريحات مختلفة وتدعم طرف من الاطراف سواء النظام أوالشعب،ولكن كلها لاتهتم بمصالح الشعب السوري،بل بمصالحها السياسية فقط،وذلك لأهمية الجغرافية السياسية لسورية،لذا فالأمل الوحيد هو التدخل الدولي من اجل ايقاف حمامات الدم فيها،و من المحتمل عدم موافقة بعض الاطراف في المعارضة على هذا المقترح،بالرغم من أنني لاأتحدثُ بأسم المعارضة بل كمراقب سياسي خارجي،وبأعتقادي هذا هو الخيار الوحيد اذا ما تخلى عن السلطة سلمياً وسوف تكون بداية لعملية ديمقراطية،وبدون شك كان لسورية دائماً موقع جغرافي سياسي وسوف تظل كما هي،واذا ماطرأتْ بعض التغييرات الأولية يتحتم على جميع الاطراف التكّيف معها وبينها الشعب السوري و شعوب المنطقة)).
Top