• Friday, 26 April 2024
logo

الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع الديمقراطي

الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع الديمقراطي
ترجمة: دارا صديق نورجان




الأحزاب السياسية، وإن اختلفت هيكلها التنظيمي وأحجامها ومبادؤها وطرق عملها، إلا أنها ضرورية للنظام الديمقراطي ولا وجود لها بدون تلك الأحزاب... وتكمن أهميتها في كونها تؤدي الدور المهم بين الناخبين وبين الدولة وتساعدهم وتمكنهم من الأدلاء بأصواتهم وأختيار مندوبينهم والتعريف الشائع والأمثل للحزب هو يجب أن يكون على استعداد للمنافسة على الساحة السياسية ضماناً لفوز مرشحيه في الأنتخابات غير أن مهمات الأحزاب بصورة أشمل هي أوسع وتضم العديد من المناحي مع حقيقة أنه لا يشترط على كل الأحزاب أن تؤدي ذات ألأدوار وبذات المستوى من الفاعلية.. ورغم أداء الأحزاب السياسية ككل تلك الأدوار في المجتمع، لكن عليها، ولضمان عدم تراجع العملية الديمقراطية داخل المجتمع بشكل باهت وضبابي ، فإن على الأحزاب أن تكون في شأنها الداخلي ديمقراطية وشفافة وتنظم علاقات جيدة بين قياداتها وبين القاعدة الأدنى.
أندراس بوزاك



البروفيسور أندراس بوزاك، وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأوروبية المركزية في بودابست يرى في بحث قيم أجراء بعنوان الأحزاب السياسية وآفاق الديمقراطية.
(Political Parties and The).
Prospects for Democrac ورغم أنه يقيم الأحزاب السياسية في بحثه بأنها عنصر رئيس لبناء الديمقراطية في المجتمع و يواجهها بتلك الواجبات المهمة، غير أنه اشترط وينوه الى أنه وضماناً لعدم تعرض الديمقراطية لأية معضلات أو تراجع، فأن الأمر يتم أن تكون الأحزاب السياسية في حياتها التنظيمية الداخلية ديمقراطية وشفافة من جهة وأقامة علاقات ديمقراطية بين القيادة وبين أعضائها وفي ذلك فقد يحدد البروفيسور آندراس الواجبات والمهمات الواسعة التي تؤديها الأحزاب في المجتمع الديمقراطي كالآتي.
1- الحزب يؤدي دوراً مهماً في تحديد وتشخيص النخب السياسية كمرشحين للأنتخابات وأشغال الحقائب الحكومية..
2- وله دور مهم في تشكيل الحكومة ومساندتها وصياغة سياستها وبرامجها.
3- ويؤدي دور تنظيم جميع افراد المجتمع في سياق الحملات الأنتخابية او بالأحرى جميع الأفراد حول المصالح العامة للمجتمع.
4- يوفر الحزب، في اطار تشخيص المصالح العامة وجمع الأصوات لتلك لمصالح، يوفر الشرعية للنظام السياسي.
ومع كل تلك المهمات فأن آندراس يشير الى أن أي حزب معين لا يمثل عموم افراد المجتمع.. فبعودة الى مصطلح اسم الحزب(Part)والذي يفرز كلمة(Party) أي جزء فأن ذلك مفاده أنه يمثل قسماً أو جانباً من المجتمع ويؤشر التعددية الحزبية في المجتمع أنها بمجموعها تمثل المجتمع.. وللوقوف أكثر على أهمية الأحزاب السياسية سألنا البروفيسور(لويس ديفيدسن) استاذ العلوم السياسية في جامعة ميامي فحدثنا عبر تقرير(كولان) هذا قائلاً:
هناك عدة أسباب تتعلق بأهمية الأحزاب السياسية الأول هو أنها تقوم بايصال رسالة و مطاليب المواطنين الى السلطات في الدولة وهذا ما يبرر أن المواطن يصوت للجهة التي توافق مطاليبه وتطلعاته وأن يمارس ذلك الحزب الضغط على السلطة لمعالجة الجوانب أو المسائل التي يهتم بها المواطن... وبرأيي يضيف(ديفيدسن).
أن أهم واجبات الأحزاب السياسية هي أنها توفر البدائل أمام المواطنين، فنحن لدينا في الولايات المتحدة الأمريكية حزبان رئيسان وبصورة عامة، في هذه الحالة، أمام المواطن الأمريكي خياران إما أسود أو ابيض وهي مسألة ذات وجهين في عموم الحالات وفي ألمانيا، حيث درست، هناك العديد من الأحزاب السياسية القوية وعندما يفكر المواطن في مسالة الأنتخاب وغيرها، إنما يجد أمامه عدة خيارات وفرص ومديات زمنية ليتمعن في المسائل من عدة زوايا.. لذا فأنني أرى أنه كلما زاد عدد الأحزاب السياسية فأن ذلك يوفر فرصاً أكبر أمام المواطنين لتقييم المسائل من جميع وجوهها.. والجانب الآخر الأهمية الأحزاب السياسية هو أنها تختار قادة المستقبل وتؤمن نوعاً من الثبات والأستمرارية السياسية للحكم وصيغه... كما أن الحزب السياسي هو أهم بكثير من أي شخص في المجتمع،، لأن كل حزب سياسي هو يتحكم في جملة تصورات ووجهات نظر ومبادئ وبرامج وسياسات ويعمل من أجل ايصال مرشحيه الى الحكم ومراعاة برامجه و سياساته، ويؤكد في ذات الوقت في صياغة نوع أو قبضة من السياسات أو الأحتمالات تؤمن له انسيابية ايجاد بديل مهم ومؤهل لأي قائد قد يتعرض للمرض أو يتوفى ويتصف ذات الفكر والعوامل والبرامج والسياسات التي كان يتصف بها سلفه.. لذا أؤكد بأن المسألة ليست متعلقة بشخص معين بل متعلقة أكثر بالبرامج والسياسات.. لذا فأننا لو أمعنا النظر في التنظيمات الديمقراطية السائدة في الدول الغربية لوجدنا أن انبثاق الأحزاب السياسية هو نتاج التقسيم داخل المجتمعات ونجد في بعض الدول أن مجتمعاتها قد أنقسمت أو تكونت من طبقتين، مجموعة أولى هي ليست جيدة، أو ذات إمكانيات اقتصادية وتعيش في أوضاع معاشية صعبة فيما هناك مجموعة آخرى تعيش في أوضاع حياتية ذات مستويات عالية أقتصادياً وفي النتيجة فأن الملاحظ أن الأحزاب السياسية تنبثق في خضم ذلك الأختلاف الطبقي وأن هناك أحزاباً تنبثق في اتجاه الأصلاح الأقتصادي وتدعو الى أتباع الأصلاح و الى التمسك أكثر بالدين وقيمة وكمثال على ذلك نجد أن هناك في أوروبا العديد من الأحزاب الديمقراطية المسيحية التي تؤكد أكثر على تأريخ الكنيسة الكاثوليكية الى جانب أحزاب سياسية علمانية لا تؤيد وجود أي دور للكنيسة في إدارة شؤون البلاد.
في هذا الأطار ايضاً فقد وجهنا السؤال الى البروفيسور(كيس ريتشارد)، من جامعة(دبلن) حول أهمية الأحزاب السياسية فكان رده لمجلة (كولان) كالآتي: أنت في الحقيقة بحاجة الى(حكم) بين تطلعات الناس وبين السياسة وأن الحزاب السياسية هي طريقة عملية لتمثيل السياسة والحكومة وبعكسه فأنك لن تجد أية مؤسسة تهتم بمجال السلطة التشريعية لذا فأن الأمر يحتم على الأحزاب السياسية، وقبل كل شئ أن تطور سياسة تصاغ على جملة من المصالح الثابتة للجميع وأورد مثال: لو كان العمال مكوناً مهما في المجتمع:
فأن بالأمكان تشكيل حزب يهتم بهذه الشريحة ، وكذكك الحال لو رغبنا في إقامة(حزب أخضر) فالأمر يتطلب وجود جمهور يساند هذه الخطوة.. ولا يمكن أتباع أي نظام مؤسساتي داخل الأحزاب بغياب قاعدة مستمرة من الأعضاء أو وجود معضلة يرغب الأعضاء في تمثيلها عليه فأن على الأحزاب أن تؤدي دوراً ريادياً..
وأن يكون لها في الأنتخابات مستوى جيد من المشاركة والناخبين وتمثيل جيد في الحكومة، ومن الأهمية ايضاً فسح المجال أمام المواطنين من الراغبين في أداء هذا الواجب(في البرلمان والحكومة) للمشاركة في عملية صنع القرار للأحزاب السياسية..)
لقد كانت هذه المقدمة ضرورية لفهم سبل عمل الأحزاب السياسية داخل العملية السياسية في المجتمع المدني وتنويه الى طرق عقدا مؤتمراتها وآلية انتخاب أعضاء المؤتمر ومن ثم انتخاب قيادة الحزب داخل المؤتمر.
فيما تشير البروفيسورة( انكريد فان بيزن) من جامعة(بيرمنكهام) في بحث معنون How Political Parties Shape
أي كيف تحدد الأحزاب السياسية صيغ الديمقراطية(Democracy)و تشير الى أشكالية تصورات مختلفة للأحزاب السياسية وتقول:
إن الأختلاف في دور الأحزاب السياسية في النظام الديمقراطي مرتبط بالتحولات الفكرية التي تحدث داخل تلك الأحزاب وبصدد اعتبار الأحزاب السياسية لضرورة وجود المؤسسات الديمقراطية أم انها فقط تفكر في احزابها ولا تعير مؤسسات النظام الديمقراطي أية أهمية.؟ وتعتبر السيدة أنكريد ذلك بداية لتحولات الحزب اي تحول الحزب من مجموعة منغلقة خاصة الى أحزاب سياسي يهتم كمؤسسة، بالسياسة العامة للمجتمع وتعزيز المؤسسات الديمقراطية.
هذه في الواقع أشارة صريحة الى أن الحزب، لو أهتم فقط بشؤونه الحزبية و دون الأهتمام بالمؤسسات القائمة داخل النظام الديمقراطي، فأنه ، لن يكون ذلك الحزب السياسي الذي يخطى بفاعلية جيدة وتأثير مباشر عن مجموعة أشخاص ذوي توجه خاص ليس إلا..
إلا أن السؤال الوارد هنا هو: هل يوجد داخل المجتمعات الديمقراطية الغربية التي سماها المفكر العالمي(هنكتن) الموجة الثالثة للديمقراطية.
أي الدول التي بدأت بالعملية البناء الديمقراطي عقب هدم وسقوط جدار برلين، هل يوجد أي توازن مستقر داخل الأحزاب والمؤسسات الديمقراطية أو البناء الديمقراطي في المجتمع؟ في سياق الأجابة على هذا التساؤل فأن غالبية الخبراء والمختصين في مجال دور الأحزاب في المجتمعات الديمقراطية يشيرون الى إن العلماء مازالوا مصممين على أن الحزب هو متطلب لبناء الديمقراطية ولا يمكن الأستغناء عنه.
غير أن الأشكالية هنا في العديد من الحالات تكمن في أن أداء الأحزاب السياسية في التمثيل ليس بالمستوى الذي يمكنها من خدمة العملية الديمقراطية ما أوجد حالة تسير فيها المناقشات والبحوث نحوا هل هناك ضرورة لوجود الأحزاب وهذا يعني بصراحة أن المسألة لا تتعلق بضرورة وجود الأحزاب من عدمه كمؤسسة أو عنصر فعال و رئيس في البناء الديمقراطي و مساندة المؤسسات الديمقراطية للمجتمع، بل يكمن الموضوع في مسألة: هل أداء الأحزاب هو بمستوى خدمة وتطوير البناء الديمقراطي وتصبح مساندا للمؤسسات الديمقراطية؟
وإنطلاقاً من هذه الحقائق وعندما نقارن بين مهمات وأداء الأحزاب في الغرب والشرق على مستوى العالم بشكل عام وعلى مستوى شرق أوروبا و وسطها وغربها بشكل خاص، نجد أن أداء الأحزاب الشرقية في مسألة بناء الوعي والثقافة الديمقراطية في المجتمع هو ليس بمستوى يمكنه من خدمة المؤسسات الديمقراطية أو تكون بوابة لبناء تلك المؤسسات، غير أن اداء الأحزاب السياسية في الغرب هو بشكل آخر، وفي حال أوروبا الغربية وبالمقارنة مع وسط اوروبا وشرقها أو المقارنة بين الديمقراطية في أوروبا الغربية وفي دول ما بعد الشيوعية وكما لخصها البروفيسور(آندراس بوزاك) أجمالاً يشير فيها بصراحة الى أن الفرق بين الأحزاب في أوروبا الغربية وبين مثيلاتها في الدول الشيوعية سابقاً هو: أن أعداد أعضاء الأحزاب في أوروبا الغربية هي في تناقص سنوي مستمر والتي تقدر في اوروبا الغربية بشكل عام ب 50% منهم غير أن أعداد الأعضاء هي في تزايد مستمر في دول المنظومة الشيوعية السابقة والأهم من ذلك هو أن ذلك التزايد، والتناقص في اعداد أعضاء تلك الأحزاب لا يكون عادة دليلاً على تناقص فرص المشاركة في العملية الديمقراطية ولا زيادة نسبة المشاركة فيها، وفي العملية المذكورة بعمومها.
عن هذا الموضوع والنظام الحزبي في الغرب سألنا البروفيسور(نيكولاس ميلر) استاذ العلوم السياسية في جامعة ميريلاند فأجاب التقرير بأجابته الآتية:
لو نظرنا في تأريخ أوروبا الشرقية للسنوات ال(20) الماضية والتي كانت تحت نفوذ الأتحاد السوفيتي السابق لوجدناها قد حثت الخطوات نحو الديمقراطية وكان للنظام الحزبي هناك دوره المساعد في تأهيل الناس وإعدادهم توعيتهم حول سبل العمل الديمقراطي، ورغم أن الأنتخابات تجري هناك منذ تسعينيات القرن الماضي، غير أن النظام الحزبي لم ينظم فيها بشكل مؤسساتي وكمثال على ذلك أقول يصار هناك، وبشكل
اسرع الى تشكيل الأحزاب الجديدة منها في دول أوروبا الغربية... وهي الدول التي لا أتوقع لها أن يتغير فيها النظام الحزبي بالصورة التي وردت في سؤالكم فقد كان الخبراء السياسيون ولفترات تتراوح بين40-60 سنة قبل الآن يؤكدون على ثبات الخطوط السياسية)، أي أنه لم تكن لتحصل تغيرات جوهرية وأساسية في مسألة مساندة الأحزاب السياسية بين أنتخابات وأخرى.. غير أن الملاحظ في دول أوروبا الغربية هو حدوث تغييرات في هذا الجانب، كما أن الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية تجري انتخابات أولية تواصلا تقاليد تعود الى ما يقارب ال(100) عام، وهي بالذات تلك الحالة في مشاركة أوسع للمواطنين لأنتخابات مرشحي الأحزاب السياسية، صحيح أن هذه الحالة تخص الولايات المتحدة أكثر من غيرها، غير أن معلوماتي تؤكد أنه قد جرت في بعض الدول نوع من الأنتخابات من قبل الأحزاب السياسية الا أنها تختلف كثيراً عما يجري في الولايات المتحدة لأن الأحزاب السياسية في دول أوروبا الشرقية تحتكم أعداداً كبيرا من الأعضاء ويدفعون الأشتراكات الى أحزابهم بأستمرار ولديهم بطاقات أشتراكهم وعضويتهم فيها ويشتركون أكثر في تلك الأنتخابات ما يجعلني أتردد في قول أن نظاماً معيناً هو أفضل من بقية الأنظمة التي لكل منها معطياته وفق طبيعة المجتمع والمؤسسات الحكومية ونظام الأنتخابات في البلاد أي أنها تتعلق بمجملها بالسياق الأجتماعي والسياسي والدستوري لتلك البلاد.
ما أشار اليه البروفيسور(نيكولاس ميللر) خاص بالمجتمعات المختلفة إزاء العمل الحزبي السياسي، ما يدفع توجهات الأفكار لتنوه الى أن أساليب مشاركة المواطنين أو الأفراد في المجتمع قد تغيرت في العملية السياسية، وهذا يعني أنه و بدلاً من أن يستوجب الوضع ويحتم أن يكون الأفراد أعضاء في الحزب للمشاركة في العملية السياسية فإن كوادر الحزب الفاعلة هم الذين يديرون المسائل السياسية داخل المجتمع وينظمونها ويؤهلون المواطنين في توعيتهم وحثهم على المشاركة في تلك المسالة السياسية وسوا كان ذلك عن طريق جميع التواقيع أم بمقاطعة عملية معينة أم بالتخلى عن أقتناء وأستخدام نوع معين من السلع، وهذا ما يشكل نوعاً من التخفيف عن اعباء الحزب ذلك وبدلاً من أن يخصص مبالغ كبيرة لحملات الأنتخابات إنما يعتمد على كوادر الحزب هؤلاء أو المتطوعين الذين يجتمعون حول تلك العملية السياسية التي ينظمها الحزب.
غير أن السؤال الأشمل هو :
ترى ألم يستخدم هذا الأسلوب في الدول التي تسمى (الموجة الديمقراطية الثالثة) أو إذا جرب فهل حقق ذات النتائج التي حققها الغرب ...
وجواباً على ذلك فإن الخبراء والمختصين يؤكدون على أن الفراغ القائم بين الأداء الحزبي وبين مساندة المؤسسات الديمقراطية كثيراً ما استيعن به في دول تلك الموجة وجرب هناك. غير أنه، وكما كان برنامج ورحلة (كريستوفر كولومبس) والذي كان يتألف من إيجاد ممر مائي جديد الى الهند إلا انه قد وجد نفسه فيما بعد في منطقة أو أرض بعيدة جداً عن المسار الذي خطط له، كذلك الحال بالنسبة لدول (الموجة الديمقراطية الثاثلة) وبالأخص دول المجموعة الشيوعية السابقة أو دول أمريكا اللاتينية التي اتبع فيها ذات النهج الديمقراطي الغربي إنما تسبب ذلك في ظهور قادة جماهيريين واضعاف النظام الديمقراطي والتلاعب بمشاعر الناس أي بمعنى آخر أنه وبدلاً من تشجيع الناس على المشاركة في العملية.
السياسية في بلادهم وفي معالجة سلبيات ونواقص المؤسسات و الديمقراطية، فقد بذلت المساعي لتشجيعهم على الأستهانة بتلك المؤسسات توسيع الهوة القائمة بين المواطنين وبين الحكومة ودفع الناس لفقد الثقة بالأحزاب السياسية وكل ذلك لأبراز(القائد الجماهيري) وجعل المؤسسات الديمقراطية عديمة الثقة والأهتمام في المجتمع.. وسألنا البروفيسورة (بار بارا باريل) استاذة الراي العام في جامعة(الينوي) عن العلاقة بين الأحزاب وبين أفراد المجتمع فأجابت في سياق هذا التقرير:
بأمكان الناس في حياتهم العامة فهم معنى الحزب السياسي و أعتبار أنفسهم تابعين لأي حزب سياسي يمكن أن يعزز مواقعهم الأجتماعية ويجعلهم مساندين للنظام السياسي ويعملون له... لذا فأن بأمكان الأحزاب السياسية أداء أدوار في غاية الأهمية لتقوية الجماهير أجتماعيا من أجل مساندة النظام السياسي, لأن نظام الحزب السياسي هو سبب رئيس في إدخال جماهير كبيرة الى السياسة عندما يتوحدون في حزب معين بدلاً عن العمل الفردي وأن الحزب السياسي وحسب السياسة العامة يعني حقيقة أنه من الأيسر للناخبين أن يعملوا لمن يصوتون ويتمكنوا أيضاً من دخول النظام السياسي.
وبهذا الصدد ايضاً فقد توجهنا بالسؤال الى البروفيسور(هاورد ريترز) استاذ العلوم السياسية في جامعة (كونيستكوتمان) :
يعتقد بعض الخبراء أن النظام الحزبي في الغرب قد جرى أعتماده بشكل مؤسساتي ترى ماذا يعني التوجه المؤسساتي للأحزاب وكيف السبيل الى تحقيق ذلك فأتحف تقريرنا بالجواب الآتي: إن عملية التنظيم المؤسساتي تجرى عن طريق القانون لأنه يضمن ويحقق موقعاً قانونياً للأحزاب وبالتالي مساندة لتنظيمها مؤسساتيا كما أن الأحزاب السياسية تؤدي دوراً رسمياً في المؤسسات الحكومية وبالأخص في السلطة التشريعية أي أنً للأحزاب دورها في تنظيم هذه السلطة، وكذلك الحال في السلطة التنفيذية وهذان دوران مهمان جداً للأحزاب السياسية، كما أن الأحزاب السياسية ذاتها تسير بشكل مؤسساتي ولها بناها الرسمي وبشكل يضمن أن يتصرف أي انسان يرغب في العمل معها، وفق صيغ ذلك الحزب وأسسها..
وبصدد دور الأحزاب السياسية في توعية المجتمع و تثقيفه ديمقراطياً، يواصل البروفيسور(هاورد) حديثة لمجلة كولان ويقول:
إن هذا هو في الواقع دور واجب في غاية الأهمية بالنسبة للأحزاب السياسية لأن من أول واجباتها مد جسور العلاقة بين الناس العاديين وبين الحكومة ويؤدي هذا الدور في جزء منه في اطار واجبات الحزب التربوية وبالأخص عن طريق الحملات السياسية وعن طريق مؤسسات ذلك الحزب ايضاً فنجد، على سبيل االمثال، أن الناس عندما يشتركون في الأجتماعات السياسية للحزب إنما يحصلون بذلك تربية سياسية كما أن الحملات الأنتخابية هي الأخرى فرصة سانحة للأشخاص غير المنتمين الى الحزب في توفير حالات التعرف على سير العمل في النظام السياسي، أي أن ذلك يعلمنا أن أهمية عمق العمل الداخلي للأحزاب السياسية في المجتمع الديمقراطي سائلة باتجاه إمكانية قراءة أسلوب النظم الديمقراطية ومستوى استقرار المؤسسات عن طريق الوقوف على أداء الأحزاب السياسية.
نجد هنا، أن الأهتمام بالعملية الديمقراطية الداخلية للأحزاب وبمراعاة صيغ العمل فيها على ضوء النظام السياسي للبلد سيما وأن كوردستان اليوم هي أقليم فدرالي في إطار العراق، ذلك الأهتمام سيكون محورا رئيسياً في تقريرنا هذا ويحظى بالأهتمام والتوقف عند:
الحزب السياسي وتحديات المجتمع الديمقراطي.
عندما يخفق الحزب السياسي في ايجاد الرد المناسب للتحديات التي تواجه النظام الديمقراطي بصورة عامة وعملية البناء الديمقراطي في المجتمعات النامية بصورة خاصة، عندها لن يكون بمقدوره أن يكون ذلك الحزب الذي يساند البناء الديمقراطي ومؤسسات النظام الديمقراطي، وعليه، لو أراد أن يؤدي هذا الدور، أن يضمن عدم تقاطع اسلوب العمل الداخلي والمحلي للحزب مع النظام السياسي للبلاد أو في عدم تشكيلة تجاوزاً للهيكل الأداري للبلاد.. وفي مقارنة الفقرتين اعلاه مع واقع الأحزاب السياسية الكوردستانية بصورة عامة والحزب الديمقراطي الكوردستاني بصورة خاصة فالأمر يتطلب:
1- أن يكون اسلوب الأعداد لمؤتمره مماثلا للأستعداد لأنتخابات برلمان كوردستان العراق ولكن على نطاق ضيق، والحزب الديمقراطي الكوردستاني هو المقصود بتقريرنا هذا.
2- في اسلوب العمل الحزبي الداخلي للحزب الديمقراطي الكوردستاني يجب مراعاة هيكلية الدولة العراقية وهيكلية أقليم كوردستان ككيان سياسي وكذلك مراعاة المناطق المقتطعة التي لم تعد بعد الى أقليم كوردستان.

مراعاة النظام السياسي في البلاد
بالنسبة للنقطة الأولى أعلاه والمتعلقة بأتباع الأسلوب الديمقراطي لأنتخاب مندوبي المؤتمر، نرى أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني(البارتي) قد نجح في هذا الجانب، فكما جرت انتخابات برلمان كوردستان العراق، فأن المؤتمرات المحلية للحزب قد سارت بذات الأتجاه، وسادتها و الروح العالية من تقبل الأنتقادات والمقترحات فيهما وهي دليل على قرب تكامل الروح الديمقراطية والثقافة الديمقراطية والأجتماعية في مجتمعنا ...
لذا فأن الأمر يفرض أن ننظر الى مجتمعنا أو نتعامل معه على هذا الأساس ونعترف بأن تقبل النجاح أو الأخفاق في العملية الديمقراطية الكوردستانية هو الآخر ليس بالأمر الهين، الى حد أن الجهة الرابحة فيها تمدح الديمقراطية ويتتغنى بها فيما تعلق عليها الجهة الخاسرة وتجدلها العديد من الجوانب السلبية.. غير أن سؤالاً آخر ينبري هنا وهو هل أن العتب أو الأعتراضات والأنتقادات التي تحصل في المؤتمرات المحلية للحزب هي كلها مجرد أدعاءات أم أن بعض السلبيات التي تؤشرها الجهة الخاسرة هي حقيقية؟ وجواباً على ذلك نقول إن بعض الحجج تلك هي صحيحة بالفعل وهي انعكاس لقلة خبرات أعضاء (البارتي) في عملية إدارة أسلوب اختيار أو انتخاب المرشحين وربما لا تخلو العملية من بعض المنسوبية والمحسوبية كحالة لم يشعر بها المرشح المقابل نتيجة افتقاره هو الآخر للخبرة الأنتخابية ويفاجأ بشكل غير منتظر بالنتائج عند فتح صناديق الأقتراع مما سبب لديه نوعاً من الهيجان... غير أن ما يبعث على التفاؤل والأمل هو ما لاحظناه من فرق كبير في إدارة مرشحي المؤتمرات المحلية كسيـر العملية بين المؤتمر الأخير وبين سابقاته.
وبالأخص في المؤتمرين ال(11 و 12) وقد لاحظنا في عملية أستكمال التحضيرات للمؤتمر الأخير(13) نوعاً من التحفظ أو التجنب لدى قيادة الحزب ومكتبه السياسي فيما يخص مساندة أعضاء المؤتمر ما دفع الأعضاء المذكورين لتوزيع بطاقاتهم التعريفية على الناخبين وأكثر من ذلك زيارات مباشرة لأعضاء الحزب وتجديد وعودهم السابقة في حدود مناطقهم و دعوتهم، وبأساليب مختلفة، لأنتخابهم مؤكداً المرشح:
حتى لو أنه قد تصرف إزاءهم تصرفات غير مستحبة فأنه سيغير أساليبه ويصححها وكان ذلك بمثابة معاقبة الأعضاء لأولئك المرشحين عن طريق أصوات أعضاء المنظمات واللجان المحلية للحزب أي أن الأنتخابات تلك لم تكن بهدف الترشيح بل كانت معاقبة للأعضاء الذين لم يعملوا في مكاتب الحزب وتنظيماته بروح من الأيثار، قبل ذلك جاءت هذه الروحية أو مساعي الحزب لضمان تخوف المرشحين من معاقبة الأعضاء و الأذى في المستويات الحزبية و ترسيخ الثقافة والوعي الديمقراطي بين أعضاء الحزب، وفيما بعد عندما يقدم مرشحيه للوظائف والمسؤوليات العامة في الأقليم أو في حكومة العراق الفدرالي فأن المرشح يكون على بينة من حقيقة أنه في حال قيامه باداء سئ للحقائب والمناصب العامة، فإنه يتعرض الى( عقاب ثنائي) يكون الأول معاقبة حزبية عندما ينأي الناخبون بأنفسهم عن أنتخاب مرشحي الحزب والثاني معاقبة الحزب للمرشح الذي يتمتع عن ترشيحه للحقائب العامة مرة ثانية.
مراعاة الهيكل التنظيمي للدولة
الحالة الأولى المختلفة التي واجهت الحزب لأول مرة في تأريخه في مؤتمره الأخير(13) وكان أول مؤتمر له بعد سقوط النظام البعثي، كانت قيام الحزب ولأول مرة في تأريخه بصياغة منهاجه للعمل المستقبلي على أسسس بناء دولة فدرالية برلمانية، وكان الوضع في السابق أعتيادياً بالنسبة لتنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني في عملها باقليم كوردستان وبصيغة واحدة على صعيد مختلف المناطق فيما عملت التنظيمات الموجودة خارج الأقليم بصورة سرية وأستمرت ضيغ عملهم الحزبي حتى بعد سقوط النظام بذات الأسلوب ولكن بصورة علنية وقد تعرض الحزب في مؤتمره الأخير(13) الى(3) خلافات محلية في عموم المناطق أو أن تتغير اساليب تنظيماته الى ما يأتي:
1- تنظيمات الحزب على مستوى المحافظات الراهنة في اقليم كوردستان والتي تقع بصورة مباشرة ضمن أطار وصلاحيات حكومة الأقليم:
وهنا قد يتشابه أسلوب عملها في هذه المحافظات (اربيل والسليمانية و دهوك) غير أن كل محافظة منها تتصف بخصوصيتها على مستوى الأهتمام بقضاياها الداخلية ويعود السبب في تلك الخصوصية الى أن تلك المحافظات لديها نوع من اللامركزية في أطار حكومة الأقليم.
وأن لكل محافظة، والى جانب الموازنة العامة المخصصة من قبل حكومة أقليم كوردستان لأدارة شؤونها و مشاريعها، موازنة خاصة بأسم(موازنة تطوير المحافظات) ويكون لكل محافظة حرية التصرف بها وفق متطلباتها وهي حالة لم تتبع إطلاقاً أيام النظام البائد بل كانت للمحافظات الثلاث موازنة عامة واحدة وهي موازنة حكومة الأقليم فقط؟
ونرى أن اللامركزية الأدارية للمحافظات الثلاث منح نوعاً من الخصوصية لكل منها..
2- وتختلف خصوصية المناطق المقتطعة من اقليم كوردستان سواء عن محافظات الأقليم أم عن المناطق الواقعة، كأمر واقع، ضمن الحدود الأدارية والسياسية للحكومة العراقية الفدرالية..، وبالنسبة للمناطق المقتطعة، ولحين عودتها الى اقليم كوردستان ، فأن على الحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يضع في حساباته ويراعي حقيقة ملاحظة صيغ العمل الحزبي في تلك المناطق لخصوصياتها وعلى سبيل المثال نرى أن الموازنة يتم تسييسها في المناطق التي يفرض واقعها الأداري أن تخصص الحكومة الأتحادية موازنتها العامة، وبالأخص في المحافظات الثلاث(نينوى و ديالى و كركوك) ما يعني عدم التمييز بين المشكلات المحلية والوطنية فضلاً عن اتخاذ المشكلات المحلية ومنها رفض اقامة المشاريع وانعدام الخدمات من قبل الوحدات الأدارية لتلك المناطق بصورة عامة ومحافظتي نينوى وديالى على وجه الخصوص، اتخاذها وسيلة للضغط على المواطنين الكوردستانيين في تلك المناطق ليدفعوا ضريبة مواقفهم الوطنية غير أننا نقول بكل صراحة :
أن هذه الأوضاع غير متبعة وغير موجودة أصلا في محافظات(أربيل والسليمانية ودهوك) أي عدم واقعية اتباع ذات الأساليب ألسائدة في تلك المحافظات في المناطق المقتطعة.
3- مشكلة أخرى هي مسألة المناطق التي هي الآن ضمن أدارة أقليم كوردستان وتقع بالأصل ضمن إدارة المحافظات الأخرى كأدارة كرميان التي هي في الواقع ليست تابعة لأدارة السليمانية ولا لأدارة اربيل هي مناطق ترغب وتسعى للعودة الى محافظة كركوك مثل( جمجمال وكفري) والتي تضطرها طموحاتها الوطنية وتدفعها لأن يسجل مواطنوها أسماءهم كمواطنين في المناطق المقتطعة ومع ذلك فأن تخصيصاتهم تتناقص في موازنة التنمية ذلك ايضاً الى تناقص موازنة تنمية المناطق في(كرميان) وبالتالي تراجع وتناقص مشاريع تلك المناطق قياساً بالمناطق الأخرى الواقعة ضمن الحدود الأدارية الحالية لأقليم كوردستان أي عندما نقول أن المشكلات المحلية لقضاء كلار تختلف عن مثيلاتها في زاخو أو قلعة دزة فأن على الحزب تكييف أساليب عمله فيها وفق الأختلاف.
4- وهناك وجود ملحوظ لتنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني و للكوردستانين ايضاً في المناطق الخاضعة إداريا و سياسياً للحكومة العراقية الفدرالية مثل بعقوبة وبغداد والكوت ولأن الدولة العراقية الأتحادية الحالية ، هي نوع من اللامركزية الأدارية والسياسية وأكثر من ذلك أن الدستور العراقي يمنح صلاحيات أكبر للحكومات المحلية من سلفة الحكومة الأتحادية، فأن علينا معرفة أن اساليب العمل التنظيمي في فرع اربيل للحزب تختلف عنها في فرع بغداد، وهما ذات الحزب ، فهما، يعملان ضمن كيانين سياسيين واداريين مختلفين، ويتم التعامل مع مواطنيهما وفق قانونين مختلفين للأحوال الشخصية وتكون مساعي فرع بغداد للحزب كأمر مر واقع التعامل مع الحكومة المحلية في بغداد(إذا ما أصبحت بغداد اقليما أتحاديا واحدا) والمعروف والأكيد هو أن القوانينن التي يعمل بموجبها البرلمان المحلي لبغداد في هذه الحالة لأدارة اقليمها تختلف عن القوانين التي يعمل بموجبها برلمان كوردستان العراق ويكون لهذا الأختلاف انعكاساته على أسلوب العمل التنظيمي والحزبي فيهما.
بالنسبة للأختلاف الذي توجده اقامة هيكلية تنظيم الدولة وفق صيغ العمل الحزبي، سألنا البروفيسور(آمنون كافار) استاذ العلوم السياسية في جامعة(ويسكوسن- ماديسون) عن مدى تأثير نظام الدولة على أسلوب العمل الحزبي فأجاب تقريرنا بالآتي :.
تقوم الأحزاب السياسية بتنظيم قضايا وقيم المواطنين لتكون لهم إمكانية ألأنتخاب في النظام الديمقراطي من جهة وتنظيم النظام السياسي بأسلوب يضمن تفعيل النظامين الديمقراطي والسياسي للمواطنين من جهة أخرى.. كما أن المواطنين، وعلى المستوى الحكومي والأنتخابي، بحاجة الى ما يستندون اليه بمعرفة توجهات برامج ومبادي كل حزب أو جهة سياسية فالأحزاب السياسية تعرض للمواطنين ملخصا بهذا الشأن وتسهل أهتماماًتهم نحو معرفة أهدافها وغياتها ويعرفونهم سبل الأنتخاب من بين البدائل ومالذي يفيدهم ويراعي مصالحهم.. فضلاً عن ذلك فأن الحزب السياسي يعيد تنظيم الحكومة وذلك بهدف تنوع وجهات النظر بين الأفراد في النظام الديمقراطي واختلافها مع الآخرين وهنا تكون الأحزاب السياسية أمام أداء دورمهم في مسائل محددة بين الحكومة وبين الناخبين وتبلغ كل ألأطراف الى هدف مشترك وتجمعها حوله وتكون النتيجة أن كل الأطراف تعمل معاً من أجل ضمان رفعة الأهداف تلك وبصدد أتباع صيغ المركزية واللامركزية في الحزب، فأن المسألة برمتها تتعلق بطبيعة المجتمع وبأستطاعتي القول أن الأسلوبين جيدان ونافعان لأن لكل مجتمع متطلباته الى حد أن العملية الديمقراطية داخل المجتمعات قد طرأت عليها تغيرات وفق متطلباتها العامة وتكيفت حسب مستجدات الأوضاع، في بعض الدول المكونة مجتمعاتها من عدة مجموعة و قوميات مختلفة تختلف بشكل واسع عن الدول غير التعددية القومية أي أن المسألة، كما قلنا، تتعلق بالمجتمعات وعلى ضوء ذلك بأمكاننا تحديد نوع الصيغة المفضلة، كما أن النظام السياسي الحزبي المركزي لهو يحمل وجهة نظر واضحة بشأن طبيعية الأحزاب السياسية وبرامجها ونظامها وأهدافها في حين أن النظام اللامركزي يهيئ الفرص لتشكيل أحزاب سياسية مختلفة ومخالفة وللمواطنين حرية الأنتخاب داخل تلك الأحزاب وبالتالي كلها تتعلق بالطبيعة النظام الأجتماعي فيها.
Top