• Friday, 26 April 2024
logo

النظام الحزبي ودور المعارضة في عملية البناء الديمقراطي

النظام الحزبي ودور المعارضة في عملية البناء الديمقراطي
ترجمة: دارا صديق نورجان


إن كل السياسات التي تمارس هي سياسات محلية وفي هذا الأطار ايضاً
فأن الأحزاب السياسية تكون ناجمة وتؤدي مهماتها على أكمل وجه ويحددون معاناة المواطنين ويشخصونها ضمن الأطار الوطني، إن الأحزاب السياسية، ومن منطلق أن لها القابل والقدرة على أن تؤدي دورا محايدا و وسطاَ وتهيئ الأرضية المشتركة للتوافق والألتقاء، إنما تساعد المجتمع لضمان وحدته ، السؤال هنا هو: ترى أية مؤسسة بأمكانها (مثل الأحزاب السياسية) مع كل سلبياتها (الدفاع عن مصالح المواطنين وفي ذات الوقت تمثيل صالحهم العام أو أن تضع المعضلات أمام الحكومة وفق الأجازة الممنوحة لها ومنذ(200) سنة وأكثر وثبت حقيقة أنه لن تكون هناك ديمقراطية في غياب الأحزاب السياسية و هذا هو سبب تشتت العملية الديمقراطية عندما تهتز ثقة المواطنين بها، من هذا المنطلق وعندها علينا أن نرسخ النظام الحزبي وبشكل ثابت وعميق في المجتمعات الديمقراطية المتطورة.
تيب أونيا.
يمكن للمرء أن يشعر، في عموم الدولة الديمقراطية، وبالأخص في تلك الدول التي لم تكتمل فيها الديمقراطية، أن هناك بين الأحزاب السياسية وبين المواطنين نوعاَ من الفراغ أو فقدان الثقة في بعض الأحيان.. إن السبب في ذلك يعود الى حقيقة مفادها أنه في الدول التي لا تزال في بدايات المرحلة الديمقراطية وطرأت تحولات في مهمات الأحزاب غير أن الدلائل تشير الى أنه لا الأحزاب السياسية تستسلم لتلك التحولات ولا المواطنون يميزون بين المرحلة الراهنة والمراحل السابقة.. فقد كانت مهمة الأحزاب السياسية في الدول المشابهة لنا نحن الكورد، النضال من أجل تحرير الوطن وكان التعامل مع الأحزاب دائماً على أنه حامل شعار وعلى الجميع السعي لتنفيذ الشعار الذي يناضل الحزب من أجله.. وبعد مرحلة تحرير الوطن، حيث تعتبر الأحزاب السياسية تحرير المجتمع مكسباً ذاتياً لها وتكون غايتها في هذه المرحلة أيضاً أن يضمن لها رفع شعار الديمقراطية وحث الخطى لبناء الديمقراطية و انصياع المواطنين لها كما كانوا إبان مرحلة التحرر الوطني والرضوخ لأوامرها وتوجهاتها وتنفيذها دون تردد أو نقاش، غير أن هذا التحول الذي يعيشه المجتمع في مرحلة ما بعد التحرر الوطني وبداية العملية الديمقراطية إنما يوجد مهمة أخرى للحزب داخل المجتمع ويجدد اطار العملية الديمقراطية ذلك الواقع الذي لا تستلم له معظم الأحزاب بسهولة كما أن المواطنين وبمثابة خلفية الأحزاب في مرحلة التحرر الوطني وعملها في مهمتها الجديدة هذه، يشعرون بانبثاق نوع من رد الفعل ويظهر الخلاف بين مرحلتين مختلفين كظاهرة فقد الثقة بالأحزاب السياسية، عن ذلك يتحدث البروفيسور(مايكل كوبيج) استاذ العلوم السياسية في جامعة (نورث داما) في بحث شامل بعنوان (الأحزاب السياسية في أمريكا اللاتينية وسياسة التوريث في العقد الماضي): لو تساءلنا مثلاً هل أن الثقة بالأحزاب السياسية هي في تراجع فهذا يماثل تساؤلنا عن انخفاض أو تراجع مستمعي الموسيقى التقليدية؟ هذا في وقت تشبه فيه الأحزاب السياسية في اوربا الغربية الموسيقى التقليدية من حيث الأستقرار والشرعية ومع ذلك فإن الأجابة على هذا السؤال ليست بالأمر الهين بسبب التحولات الطارئة على نماذج الأحزاب السياسية و مهماتها ولهذا السبب فأننا عندما نحاول تحديد أسباب تراجع ممارسة الحكم وفق الأساليب القديمة وكذلك أيضاً عندما نحاول الحديث عن الأحزاب السياسية في الدول النامية لا يمكننا أن نقارنها بالرموز الموسيقية الرائعة لبتهو فن و موزات بل علينا أن نقارنها، ولعدة أسباب، بموسيقى ال(بوب) وتظهرلنا مقارنة مايكل كوبج حقيقتين مهمتين:
1- إن الأحزاب السياسية في أوربا الغربية هي مستقرة كما الموسيقى الكلاسيكية ويقصد بذلك أن نسبة المستمعين لروائع بيتهوفن و موزات، تتعرض للقليل من التحول و مستقرة الى حدما، وأن الأحزاب السياسية في المجتمعات الديمقراطية الغربية، تكون نسب أصواتها مستقرة وتتعرض الى تغير محدود وهذا يعني أن النظام الحزبي في تلك الدول أتخذت الصيغ المؤسساتية وضربت جذورها عميقا في المجتمع.
2- بالنسبة للدول النامية يقارن فيها النظام الحزبي بشكل كبير مع ميسقي ال(بوب) لأنها ستحظى بجماهيرية واسعة ولفترة محدودة تتراجع بعدها تلك الجماهيرية ولكي تسير هذه الحقيقة نحو الأستقرار فإن الأمر يحتم تأمين (مؤسساتية النظام الحزبي).

((مؤسساتية النظام الحزبي)).
إن مهمة الأحزاب سواء كانت في المعارضة أم في الحكم، هي تطوير و مساندة القيم الديمقراطية وحقوق الأنسان وحمايتها في صفوف الأحزاب ذاتها أي أننا عندما نتحدث عن المؤسساتية في النظام الحزبي إنما نتحدث عن وجود التعددية السياسية وعلى أن تكون مهمات الأحزاب السياسية وتأسيس أحزاب جديدة بشكل مؤسساتي في الدول الغربية ولأنها تتعرض بشكل اقل الى تلك التحديات الموجودة في الدول النامية ومنها:
1- في الدول النامية يكون الألتزام بالقوانين وتنفيذها ضعيفاً الى حدما والسبب في ذلك هو أن ممارسة سيادة القانون هي بحاجة الى تهيئة الأجواء التي تمكن فيها المعارضة من آداء دور أيجابي.
2- محاسبة المسؤولين في الدول النامية لم تتخذ بعد نموذجاً في الحكم، حتى لو كانت المساءلة في بعض الأحوال لمجرد الإستضاح والتحقق، وليس بمعنى المحاسبة والعقاب وفي هذه الحالة ايضاً بأمكان المعارضة، إذا كانت ملتزمة بترسيخ وحماية القيم الديمقراطية في المجتمع، أن تجعل هذه الظاهرة ايضاً نموذجاً للحكم في البلاد.
3- إن عملية الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، في تلك الدول تحتاج الى وقت وتأهيل وتدريب، ولغاية من ذلك أن يتحقق هذا الفصل عندما يتم تأسيس البرلمان والحكومة كمؤسستين مستقلتين وأن وجود معارضة فعالة سيفعل هو الآخر بين هاتين السلطتين.
4- لا تظهر معضلة التمثيل والنيابة في عملية(تأسيس) النظام الصحيح عندها ينظر الى الأحزاب السياسية أي متى ما أخذ النظام الحزبي مساره الصحيح عندها ينظر الى الأحزاب السياسية وتعتبرها مؤسسات شرعية داخل نظام الحكم وفيه سيكون للمعارضة دور فعال في البرلمان حتى لو لم تنل الأصوات اللازمة، أثناء الأنتخابات أي بمعنى آخر أن المعارضة ستكون صوت الأقلية في العملية ومراقبا على الأداء الحكومي، بصدد أهمية دور المعارضة في العملية الديمقراطية وواجباتها فيها، فقد وجهنا السؤال الى البروفيسور(ستيفن جونز) استاذ دراسات روسيا و جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابق في جامعة ماونت هولوك(Mount Holyokp)، لأعداد هذا التقرير : ما هي أهمية المعارضة في المجتمع الديمقراطي فأجاب جونز: نعلم جيدا أن لعملية البناء الديمقراطي أو الأحزاب السياسية في الدول الغربية تأريخا طويلاً وحافلاً ما يجعل ذلك عملية سهلة في مجتمعاتها- غير أن هذه العملية- عملية بناء الأحزاب السياسية بشكل تكون بمستوى المسؤولية ومرتبطة بالجماهير _ في غيرها من الدول هي عملية صعبة ويجب مزاولتها في فترة طويلة- وهي أصعب في مجتمعات أخرى مثل المجتمع العراقي حيث تتطلب العملية، الى جانب مساعي الأعداد في هذا المجال، مواجهة الفقر وأنعدام حريات المجتمع المدني ما بعد الحرب، فضلاً عن أشكال من الأخلاص الوطني ومنها الأخلاص للعائلة والعشيرة والمنطقة لذا فإن علينا تحويل ذلك الى إخلاص للأحزاب السياسية وبالمقابل تتأهل تلك الأحزاب لتقديم عمل أو أنجاز لهذا المجتمع وإلا ما معنى تحويل ولائه للأحزاب السياسية.
كما أنه من المهم الأشارة الى حاجة الناس لبدائل وكذلك لتغيير الحكومة، وأقصد هنا حكومة تمثلهم فالديمقراطية لا يمكن ممارستها بشكل مباشر في أيامنا هذه بل أن الناس بحاجة الى وجود الأحزاب السياسية يتمكنوا من أنتخاب حكومة جديدة.. أي أنك، إن دعوت الى الديمقراطية، تحتاج الى أحزاب سياسية مؤهلة لتكون بديلاً للحزب الحاكم، اي أن وجودها ضروري لأدارة الحكم وكذلك للحكومة ذاتها لأن الحكومة تتصرف كيفما تشاء في غياب المعارضة أي أنها بحاجة الى أحزاب معارضة تحددلها حدودها ... دعنا لا نتحدث في هذا المجال فقط عن الدول النامية بل لنأخذ من دولة متطورة مثل اليابان مثالاً على ذلك، حيث التعدد الحزبي غير معمم أي أن أمام المعارضة فيها فرصة محدودة لتولى السلطة، أي أنه من الضروري حتى في المجتمعات التي يحكم فيها حزب مسيطر، إتاحة الفرصة أمام الأحزاب الآخرى لتنظيم نفسها لأن الناس في النهاية لا يثقون فقط بالراهن وعندها يجب أن تكون هناك معارضة أي أن تمنح الأحزاب خارج السلطة فرص تولي الحكم أيضاً.
(مهمات الأحزاب السياسية بصورة عامة والآحزاب المعارضة بشكل خاص).
لقد حدد تيب اونيل الرئيس السابق للكونكريس الأمريكي بجلاء نوع العلاقة بين الأحزاب السياسية والديمقراطية وأكد أنه لا يمكن وجود الديمقراطية في غياب أحزاب سياسية، نعم هناك وجود لأحزاب سياسية حتى بدون وجود الديمقراطية ولكن ليس شرطاً أن تنقسم تلك الأحزاب الى حاكمة و معارضة.. وهذا الأمر يفتح أمامنا بوابة أن نقول بجواز وجود أحزاب سياسية بدون الديمقراطية ، غير أنه لا وجود لأحزاب معارضة مع غياب الديمقراطية، وهي أحدى المسائل التي تميز المجتمعات الديمقراطية عن غيرها... كما أن وجود ظاهرة المعارضة هي التي تفسح المجال أمام الديمقراطية في المجتمع لمراقبة الأداء الحكومي.. عن ذلك فقد وجهنا السؤال الى البروفيسورة(دانيالا ريكنس) استاذة التطور الأقتصادي في جامعة الأمم المتحدة في هلسنكي والمختصة بأحزاب المعارضة حول أهمية المعارضة هذه فأجابتنا:
إن البناء الديمقراطي هو عملية صعبة ومتشعبة وكذلك الحال بالنسبة لتحديد وتشخيص دور المعارضة في هذه المرحلة التي تتعلق على الأكثر بالمرحلة التي تمر بها عملية البناء الديمقراطي لذلك يتوجب وجود نوع من الرؤى والتوجه المشترك بين الحزب الحاكم وبين أحزاب المعارضة وبالأخص على أهداف عملية التطور والأنماء ومنها الأقتصادية ووضع أسس تعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية، وبالمقابل على أحزاب المعارضة أن تتصرف بشفافية و توضح وجهة نظرها في كيفية بناء المؤسسات ومراقبة السلطات وايجاد توازن فعال فيما بينها واي نظام سياسي هو الأوفق لممارسة الديمقراطية، النظام الرئاسي أم البرلماني.. لأننا نعرف حقيقة أن هناك دائما أحتمال تولي معارضة مقاليد السلطة والحكم، أي أن دور المعارضة هو دور ثنائي فهي تقوم بأنتقاد الحزب الحاكم من جهة ويتعاون معه في تحقيق الأهداف العامة وفي عملية ترسيخ المؤسسات الحكومية من جهة أخرى وهذا هو معنى(لأنه بدون أحزاب معارضة لا يمكن القول بأن هناك ديمقراطية راسخة غير أنه لا يجوز أن توجد المعارضة من أجل المعارضة فقط أي أن لا تكون غايتها فقط معارضة الحزب الحاكم بل عليها، أن تقدم البدائل أو المشاريع البديلة أمام الناخبين وتكون تلك البدائل موضع المصداقية.. وبالتالي من الضروري والمهم وجود أحزاب المعارضة لكي تشعر الحكومة بأستمرار بأنها مراقبة وأن أحزاب المعارضة ستستفيد من أية أخطاء ترتكبها الحكومة وذلك لتوطيد موقعها ما يؤدي الي إيلاء الحكومة أو الحزب الحاكم أهمية أكبر لمطاليبها وتكون في موقع أقوى من المسؤولية وأقول سيكون للأحزاب المعارضة دور بارز عندما تكون مقترحاتها وانتقاداتها مبنية على أساس بحوث و دراسات جادة ما يدفع الحكومة الى إعادة توجيه سياساتها وفق تلك الأنتقادات وتؤثر بشكل فعال في تحسين عملية الحكم ولا تكون المعارضة فقط من أجل المعارضة أو الأنتقاد.
إن ماأشارت اليه السيدة(دانيالا) كمختصة حول واجبات المعارضة، إنما يمثل تجارب الدول التي شهدت بدايات البناء الديمقراطي يوم وجدت
اشكاليات وإدعاء كون المعارضة لأجل المعارضة فقط ولم تتمكن من خدمة العملية الديمقراطية... وبصدد تكييف وتغيير أسلوب نضال الأحزاب السياسية في هذه العملية توجهنا بالسؤال الى البروفيسور(جون اشيام) استاذ العلوم السياسية في جامعة(نورث تكساس) حول كيفية تهيؤ الأحزاب السياسية لعملية البناء الديمقراطي في مرحلة بداية هذه العملية فجاء الرد: إن التحدي هو أن الأحزاب المعارضة تعمل وتتصرف بأسلوب ثورى أو انها ذاتها حركات ثورية والواجب تحولها إلى أحزاب سياسية وهذا لا يمكن تحقيقه دون مساعدتها ومنها تأهيل قادتها ليتصرفوا بمسؤولية في مسألة مشاركتهم في العملية وتوجيه ذلك باتجاه يضمن عمل المعارضة وكونها دافعاً في تطوير الديمقراطية ما يجعلنا نتحدث احياناً عن(المعارضة السلبية) وهي معارضة غايتها الأساسية أتباع واستخدام اساليب غير ديمقراطية لأسقاط النظام الديمقراطي، وأضاف: ضماناً لمشاركة تلك الأحزاب بشكل بناء عليها تنفيذ وتحقيق جانبين :
الأول: تبديل وأجراء التغييرات بين قادة الأحزاب المعارضة .
والثاني: هو أن يكون النظام من جانبه أكثر انفتاحاً بوجه تلك الأحزاب وتهيئة فرص واسعة أمامها.
ونرى في وجهة نظر البروفسيورين أن دور المعارضة هو دور جوهري ورئيس ما جعلنا نتابع أكثر مسألة دورها مع البروفيسورة الروسية(كارول) استاذة العلوم السياسية في جامعة(رايمان) حول سبل اتاحة الفرص في المجتمع الديمقراطي لظهور معارضة إيجابية فأتحفت هذا التقرير بأجابتها: بأمكاننا التحدث عن أهمية المعارضة من عدة أوجه منها في كونها تقوم بأنتقاد الحكومة وفي ذات الوقت تتسبب في مراعاة عدة أفكار بشأن عملية صنع القرار.
ما يجعلني أؤكد أن وجود مديات محددة أمام المعارضة لتتمكن من عرض البدائل فأن ذلك سيكون مساعدا في إيجاد وتكون الوضع الذي تقصدونه، ومن الأهمية بمكان ايضاً أن يكون للأحزاب السياسية دورها في عملية بناء المؤسسات وبالتالي المجموعات الأجتماعية للأحزاب السياسية لتحقيق أهداف سياسية فمن المعروف أن فرص المنافسة موجودة في الوسط الديمقراطي ويجري العمل في ذات الوقت أن يحتضن النظام تلك الأطراف و ضمان أن تكون للمعارضة فعاليتها ودورها وتأثيرها على عملية القرار على بعض سياسات الحكومة وبرامجها وتوخي عدم تعريض روح التعايش والمصالح الأساسية للقوى الأجتماعية للتهديد ومع أنني لا أقول أن نوع النظام الحزبي ليست له فاعلية أو تأثير على أداء الأحزاب السياسية، غير أنني مقتنعة بتأثير أتباع النظام(النيابي) داخل تلك الأحزاب على دور أهم لها في عموم العملية.
وحول الموضوع نفسه توجهنا بالسؤال الى(د. روبن توماس) استاذ العلوم السياسية في جامعة(كينكستن) بلندن والمختص بالأحزاب السياسية فأجابنا: إن الديمقراطية متعلقة بأتاحة الفرص لتعبر كل التوجهات و وجهات النظر عن نفسها كما أن وجود المعارضة يعني الأستماع حتى الى صوت الأقلية ورايها، نحن هنا في بريطانيا نتحدث عن المعارضة المخلصة والمقصود منها أنه حتى لو لم يوافق رأي المعارضة مع الحكومة ، غير أنها تظل تساند النظام السياسي وتثق به عليه فأن من الواجب إتاحة الفرصة أمام المعارضة لأنتقاد الحكومة لأن إنتقاد الحكومة لا يعني رفض النظام السياسي أو الدولة، لذا فأن للمعارضة ، بأعتقادي، مهمتان أساسيتان أولاهما عبارة عن تحدي الحكومة، وأقصد في ذلك ضرورة أن تكون أعمال واداء الحكومة والحزب الحاكم تحت المراقبة حتى لوكان ذلك الحزب قد حقق غالبية الأصوات وبالتالي الأشارة الى أخطائه: والمهمة الثانية هي أنه في النظام الديمقراطي على الجهة الخاسرة أن تعترف بالنتائج..
ومهمتها هنا هي ضمان أن يكون حتى للجهة الخاسرة دورها في العملية ويكون صوتها مسموعاً.. غير أن علينا معرفة حقيقة أن الحريات في النظام الديمقراطي تكون مصانة ويكون دور المعارضة فيه دفع الحكومة الى أن تكون في مستوى مسؤولياتها وعدم تجاوز اخطائها أو مرور سلبياتها ويعني كل ذلك أنك حتى لو خسرت في الأنتخابات فستتمكن من التعبير عن صوتك ومواقفك كما يجب وأن يكون صوتك مسموعا فيها.
إن جميع وجهات النظر المعروضة في هذا التقرير والسادة الذين تحدثوا أو شاركوا فيه قد وحدت الجانب الأهم لواجبات الأحزاب الحاكمة والمعارضة في مختلف النقاط المشتركة والمخالفة وكانت:
1- إن الأحزاب السياسية، سواء كانت في الحكومة أم في المعارضة، ملتزمة بأحترام النظام السياسي ومساعي ترسيخ الديمقراطية. وأحترام حقوق الأنسان.
2- صحيح أن الغالبية ، في النظام الديمقراطية، هي التي تتولى الحكم، إلا أن وجود المعارضة يؤكد أن للمعارض ايضاً صوتها و دورها في العملية السياسية ولا يمكن إهمالها...
3- إن مراقبة المعارضة لأداء الحكومة وأعمالها إنما تضمن تفعيل دور الحكومة وبالتالي فأن المعارضة تستمر في مراقبة عدم خروج السلطة عن مسارها وسلطاتها وتؤدي مهماتها على أكمل وجه.
4- في المجتمع الديمقراطي لا يبقى أي حزب معارضاً بأستمرار و في دست الحكم لأن هذه العملية تتولى، وبالتداول السلمي للسلطة. التغيير بين الأحزاب السياسية وتكون المهمة الأولى للطرفين الحاكم والمعارض الألتزام بنتائج الأنتخابات وأحترام إرادة الناخبين ما يعني أن الأحزاب السياسية لو حصلت على غالبية الأصوات أو أقليتها إنما تمثل قسما من المجتمع.
النقاط أعلاه والتي أشرنا اليها بأختصار هي جزء من آلية أن النظام الحزبي في البلاد إنما ينظم العلاقة بين الأحزاب المعارضة والحاكمة ويواصل العملية الديمقراطية فيها ومع ذلك وكما تحدث البروفيسور (روب سالموند) من جامعة(ميشيكان) لهذا التقرير فأن تأثير التعددية ووجود المعارضة في جانبها الأيجابي هو أن بأمكان كل الأطراف التعبير عن آرائها وقال:
للديمقراطية الفاعلة العديد من الأشكال ومنها إيمان الجماهير وثقتها بالعلمية السياسية وتواصلها، وهي ثقة لم تتولد بين عشية وضحاها وأن على الأحزاب السياسية ألا تتوقع نمو الديمقراطية كوردة فواحة فالبناء الديمقراطي هو عملية مستدامة وبطيئة وعلى طرفي الحكومة والمعارضة أن تراعي هذه الحقائق اثناء أدائها لعملها اليومي كما أن وجود التعدد الحزبي سيكون مؤهلا على الأقل لظهور صراع وتنافس عام وهذا بالذات هو السبب في أداء الأحزاب السياسية(المعارضة أم الحاكمة) دورا فعالاً وأكثر عطاء في صياغة السياسات الجيدة والحكيمة وذات النفع العام والمنتج للجماهير.
Top