• Thursday, 25 April 2024
logo

لايمكن للعراق تجاوز الازمة ببساطة

لايمكن للعراق تجاوز الازمة  ببساطة
ترجمة/ بهاءالدين جلال



تتجه أزمة العراق نحو المزيد من التصعيد والتعقيد اكثر مما تتجه نحو الانفراج و الحل،لأن المشكلات تتعقد أكثريوماً بعد يوم، وكلما تُبذل المحاولات من اجل حل المسائل عبر الحوارو الأتفاق، كلما تبتعد الاطراف عن بعضها البعض،و هذا جعل آراء ومخاوف السياسيين في العراق و الدول المجاورة والمحللين و الخبراء المحليين و غيرهم في العالم تتجمع حول نقطة وهي أنّ العراق اصبح قريباً على مفترق حرب مذهبية كبيرة، واذا ما اندلعتْ- لاسامح الله- فلايمكن أنْ يعود العراق الى البلد الذي يتطلع اليه الجميع و سوف تفتتح ابواب كل الأحتمالات بتفككه،و على الرغم من أنّ الجميع يشعر بهذا الخطر الكبير، ولكنْ كل المحاولات تكاد تكون عاجزة عن ايجاد حل مُرضي للأزمة،خاصة أنّ هناك معوقات واضحة من رئيس الوزراء العراقي أمام المحادثات في الوقت الذي قرر فيه النواب من "العراقية" الانسحاب من مجلس النواب.
وحول هذه الاوضاع يعزو المحلل العالمي المعروف في شؤون الشرق الأوسط و العراق البروفسور كريكوري كوس سبب حدوث الأزمة الى استغلال رئيس الوزراء العراقي الانسحاب الأمريكي من العراق ليجمع كل السلطات في يده،وفي حديث خاص ل( كولان) يقول البروفسور كوس: (( الأزمة الحالية في العراق مرهونة بمدى قدرة رئيس الوزراء في جمع السلطات في يده، في الحقيقة الأوضاع غير مستقرة ولاأعلم الى أين تتجه، ،لذا أرى أنّ الاوضاع لو اتجهتْ نحو المزيد من التصعيد، حتماً تثير المخاطر أكثر، سيما اذا عادت حدة العنف الى المستوى الذي كانت عليه في عام 2004 و الى عام 2007،لا أتصور أنْ يتمكن السنّة اثارة العنف بعد نكستهم في عامي 2007 و 2008، بالتأكيد رأيتم قبل أيام هجمات الارهابيين،ولكن هناك شكوكاً في أنْ يتصاعد هذا العنف بين السنّة الى حد كبيرو شامل)).
اذن كما أشار اليه البروفسوركوس إنّ الخطر يكمن في أنّ العملية تتجه الى التعقيد،والسبيل الوحيد لوضع حد للأزمة هو الحوار والأتفاق،ولكن كما يُلاحظ الآن هناك محاولات لوضع معوقات أمام اجراء المحادثات،واضاف البروفسور كوس : (( تتجه الاوضاع في غياب الحوار نحو الأسوء،بأعتقادي أنّ الاوضاع صعبة للغاية، عندما تكون هناك قائمتان كبيرتان في العراق تمثلان الغالبية الكبيرة من الشعب في الجزء العربي من العراق وهما المتنافستان" العراقية"و"دولة القانون"،وهذه مسألةاخرى عندما تكون العراقية في المعارضة و دولة القانون في الحكم ثم احتمال آخر لتبادل السلطة بعد الأنتخابات،ولكن ماترونه الآن أنّ العراقية مشاركة في الحكومة دون أنْ تكون لها أي سلطة و رئيس الوزراء يعمل جاهداً من أجل جمع كل السلطات في يده)). وعلى المستوى المحلي وحول النظرة الى الاوضاع الراهنة في العراق قال جمال البطيخ رئيس قائمة"البيضاء" في مجلس النواب العراقي ل(كولان) : (( الاوضاع السياسية الراهنة في العراق معقدة وسببها يعود الى تراكم مجموعة من مستجدات الاحداث،لذا على عموم الاطراف محاولة احتواء هذه الاوضاع الأستثنائية و وضع حدِ لها واعادة اتجاه المحادثات نحو المصلحة الوطنية العامة،و هذه بحاجة الى ارادة سياسية لتهيئة هذا الأجتماع، يجري الحديث الآن عن انعقاد مؤتمر وطني،وهناك تساؤلات بشأن المؤتمر وابرزها هل أنّ المؤتمر ينجح في انهاء المشكلات و ردب الصدع بين الاطراف السياسية؟ واذا ماأنعقد المؤتمر هل هناك ضمانة من اجل اتفاق الاطراف على عدم العودة مرة أخرى الى التصعيد وخلق المشكلات؟و هل أنّها متفقة على ورقة عمل سياسية من شأنها حل الملفات العالقة بينها؟لأنه يُفترض أنْ يتم اعداد مسودة حول ورقة عمل سياسية تتفق عليها الاطراف قبل عقد الاجتماع،وهل أنّ المؤتمر يضمن انتقال العراق من الأزمة الى الأستقرار؟ في الحقيقة،هناك شكوك حول جدول أعمال المؤتمر بسبب انعدام الثقة بين الاطراف لأكثر من ثماني سنوات، لذا من الصعب أنّ تتغير هذه الثقة من خلال جلسة واحدة على طاولة الحوار و تؤدي الى تهدئة الاوضاع)).
انسحاب القوات الأمريكية و المخاطر المتوقعة
انسحاب القوات الامريكية احدى النقاط التي كانت مثار مناقشات عموم الاطراف السياسية على امتداد العام المنصرم،ولكن كل الاطراف السياسية العراقية كانت تراهن على هذه المسألة عدا الطرف الكوردستاني، وكانت تدعو الى انسحاب تلك القوات بأسرع وقت،ويعتقد المختصون بأن العراقيين لو كانوا متفقين على صيغة بشأن بقاء القوات الامريكية،لأتفقتْ الادارة الامريكية معهم على تمديد فترة بقاء قواتها،ولكن كما لاحظنا أنّ العراقيين رفضوا ذلك و انسحبت امريكا في موعدها،ومن اجل أنْ لا توجّه اصابع الاتهام الى الطرف الكوردستاني بأنه يرغب في بقاء قوات الاحتلال في البلاد،نراه لم يتحرك كثيراً بشكل يثير الاهتمام،وكانت القوات الامريكية لم تصل بلادها بعد، حتى اندلعت الازمة في العراق،وبخصوص هذا الجانب أكد البروفسور جاكوب شابيرو كبير الباحثين في معهد وردو ولسن حول الشرق الاوسط في حديث ل(كولان) أنّ انسحاب القوات الامريكية من العراق في موعدها المحدد كان بطلب من الساسة العراقيين وأضاف:(( انسحاب القوات الامريكية كان خياراً لساسة العراق وكان من صلب قراراتهم ويأتي القرار في الوقت الذي كانت أمامهم حلول أخرى كان بأمكانهم اتباعها،و لو تصرفوا بصورة أدق و حاولوا ابرام اتفاق جديد مع الجانب الأمريكي لكان الأخير يبدي موافقته، ولكنهم لم يفعلوا ذلك،ما اضطرت امريكا الى سحب قواتها في الموعد المحدد،وبرأيي أنّ العراقيين لم يقرروا عن الوعي و لم يأخذوا واقع العراق بنظر الاعتبار،لم يولوا اهتماماً بوجود أمريكا كمانع للتدخلات الخارجية في شؤون العراق،لذا أقول بصراحة إنّ خروج القوات الامريكية من العراق كان تقديراً لمطالب العراقيين،والمسألة هنا لاتتعلق بتدخل دول الجوار في العراق من عدمه بعد الانسحاب،وإنّما تكمن في شعور الساسة العراقيين بالأمان مع "ايران"كدولة جارةو هذا هوالسبب في عدم حاجتم الى بقاء القوات الامريكية)).
البروفسور شابيرو ، على الرغم من استبعاده عودة العراق الى الحرب المذهبية و اعتبار سلسلة التفجيرات التي وقعتْ في العراق بأنها مناورة من المنظمات الارهابية لأثبات وجودها، ولكن هذا لايسب في استئناف حرب مذهبية،وحول مدى حاجة العراق في هذه الظروف للمساعدات الامريكية لتجاوز الأزمة الحالية، يربط البروفسور شابيرو هذه المسألة بطلب الحكومة العراقية من امريكا ويقول: ((بأمكان الحكومة العراقية أنْ تقرر مدى حاجتها للدعم الامريكي ، وكما أعتقد أنّ الدعم سيصب أكثر في صالح العرب السنة في العراق،ومن جانب الآخر فإنّ المساعدات الأمريكية مرهونة بالمستجدات الحاصلة في المعادلات السياسية للمنطقة،سيما أنّ هناك توقعات بحصول مزيد من التصعيد في العلاقات الامريكية الايرانية في غضون الشهر القليلة القادمة،وكلما يزيد احتمال حدوث مثل هذا التصعيد فإنْ أمريكا تستعد أكثر للأستجابة لمطالب العراقيين،ولكن في الوقت الحاضر كرأيي الشخصي أعتقد أن العراق يمر بمرحلة انتقالية صعبة و هناك اطراف متعددة تسعى الى التدخل وجزء من هذه المسألة سوف يكون له تأثيرعلى اقليم كوردستان، ولكن بالنسبة الى الاجزاء الأخرى من البلاد فأنها تواجه مصاعب من الناحية السياسية في غضون السنوات المقبلة)).
وفي هذا الأطار ايضاً يعتقد البروفسور كريكوري كوس أن امريكا لازالت تستطيع مساعدة العراق حتى ولو كانت بشكل سري،ولكن يجب أن تؤخذ حقيقة بنظر الاعتبار وهي أنّ امريكا لم تبق لها التأثيرات السابقة،واضاف:((لازالت لدى امريكا بعض التأثيرات بالرغم من انسحاب قواتها،أنا متفق مع أنْ اهتمامات الجانب الامريكي لم تعد لها تأثير كبير على العراق بسبب انسحاب قواتها،ولكن لازال التصدي لأنهيار السلطة و العودة الى الحرب الأهلية هي من مصلحة امريكا،وفي الحقيقة هي من مصلحة الجميع،لذا أتمنى ليس فقط عن طريق الدبلوماسية الخارجية ،بل أنْ يتراجع القادة العراقيين عن الانزلاق الى شفا حرب أهلية أخرى،لأنها لاتخدم مصالح أي جهة،ويتحتم على امريكا استخدام هذا التأثير خفياً،لأنها لاتستطيع أنْ تتصور ما تؤول اليه تداعيات الأزمة في الوقت الحاضر وكان بأمكانها أن تفعل ذلك قبل خمسة اعوام،ولكن المسألة ليست امريكا لوحدها،حيث نلاحظ من خلال التطورات في المنطقة أنّ هناك قوى محلية تهتم بالعراق،وليست فقط ايران، بل تركيا و السعودية ايضاً،وبأعتقادي خير ما تفعله امريكا هو العمل للوصول الى حل الأزمة على أساس المساومة مع تركيا و ايران)).وحول مدى امكانية هذه الأزمة أنْ تشكل عاملاً في حصول تدخلات خارجية في شؤون العراق،قال البروفسور كوس: ((اعتقد أن العراق ومنذ عام 2003 كان ساحة مفتوحة أمام التدخلات الدولية،و من المعلوم أن سببها كان التدخل الامريكي،وفي الوقت ذاته كان ايضاً بسبب السماح لأيران في التدخل، وكان لتركيا التأثير ليس في المنطقة الكوردية فحسب، بل في المناطق الاخرى من العراق،وهذا التأثير لايكمن في الجانبين السياسي و العسكري وإنّما في الجانب الأقتصادي أيضاً،كما أنّ السعودية و الدول الأخرى ساعدت ْالمجاميع و الساسة العرب العراقيين لحماية مصالحها،وهذا يحدث عندما تكون الدولة ضعيفة، حدث ذلك في لبنان و يحدث الآن في سوريا،وفي الوقت الحاضر نجد العراق دولة ضعيفة وتسعى الأحزاب الى الحصول على الدعم الدولي، اعتقد عندما يشعر رئيس الوزراء بالضعف فإنّه يلجأ لأيران للحصول عل الدعم،فعل ذلك من اجل تشكيل حكومته،لذا نجد كلما تستمر الاجواء المتأزمة في العراق ، كلَما تسعى الاطراف العراقية المختلفة الى حصول الدعم الخارجي،وبهذا تزداد التأثيرات الخارجية على العراق ليس فقط من ايران بل من الدول الأخرى).
الى أي حد يستطيع الكورد بذل مساعيه من اجل التهدئة
عقب عام 2003 وعندما انهارالنظام السابق بدأتْ العملية السياسية في العراق،لم يكن الكورد ابداً جزءاً من الصراع بين الاطراف العراقية،بل كان جزءاً من الحل،والآن ينتظر الجميع من الكورد أنْ يلعب دوراً مؤثراً في هذه المسالة،وحول دور الكورد في هذا المجال يصف البروفسور شابيرو مساعي الكورد بالأيجابية شريطة استعداد الاطراف الأخرى الى الحوار و عدم استخدام رفض الحوار كورقة ضغط لتحقيق اهدافها السياسية واستطرد قائلاً : ((من المهم أنْ يلعب القادة الكورد الدور الوسيط بين العراقية و المالكي،وبأعتقادي حتى اذا اتفقوا هذه المرة، فإنّ الحل الأسلم و البعد يكمن في تشكيل اقليم خاص بالعرب السنة في العراق على غرار اقليم كوردستان مع اقامة علاقات ايجابية مع الحكومة المركزية)).
العراق لايتجزأ و الكورد يتمكن من حسم قضيته
كثير من المراقبين يتوقعون تفكك العراق في حال عدم ايجاد الحل الناجح لهذه الأزمة،ولكن البروفسور كريكوري كوس يعتقد أنّ هذا الاحتمال بعيد للعرب السنة و الشيعة، وفي اطار تعقيبه على الموضوع يقول : ((لا أعتقد أنْ يجري تقسيم العراق ،وحتى لو حصل ذلك،فإنه لاينقسم الى ثلاث دول بل الى دولتين،لأن العرب العراقيين وبالرغم من الصراعات الموجودة بين السنة والشيعة الاّ أنّ هناك اتحاداً تاريخياَ يربطهم ببعض،ولذلك ليست لدى أي جهة محلية أو دولية مصلحة في ذلك حتى لدى الساسة العراقيين،إنّ كورد العراق في هذه المرحلة الحساسة يعيشون في وضع صعب،فمن جهة يتمتعون بموقع القوة مقابل الحزبين المتصارعين،ويستطيعون حسم النتائج من خلال دعمهم لأحد الجانبين و من مصلحة الكورد عدم جمع كل السلطات في أيدي رئيس الوزراء العراقي،و إنّ توازن القوة و المراقبة و حفظ التوازن بين السلطات هي من مصلحة الكورد ايضاً،ومن جهة أخرى ربما يوافق رئيس الوزراء وحزبه على نسبة دعم اكثر للكورد سيما مايتعلق بمسألة النفط في المدى القريب،وذلك بغية الحصول على دعمهم،لذا اعتقد أنّ المسألة تتعلق بمصالح بعيدة المدى مقابل المصالح المستقبلية)).
Top