• Thursday, 25 April 2024
logo

في الدول الفاشلة ...التشكيلة القومية والدينية ذريعة للضعف

في الدول الفاشلة ...التشكيلة القومية والدينية ذريعة للضعف
ترجمة: دارا صدسق نورجان


رغم مرور أكثر من(8) سنوات على سقوط النظام الدكتاتوري في العراق، فأن المساعي وعلى أسس التعددية والتعايش الأخوي لا تزال سائرة لبناء عراق جديد، غير أن العراق لحد الآن يقف، ضمن التصنيف الدولي، في المقدمة في مجالين أثنين فقط.
1- إذا لم يكن، في تصنف الدول الفاشلة، في المرتبة الأولى فأنه لن يغادر أحد المراكز الثلاثة الأولى منه.
2- فيما يتبادل المواقع الثانية والثالثة في أكثر الدول فساداً ومنذ عدة سنوات أي انه يتراوح بين السودان وبين ميانمار... إن السبب الرئيس الذي يقف حائلاً أمام عدم خلاص العراق من دائرة أوائل الدول الفاشلة في العالم إنما يعود الى أن الفكر العنصري الذي تأسس العراق على أساسه منذ بدايات القرن الماضي كان السبب في تأسيسه دولة فاشلة وكانت وجهات النظر البارزة تقرأ المشهد على أن التعددية الدينية والقومية والمذهبية هي أحد أسباب ضعفها، ولكي يتجاوز العراق نقاط الضعف هذه فقد ظل التعامل مع العراق هكذا منذ تأسيس دولته وحتى سقوط نظام البعث في نيسان 2003.
1- لأن مقاليد السلطة في العراق قد تولتها الأقلية السنية أو أنيطت بها منذ التأسيس ما حال دون التفكير بالديمقراطية لا بل سارت المساعي نحو أتباع سياسة التطهير العرقي فيه .
3- كما تركزت المساعي، منذ تأسيس الدولة مواجهة القضية الكوردية، بقوة الحديد والنار وألاتكون هناك مسألة تسمى القضية الكوردية أو الشعب الكوردي، وبدأ هذا التوجه منذ عشرينيات القرن الماضي، وصولاً الى أستخدام وسائل وجرائم حملات الأنفال سيئة الصيت ضد البارزانيين في الثمانينيات ومن بعدها حملات الأنفال الشاملة وأستخدام الأسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً ضد الكورد.
3- وبذلت المساعي منذ بداية تأسيس الدولة العراقية لأعتبار المذهب الشيعي كجهة معادية أو أعداء، ورغم أن معتنقي هذا المذهب يشكلون الأغلبية في البلاد فأن مختلف صنوف العنف قد أستعملت ضدهم لأبعادهم عن السلطة..
4- أتباع سياسة(تصحيح القومية) مع مختلف المكونات الدينية و مذهبية الآخرى وبالأخص معتنقي الديانتين المسيحية والأيزدية وكذلك الأخوة التركمان وبذلت الجهود لتغيير الهوية القومية من التركمان والكلد وآشور والكورد الى الهوية العربية.
5- بذلت الحكومات العراقية المتعاقبة جل مساعيها، وعن طريق أتباع سياسة التعريب، تغير التكوين الجغرافي للمناطق الكوردستانية من سنجار وحتى خانقين والبدرة وجصان وذلك بجلب العرب الى تلك المناطق واستيطانهم و بالمقابل ترحيل الكورد والتركمان والمسيحيين من ارض الأجداد..
(أنعكاسات هذا الفكر العنصري على العملية السياسية ما بعد سقوط النظام).
بعد سقوط نظام البعث عام 2003 والذي كان يمثل الفكر العنصري العربي في العراق حكم في ظله لمدة 40 عاماً، وغياب هذا الفكر في الحكم فقد عاد الى الوجود من جديد لاحقاً، أي بعد التحرير وذلك بصورة أستخدام العنف والأرهاب في المناطق المقتطعة من اقليم كوردستان ضد عموم الكوردستانين من تركمان وآشوريين وكلدان وإيزديين) وعادت المساعي مجددا، وعن طريق تفجير السيارات الملغومة والتفجيرات (الأنتحارية)، ومداهمة العوائل لأجبار القوميات من غير العرب لترك مواطنهم واللجوء الى المناطق الواقعة ضمن سلطة حكومة أقليم كوردستان وفي ذلك نؤكد أن أبواب اقليم كوردستان مفتوحة ليس أمام القوميات غير العربية التي تتعرض لحملات العنف والأرهاب فحسب إنما سيستقبل ايضاً الأخوة العرب الذين يتوجهون الى أقليم كوردستان هرباً من العنف والأرهاب في مناطقهم.
غير أن الجدير بالتوقف عنده هو أن مخلفات البعثيين مازالوا يحملون فكراً عنصرياً ويحاولون تنفيذ ما هم عاجزون عن أتباعها عن طريق ارهاب الدولة المنظم ضد المواطنين الكوردستانيين، وذلك بتنفيذ عمليات أرهابية(انتحارية) كما تلك الحملة الأرهابية التي نفذوها في الموصل ضد الأخوة المسيحيين والأيزديين والشبك والتركمان قبيل انتخابات مجالس المحافظات العراقية وقد شاهدنا جميعاً كيف أن مدينتي تلعفر وسنجار قد اضرجتا بالدماء عن طريق تفجيرات (أنتحارية) وقد حاول البعثيون القدامى أن يتخذوا من تلك الأحداث وسيلة لتشويه الرأي العام غير أن الكوردستانيين قد ردوا بأنفسهم على تلك التهم الباطلة وقدموا ايضاً تقديرهم وامتنانهم لرئيس اقليم كوردستان وحكومة الأقليم للتعاون معهم في مواجهة ومعالجة أية أعمال ارهابية ضد الكوردستانيين في المناطق المقتطعة من الأقليم وسواء أرتكبت ضد الكوردستانيين في سنجار أم خانقين فأن حكومة أقليم كوردستان سارعت فوراً لأيصال المساعدات الضرورية لتلك المناطق وفتحت المستشفيات والمؤسسات الصحية في كوردستان أمام المصابين وأرسال من تعذرت معالجتهم فيه الى الخارج.
إن الكوردستانيين هؤلاءهم اقوى من الأرهاب والرعب حتماً وسيعودون الى أقليم كوردستان فأهداف العنصريين والأرهابيين هي تخريب الموزائيك أو التشكيلية القومية والدينية الكورستانية وأخافتهم بهذه الأعمال الأرهابية طريقاً لأجبارهم على التراجع عن قرارهم بالدعوة والأصرار على تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي الدائم بأسرع وقت وعودتهم الى اقليم كوردستان.
إن الكوردستانيين ، وعلى أختلاف قومياتهم ودياناتهم سيما المسيحيين والتركمان يرون بأعينهم واقع الأمور الراهن في المناطق الخاضعة لسلطات حكومة أقليم كوردستان وكيف أن أخواتهم هناك يتمتعون بحقوقهم السياسية والثقافية والأجتماعية ويشاركون في عملية أدارة الحكم فيه ويتفهمون جيداً ويفهمون قرارات رئيس اقليم كوردستان فيما يخص أمور مختلف القوميات والديانات في الأقليم:
1- هناك أختلاف وتعدد قومي في أقليم كوردستان غير أنه لا توجد مصطلحات (الأغلبية والأقلية)، فالقومية هي قومية وأن عدد السكان لا يمثل الهوية القومية.
2- يتم تقدير عموم الديانات في كوردستان وأجترامها بشكل عام ويمارس معتنقو أية ديانة طقوسهم الرسمية وبكل حرية.
3- بالنسبة لتحديد حقوق القوميات في دستور أقليم كوردستان فقد قرر رئيس الأقليم مسألة تحديد وصياغة حقوق القوميات لأبنائها وبالطرق التي توافق تطلعاتهم ويقررون بأنفسهم سبل أدارة شؤونهم.. إن العنصريين وقدامى البعثيين يدركون جيداً أن الكوردستانيين، ومتى ما تم تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي إنما يصوتون ويختارون العودة الى حدود أقليم كوردستان ما يجعل هؤلاء العنصريين يحاولون تهجيرهم مرة أخرى من أرض الأجداد عن طريق التخويف والترهيب والأرهاب وتعريبها من جديد، غير أن ذلك الزمن قد ولَى لتتحقق أحلامهم العنصرية ولن يستطيعوا الوقوف بوجه ارادة شعب كوردستان.


مطران أبرشية الموصل جرجيس توما لمجلة كولان:
شكرا لله تعالى فأن التسامح وقبول الآخر مؤمنا في أقليم كوردستان وأمنيتنا أن يحذو العراق جميعاً حذوالأقليم.
المطران جرجيس القس موسى، مطران آبرشية الموصل للسريان الكاثوليك يسكن بلدة قرقوش حالياً، سبق أن أختطف في مدينة الموصل ثم أضطر خاطفوه في خضم حملة كبرى للعنف والأرهاب الى أطلاقه، هو أحد رجال الدين المسيحي و شخصية مسيحية معروفة وقد أرتأينا أجراء لقاء معه حول أعمال الأرهاب والعنف التي ترتكب ضد الأخوة المسيحيين في العراق بصورة عامة وفي الموصل على وجه الخصوص وقد تجاوب معناً مشكوراً.
• ابتداء، ما هو رأيكم حول حملات الأرهاب والعنف التي ترتكب ضد الأخوة المسيحيين؟
- استهلالا أقول: أنه لمن المؤسف أن ترتكب هذه الممارسات ضد العراقيين، سيما ضد جزء أو مكونات معينة فيه، ودون مراعاة لديانة القومية التي تستهدف فيه و قوميتها. غير أن الحديث عن استهداف المسيحيين إنما يعتبر كارثة لأن ارتكاب أعمال الأرهاب والعنف ضد أحدى القوميات الأصيلة في العراق إنما هو أستمرار لجرائم وأعمال أرتكبت قبل(2000) عام، إن تأريخنا القديم والمعاصر عرفنا بحبنا للعراق وأرضه فضلاً عن شعورنا وتعاطفنا التراثي والتاريخي مع هذه المنطقة.
المعروف أن أعداونا قد تناقصت نتيجة كل الحروب وعمليات التهجير التي تعرض لها المسيحيون فضلا عن مسائل غمط حقوقنا الطبيعية والقانونية وحقوق الأنسان والأضطهاد القومي وقد تحولنا اليوم، من الناحية السكانية، الى أقلية غير أن أسلوب آداء المسيحيين من النواحي الثقافية والخدمية والعلمية والمؤسساتية هو أكبر من ذلك ما يجعل استهداف هذه(الأقلية) كارثة لمستقبل العراق كما أن عدم بقاء مثل هذه القوميات على الساحة العراقية إنما هو اجتثاث لعنصر رئيس من مكونات الشعب العراقي.
* العراق هو بلد ذو تعددية قومية ودينية، غير أن هذه التعددية لم تكن حتى الآن سببا أو طريقا لأنبثاق روح التسامح والتعايش فيه، بل أن مساعي الأنظمة العراقية المتعاقبة الى زوال هذه التعددية وتغييبها وصهرها في أطار سياسة الصهر القومي والديني هي التي جعلت العراق في مهب التعقيد وعدم الأستقرار ، سؤالنا لكم هو لماذا حاولت الأنظمة العراقية بأستمرار أزالة هذه الظاهرة التعددية وتغييبها؟
- التعددية هي ظاهرة أنسانية وأجتماعية و لن يتمكن أي حاكم دكتاتور في العالم، في الماضي والحاضر من اجتثاث هذه الخصال الأنسانية لأنها من الطبيعة الأنسانية في الفكر والرءي السياسي والتوجيه الديني، وهي أيضا جزء من الضمير الأنساني وفي التكوينة النفسية والعرقية والقومية ما يجعلنا واثقين من خسارة وهزيمة الجهات اتي تسعى الى تغييب التعددية في العراق، كما أنني من الأشخاص المؤمنين بحقيقة أن التعددية إنما هي قدر العراقيين.. ويضيف! وفي أحدى زيارتي مع وفد عام للسيد جلال الطالباني قلت له:
هناك فكرة في العراق وواقع مفاده أنه ليس بأمكان أية جماعة أن تحكم جماعة أخرى ولا تتمكن أية قومية من السيطرة على غيرها فنحن كعائلة واحدة، قدرنا يحتم علينا التعايش معاً بسلام، وبعكس ذلك فأن النهاية تنتظر أحداهما أو كليهما ما يحتم علينا أن نسعى جميعاً وبالأخص نحن المثقفين ورجال الدين والقادة الروحانيين في هذا البلد وندعو بأستمرار الى الأخوة والتسامح والحوار وفتح صفحة التباحث البناء فمواصلة المساعي لأجتثاث المقابل تعني انتهاءنا جميعاً وهو مصير محتم علينا.
* منذ عام 1991، حيث أعلن الملاذ الأمن لأقليم كوردستان في العراق فأن الكوردستانيين، وعلى اختلاف قومياتهم ودياناتهم يتعايشون معاً وبروح و ثابة من التسامح وقبول الآخر، ومنهمكون في بناء وطنهم وهذا ما دفع الجميع لأعادة أعمار المساجد والكنائس على ذات الخط في كوردستان. السؤال هو إن أقليم كوردستان هو جزء من العراق فلماذا لا يتحقق في باقي مناطق البلاد ما تحقق في أقليم كوردستان؟
- ثقوا أن هذا حلمنا وأملنا ونأمل دائما أن تصبح كوردستان نموذجا يحتذى في عموم العراق واشكر الله تعالى على أن قسماً من البلاد قد أتبع هذا النهج وندعو لبقية الآجزاء أن تأخذ ذات المسار بعد تعبهم ومكابدتهم جراء ما يمارسون الآن من طرق حياتية ونرغب أن يغدو أقليم كوردستان منطلقاً رئيساً في انتشار سيادة القانون وتنفيذ الدستور وظواهر التسامح والسلام والمصالحة والتعايش بين عموم المواطنين العراقيين, ورغم انشغاله بأعادة بناء الأقليم و تنفيذ مشاريعه الأنمائية أدعو لأقليم كوردستان أن يعمل من أجل نشر مسائل التعاون البناء و فلسفة المساعدة والأنفتاح والتسامح وقبول الآخر في عموم أجزاء العراق.
* بعد سقوط النظام السابق في العراق فأن قسماً كبيراً من المسيحين في مختلف مناطق الموصل يدعون الى الأنضمام لأقليم كوردستان غير أن مخلفات النظام البعثي البائد لا يمكن لهم تقبل ذلك وكان أن بداوا منذ عام 2009 باغتيال عدد من رجال الدين المسيحيين ما تسبب في مغادرة عشرات العوائل المسيحية لمناطقهم واللجوء الى اقليم كوردستان كما ظهرت ظاهرة الأغتيالات ثانية في الأسبوع الماضي لأجبارهم على مغادرة مواطنهم ومناطقهم ترى ما هي انعكاسات هذه الجرائم ؟ على المجتمع الدولي؟
- بودي أن أجيبكم على القسم الرئيس من هذا السؤال:
نحن نتمنى أن يجرى التحقيق في كل تلك الأحداث وغايتي في التحقيق هو متابعة تلك المسائل منذ بداياتها وتسير فيها التحقيقات القضائية بصدق وعدالة وحتى لو كانت تحت مراقبة دولية.
فلا يمكن أن تصل المسائل الى نقطة محدودة ثم تغلق التحقيقات وينتهى كل شئ وقد طالبنا كثيرا باكمال التحقيقات و معاقبة من تثبت عليهم الجرائم وفق القوانين العراقية. وأن تكون التحقيقات شفافة لدرجة أن يكون بأمكان الشعب العراقي الأطلاع على كل التفاصيل ومستعدون اليوم لذات التعاون لكي لا ينأ المجرمون عن العقاب ولا يستمروا في ممارساتهم تلك .
* هناك الآن حملة واسعة للأرهاب والتخويف تعم المناطق التي تسمى ب(المتنازع عليها) بين أقليم كوردستان وبين القسم العربي من العراق وتمارس ضد القوميات والديانات غير العربية أو غير الأسلامية مثل المسيحيين والأيزديين، ترى الى أي مدى يتسبب ذلك في عودة التعقيدات الى الوضع الأمني في العراق؟
- مالم نلجأ نحن كأفراد ومجتمع وقوميات الى الحوار لتحقيق التسامح والتعايش السلمي والحياة وفق الأسس وفي المناطق التي نختارها فأن كل الأطراف تعجز، حتى لو أستخدمت الضغوط والقوة، للتوصل الى أية نتيجة وكمثال حي أقول: إن هذه المنطقة هي موطننا منذ مئات السنين تورثناها عن أبائنا وأجدادنا حتى أن هناك العديد من الكنائس في قرانا وما حولها أي أن قرانا كانت موجودة قبل حلول الديانة المسيحية فيها والتي تمتد لأكثر من(2000) سنة، أي قبل ظهور الأسلام بأكثر من 600 سنة وهنا تجذرت دماؤنا وأصولنا وعرقنا وكدنا في هذه الأرض وبالنسبة للمسائل السياسية فلدينا قادة وسياسيون يحققون ويجرون الحوار والتفاوض بشأنها غير أن المؤسف له هو أننا قد غدونا وقوداً للصراعات السياسية.
* تزامنا مع الممارسات التي يقوم بها الشوفينيون العرب في العراق ضد الكورد والتركمان والمسيحيين ، فأن الأعمال الأرهابية في مناطق تلك المكونات آخذه بالأزياد ترى الى أي مدى يتسبب ذلك في اندلاع حرب طائفية في العراق؟
- اتضرع الى الله تعالى الآ تحدث حرب طائفية وبالنسبة لتزايد الممارسات الأرهابية في تلك المناطق أنما هو حالة تعم مختلف أنحاء العراق ولك تبق لا الرمادي ولا بغداد ولا سامراء ولا البصرة بمنأى بل جعلت العراق مرجلأ مخيفاً يغلى ما يجعلنا أمام حقيقة كفاية تلك الممارسات وضرورة العودة الى العقل والمنطق ونعمل من أجل عيشنا المشترك مستقبلا.
* وهل بأمكان الأمم المتحدة وضع حد لتلك الممارسات الأرهابية أذا ما أستمر هؤلاء في غيًُّهم؟
- ليس بمقدور أي طبيب في العالم مداواة مريض لا يرغب في المعالجة، ومالم نتمكن نحن من مساعدة أنفسنا هناك قوة في العالم تستطيع مساعدتنا وستعجز عن ذلك.


محمد كروسي لمجلة كولان: هناك ثقافة التسامح في كوردستان ولم يتعرض فيها فليست أي مسيح للعنف على مدى تأريخها.
البروفيسور محمد كروسي هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس وخبير مختص بقضايا الأتنيات في الشرق الأوسط وتركيا والعراق و القضية الكوردية في العراق وتركيا.. وقد تحدث الينا عن مختلف جوانب المسائل الأتنية والدينية وتعقيداتها بصورة عامة والوضع السياسي في العراق وحملات الأرهاب التي يتعرض لها المسيحيون في باقي مناطق العراق :
* العراق دولة ذات تعددية قومية ودينية غير أن ذلك عجز عن ايجاد ثقافة التسامح والتعايش وفي ذات الوقت فأن جميع الحكومات العراقية المتعاقبة قد سعت الى ارساء المركزية في السلطة ما أدى الى عدم الأستقرار. ترى لماذا حاولت تلك الحكومات مسح تلك التعدديات.
- صحيح ما تشيرون اليه واقصد بالذات أن نظام صدام قد تصرف على هذا التوجه وأؤكد هنا أن التعددية لم تكن في يوم ما عقبة أمام الديمقراطية بل أن النخب والقادة السياسيين هم الذين يجعلون من تلك التعددية مصدراً للمشكلات وأقولها بشكل أوضح أن سياسة القمع التي يمارسها النظام تحول التعددية الدينية أو القومية الى قضية سياسية وكمثال على ذلك أقول إن الأنتماء الكوردي لم يكن ليتحول الى معضلة سياسية لولم يتبع نظام صدام سياسة قمعية ضدهم أي أن القضية بالأساس لا تكمن في وجود التعددية بل هي في كيفية أدارتها وتكييفها أي أن على السلطة أن تسمح ليس فقط لوجود التعددية فحسب بل عليها أن تحمي تلك التعددية وعندها ستتمكن المكونات المختلفة من التعايش بسلام وديمقراطية فأما منا تجارب العديد من الدول الأوربية بهذا الصدد ومنها بريطانيا وبلجيكا على سبيل المثال وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية واللائي رغم وجود التعددية فيها فأن فيها الديمقراطية ومؤسساتها.
* منذ عام 1991 كأقرب فترة تتعايش مختلف القوميات والديانات في اقليم كوردستان ونرى مثلاً وجود وبناء المساجد والكنائس جنباً الى جنب كما أن أبناء هذا الأقليم منهمكون في إعادة الأعمار ترى لماذا لا يجري ذلك في باقي أنحاء العراق حيث الأقليم جزء منه؟
- إن أقليم كوردستان متقدم على سائر مناطق العراق بالنسبة لتحقيق طموحاته الديمقراطية ويعود ذلك برأيي الى عدة أسباب أولها أن للكورد تأريخا حافلاً في مواجهة القمع ومقارعته ومنها أنهم قد واجهوا القمع منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى هزيمة صدام في حرب الخليج الأولى وحاربوا السلطات المستبدة وقدموا تضحيات جسيمة من أجل الحرية ما يجعلهم يسعون بأمانة لكي لا تتعرض الأقليات أو القوميات الأخرى في أقليم كوردستان الى ذات المعانات في الظلم والقمع التي تعرضوا هم لها كما أن الكورد يحاولون لفت أنظار المجتمع المدني وضمان أعتراف دولي بوجود هذا الأقليم وواقعه، ما يجعلهم يتصرفون بمنتهى الخدر لتحقيق هدفهم هذا..
* أن أحدى أهم المعضلات الكبرى في العراق هي مشكلة طرد وترحيل المسيحيين من مدينة الموصل والذين تعرضوا مؤخرا وعلى ايدي قدامى البعثيين الى الترحيل فما كان منهم إلا اللجوء الى اقليم كوردستان، والملاحظ أن حملة أخرى قد بدأت مؤخراً لترحيل غير العرب, وغير المسلمين مثل المسيحيين والايزديين من المناطق (المتنازع عليها) والسؤال هو الى اي مدى يتسبب ذلك في تعقيد الوضع ويضطر معها المجتمع المدني الى التدخل؟
- معروف أن هناك مختلف المكونات الدينية والمذهبية في اقليم كوردستان أما ما يتعلق بموضوع تساؤلكم فأن الكورد لم يقوموا بتوضيح هذا الواقع للعالم كما ينبغي وهذا ما دفع كبريات الصحافة الأمريكية لنشر العديد من المواضيع حول قضية قمع المسيحيين في كوردستان، هنا لا بد لي من القول، هناك في كوردستان ثقافة سائدة وهي وجود التسامح أزاء مختلف الديانات وكمثال على ذلك أن المسيحيين وعبر التاريخ، لم يتعرضوا الى الأضطهاد بسبب أختلاف ديانتهم وفي ذلك على الكورد أن يسعوا لترسيخ نظام ديمقراطي وعلماني في اقليمهم لأتاحة الفرصة لعموم الديانات والطوائف للمشاركة فيه وبتصوري فأننا نتوقع النجاح لهذا المسعى وأقول في ذلك صحيح أن الكورد هم مسلمون غير أن ما يحركهم هو الدوافع القومية والعلمانية.
* المعروف أن هناك في العراق حكومة تصريف أعمال فقط.
وذلك بسبب أجراء الأنتخابات وعدم تشكيل الحكومة بكاملها حتى الآن فبرأيكم الى اي مدى سيكون ذلك سبباً لأحتمال استئناف الحرب الطائفية والدينية وبالتالي أضطرار المجتمع المدني للتدخل في الموضوع.
- الديمقراطية في العراق هي مسألة وقتية وغير مستقرة ويتوقع منها بأستمرار أن تنتكس، ومع ذلك فأنا واثق من أن ايام البعث وصدام قد ولًت، ولا يمكن أن تعود البلاد الى تلك الحقبة أو أهمال وتغافل الأدارة الذاتية لكوردستان لأن هذا الأقليم قد غدا لاعباً سياسياً واقتصادياً ليس في العراق فحسب بل وعلى المسرح السياسي في العالم ايضاً كما أن علينا إدراك حقيقة أن غالبية العراقيين هم من المذهب الشيعي ويقدرون بحوالي 60% منهم، وعلينا جميعاً تقدير هذا الواقع وفي ذات الوقت العمل على أنضمام السنة واستيعابهم في المدى الجماهيري وبعكسه فأن استقرار البلاد سيكون أحتمالاً ضعيفا..
* هل تعتقدون أن بأمكان العراق ممارسة الديمقراطية أو دمقراطة النظام السياسي في البلاد.
- المعروف لدى الجميع أن هناك في الأعلام الغربي نظرة تساؤل إزاء مسالة تقدم الديمقراطية في دول الشرق الأوسط فمازالت الأشارات تقول على سبيل المثال أنه لا يمكن أن ينسجم الأسلام والديمقراطية معاً ! وأن أبناء هذه المنطق غير مستعدين لقبولها، غير أن قناعتي لا تقول بحقيقة هذه التصورات لأن الديمقراطية مرتبطة بتهيئة الفرص أمام أبناء الشعب للتعاون فما بينهم لبناء المؤسسات الديمقراطية أي أن هناك مكونات واعية في الشرق الاوسط وفي الثقافة الكوردية ايضاً وانا كوردي ومطلع جيداً على أوضاعهم، بالأمكان جعلها أساس البناء الديمقراطي ولا يشترط بناء أن نقلد نهج الغربيين ومسارهم في هذا الشأن بل يجب أن يكون لدينا مؤسساتنا وأساليبنا الخاصة لبناء الديمقراطية وممارستها والتي من الممكن أعتبار ما يحدث الآن في اقليم كوردستان وسائر أجزاء العراق خطوة أولية لتطويرها، وكلمتي الأخيرة هي أن عليكم، أن أردتم بناء أقليم آمن ومتطور ومستقر وديمقراطي، الأهتمام بقطاع التربية فهو المفتاح الرئيس لأزدهاركم وتقدمكم وأسعوا دائما للتمازج وعقد العلاقات مع العالم المعاصر وأعني بذلك الغرب والولايات المتحدة سيما وقد هيأ لكم التقدم التكنولوجي مثل هذه الفرصة.



القس خوري جابر قس بحزاني لمجلة كولان: نحن نحب الموصل إلا أنها لا ترغب فينا وتطردنا!
القس خوري جابر هو قس كنيسة بحزاني التابعة لمحافظة الموصل واحدى الشخصيات المسيحية المعروفة في المنطقة وقد تحدث لمجلة كولان عن عمليات الأرهاب التي يتعرض لها المسيحيون في الموصل:
* لقد تعرض المسيحيون في العراق ، ولمرات عديدة، الى حملات الأرهاب والعنف، صحيح أن المكونات العراقية المتعاقبة لم تكن لتتقبل وجود التعددية في البلاد وإلا أن تلك النظرة فد تحولت الآن الى العنف والأرهاب ترى الى أي مدى يبلغ تأثير التراث السياسي العراقي على هذه الظاهرة؟
- برأيي أن تلك الحكومات لم تكن لتؤكد على مسالة قبول الآخر وكمثال أقول: قد أكون أنا، بأعتباري شخصا مسيحيا، غير مرغوب من قبل الديانات الآخرى اقصد من قبل غالبية العراقيين وكذلك الحال بين والعرب الكورد والمسيحيين والتركمان... اخ
والقناعة تحتم ضرورة وجود فكرة قبول الأخر في العراق فهذا البلد وهذه الأرض هي ملك للجميع وليست خاصة بشخص أو جماعة أو قومية أو ديانة محددة، وهي ملك لكل الذين خلقهم الله تعالى على هذه الأرض.. وعلينا أن نتعايش فيها جميعاً بتسامح وسلام ووئام مع العلم، أن العديد من الحكومات السابقة كانت تسعى لصهر بعض المكونات الدينية والقومية ضماناً لبقائها كغالبية في السلطة وسيطرتها على الأقليات الأخرى وقد أمتدت تاثيرات هذه الثقافة على ماحدث مؤخرا أيضاً.
* غير أن هناك أوضاعاً مختلفة في أقليم كوردستان رغم كونه جزءا من العراق فضية تسود مبادئ وتفاصيل قبول الآخر والتعايش السلمي والتسامح وتخطو نحو أجواء الأستقرار الأشمل وهو مرتبط بأسس احترام الجميع وتوفير حقوق جميع الأطراف المساواة بين عموم مكونات البلاد وهذا ما نلحظه في مساعي حكومة الأقليم للفصل بين الدين والدولة فالدين عبارة عن علاقة خاصة بين المرء وبين ربه في حين أن الوطن هو للجميع وهذه مرحلة لم تبلغها بعد بقية مناطق العراق بل لا تزال متعلقة بالتراث والعادات القديمة التي توارثوها جيلاً عن جيل وهو السبب الكا من وراء تقدم اقليم كوردستان على سائر أجزاء العراق.
* بعد سقوط النظام السابق في العراق يطالب القسم الاكبر من المسيحيين في منطقة الموصل بالأنضمام الى اقليم كوردستان غير أن بقايا نظام البعث لا يتقبلون ذلك حيث اقدموا في عام 2009 على اغتيال عدد كبير من رجال الدين السيحيين ما تسبب في هجرة العشرات من العوائل المسيحية من مناطقهم واللجوء الى اقليم كوردستان وهي عملية تجرى بأستمرار لهذا الغرض العنصري ترى الى أي مدى يكون لهذه الأعمال الأجرامية تأثيرها على المجتمع الدولي؟
- نحن في حال لم نتمكن آمن الداخل، من تحريك المجتمع الدولي باتجاه إيقاف حملات سفك الدماء والأعمال الأرهابية تلك فلن يكون لمن في الخارج أي تحرك بهذا الأتجاه لذا علينا أن نعمل شيئا في الداخل ونتحرك فقد وصلنا الى مرحلة لا يمكن السكوت عليها أكثر من هذه فنحن نسمع يومياً أبناء مؤلمة عن أغتيال المسيحيين من طلبة وموظفين ورجال دين وسائر أفراد المجتمع المسيحي بل ويجب ايقاف تلك الحملات ومعالجة الأوضاع المؤلمة غير الطبيعية تلك عن طريق حلول سلمية وإنسانية ومراعاة حقوق الأنسان، فنحن كما تعلمون مواطنون اصلاء في هذا الوطن والأمر هكذا فلا يجوز التعامل معنا بهذا الاسلوب كما أن أقليم كوردستان هو ملاذ آمن في هذه الاوضاع ليس للمسيحيين وحدهم بل لعموم المواطنين العراقيين من مسلمين ومن ديانات وقوميات آخرى وكما نرى فإن العراقيين من بغداد والموصل وبقية أنحاء العراق يتوجهون الى أقليم كوردستان طلباً للأستقرار والأمان والعيش بسلام ووئام.
* وماذا عن تسبب هذه الممارسات في تعقيد الوضع الأمني في العراق ؟
- هذا التوجه سبق أن فكرنا فيه ونحاول معالجته، فليست لدينا مشكلة مع أحد ولا نبغض أحدا، نحن نحب العراق واقليم كوردستان جزء منه، غير أن مشكلتنا هي قربنا من الموصل التي أقول بصراحة أنها لا تريدنا فلو كانت تريدنا لقام أهلها بحل المشكلة وتحسين الوضع وقد يقول البعض ( ليس في مقدورنا أن نعمل شيئا ونقول إذاً كيف تمكنوا من الحفاظ أيام سقوط النظام السابق، على مستلزمات، وآثاث و موجودات الجامعة والمؤسسات الحكومية؟ فقد نزل الجميع الى الشوارع وأنقذوا المدينة من اللصوص والمجرمين، إذاً لماذا لا يتمكنون الآن من حمايتنا نحن المسيحيين فيها؟ كما أن حكومة الأقليم قد ابقت أوضاعنا المؤلمة كما هي! فنحن نقطن المناطق (المتنازع عليها) دون أرادتنا وقد اتينا الى هذه الدنيا ويقولون لنا(أنتم ضمن المناطق المتنازع عليها)، وليس واضحاً أو معلوماً متى تنفذ المادة 140 من الدستور العراقي فقد يكون غداً أو بعد(20) سنة ثم أن معظم أبناء المنطقة هم عاطلون عن العمل ويعيشون أوضاعاً صعبة وعلى حكومة اقليم كوردستان أن تسعى بجدية ومسؤلية لتعيين خريجي الكليات والمعاهد والأعداديات ضماناً لأستقرار معيشتهم ونلاحظ أن العديد من العوائل المسيحية تغادر مناطقها تلك ، وبشكل يومي السبب هو مجهولية مصيرنا وعدم أستقرار مناطقنا.
* ما مدى تأثير الأعمال الأرهابية التي ينفذها الشوفينيون العرب ضد الكورد والتركمان والمسيحيين على أندلاع حرب طائفية في العراق؟
- أنا برأيي أن أحتمال أندلاع حرب طائفية في منطقتنا هو أحتمال غير وارد فنحن المسيحيين والمسلمين والأيزيدين والشبك والعرب الأصلاء والسريان والقوميات الآخرى نعيش منذ الأزل بوفاق ووئام غير أن عدم تشكيل حكومة مشتركة بين عموم القوميات والديانات والمذاهب قد يتسبب في اندلاع حرب طائفية في المناطق الآخرى من العراق.
* وكيف السبيل لقطع دابر سياسة التطهير العرقي والديني هذه؟
- علينا جميعا أن نسعى بلا شك لأعادة أعمار العراق الذي لما يزل يعاني من الصراع على السلطة في بغداد فضلا عن التدخل الخارجي في شؤونه و هو معضلة صعبة جداً وفي حال عدم التوافق أو المساومة، او التنازل عن البعض المناصب فسنعجز عن تحقيق اية نتائج ويكون التوافق او التنازل والمساومة تلك من أجل تأمين الخدمات الأساسية لأبناء البلد وللوطن بصورة عامة وبعكسه فأن البلد سيتعرض الى التقسيم وهو أمر سئ لا يمكن قبوله في عراق تسيل فيه الدماء ويعاني من القتل والأرهاب والترحيل منذ أكثر من (8) سنوات، وعن احتمال تدخل المجتمع الدولي والأمم المتحدة لصالح هذه الحلول يقول محدثنا: لحد الآن لم نشعر بأي دور مهم للأمم المتحدة في العراق بل الحقيقة هي أن بالأمكان بناء نوع من المصالحة، في حال اردنا أعادة بناء العراق.. مصالحة وطنية بين عموم مكونات العراق بأستثناء من أرتكبوا جرائم بحق الشعب العراقي وأضاف : إن أعضاء حزب البعث المنهار ليسوا مجرمين جميعاً بل أن في صفوفه فقط جماعة معروفة كانت لهم اليد الطولي في أرتكاب الجرائم بحق الشعب العراقي وهم بشر واصحاب عوائل ولا يمكن التعامل معهم بمستوى واحد ومجمل ذلك أنه لا يمكن العيش في بلد يفتقد الى المصالحة والتسامح والمفروض أيجاد معالجة حقيقية لأوضاع أناس قد التحقوا بالبعث تحت تأثير الحاجة والظلم والياس ورأيي الأخير أنه لا يمكن أن يعيش البلد آمنا مستقراً مالم يتوافق العراقيون على اختلاف أحزابهم السياسية وطوائفهم وقومياتهم ودياناتهم ومذاهبهم ولم يتوصلوا الى مصالحة عامة وتسامح شامل.
Top