أحفاد صلاح الدين الأيوبي بين المطرقة والسندان
ينتمي صلاح الدين الأيوبي إلى عائلة كوردية، وتنتسب هذه العائلة إلى قبيلة كوردية تعدُّ من أشراف الكورد نسباً من عشيرة تعرف بالرَّوادية، وينتسب الأيوبيون إلى أيوب بن شادي، ويعتبرهم ابن الأثير أشراف الكورد لأنهم لم يجر على أحدٍ منهم رقٌّ أبداً، وقد ولد صلاح الدين الأيوبي عام 1137 م في قلعة تكريت .
لا يختلف اثنان أن صلاح الدين الأيوبي قائد تاريخي فذ، وهو واحد من أشهر القادة المسلمين الذين يتّصفون بالحنكة والدبلوماسية والأخلاق الإنسانية والشجاعة والحكم العادل، وكان متسامحاً مع الجميع على اختلاف أديانهم وأعراقهم ومحباً للعلم والعلماء وطيب القلب وذو دموع سريعة ومطيعاً وعقلانياً ومستمعاً جيداً الى المتحدثين اليه، وعادة ما يرتبط اسمه بمعركة حاسمة في التاريخ الإسلامي، وهي معركة حطين، وهو مؤسس الدولة الأيوبيّة التي حكمت مصر واليمن والشرق والحجاز، ومحرر مدينة القدس من الصليبيين.
إن عصر صلاح الدين الأيوبي لم يكن عصر القوميات على الرغم من اعتماده الكبير على العنصر الكوردي، وما كورد فلسطين ومصر والأردن واليمن ..... الخ إلا خير مثال على ذلك. بل كان عصر الأديان وكانت الأديان في صراعات مستمرة، وتوجت مرحلة صلاح الدين بالصراع بين الغرب المسيحي والشرق الإسلامي وانتهت المعارك بانتصار صلاح الدين الأيوبي على ريتشارد قلب الأسد قائد الحملة الصليبية آنذاك ومن يومها بدأت اللعنة والويلات على كوردستان والشعب الكوردي سواء من الغرب المسيحي أو من الشرق الإسلامي (اخوة الدين المفترضين) ومازلنا نعاني الاضطهاد والظلم والغبن والتهميش الى يومنا هذا فمن جهة:
على الرغم أن غالبية الشعب الكوردي مسلمون (سُنّة) إلا أن الدول الغاصبة لكوردستان والذين يدعون الإسلام (اخوتنا في الدين) تعاملوا معنا كأولاد البطة السوداء ويتامى المسلمين. فلم يسلم الشعب الكوردي وعلى امتداد الأنظمة المتعاقبة من الاضطهاد والظلم والغبن والتهميش ناهيك عن الإبادات الجماعية وحملات الأنفال واستخدام السلاح الكيماوي (حلبجة) والاعتقالات والإعدامات المستمرة إضافة الى التغيير الديمغرافي الجاري على قدم وساق في كل الجغرافية الكوردستانية وعدم الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التاريخية كوردستان وفق العهود والمواثيق الدولية المنصوصة في قوانين وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. أيعقل أن يعامل أحفاد صلاح الدين الأيوبي والصحابي جابان الكوردي أبو ميمون وإبراهيم هنانو وسعيد الكوردي..وغيرهم بهذه الطريقة الانكارية، وهل هكذا تكافئ الشعوب على معروفهم النبيل والتي تؤدي الى الاحتقانات والتوترات المستمرة في المنطقة والتي لن تهدأ وتستقر إلا بإيجاد حل لقضية الشعب الكوردي والشعوب الأخرى؟.
بانتصار صلاح الدين الأيوبي على ريتشارد قلب الأسد قائد الحملة الصليبية جلب اللعنة على كوردستان والشعب الكوردي. لعنة تقسيم كوردستان واضطهاد شعبه من قبل الغرب المسيحي نكاية بكوردية صلاح الدين الأيوبي، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى والتي بدأت عام 1914 إثر اغتيال ولي عهد النمسا في سرايفوا من قبل الصرب متعصبين، وقامت الحرب بين دول الحلفاء وهم بريطانيا وفرنسا وايطاليا وروسيا (انسحبت من الحرب بعد ثورة أكتوبر 1917) وأمريكا (دخلت الحرب عام 1917) من جهة وبين الإمبراطوريات الالمانية والنمساوية والعثمانية من جهة أخرى.
انتهت الحرب بانتصار دول الحلفاء ووقعت الدول المنهزمة بالحرب وثيقة الاستسلام في فرساي في باريس عام 1919 ومعاهدة سيفر 1920 وفرضت شروطاً قاسية على المنهزمين وقسم الكثير من أراضيهم بين الحلفاء المنتصرين. ودخل الفرنسيون سوريا بعد معركة ميسلون عام 1920 فيتجه الجنرال الفرنسي غورو الى قبر بطل حطين ومحرر القدس من الصليبين صلاح الدين الايوبي ويركله بقدمه ويقول له (ها قد عدنا يا صلاح الدين) ولازال الشعب الكوردي يدفع فاتورة تلك المرحلة التاريخية التي لم تكن ذات ميزات عرقية أو قومية بل كانت مرحلة صراع ديني والاتي لم يكن للكورد فيها ناقة ولا جمل.
ومن هنا فإن الشعب الكوردي وعلى امتداد الجغرافية الكوردستانية لا بد من تغيير سياساته ومفاهيمه وأساليب تعامله لتوسيع دائرة حلفائه وتقليص عدد أعدائه شرقاً وغرباً والوصول الى مراكز صنع القرار في العالم وإتباع سياسة وديبلوماسية حكيمة لصون حقوق الشعب الكوردي القومية وبناء دولتهم كوردستان أسوة بباقي شعوب المنطقة والعالم والتخلص من سندان الشرق ومطرقة الغرب.
باسنيوز