لعبة اطلاق الصواريخ
گارق كاريزي
اطلاق الصواريخ من قبل جهات مجهولة (معلومة الهوية والانتماء) بات يشكل جزءا مقلقا من المشهد السياسي والامني في العراق.
سبق وان قامت مجاميع مسلحة باستهداف المنطقة الخضراء في قلب العاصمة بغداد والغاية المعلنة من ذلك في كثير من الاحيان هو ضرب السفارة الامريكية (قوات الاحتلال) هناك. مثل هذه الهجمات قد خمد اوارها بعد تهديد ناري من واشنطن مشفع بالضربات الجوية، حيث اختفى مطلقو الصواريخ خلف كواليس مظلمة، ليعاودا ممارسة هواية اطلاق الصواريخ هذه المرّة ضد اهداف منتخبة من اقليم كردستان بدءا اربيل وصولا الى كفري، وايضا في مناطق اخرى من العراق.
السيد الكاظمي باعتباره المسؤول والقائد الامني الاول في العراق، عبر عن ادانته للهجمات وتحدث بحكمة بالغة عن كيفية التعامل مع السلاح المنفلت الذي يهدد امن البلد، وجاء تلميحه "اننا لا نريد التعامل مع هكذا امور على شاكلة صدام"، ضمن هذا السياق. وهذا يعني بان القائد العام للقوات المسلحة العراقية يسعى لتغليب قوّة المنطق مرجحا اياها على منطق القوّة، حيث الاخير يؤدي الى المزيد من تأجيج الاوضاع والفلتان الامني والصدامات التي ستخلف الخسائر المادية والبشرية التي يصعب التكهن بحجمها ومدى تداعياتها الجانبية، علاوة على صعوبة ضمان النتائج المرجوة في الحالة يعيش فيها العراق.
مهما كان موقف السيد الكاظمي من هذه التجاوزات الامنية ضد الاقليم وباقي مناطق العراق، فهذا لا يلغي المسؤولية القانونية للحكومة الاتحادية ازاء هكذا مطلقي الصواريخ والعابثين بأمن البلد. عليه فمن واجب الحكومة الاتحادية وبالتنسيق مع حكومة اقليم كردستان السعي الحثيث لقلع جذور آفة اطلاق الصواريخ وحالات العبث بأمن البلد من خلال تبني خطة شاملة لتحديد وتشخيص الجهات الضالعة والمنفذة والداعمة لمثل هكذا خطوات استفزازية، ومن ثم الشروع بالاجراءات الواجبة.
أمن اقليم كوردستان جزء من الامن الوطني والاقليمي للعراق، العبث بأمن المنطقة التي تتمتع بأكبر قدر من الاستقرار النسبي، يعد تهديدا جاد لأمن العراق بأكمله وخطوة لخلط الاوراق والدفع باتجاه التأزيم وتأجيج الصراعات التي ثبت بعد قرن من عمر الدولة العراقية، ان لا طائل من ورائها.
ومن المهم الاشارة الى ان القوات الامنية في اقليم كوردستان هي جزء من المنظومة الامنية والدفاعية لدولة العراقية الاتحادية، من هنا فان مبادرات تبني سياسة امنية ميدانية مشتركة تشارك فيها القوات الاتحادية (الجيش والشرطة) والقوات الامنية لاقليم كوردستان، واعتبار امن العراق وحدة واحدة والمسؤولية الامنية (وباقي المسؤوليات القانونية والدستورية) مشتركة بين بغداد واربيل، من المؤكد سيكون له نتائج مشجعة تقود في النهاية الى ارساء الامن والاستقرار في البلد.
عليه يمكننا الاطمئنان الى حقيقة ان اي تنسيق امني مشترك على الارض بين العاصمتين يلقى الدعم السياسي من الطرفين، سيكون له نتائج مثمرة تقود باتجاه ضبط الامن والاستقرار ووضع حد للتهديدات الامنية.
ومن المفيد الاشارة الى ان القوات الامنية الاتحادية اثبتت قدرتها من خلال نزع الارض من سيطرة داعش والمنظمات المتطرفة الاخرى، والقوات الامنية لاقليم كوردستان اثبتت قدرتها على ضبط الامن والاستقرار على المستوى الداخلي للاقليم وفي دحر داعش.
باسنيوز