زيارة اردوغان الى العراق مرهونة بالاتفاق على 3 ملفات على رأسها PKK
افاد تقرير صحفي، نقلاً عن مسؤولين عراقيين إن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعراق مرهونة بحل الخلافات حول عدد من الملفات.
وكانت الحكومة العراقية قد أشارت، في 25 يونيو/ حزيران الماضي، إلى زيارة مرتقبة لأردوغان إلى بغداد، لإجراء مباحثات مع المسؤولين العراقيين، وذلك عقب لقاء بين السفير التركي في بغداد علي رضا كوناي، ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، فيما نقلت تقارير محلية عراقية عن مسؤولين أن الزيارة مقررة خلال مطلع يوليو/ تموز الماضي، لكنها لم تتم حتى اليوم.
وقال مسؤول عراقي في مكتب رئيس الحكومة، لموقع "العربي الجديد"، إن زيارة أردوغان إلى بغداد "مرهونة بملفات شائكة لم يتم التوصل لاتفاق بشأنها".
وأضاف ، أن "زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أغسطس/ آب الماضي، كانت بهدف التمهيد لزيارة أردوغان إلى العراق. وكان هناك برنامج عمل متكامل لهذه الزيارة، يتضمن الانتقال من بغداد للبصرة لوضع حجر الأساس من قبل السوداني وأردوغان لمشروع طريق التنمية الرابط بين البصرة والأراضي التركية".
مشيراً ، إلى أن "الزيارة ما زالت قائمة في جدول أعمال البلدين، لكنها مرهونة بالاتفاق على ملفات تتعلق بحزب العمال الكوردستاني PKK ومطالبة أنقرة العراق باعتباره منظمة إرهابية، واستئناف تصدير النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي، وموضوع المياه".
وفي السياق ذاته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، أول امس الاثنين، استمرار مباحثات العراق مع الجانب التركي بشأن الملفات الخلافية، لافتاً إلى أن الأيام القادمة تحمل فرصاً كبيرة لتعظيم مستوى الشراكة بين بغداد وأنقرة.
وبيّن الصحاف، أن ملف استئناف تصدير النفط من حقول إقليم كوردستان عبر ميناء جيهان التركي، والمياه، والعمليات العسكرية التركية داخل العراق، من بين الملفات الخلافية العالقة بين البلدين.
وقال إن "المباحثات مع الجانب التركي مستمرة في مختلف المجالات، منها ما يخص قطاع المياه، وقطاعات مشتركة أخرى، كذلك أيضاً في ما يتعلق بتصدير النفط العراقي عبر تركيا"، كاشفاً أن "الفرق الفنية المختصّة تعمل بشكل أساسي للتوافق على رؤية مشتركة تنبع من مصالح البلدين الجارين".
ورأى أن "مبادئ حسن الجوار وطبيعة العلاقات المشتركة بين الجانبين تفرض أن تكون مسارات التفاوض بدرجة عالية من الإيجابية"، مضيفاً: "نعتقد أيضاً أن الأيام القادمة سوف تحمل فرصاً كبيرة لتعظيم مستوى الشراكة بين بغداد وأنقرة".
وأشار وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، في تصريح صحافي أخيراً، إلى زيارة مرتقبة لوزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار إلى العراق قريباً، موضحاً أن موضوع استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان سيكون واحداً من محاور زيارته، مشيراً إلى أن المحادثات مع تركيا بخصوص الموضوع مستمرة.
من جهته، أكد عضو في البرلمان "عدم الاتفاق على الملفات التفاوضية، المتعلقة بقضية حزب العمال الكوردستاني ومحاربته، ومناقشة إمكانية تنازل بغداد عن أجزاء من الأموال التي كسبتها عقب قرار محكمة باريس بشأن ملف تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان التركي".
موضحاً ، أن "الجانب العراقي أصر على عدم مناقشة تنازله عن الأموال التي كسبها عقب قرار محكمة باريس، وحصر التفاوض بقضية عودة تصدير النفط وحصة العراق المائية، والملفات التجارية والاستثمارية، وملف استمرار القصف التركي على الأراضي العراقية، وما يشكله من خطورة على أمن واستقرار العراق وتداعياته على أمنه القومي. لهذا كانت هناك خلافات وعدم تنسيق، ما دفع الى تأجيل الزيارة إلى إشعار آخر".
وكشف عن "وجود اتصالات مستمرة على مستوى وزارتي الخارجية بين البلدين بشأن تلك الملفات، وفي حال عدم تحقيق أي تقدم قد يصار إلى إلغاء الزيارة".
وفي مارس/ آذار الماضي، أصدرت هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس حكماً بتغريم تركيا أكثر من مليار ونصف المليار دولار بسبب تصدير النفط من حقول إقليم كوردستان بدون موافقة بغداد، وذلك على خلفية شكوى رفعتها حكومة عادل عبد المهدي السابقة ضد أربيل إبان الأزمة بين بغداد وحكومة الإقليم.
التقرير نقل عن غضنفر البطيخ، عضو تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، ، إن "الهدف من زيارة وزير الخارجية التركي لبغداد كان إعداد ورقة العمل لزيارة أردوغان للعراق".
وأضاف: "بين بغداد وأنقرة ملفات مشتركة كثيرة، منها الأمني المتعلق بتحركات حزب العمال الكوردستاني والعمليات العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية، وكذلك المياه وسعي بغداد للحصول على كامل حصتها العادلة من المياه، خصوصاً لما يعانيه العراق من أزمة جفاف كبيرة وخطيرة".
وأشار البطيخ ، إلى أن "هناك ملفاً ثالثاً، هو اقتصادي، خصوصاً حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا، وأصبح هناك إرباك بهذا الملف بسبب توقف تصدير نفط إقليم كوردستان عبر ميناء جيهان التركي، وقرار محكمة باريس المتضمن غرامة مالية على أنقرة. هذا الموضوع هو أبرز أسباب تأجيل زيارة أردوغان".
وأشار إلى أنه "كانت هناك محاولة تركية من أجل أخذ موافقة مبدئية من قبل الحكومة العراقية للتنازل عن المبلغ خلال زيارة أردوغان إلى بغداد، الأمر الذي رفضته حكومة السوداني. كما أن هناك خلافات تتعلق بالأمن والمياه".
وبيّن أن "زيارة أردوغان إلى بغداد مهمة للعراق وتركيا، ولهذا نتوقع حدوث الزيارة، لكن بعد حصول اتفاق على ملفات التفاوض بين الطرفين".
من جهته، تحدث مصدر دبلوماسي تركي طلب عدم الكشف عن اسمه لكونه غير مخول بالتصريح ، إنه "من الطبيعي أن يحصل تأجيل"، لافتاً إلى أن هناك مساعي لتخفيف الملفات الخلافية وخصوصاً في ما يتعلق بشكل مباشر بتركيا، وخاصة مسألة السليمانية ، في إشارة إلى انزعاج تركيا من علاقات بافل طالباني بوحدات حماية الشعب الكوردية في شمال شرق سوريا والتي تعتبرها انقرة امتداداً للعمال الكوردستاني ، خاصة بعد حادثة سقوط مروحيتين في مارس/ آذار الماضي كانتا تقلان قيادات من الوحدات إلى السليمانية، فضلاً عن استضافة رئيس حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني لقائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي.
في المقابل، نقل التقرير عن رئيس مركز "التفكير السياسي" إحسان الشمري، إن "العلاقات بين تركيا والعراق ليست بأفضل حالاتها، على اعتبار أن العراق غير قادر على حسم الكثير من الملفات داخلياً، ومنها ما يرتبط بحزب العمال الكوردستاني، خصوصاً أن بغداد عاجزة بشكل كامل عن المضي بحل هذا الملف كونه جزءاً من التوازنات الداخلية ومدعوماً من جهات تشكل الحكومة الحالية".
وبين الشمري ، أن "ملف التعويضات المالية، وما يمثله من مصد أمام عودة استئناف تصدير النفط بين البلدين، خصوصاً أن بغداد حتى الآن غير قادرة على اتخاذ قرار في ما يخص هذا الأمر، الذي سيكون بمثابة تفريط بالحقوق العراقية، إذا أقدم السوداني على هذه الخطوة. كما أن ملف المياه والرؤية التركية حياله، وعجز الحكومات العراقية عن إيجاد مقاربة يمكن من خلالها حل أزمة المياه، يفاقم التوتر بين البلدين".
وأضاف الشمري أن "هذه الملفات وغيرها ستلقي بظلالها على تأخر زيارة أردوغان إلى بغداد"، لكنه أشار إلى أنه يمكن أن يقوم أردوغان بزيارة العراق لسبب آخر "يرتبط بالممر الأخضر الذي تم الاتفاق عليه من قبل مجموعة العشرين (أخيراً)، والذي قد يحفز تركيا على إيجاد حل وسط لغرض استكمال طريق التنمية".
وفي مارس/آذار الماضي أجرى السوداني زيارة رسمية إلى أنقرة، على رأس وفد وزاري وأمني كبير، بحث خلالها مع المسؤولين الأتراك عدة ملفات، أبرزها الأمن والحدود والمياه والطاقة وتوسيع نطاق التجارة بين البلدين.
وتكمن صعوبة التوصل إلى تفاهمات كاملة بين بغداد وأنقرة بشأن إنهاء وجود مسلحي حزب العمال الكوردستاني في العراق بعدة عوامل ميدانية، أبرزها وجوده في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي ، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه عناصر الحزب من فصائل مسلحة، توصف بأنها حليفة لإيران، خاصة في مناطق شنگال (سنجار) غربي نينوى.
وكان وجود عناصر العمال الكوردستاني، الذي تصنّفه أنقرة "منظمة إرهابية" في الأراضي العراقية، قد تسبب في العديد من الأزمات السياسية بين البلدين، كان آخرها العام الماضي عندما اتهمت بغداد القوات التركية بقصف منتجع سياحي في دهوك، ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين، وهو ما نفته أنقرة وقتها.
باسنيوز