• Friday, 07 February 2025
logo

قرار الاتحادية بشأن «القوانين الثلاثة».. مسار قانوني أم معركة سياسية؟

قرار الاتحادية بشأن «القوانين الثلاثة».. مسار قانوني أم معركة سياسية؟

شهدت محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين حالة من الغضب الشعبي والتوتر، عقب صدور قرار المحكمة الاتحادية القاضي بوقف تنفيذ قوانين العفو العام، والأحوال الشخصية، إضافة إلى إلغاء إعادة العقارات المصادرة إلى أصحابها، حيث أثار القرار مخاوف واسعة بين الأهالي الذين يرون فيه انتكاسة لجهود تحقيق الاستقرار وإعادة الحقوق، خاصة بعد سنوات من النزوح والدمار الذي شهدته هذه المناطق.

وفي ظل هذه الأوضاع، تتعالى الدعوات إلى التهدئة وتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى اضطرابات جديدة، في وقت تشهد فيه المنطقة توترات إقليمية متزايدة، ما يزيد من تعقيد المشهد في هذه المدن، ويعزز المخاوف من تأثيرات سلبية على الأوضاع الأمنية والاجتماعية فيها.

وبدأت القصة، عندما أصدرت المحكمة الاتحادية أمرًا ولائيًا يقضي بإيقاف تنفيذ قوانين العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة العقارات، وذلك لحين البت في دستورية هذه القوانين.

وبحسب وثيقة القرار، فإن «الآثار المترتبة على تنفيذ هذه القوانين لا يمكن تلافيها في حال صدور حكم بعدم دستوريتها، لا سيما أن صفة الاستعجال تأتي من مبدأ الحماية العاجلة المؤقتة التي لا تهدر حقًا ولا تكسبه»، مشيرة إلى أن «القرار يشمل القوانين التي أقرها مجلس النواب في جلسته المرقمة (3) بتاريخ 21 كانون الثاني 2025، والمتعلقة بتعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959، والتعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016، وقانون إعادة العقارات المصادرة».

واستثمر رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، الأمر الولائي في الترويج للحزب، حيث أعرب عن رفضه لقرار الاتحادية معتبرًا أنه استهداف مباشر للمشمولين بالقانون.

وأضاف أن «الرد على هذا القرار سيكون من خلال مظاهرات عارمة تهز أركان الظلم وترفض ولاية المحكمة على السلطات».

ولم يكتفِ الحلبوسي بالدعوة إلى الاحتجاجات، بل لوّح باتخاذ خطوات تصعيدية تتجاوز المظاهرات، داعيًا إلى «مقاطعة شاملة وكاملة لكل المؤسسات والفعاليات التي لا تحترم إرادة الشعب والاتفاقات بين مكوناته».

وأعلنت محافظات الأنبار، ونينوى، وصلاح الدين، تعطيل الدوام الرسمي فيها لعدة أيام، وهو ما أثار جدلًا واسعًا ومطالبات بإقالة هؤلاء المحافظين، حيث قدم النائب في لجنة النزاهة، هادي السلامي، طلبًا لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بضرورة إقالة المحافظين، باعتبارهم لم يلتزموا بالقوانين.

في المقابل، رد الإطار التنسيقي على تحركات الحلبوسي، وأعلن دعمه للمحكمة الاتحادية في قرارها القاضي بإيقاف تنفيذ القوانين «الجدلية»، معتبرًا أن هذا الإجراء يأتي ضمن المسار القانوني المتاح في العملية الديمقراطية.

وأوضح الإطار في بيان، أن «الأمر الولائي لا يعني بأي حال من الأحوال الدخول في أصل الحق أو إعطاء رأي مسبق بالدعاوى المقامة، كما أكدت المحكمة ذاتها»، مستنكرًا ما وصفه بـ «الهجمة ضد المحكمة الاتحادية»، معتبرًا أنها «محاولة للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين».

من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي عامر الزيادي، أن «الدعوات إلى التظاهر على خلفية قرار المحكمة الاتحادية بإيقاف تنفيذ قانون العفو العام تحمل أبعادًا سياسية واضحة»، مشيرًا إلى أن «بعض الأطراف تحاول استثمار الغضب الشعبي لتحقيق مكاسب حزبية».

وأكد الزيادي أن «الزج بالقوانين في هذا المسار لا يخدم المصلحة العامة، بل يزيد من تعقيد المشهد السياسي، خاصة أن هذه القوانين يجب أن تُناقش ضمن الأطر الدستورية والقانونية وليس في ساحات الاحتجاجات التي قد تتحول إلى أداة للضغط السياسي».

وأضاف أن «المحافظات الغربية عانت في السنوات الماضية من الدمار والخراب، وهي لا تحتمل العودة إلى أجواء مشحونة قد تؤثر على استقرارها في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة، وأي تصعيد في هذه المرحلة لن يكون في مصلحة الأهالي الذين يسعون إلى إعادة بناء مدنهم وتحقيق الاستقرار، بل قد يفتح الباب أمام تدخلات خارجية تستغل هذا الغليان الشعبي لفرض أجندات معينة».

وأعادت هذه الواقعة الجدل حول المحكمة الاتحادية وقراراتها السابقة التي وُصفت في أكثر من مناسبة بأنها منحازة لطرف دون آخر، حيث واجهت اتهامات بالتمييز وإصدار قرارات مثيرة للجدل، استهدفت بعضها قوى سياسية محددة، فيما طالت أخرى إقليم كوردستان في قضايا حساسة، ما جعل المحكمة في صلب التجاذبات السياسية داخل العراق.

ورأى مراقبون أن هذا التصعيد يشكل فرصة لإعادة طرح ملف تشريع قانون المحكمة الاتحادية، بهدف إنهاء الجدل المستمر حول صلاحياتها وآلية تشكيلها.

وبحسب خبراء فإن إقرار قانون للمحكمة وفق الأطر الدستورية من شأنه أن يحد من التأويلات والاتهامات المتكررة، ويوفر ضمانات قانونية أكبر لمنع استخدامها كأداة في الصراعات السياسية، باعتبار أن غياب تشريع واضح ينظم عمل المحكمة يجعل قراراتها عرضة للطعن والتشكيك، ما يستوجب توافقًا سياسيًا سريعًا لحسم هذا الملف وضمان استقلالية القضاء بعيدًا عن الضغوط والتجاذبات الحزبية.

Top