• Friday, 03 May 2024
logo

أرز العنبر "آخر ضحايا" الجفاف في العراق

أرز العنبر

مع اشتداد الجفاف في العراق، أصبح أرز العنبر "آخر ضحايا" أزمة المناخ، وسط شح المياه وارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

ويعتبر الأرز عنصرا أساسيا في النظام الغذائي العراقي، حيث يتم تناوله في كل وجبة تقريبا. وفي مدينة المشخاب بمحافظة النجف (جنوب غربي العاصمة بغداد) تعد زراعة أرز العنبر جزءا لا يتجزأ من الهوية المحلية. 

لكن مع تعرض البلاد لآثار تغير المناخ ، فإن المزارعين المحليين في هذه المدينة لا يفقدون دخلهم فقط، بل حتى أسلوب حياتهم الذي تغير بسبب الجفاف.

ويعيش العراق، الذي يسمى "بلاد ما بين النهرين" لمرور نهري دجلة والفرات فيه، انخفاضا في مستوى المياه منذ سنوات، بسبب بناء الجارتين إيران وتركيا سدودا، وتراجع معدل سقوط الأمطار.

ويعاني العراق من أسوأ موجة حرارة منذ عقود. واقتربت تدفقات المياه على نهري دجلة والفرات من مستويات منخفضة قياسية، مما أدى إلى أزمات متتالية في الريف العراقي، حيث لم تكن تقنيات الزراعة مواكبة للتغيرات.

وتتطلب زراعة أرز العنبر، التي تمتد عادة من نهاية يونيو/حزيران إلى أكتوبر/تشرين الأول ، بقاء الأرز مغمورا بالمياه طوال فصل الصيف. 

في عام 2021، اتخذت وزارة الزراعة العراقية قرارا "صعبا" بمنع معظم زراعة الأرز، في محاولة للحفاظ على المياه.

ويقول مدير الموارد المائية في محافظة النجف، شاكر فايز كاظم، في تصريح سابق لوكالة فرانس برس، إن "مخزونات الموارد المائية أصبحت قليلة جدا ... أقل بكثير من مؤشرات الخطر، وهي 18 مليار متر مكعب".

وتحتاج زراعة العنبر إلى ما بين 10 إلى 12 مليار متر مكعب من المياه خلال الموسم الواحد، كما يشرح فايز، وبالتالي "من الصعوبة زراعة محصول الأرز في محافظة النجف والمحافظات الأخرى بسبب استهلاكه العالي للمياه".

وسجل البنك الدولي عام 2021 انخفاضا بنسبة 17,5 بالمئة في النشاط الزراعي بالعراق، خصوصا مع الجفاف الذي يتعرض له البلد.

بدوره، قال مساعد مدير دائرة الزراعة في النجف، حكيم الخزرجي: "بسبب انخفاض كميات المياه من الدول المجاورة وندرة الأمطار، اضطررنا إلى تقليص مساحات زراعة العنبر".

وأصبح العديد من المزارعين مثل، رياض عبد الأمير، البالغ من العمر 53 عاما، عاطلين عن العمل.

وفي حديثه لصحيفة "واشنطن بوست"، قال عبد الأمير: "اعتدنا أن يكون لدينا اكتفاءً ذاتيا اقتصاديا جيدا للغاية، ولم نهتم بالتغيرات السياسية أو ارتفاع سعر صرف الدولار". 

وأضاف: "كان العنبر عملتنا، لكن الآن لا يمكنني حتى تغطية النفقات اليومية لمنزلي".

 رياض عبد الأمير مزارع يبلغ من العمر 53 عامًا ، يقف في حقل أرز جاف في المشخاب. مثل العديد من المزارعين عاطل عن العمل.

ويشكل القطاع الزراعي ثاني أكبر مساهم في الناتج الإجمالي المحلي العراقي بنسبة 5 بالمئة بعد النفط، ويوظف القطاع نسبة 20 بالمئة من اليد العاملة. 

من جانبه، قال الباحث الاجتماعي، مثنى السلامي، إن "معدلات الجريمة في المنطقة آخذة في الارتفاع"، نتيجة انتشار البطالة. وحذر من أن "الشباب ذوي الإمكانات غير المستغلة، قد يتجهون إلى أنشطة أخرى إذا لم تتوفر البدائل الاقتصادية".

واضطر السكان المحليون إلى اللجوء إلى أصناف مستوردة من الهند وإيران، أغلى ثمنا، من أرز العنبر.

وقال حسين عقيل، 41 عاما، وهو يتسوق في إحدى الأسواق المحلية: "ارتفعت أسعار الأرز ارتفاعا كبيرا، لتصل إلى 5 أضعاف السعر المعتاد".

ومع اختفاء أرز العنبر من الأسواق، نشأت سوق سوداء، حيث يزرع ويباع سرا بعيدا عن أعين السلطات. 

وقال حسين علي، تاجر يبلغ من العمر 20 عاما: "السؤال عن ذلك الآن يشبه السؤال عن المخدرات. هناك من يزرعها سرا ويبيعها سرا، لكن بكميات محدودة للغاية".

الخبير المائي العراقي رمضان حمزة، يشير الى ان الجفاف قد ضرب العراق على مدى ٤ مواسم متتالية وقد وصل الى مرحلة خطيرة جداً، لافتاً الى انه بالرغم من ذلك فأن الحكومات خلال هذه الفترة لم تحرك ساكناً.

وقال حمزة  ان "من يتحدث اليوم عن خطورة أزمة المياه هم المزارعون والمواطنون، حيث لم نشهد وجود حلول جذرية بل وجدنا فقط حلول ترقيعيه من وزارة الموارد المائية الاتحادية برفع بعض بحيرات الاسماك في محاولة لزيادة كميات المياه".

واضاف ، بالقول " لا يزال الموقف العراقي ضعيفاً جداً تجاه تركيا بما يخص قطعها للمياه وحرمانه من حصته المائية" مبيناً بأن "هناك ضمن اجندة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان زيارة العراق، وبما ان تركيا لديها مصالح كبيرة ومهمة مع العراق وبالتالي يجب طرح الاجندة المائية ضمن المفاوضات بخصوص المصالح الاقتصادية والأمنية وغيرها".

يذكر ان عشرات العوائل العراقية قد أجبرت خلال الشهرين الماضيين على هجرة مناطقها بسبب الجفاف، الذي اشتد منذ مطلع يوليو/تموز الماضي ، ويحمّل هؤلاء الحكومة العراقية المسؤولية لعدم تحركها لحل الأزمة.

وسبق أن طالبت جهات برلمانية الحكومة باستخدام العراق لورقته الاقتصادية ضد الدول المتشاطئة مثل ايران وتركيا ، من اجل استرداد حقوقه المائية، مؤكدة أن نجاح السلاح الاقتصادي سيكون فعالا اذا ما قامت الحكومة بخطوات جادة، من شأنها أن تحقق الاهداف المتوخاة من استخدامه، وأن توضح للدول المتشاطئة أن قطعهم الماء عن العراق سيؤثر في مصالحهم الاقتصادية داخل العراق، كما سينعكس على العلاقة معهم.

 

Top