• Sunday, 28 April 2024
logo

كوردستان، قصة نجاح مدانة

كوردستان، قصة نجاح مدانة

طارق كاريزي

 

قال عضو كوردستاني ذو مرجعية اسلامية في مجلس النواب العراقي "مع ذكر اقليم كوردستان، كان البرلمانيون من محافظات الجنوب يصرخون ويعربدون كالديكة"، وتابع أيضا "من المؤسف، هناك عنصرية مقيتة داخل مجلس النواب العراقي ومن قبل النواب من العرب الشيعة ازاء الاقليم." هذه شهادة من داخل البيت التشريعي العراقي الذي هو بمثابة العقل المدبر والمشرّع للدولة العراقية. ولابد من أسباب جعلت المؤسسة التشريعية ومشغلو مقاعدها يدخلون هذا النفق المظلم. فالكلام الذي صرح به النائب المشار اليه خطير، وقد "شهد شاهد من أهلها."

ممثلو محافظات الجنوب يشعرون بحرج كبير أمام ناخبيهم، مرّ عقدين على أفول النظام السابق فيما الخدمات الأساسية في حالة تعيسة، الفساد المالي والاداري ينخر جسد الوحدات الادارية ولا سلطة تستطيع محاسبة الضالعين فيه أو احالتهم الى القضاء. فالمواطن من أبناء المحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية، بات يرى القصور الكبير في الاداء والنهب المبرمج لثروات البلد والتراجع الرهيب في مختلف نواحي الحياة، وهذه مرتكزات أساسية تدفع المواطن لطرح الاسئلة والبحث عن الأجوبة التي تبرر أو تسوّق كل هذا القصور في الاداء.

نموذج اقليم كوردستان في الادارة والبناء والاعمار وتقديم الخدمات، نموذج من داخل البلد وقد حقق خطوات جديرة قدمت الدليل الساطع على قدرة العراقيين على الاداء والبناء، وامكان أحداث نقلة جديرة في مختلف مجالات الحياة. هذا النموذج الناجح جاء بفضل الاخلاص في الاداء والحرص على تلبية احتياجات المواطن والشارع، بات نقطة ضوء تزعج الذين اختاروا السبات في الظلام وادامة نهب الثروات الوطنية والمال العام، من دون أن يلمس المواطن حركة باتجاه تحسين الأوضاع. نجاح اقليم كوردستان بات محفزا للشارع العراقي خصوصا في محافظات الجنوب، لذا بات المواطن يتقدم لمساءلة النائب ومحاصرته بأسئلة منطقية تستند الى واقع حال المحافظات وما تعانيه من أوضاع أقل ما يقال بحقها، انها لا تلبي الحد الأدنى من طلبات المواطن وتطلعاته.

هكذا بانت الامور، وكان بامكان السادة نواب محافظات الجنوب المبادرة باتجاه ايجابي من خلال تفعيل رقابتهم للمؤسسات التنفيذية على مستوى الوزارات والادارات المحلية واداء دورهم المنتظر من خارج اروقة المجلس، وليس الدخول في خندق معاداة جزء من الوطن العراقي تمكن من تحقيق النجاح. ومهمة النائب ليست اثارة الفوضى والمشاحنات داخل حرم البرلمان وتلقي المستحقات المالية الضخمة فقط، بل ان دوره الأساس يكمن في المسعي التشريعي والرقابي الذي يصب في صالح المواطنين، ومن هذه الناحية هناك قصور لا يمكن تغطيته. ان روح المسؤولية الحقيقية تقتضي من السادة النواب البحث عن نقاط الخلل وسوء الاداء التي آلت بالأمور الى ما هي عليه الآن، لا البحث عن شماعة لتعليق الفشل في الاداء عليها. الحالة الأخيرة (البحث عن الشماعة) كانت خيار السادة نواب الجنوب ومن هنا جاء الهجوم على اقليم كوردستان للنيل من قصة نجاحه. والغريب اننا نسمع شعارات باهتة قادمة من عتمة التفكير وظلامية الرؤية وأيضا خلط الأوراق، كأن يتم الترويج بأن حصة البصرة أو المحافظة الفلانية تذهب الى اقليم كوردستان! مثل هذا الكلام يتنافى بشكل صارخ مع الواقع، ترى باي سلطة يستطيع اقليم كوردستان الاستحواذ على حصص محافظات الاقليم العربي من العراق؟ الحقيقة بيّنة والوقائع والشواهد دامغة، فنظرة عاجلة على الموازنات الاتحادية تظهر لنا تقديم أرصدة الى اقليم كوردستان هي أقل من استحقاقه الدستوري، ناهيك عن قطع حصة الاقليم من الموازنة منذ عام 2014، لكن روح الشعور بالمسؤولة السائد لدى السلطات الرشيدة في الاقليم استطاعت رغم قساوة الظرف المالي خصوصا منذ قطع حصته من الموازنة العامة، نعم استطاعت وبدعم من مواطني الاقليم الوقوف أمام حربين ضروسين، حرب الارهاب بقيادة تنظيم الدولة والحرب المالية/ الاقتصادية من قبل السلطات الاتحادية في الدولة العراقية ضد الاقليم.

المنطق يقول، مهاجمة قصة نجاح اقليم كوردستان وادانته، لا يجدي نفعا ولن تنطلي على المواطن حتى النهاية، وأفضل الحلول مرهونة بادراك الواقع والسعي للاصلاح ومعالجة مواطن الخلل، فادانت اقليم كوردستان والسعي لمحاصرته وضربه، تدفع الامور باتجاه عواقب غير محمودة.

 

 

 

باسنيوز

Top