الحشد وPKK بصدد تشكيل قوة جديدة في شنگال
أفادت تقارير نقلاً مصادر عراقية من داخل ميليشيات الحشد الشعبي ، عن بدء تشكيل قوة جديدة داخل مدينة شنگال (سنجار) بحجم لواء، يتم من خلالها تطويع عناصر محلية جديدة من داخل المدينة فيها، في خطوة من شأنها تعزيز هيمنة الفصائل المسلحة الحليفة لإيران داخل المدينة الواقعة على مقربة من الحدود العراقية السورية، غربي الموصل (مركز محافظة نينوى) وفيها نفوذ كبير لمسلحي حزب العمال الكوردستاني التركي PKK المتواجد في شنگال بتنسيق وتعاون ودعم من ميليشيات الحشد.
بالصدد ، قال الكاتب والباحث السياسي الكوردي كفاح محمود، إن "تشكيل قوة من هذا النوع تُعد خرقا لاتفاق شنگال الذي حصل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان، وكان من المفترض أن يأخذ طرقه للتطبيق على الأرض".
ويقضي اتفاق تطبيع الأوضاع الموقع بين أربيل وبغداد في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020 برعاية الأمم المتحدة، بإخراج عناصر PKK وفصائل ميليشيات الحشد من شنگال وإعادة النازحين، والبدء بخطوات إعادة إعمار المدينة بدعم واضح من بعثة الأمم المتحدة في بغداد التي رعت جانبا من مفاوضات التوصل إلى تفاهم حول الأوضاع في المدينة المضطربة منذ تحريرها في نهاية عام 2015 من سيطرة تنظيم داعش .
كفاح محمود اكد في تصريحات لموقع "العربي 21" أن: "الاتفاق أقر بإخراج التشكيلات المسلحة كافة مهما كان عنوانها بما فيها الحشد الشعبي، إضافة للقادمين من تركيا وسوريا التابعين لحزب العمال الكوردستاني، والإبقاء على الجيش والشرطة المحلية والأمن الوطني وغيرها من الأجهزة الرسمية".
ولفت إلى أن: "تشكيل القوة الجديدة يعد خرقا واضحا جدا وانقلاب على الاتفاقية بين بغداد وأربيل، وأن المشكلات المستمرة بين الإقليم مع الحكومة الاتحادية سببها في عدم تنفيذ الأخيرة للاتفاقيات التي تبرم مع إقليم كوردستان".
وأشار محمود إلى أن: "هناك خيبة أمل في الشارع الكوردستاني، لأن كل الاتفاقيات التي تبرمها الحكومات الاتحادية في بغداد مع حكومة الإقليم يحصل سرعة انقلاب عليها".
ورأى الكاتب والباحث السياسي الكوردي ، أن: "هذا يؤكد تشتت مركز القرار في بغداد، والذي ينسف قرارات الحكومة الاتحادية، والدليل أن تشكيل مثل هذه القوة الخارجة عن المؤسسة العسكرية الرسمية، تشكل تحديا كبيرا لحكومة بغداد قبل الإقليم".
وبيّن محمود أن: "منطقة شنگال إستراتيجية، وبالتأكيد لها اهتمام بالغ من الحشد الشعبي ومن الإيرانيين أيضا، لأنها ممر إلى سوريا ومنها إلى لبنان، وأن تركيا تدرك جيدا أن الحشد هو الداعم الأول لحزب العمال الكوردستاني، ولو استطاعوا لدعموهم حتى في قلب جبال قنديل".
وشدد على أن: "قضاء شنگال تشملها المادة 140 الدستورية المتعلقة بالمناطق (المتنازع عليها) بين الحكومتين الاتحادية وإقليم كوردستان ، لذلك فإن تشكيل مثل هذه القوة المسلحة في المدينة يعتبر خرقا للدستور العراقي، وتعقيدا للإشكاليات الموجودة بين بغداد وأنقرة".
وأكد محمود أن: "تعدد مراكز القرار ببغداد يجهض الاتفاقيات المبرمة بخصوص تطبيع الأوضاع في شنگال ، وأن التغول العسكري الميليشياوي سيعقد الأوضاع كثيرا في المدينة، وفاتورة ذلك يدفعها المواطنين الذين ما زالوا نازحين، ويقدر عددهم بنحو ربع مليون شخص".
وحذر الكاتب من أن: "الاستمرار بهذه السياسة من الحكومة الاتحادية في بغداد يوفر تبريرا لتركيا للقيام بعمليات عسكرية واسعة في هذه المناطق، وقد شهدنا ذلك مؤخرا في ما حصل قرب مطار السليمانية، واندفاع قواتها حتى بريا في مناطق أخرى".
في الاطار ، كشف عضو بارز في هيئة الحشد الشعبي، طلب عدم ذكر اسمه، لموقع "العربي الجديد"، أن رئيس "الحشد"، فالح الفياض، حصل على موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على استحداث قوة جديدة بحجم لواء ضمن قوات "الحشد" داخل مدينة شنگال ، مكوّن حصراً من أبناء القضاء، الذي يحمل نفس اسم المدينة.
وأوضح المصدر في "الحشد" ، أن "لواء الحشد الشعبي الجديد في شنگال لم يتم الانتهاء منه وتم الحصول على الموافقات على البدء به، وسيتألف من 4 أفواج، وهذه الأفواج من متطوعين من أهالي شنگال حصراً"، مضيفاً: "سيكون هناك دمج لعناصر فصائل موجودة داخل شنگال من المكون الأيزيدي، ويتولى مراد شيخ كالو، والذي يعتبر أحد قياديي منظمة بدر، ويعمل حالياً مستشاراً لرئيس هيئة الحشد الشعبي في المناطق الشمالية، مهمة تشكيل هذا اللواء الجديد".
وأكد مصدر آخر من داخل مدينة شنگال للموقع نفسه هذه المعلومات، كاشفاً أنه "لن يكون هناك فتح باب للتطوع بشكل عام أمام جميع أهالي قضاء شنگال ، بل إن التطوع لهذا اللواء سيقتصر على التزكية من قيادات ومسؤولي الحشد الشعبي". وأضاف، أن عناصر في ميليشيا "وحدات مقاومة شنگال/اليبشة" (تابعة لـ PKK)، سيكونون من ضمن القوة الجديدة.
من جهته، قال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، إن "هذه الخطوة لا تخلو من الأهداف السياسية، وأبرزها السيطرة الكلية على قضاء شنگال ، ولهذا يجب الحذر من هذه الخطوة، التي ستعزز سيطرة الفصائل المسلحة على قضاء سنجار، والتي بكل تأكيد ستمنع تطبيع الأوضاع في القضاء".
وأشار فيصل إلى أن "هذه الخطوة ستعطي الشرعية لبعض قيادات وعناصر حزب العمال الكوردستاني، الذين ينخرطون في لواء الحشد الشعبي الجديد، وهذا الأمر سيسبب قلقاً كبيراً للجانب التركي، وسيفتح الباب أمام أنقرة لقصف قوات الحشد في شنگال والمناطق القريبة منها".
وشدّد على أنه "يجب إيقاف تشكيل هذا اللواء في قضاء شنگال ، لأنه سيسبّب مشاكل أمنية وتوتراً، ولا يحل أي مشكلة، ويجب تعزيز الأمن والاستقرار في شنگال بقوات الجيش والشرطة وإخراج كافة الفصائل المسلحة من المدينة، التي ما زالت تسيطر على كامل المشهد، وسط صمت حكومي".
تعليقا على الموضوع، أكد قائممقام قضاء شنگال السابق، النائب الحالي عن القضاء بالبرلمان العراقي، محما خليل، إن "الكورد ليسوا مع تشكيل قوة مسلحة من طرف واحد (الحشد الشعبي) تكون بعيدة عن التشكيلات الرسمية (جيش، شرطة)."
وأضاف خليل ، أن "تشكيل قوة للحشد الشعبي لا يشارك فيها أبناء شنگال وبعيدة كل البعد عن واقعها، توّلد لدينا تخوفا كبيرا كونها ستكون بابا لتغوّل جهات من خارج المدينة في هذا التشكيل التي يجري تكوينه حاليا".
وأكد النائب الكوردي ، أن "تشكيل هذه القوة لم يحصل بتنسيق بين بغداد وإقليم كوردستان وأهالي شنگال ، وإنما جاء بأمر من أطراف محسوبة على الحشد الشعبي، وجهات أخرى غير معلومة"، لافتا إلى أن "تشكيلها لا يخلو من الدعاية الانتخابية المبكرة".
وكشف خليل أن "اليد العليا في شنگال اليوم هي لـ PKK، وذلك تحت مسمى فصيل وحدات حماية شنگال (اليبشة)، ولم ينسحب من القضاء حتى بعد الاتفاقية التي سبق أن أبرمت بين بغداد وأربيل، وأن عناصرها من داخل المدينة ومن خارجها".
وأوضح قائممقام المدينة السابق ، أن " مديري الأمور الإدارية والسياسية والتنظيمية كلهم ليسوا من العراقيين، والعناصر من أبناء المدينة ومن خارجها، لذلك نحن لدينا تخوف حقيقي من بقاء شنگال تحت سيطرة هؤلاء رغم كل المطالبات بإخراجهم منها".
وأشار خليل إلى أن "هناك اتفاقية مبرمة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد بخصوص الملف الأمني في شنگال ، فإذا أرادوا الاستقرار في المدينة، فلا بد أن تكون الاتفاقية حاضرة في الملف الأمني لشنگال ".
لافتاً ، إلى أنه "كان الاتفاق بين بغداد وأربيل على توظيف 2500 شرطي من أهالي شنگال ، واستيعاب أكثر عدد من أبناء المدينة في الجيش العراقي وقوات البيشمركة، لكن إذا كان الانخراط من طرف واحد، فبالتأكيد يكون هناك تغول لجهات تكون لها أجندات إقليمية".