المسيحيون في السليمانية تاريخ من التعايش
لمسيحيي السليمانية تاريخ معروف، حيث طبعوا بصمتهم من خلال أعمالهم الجيدة والخيرية، وبرزت من بينهم شخصيات بارزة ووطنية، كما ظهر فيهم في مجالات الفن والمسرح والموسيقى شخصيات قديرة وأساتذة بارزون، التعايش والزمالة والصداقة من السمات الأبرز لتصرفات مسيحيي السليمانية تجاه جميع الأديان الأخرى.
رأيان في وجود المسيحيين في السليمانية
الكاتب والباحث عبد الله كريم يقول انه "ثَمّ رأيان بخصوص تاريخ ظهور المسيحيين في السليمانية ومختلف مناطق كوردستان، يقول أولهما إن المسيحيين كانوا موجودين في المنطقة منذ عهد الآشوريين والإمبراطورية الآشورية، بينما يقول الرأي الآخر إن المسيحيين عاشوا في عينكاوا، هَرموتة، هيران، نازَنين، شقلاوة، كويسنجق، ديانا، دهوك، زاخو، كركوك، والسليمانية، ويجري ترجيح الرأي الثاني عن ظهور المسيحيين".
ويضيف ان "هناك رأي آخر مفاده أن إبراهيم باشا بابان عندما بنى السليمانية سنة 1784م، كان عدد بيوت السليمانية 200 بيت، بينهم 30 بيتاً يهودياً وثمانية بيوت مسيحية، وبمرور الزمن ارتفع عدد البيوت المسيحية إلى 125 بيتاً"، مبينا انه "من خلال الوثائق والمتابعات الصحفية التي أنجزتها، توصلت إلى نتيجة مفادها أنه كان لليهود والمسيحيين دور في بدايات ظهور السليمانية، وإن لم يكن الأمر كذلك فكيف كان عدد بيوت اليهود 30 بيتاً والمسيحيين ثمانية بيوت عندما كانت السليمانية تتألف من 200 بيت. إن لهذا أساساً قديماً، لكن الكثير من تلك المعلومات مفقود بسبب عدم تدوين تاريخنا".
عبد الله كريم يذكر انه "في البداية لم يكن للمسيحيين كنيسة، ولكنهم كانوا يؤدون صلواتهم في أيام الأحد، وفي العام 1862م بنوا للمرة الأولى كنيسة من اللبِنِ والطين وسقّفوها بالخشب والبردي، لتصبح مكاناً لأداء مراسمهم الدينية"، منوها انه "للمسيحيين في السليمانية مقبرتان، إحداهما في تلة سَيْوان إلى جانب مقبرة الشهداء، والثانية هي التي أنشأها القس يوسف بَري سنة 1965، وهذه المقبرة قائمة داخل الكنيسة، ولكن عندما تطورت المدينة في السنوات التالية، حوّل القس يوسف بَري المقبرة إلى حديقة".
ويبين ان "كريم عَلَكة هو من الشخصيات المسيحية البارزة، واسمه عبد الكريم بن إلياس، الذي أصبح بفضل أعماله ومواقفه محبوباً في السليمانية وموضع احترام عظيم"، مردفا انه "من حيث الانتماء الديني، كان مسيحياً، لكنه كان يتبرع بممتلكاته للمساجد التي تعد قيماً مباركة عند المسلمين، وفي بدايات الحرب العالمية الأولى، علم أن الحرب ستجلب المجاعة والدمار، فابتاع كميات كبيرة من القمح والحبوب وخزنها في مخازن خاصة".
ويلفت الى ان "كهريز الحاج عباس كان ملكاً لكريم عَلَكة تبرع به لمساجد الحاج أمين، وتكية روتة، وعباس آغا، والشيخ محمود البرزنجي، لتأمين المياه لها".
تعايش ديني
من جانبه، يقول لطيف بولص، وهو شخصية مسيحية انه "وقبل قدوم البابانيين إلى السليمانية، كانت هناك قرية صغيرة اسمها (مَلْكَندي) اتخذها البابانيون مستقراً لدى قدومهم، وكان في القرية بيت مسيحي، وعندما جاء البابانيون إلى السليمانية كانت معهم عوائل مسيحية، عددها 14 عائلة، بينها تسع عوائل مسيحية كلدانية وخمس عوائل مسيحية أرمنية"، منوها الى انه "في البداية، لم تكن هناك كنيسة، واتخذوا من دار صغيرة كنيسة يؤدون فيها صلواتهم، ثم ارتفع عدد المسيحيين بالتدريج، ثم توافد المزيد من المسيحيين القادمين من هَرموته التابعة لكويسنجق ومن الموصل ومن كركوك ومن سنندج، واجتمعوا شيئاً فشيئاً في الحي الذي كان يُعرف في الماضي باسم (حي كَاوْران)".
"نحن محميون حيثما كنا من هذه المدينة، فلو كنت أسكن في رزكاري وأخي يسكن في جوارجرا والآخر في مَلْكَندي، ليست لدينا أي مشاكل وجيراني الذين غالبيتهم مسلمة يكنون لي احتراماً من نوع خاص وأبادلهم احتراماً من نوع خاص، ونتزاور ونلتقي ونكون معاً في كل الأفراح والأتراح، لذا لا حاجة إلى أن أجتمع مع أقاربي في مكان معين بدعوى أننا نحمي أنفسناط، وفقا لبولص، الذي يبين ان "الكنيسة القائمة الآن في صابونكَران والتي تعرف بكنيسة مريم العذراء، شيدت سنة 1862م من قبل محسنين مسيحيين وخاصة التاجر الثري من أهالي سنندج، الشماس يزدا، والكنيسة لا تزال قائمة وقد تم ترميمها عدة مرات ولا تزال الصلوات تؤدى فيها مثلما في السابق".
ويوضح بولص: "ظهرت في هذه المدينة شخصيات زادت من تقدير المسلمين للمسيحيين"، مضيفا ان "كريم علَكة كان تاجراً حاذقاً وثرياً، ولم يكن يفرق بين مسلم ومسيحي، كان جل تفكيره منصباً على أغاثة الفقراء والمحتاجين وانتشالهم من الفقر، وفي وقت الحاجة كان يعمل على إنقاذ الأهالي من الجوع والموت، فكان يبعث بالقمح إلى المطاحن في المساء ويطحنه، ويخبزه في الصباح الباكر ويوزعه على الفقراء والمحتاجين. كان صديقاً قديماً للشيخ محمود الخالد، وعندما تأسست حكومة الشيخ محمود في (10 تشرين الأول 2022)، حكومة كوردستان، عيّن الشيخ محمود، كريم علَكة، وزيراً للمالية ومنحه ثقته"، مردفاً: "كان الكهريز ملكاً له، فمد الأنابيب من الكهريز لتغذية المساجد الأربعة تلك بالمياه، كان تفكيره منصباً على أن يفعل ما يجب فعله".
وزاد: "توفي كريم عَلَكة سنة 1948 في بغداد. هناك الكثير من التجار والأثرياء الذين بمجرد موتهم يموت ذكرهم وتختفي آثارهم، لكن كريم عَلَكة لم يمت، هذه علامة على أن من القيم الإنسانية أن لا يكون الثري نرجسياً يعمل فقط من أجل مصالحه الخاصة".
تجاوز المخاوف والانزواء
بدوره، يقول الصحفي كامران إسحاق پَري ان "تاريخ السليمانية ومسيحييه تاريخ متميز. فقد تجاوز مسيحيو السليمانية بعد فترة من التعايش مع المسلمين، مخاوف الحفاظ على الذات والانزواء في حي خاص بهم، ولم يعد يهم إن كانوا يسكنون في سَرجنار أو في عَقاري أو في صابون كَران أو في رزكاري، هذا التحرر من الخوف من المخالطة تحقق على يد الجانبين، على يد المسيحيين وعلى يد المسلمين، حيث استطاع الجانبان العيش في أمان وسلام في المدينة بدون أي مشاكل بينهما".
وأوضح ان "الحديقة الحالية كانت في السابق مقبرة، وحول القس يوسف بري المقبرة إلى حديقة، لكي يمر الناس بحديقة أثناء توجههم للصلاة في الكنيسة وليس بمقبرة. القس يوسف بري شخصية مميزة، فقد استطاع أن يكون في وقت واحد رجل دين ورجل دولة ويكون في جبهة الشعب، كان رجل دين لأنه كان قس مدينة السليمانية، ورجل دولة لأنه كان عضو مجلس بلدية السليمانية، وفي جبهة الشعب بكونه عضواً في الحزب الديمقراطي الكوردستاني".
"هذا المزيج في شخصية القس يوسف بري، الذي نال فيما بعد لقب (أبونا) في السليمانية، خصلة تميز القس يوسف بري، الذي عرف بإنجازاته في مجال إدارة شؤون الكنيسة وفي مجال إدارة مدينة السليمانية وحتى في مجال عمله كعضو في الحزب الديمقراطي الكوردستاني. كان من القساوسة القليلين الذين تحدثوا بالكوردية داخل كنيسة السليمانية وأضحى ذلك تقليداً متبعاً أبدعه القس يوسف بري، وجعل المسيحين جميعاً يتحدثونها بيسر"، وفقاً لكامران إسحاق پَري.
ويبين انه "وعلى صعيد كونه كوردياً، كان القس يوسف بري يكرر باستمرار أن كون المرء كوردياً يسبق مسيحيته، وكان يقصد بذلك أن كونك مسيحياً لا يناقض أبداً كونك كوردياً مثلما لا يمنع كون المرء مسلماً أن يكون كوردياً، وهذا المفهوم مفهوم مهم للغاية ولافت، أن تتحدث بالكوردية داخل كنيسة مدينة السليمانية وتتخذ تحدث جميع المسيحيين بالكوردية تقليداً، لدرجة أننا إن لم نعلن أننا مسيحيون لن يتنبّه أحد إلى ذلك، فقد تعلمنا كوردية لا شائبة فيها ونتحدث بلغة كوردية خالصة".
ويؤكد: "لا شك أن ترجمة الإنجيل المقدس إلى اللغة الكوردية كانت مشروعاً صعباً، خاصة وأنها كانت المرة الأولى التي يترجم فيها الكتاب المقدس كاملاً إلى اللغة الكوردية، حيث كانت هناك ترجمات سابقة متفرقة طبعت في العامين 1918 و1919، لكنها كانت مفردة، مثلاً تمت ترجمة إنجيل لوقا لوحده إلى اللغة الكوردية، وكانت ترجمة رديئة للغاية".
ويبين انه "عندما طلب مام جلال من أبونا أن يصبح ممثلاً لدى الفاتيكان، قال له إن كانت هذه هبة منك فأنا لست بحاجة إلى تلك الهبة، وإن كان مهمة تكلفني بها، فيجب أن يكلفني الكورد كلهم بهذه المهمة. فقد كان الممثل الوحيد للإقليم في فترة الاقتتال الداخلي كان تمثيله للكورد نقطة غاية في الأهمية، فبعد محاولات حثيثة من جانب حكومة البعث لإقناع قداسة البابا بزيارة العراق كنوع من الإقرار الضمني بأن الحكومة العراقية آنذاك كانت حكومة صالحة وليست دكتاتورية، جاء أحد الإنجازات التي ستظل أبداً موضع افتخار، حيث نبه أبونا من خلال تقارير عديدة الفاتيكان إلى مدى جسامة الخطأ في أن يزور شخص عظم كقداسة البابا العراق في ظل ظروف يتم فيها اضطهاد الكورد، ودفعت جهود أبونا تلك طارق عزيز لقد ظلمتنا كثيراً بمنعك قداسة البابا من زيارة العراق، فرد عليه أبونا بالقول: كان عليه أن يسير على قبور ضحايا الأنفال والقصف الكيمياوي لحلبجة قبل أن يبلغ مدينة أور والمدن العراقية القديمة. للأسف فارق القس يوسف بري الحياة في كانون الأول من العام 2003 متأثراً بمرض السرطان، وكانت وصيته الوحيدة أن يدفن ملفوفاً بعلم كوردستان في كنيسة السليمانية، هذه الكنيسة التي خدم فيها، ،قدم لها كل ما أوتي من قوة وقدرة، وكانت تلك رسالة لكل المسيحيين ، القساوسة الآخرين هنا مفادها: إن أردتم أن تقدموا خدماتكم في كوردستان فعليكم أن تتحدثوا بالكوردية وأن تكونوا كورداً".
ويضيف انه "نجد مسيحيين نابغين في أغلب المرافق بالسليمانية، ففي مجال إدارة الدولة نجد كريم عَلَكة، وفي مجال الموسيقى ويليام يوحنا، وفي الصحة الممرضة خاتون، وفي القضاء نجد أولى القضاة من النساء السيدة بيان عيسى".
امتزاج مع سكان السليمانية
من جانبه، يقول قس كنيسة مار يوسف أيمن عزيز انه "في الواقع، لا يوجد هنا في السليمانية مكان خاص أو حي يقال إن المسيحيين يعيشون فيه، في الماضي كانوا يقولون إن صابونكَران كانت محل سكن المسيحيين، لكن المسيحيين الآن منتشرون في جميع أحياء مدينة السليمانية وممتزجون مع سائر سكان هذه المدينة الجميلة التي هي رمز للتعايش".
ويوضح: "لا نعاني حتى الآن من أي مشاكل أو عقبات والحمد لله، نقيم مراسمنا الدينية في أمان وسلام، وعندنا قداس كل يوم أحد، ونجري في كل أعيادنا مراسمنا الدينية. فمادام الإنسان يُحتَرَم، يعني ذلك أن التعايس قائم، ونحن نلمس هذا في مدينة السليمانية. هناك بالطبع أصوات نشاز. لكن غالبية أهالي السليمانية مع السلام ومع التعايش ومع المحبة، وهذه علامة جميلة جداً في هذه المدينة التي هي نموذجية في التعايش".
المسيحيون جزء من التكوين التاريخي لكوردستان
أما الكاتب والباحث بوار نور الدين، فيرى أن "الحديث عن تاريخ المسيحيين في السليمانية بصورة خاصة وجنوب كوردستان بصورة عامة، لن يكتمل بدون التطرق إلى مشروع التحقيق في تاريخ مسيحيي السليمانية للمرحوم سَراب سامي سعيد. كان سراب سامي سعيد من مسيحيي بغداد الذين لجأوا إلى السليمانية، وكنا حينها نعمل في معهد التراث الكوردي عندما زارنا ذات يوم بوساطة من صديق للحصول على عمل. يعد ذلك تبلورت فكرة ربما جاء الجزء الأكبر منها من تسميتنا لأنفسنا معهد التراث الكوردي، وكانت الفكرة أنه يجب علينا أن نعمل على جميع مكونات كوردستان والمسيحيون جزء من التكوين التاريخي لكوردستان، فأنجز سراب دراسة دقيقة حول تاريخ المسيحيين في محافظة السليمانية وكانت لنا زيارات إلى المواقع الأثرية وبهذا أضحى تاريخ مسيحيي محافظة السليمانية مادة مهمة على صعيد التاريخ المسيحي من حيث سبل المعيشة، وكانت يتتبع الأخبار إلى إيطاليا، ومن خلال سراب كنت أتلقى تلك المعلومات".
ويضيف انه "وفي نفس الوقت تمت دعوة عدد من المتخصصين والخبراء في تاريخ مسيحيي العراق بصورة عامة ومسيحيي كوردستان بصورة خاصة إلى السليمانية واصطحبوا إلى المواقع التي تمثل جزءاً من تاريخ المسيحية في مدينة السليمانية وأطرافها، ونتيجة لتلك المتابعات تبين لنا أن هناك عدداً من الكتب المهمة عن تاريخ المسيحيين بصورة عامة، وهي الكتب التي أعدها المرحوم أدّي شير وأجرى تحقيقات عليها وكانت قد طبعت منذ 100 إلى 120 سنة من الآن. المجلدان الأولان من مؤلَّف أدّي شير طبعا من قبل الكنيسة الدومينيكة في العامين 1900 و1905، واستحصلنا موافقة حميع الأطراف واستطعنا إعادة طبع هذه الكتب وإدراجها في المكتبة الكوردية وهي كتب هامة للتاريخ المسيحي على مستوى العالم بصورة عامة، لكون منطقتنا من المناطق التي انتشرت فيها المسيحية قديماً".
نور الدين، يلفت الى ان "الدراسة التي أجراها سراب، كشفت النقاب عن عدد من النقاط المهمة جداً، وقد أفاد من الكثير من المصادر في هذه المنطقة من جنوب كوردستان، وخاصة محافظة السليمانية، فمثلاً منطقة بشْدَر التي لا يقيم فيها أي مسيحي، توصل سراب من خلال دراسته إلى أن المسيحيين كانوا موجودين فيها وفي مناطق دربنديخان وقرداغ ومناطق أخرى كثيرة، لكن عددهم تراجع بالتدريج ليختفوا في الأخير من تلك المناطق، ودعماً لهذا الرأي حصلت على كتاب عن طريق د. زرار صديق، يتحدث عن ممثل لمسيحيي منطقة بشدر شارك قبل 800 سنة في اجتماع للمسيحيين. بعد وفاة سراب في العام 2011، خرجت من معهد التراث الكوردي في العام 2012، ولا أدري ما هو السبب الذي حال دون طباعة هذه الدراسة وسبب عدم اكتمالها، وآمل أن يُطبع هذا الكتاب في أقرب فرصة".
"في الواقع، هي كنيسة مهمة للغاية وهي جزء من تاريخ السليمانية، وفي الكنيسة أشياء مهمة كثيرة، والذي لفت انتباهي أكثر من غيره القبور الأفقية حيث وضع الأشخاص بصورة أفقية في جدار الكنيسة ووضعت عليه صورهم"، وفقا لنور الدين، الذي يؤكد أنه "لابد من الإشارة إلى القس يوسف بري والمرحوم الأستاذ كريم زَند اللذين بذلا في السبعينيات جهوداً جادة وترجما الإنجيل المقدس إلى اللغة الكوردية فتمت طباعة وتوزيع نسخ كثيرة منه".
ويشير الى انه "ومنذ مطلع القرن العشرين بذلت عدة محاولات لترجمة عدد من الأناجيل الصغيرة إلى اللغة الكوردية، ثم جاؤوا ووزعوها في مناطق كوردستان، لكن أياً من تلك الأناجيل لم يكن بأهمية الإنجيل الذي ترجنه الأستاذ كريم زند والقس يوسف بري، كان ذلك في تلك الفترة خطوة مهمة للغاية في تاريخ الأدب الكوردي وفي تاريخ الديانة المسيحية على مستوى العالم".
ارث الفنانين المسيحيين
في حين يقول الفنان الموسيقي خالد سَركار انه "لا يمكن الحديث عن تاريخ مدينة السليمانية، وخاصة فن الموسيقى فيها، بدون ذكر الفنانين المسيحيين، ومن بين الذين أذكرهم منهم شخصيات وفنانون كان لهم تأثير مباشر على هذا المجال، ومن بينهم الأستاذ وليام يوحنا الذي كان أستاذنا وعلمنا من البداية ألفباء الموسيقى وكان مرشدنا ومشجعنا وهو من عرفنا على النوتة الموسيقية، ثم هناك السيد فرنسيس داود الذي كان صديقي وزميلي في الدراسة منذ المرحلة المتوسطة ولا زلنا معاً وفي مرات كثيرة ذهبت بصفة عازف كمان إلى كنيستهم للعزف مع التراتيل المسيحية، حيث عزفت الكمان معهم".
ويوضح: "لا شك أن الأستاذ ويليام كان لفترة طويلة معلم نشيد، كان يعلم الأولاد النشيد، ومن الأناشيد التي كان يعشقها ويحب أن يرددها في أغلب الأوقات نشيد "ربنا عمّر وطننا، كم هو جميل وحلو!"، كان يعلم الأولاد هذا النشيد وكان يحبه كثيراً وفي مرات كثيرة كانوا يسألونه، وقد روى السيد ألبيرت ذلك أيضاً: لماذا لا تهاجر إلى الخارج وتقيم هناك؟ فقد تجد هناك الكثير من التسهيلات خصوصاً وأنك مسيحي؟ فكان يرد: وكيف أرحل عن هذه المدينة وكيف أترك أتخلى عن "ربنا عمّر وطننا" وقد أفنيت سنوات وأنا ألقنه للأطفال! لحن أغلب قصائد الشعراء ومن بينهم شيركو بيكَس الذي لحن له قصائد كثيرة، وكان يحبه كثيراً وكان شيركو بيكَس يبادله مشاعر الود، وأظن أنه أشار في قصائده إلى أوكورديونه وتحدث عن فن وموسيقى ويليام يوحنا الذي هو فنان ومَن منّا لا يعرفه؟".
روداو