اصلاح النظام او الذهاب لطريق السابقين
فاضل ميراني*
لطول تاريخ و عمق خبرة الحزب الديمقراطي الكردستاني في التعامل مع الانظمة التي تحكمت في العراق و في غير العراق- حسب ما فرضه الواقع- فقد صارت عندنا مقدرة تشخيص الاخطاء و توصيف انجع الحلول و توصيل افضل الافكار لتلافي خطأ السلطة أن يقع و تصحيح الانحراف إن وقع.
كل المتحصل و كل المؤشرات من سنة ١٩٦١ و الى سنتنا هذه، تفصح عن سرعة ذاتية في النظام تدفعه نحو زاوية يصعب معها اصلاحه فيصار الى تغييره داخليا او بعامل خارجي، وغالبا ما كان التغيير في العراق خارجيا.
ليس من الموضوعية تاريخيا سلب الانظمة السابقة منجزاتها في ميادين عدة، لكن مقترفاتها الامنية و العسكرية ضد معارضيها و تعسفها في ممارسة الحق غطى على ذلك، و هذا العيب في الحكم هو عيب تاريخي توارثه العقل و كررته الممارسة حيث يؤمن النظام ان الشعب ليس اكثر من عقار او عقار بالتخصيص، ولفهم هذا العيب يُحسَن تتبع مسيرة الحكم في منطقتنا او دراسة الحالات النادرة في التاريخ لوصول حاكم فهم معنى المسؤولية انسانيا او سياسيا.
لا يتم الاصلاح بيسر، فرعاة الخراب اقوياء و لهم اتباع، و خيرا ان يصمت من لا يقدر على الاصلاح ان كان هو غير صالح او باحثا عن دور دعائي او ان دعواه للاصلاح ستكون شِباكا لمسك الهواء.
ان يفهم كلا طرفي المعادلة( الحاكم و المحكوم) دورهما في هذه المعادلة هي نصف جواب الدور الاصلاحي، لكن ان يعتقد الحاكم ان قضاء الله واختياره و ان يفهم المحكوم انه عبد يطيع فمن هنا يكون الخراب، هذا الخراب الحالي و ذاك المتراكم الذي تغطي عليه الدعاية الاعلامية واضعة اصبعها صلفا بعيون الشعب .
ثمة سؤال يتكرر كلما تجددت ازمة عراقية بعد ٢٠٠٣: لم جرت ازالة النظام السابق ان كان اللاحق يعيد تقليد اسوأ ما في النظام السابق، تهديدا و محورية و غياب توجه صحيح، و كثرة كلام بلا عمل، او عمل ختامه اوامر قبض او استقدام بتهم القتل او الاختلاس او التزوير او التحريض؟
الجواب: عدم معالجة الفجوة الفكرية في العقل الحاكم، وهي فجوة تنقلت حتى صارت حاضرة في كل حقبة.
نحن لا نختلف مع حكومة، فالحكومة جهاز تنفيذي ضمن الدولة، سلوكها من سلوك الثقافة المجتمعية و تحتمي بقوانين تسنها غالبا ما يجري تفصيلها حسب مقاسات المرحلة، و لذا ترى ان الثبات في القوانين في بلادنا غير دائم و تعطيل العدالة يضطرد مع ارتفاع الهرم السلطوي.
العراق بحاجة ملحة لمجلس حكماء بحيث تكون له امتدادات الوصول للشارع و للمحيط الخارجي، يعكف على اعداد خطط اصلاح تضمها خطة اكبر تحدد حالة البلاد الحقيقية لا المتخيلة التي يقدمها المثرون على حساب العراقيين دما و مالا و توجها.
مجلس يدرس مسيرة ضرر السلطة الواقع على شعب، فالحكومات ترث بعضها و الدول ترث سابقاتها، ومن المستغرب ان ترث الحكومة و الدولة خصلة الضرر لتديمها على الناس!.
كم صار عدد نفوس العراقيين، و كم هو دخلهم، و من الذي خاصمته الدولة فظلمته، و ما مدى نفاذ القاعدة القانونية، و ما هي اولويات السلطة و كم تكلفة قيامها بواجباتها، وكل الاسئلة التي ستكون لها اجابات ان جرى تطبيقها لرتق شيء من الشق في ثوب الوطن لهو افضل من الانزياح نحو نفس الزاوية التي استقر ثم دُفعت منها انظمة حكم سابقة.
*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني
مقال منشور في صحيفة الزمان