تقرير أمريكي: هل أوكرانيا "عراق بوتين"؟
تساءلت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية عما إذا كان خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاخير يشير الى ان اوكرانيا أصبحت "عراق بوتين" بالنظر إلى أوجه الشبه الملفتة، وثانيا ما إذا كانت تهديدات زعيم الكرملين تمثل شكلا من أشكال "الخداع" وان هدفها إخفاء رغبته في أن يفاوضه الاوكرانيون قسريا.
وأوضح التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ انه على غرار اندفاع الولايات المتحدة إلى حرب العراق الثانية قبل 20 سنة بسبب أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن موجودة، فإنه كان لبوتين حجج احتيالية واهية مشابهة من أجل غزو أوكرانيا باسم حماية شعب دونباس وشبه جزيرة القرم من قمع "النازيين الجدد" في كييف.
ولفت التقرير انه مثلما تقبلت غالبية الأمريكيين اسباب الغزو التي اثارتها ادارة جورج بوش، فإن العديد من الروس تقبلوا او اختاروا عدم رفض خدعة بوتين.
وبالاضافة الى ذلك، اشار التقرير الى ان بوش استخدم "حجة سحابة الفطر" السخيفة، وهي اشارة الى سحابة انفجار نووي، وان بوتين استخدمها ايضا من اجل الاستهلاك المحلي حيث اتهم الدول الغربية واعضاء كبار في حلف الناتو باللجوء الى "الابتزاز النووي" واحتمال استخدام هذا السلاح ضد روسيا.
وبحسب التقرير الأمريكي فان بوتين يكرر استخدام خطة "زيادة القوات" كالتي قامت بها الولايات المتحدة في العراق، حيث أعلن الرئيس الروسي استدعاء 300 الف جندي احتياطي، الا ان التقرير اشار الى الخطوة الروسية تتطلب وقتا طويلا من أجل تجنيد واعادة تدريب وتجهيز ونشر هذه القوات.
وتساءل التقرير عما إذا كان بإمكان روسيا تأمين اللوجستيات الكافية لقواتها في أوكرانيا، وكيفية توفير الغذاء والماوى والتدريب والاسلحة والمعدات وغيرها من أنماط الدعم لهذه القوات المقدر أن عددها ضعف عدد القوات المتواجدة في أوكرانيا.
وبالاضافة الى ذلك، يقول التقرير أن روسيا تفتقر الى الجنرالات من أصحاب الكفاءة كالتي يتمتع بها الامريكيون في العراق مثل الجنرال ديفيد بترايوس لتنفيذ خطة كمخطط "زيادة القوات" التي قام بها هناك.
وتابع التقرير أنه لم يتضح الى الان ما اذا كانت احتجاجات الروس ضد إعلان التعبئة والتجنيد، سيكون لها تأثير. لكنه ذكر بأن الرأي العام الأمريكي كان يدعم في البداية حرب العراق برغم من عدم وجود أسلحة الدمار الشامل.
أما حول السؤال الثاني الذي يثيره خطاب بوتين الأخير، فقد اشار التقرير الى انه فيما فسر الغرب الخطاب على انه تصعيدي بتهديده باستخدام الأسلحة النووية وتلويحه بحظر موارد الطاقة لتحطيم لتفكيك تماسك حلف الناتو، ثم تساءل هل هناك تفسير بديل؟
وأوضح التقرير قائلا "هل من الممكن أن يكون هذا التهديد شكلا من أشكال الخداع بهدف إخفاء الهدف الحقيقي لبوتين والمتمثل في إنهاء الحرب من خلال المفاوضات قسرية؟"، مشيرا إلى أن بوتين ذكر في خطابه بأن ممثلي حكومة كييف اعربوا في بداية الازمة عن "رد ايجابي على مقترحاتنا" بشأن التسوية.
إلا أن التقرير اعتبر أن اتهامات بوتين لحلف الناتو باللجوء الى تهديد نووي، تعتبر منافية للعقل، لأن حلف الناتو تحالف دفاعي وبحوزته عدد صغير نسبيا ما يطلق عليه أسلحة نووية تكتيكية، مضيفا أن اي زعيم في الناتو لم يلمح حتى لامكانية استخدام الاسلحة النووية، وإنما على العكس من ذلك تماما.
واشار الى ان الرئيسين جو بايدن وبوتين كانا اتفقا على أنه لا يمكن الانتصار في حرب نووية وأنه يتحتم عدم خوضها بتاتا.
بخلاف الاختراع، كيف يمكن لبوتين ان يخلص إلى أن الناتو كان يشكل تهديدا نوويا بشكل علني؟ الجواب منطقي في الواقع لروسي، وخاصة المصاب بجنون العظمة.
وبعد الاشارة الى ان الاستراتيجية العسكرية الأمريكية منذ ادارة اوباما تتمثل في "احتواء وردع ، وفي حالة اندلاع الحرب، هزيمة" الأعداء المحتملين بقيادة روسيا والصين، اعتبر التقرير ان أي حرب عالمية ستكون بالتأكيد نووية، ولهذا فإن موسكو تعتبر هذه الاستراتيجية تهديدا نوويا لها.
كما لفت إلى أن الولايات المتحدة نشرت قاذفات "بي-52" التي تتمتع بقدرات نووية بالقرب من حدود روسيا كاستعراض للقوة، وهي خطوة اعتبرتها موسكو بمثابة تهديد نووي مباشر، مضيفا أن واشنطن وبروكسل ربما لم تفكرا في رد الفعل هذا.
وفي الختام تساءل التقرير عن الكيفية التي يجب على الغرب التفاعل فيها مع السطور الواردة في الخطاب والتي اعتبرت استفزازية، على غرار قول بوتين أنه "في حال وجود تهديد لوحدة أراضينا، ومن أجل الدفاع عن روسيا وشعبنا، سنستخدم بالتأكيد جميع الوسائل المتوفرة. هذه ليست خدعة".
واعتبر التقرير الامريكي انه يتحتم أخذ هذا التهديد على محمل الجد ولكن ليس وانما من دون مبالغة مفرطة.
وخلص التقرير الى القول ان الغرب قد يكون في وضع أقوى بكثير مما يدركه. وتابع انه من اجل التعامل مع السيناريو النووي غير المرجح وانما ليس مستحيلا، فإن على الغرب أن يوضح بشكل جلي ان القوات العسكرية الروسية في أوكرانيا ستكون عرضة للهجوم، وان الغرب لديه القوة لشل القوات الروسية بضربات دقيقة تضع الجيش الأوكراني في موقع مهيمن.
وختم التقرير بالدعوة الى اعتماد استراتيجية تجمع بين الدبلوماسية واستخدام القوة، مضيفا أنه في حال كان خطاب بوتين يعكس التزاما طويل المدى بمواصلة النهج الروسي هذا مثلما فعلت الولايات المتحدة في العراق، فإن على الغرب أن يكون مستعدا لهذا الخيار.
لكنه حث ايضا انه في حال كان خطاب بوتين يشير الى مسار عمل مختلف، فإنه يجب عدم تجاهل ذلك أيضا.
شفق نيوز