"موقف صعب" للعراق: بايدن آت لدفع التمحور ضد ايران
حذر موقع "لو فير" الامريكي الرئيس جو بايدن من القيام بتحرك اقليمي لاحتواء ايران، مع قرب بدء زيارته الى الشرق الاوسط، وهو ما من شأنه ان يضع العراق في موقف عب ويهدد استقراره.
وبحسب التقرير، فإن المبادرة التي قام بها الزعيم الصدري مقتدى الصدر مؤخرا بطرح مشروع قانون في البرلمان العراقي لتجريم التطبيع مع اسرائيل او التعامل معها، هدفه الأساسي استباق تحرك ادارة بايدن المدعوم من إسرائيل والسعودية، للعمل على احتواء ايران اقليميا، في ظل تعثر الجهود لاستئناف الاتفاق النووي معها.
وأوضح التقرير الأمريكي أنه مع توقف جهود إحياء الاتفاق النووي الذي كان الرئيس السابق دونالد ترامب انسحب منه العام 2018، فان ادارة بايدن تتعرض لضغوط متزايدة لتحويل تركيزها على توسيع اتفاقات ابراهيم التي شملت تصالحا بين اسرائيل وأربع دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
واعتبر التقرير ان مثل هذه الخطوة من جانب ادارة بايدن ربما تشير الى ان هدف الرئيس الامريكي الان هو بناء تحالف إقليمي من حلفاء الولايات المتحدة لاحتواء ايران، وان زيارته إلى اسرائيل والسعودية وكذلك زلته الكلامية للصحافيين في الشهر الماضي، تشير الى ان الهدف من الجولة مرتبط بالامن.
وحول الخطوة التي اتخذها البرلمان العراق بدفع من التيار الصدري في اواخر مايو/ايار الماضي حول تجريم التطبيع مع اسرائيل، اعتبر التقرير ان افضل طريقة لفهمها هي انها بمثابة "رد على الجهود المبذولة لتوسيع اتفاقيات ابراهيم، ورفض العراق ان يكون جزءا من تحالف مناهض لايران".
ووصف التقرير علاقات الصدر مع كل من ايران والولايات المتحدة بانها "معقدة". كما اشار الى ان معظم الاحزاب الشيعية لديها صلات طويلة الامد بايران، رغم ان قادة هذه القوى كثيرا ما يغضبون من الضغط الذي تمارسه طهران عليهم، الا ان هناك الكثير من الروابط الاجتماعية والدينية العميقة بين البلدين على المستوى الشعبي حيث يزور ملايين الحجاج الايرانيين المزارات في العراق سنويا، كما يزور العديد من العراقيين الاضرحة الموجودة في ايران.
ولخص التقرير المشهد قائلا انه بينما ان غالبية الشيعة العراقيين يريدون الاحتفاظ بدرجة كبيرة من الاستقلال الذاتي عن ايران، الا انه ليس من المعقول، في ظل الروابط الثقافية والدينية والشخصية بين البلدين، ان يدير عراق بقيادة شيعية، ظهره لجاره الايراني.
وفي هذا السياق، اوضح التقرير انه لم يكن واقعيا ان يلتحق الصدر برغم انتقاده العلني لايران، الى تكتل اقليمي تقوده الولايات المتحدة ضدها، مضيفا ان رغبة الصدريين ربما كانت تتمثل في ابعاد العراق عن اي مواجهة امريكية-ايرانية، خاصة بعدما اصبح العراق في وسط مرمى النيران الايراني-الاسرائيلي عندما وجهت طهران ضربة صاروخية على اقليم كوردستان انتقاما لضربة اسرائيلية مزعومة شنت على قاعدة ايرانية للطائرات المسيرة.
كما ذكر التقرير بتنظيم مركز اتصالات السلام في نيويورك، لمؤتمر في اربيل دعا الى التطبيع مع اسرائيل، مشيرا الى ان المؤتمر تحول الى "مأزق" حيث ان غالبية العراقيين، وخاصة العرب السنة، يعلنون دعمهم للقضية الفلسطينية ، ولا يوجد سوى القليل من الدعم الظاهري للتطبيع، مشيرا الى ان المؤتمر تبعه تنصل من العديد من المشاركين وصدور مذكرات توقيف بحق بعض المشاركين.
كما كشف التقرير عن معلومة مثيرة وصفها بانها "الاكثر غرابة" في ما جرى، حيث ان لمنظم الحدث في اربيل وهو جوزف براود تاريخ اجرامي، وهو امريكي من اصل يهودي عراقي، حيث تم ايقافه في مطار جون اف كينيدي في نيويورك في يونيو/حزيران العام 2003، وبحوزته اثار عراقية عمرها 4 الاف عام، كانت سرقت من المتحف الوطني العراقي، وهو اقر بالذنب امام محكمة اتحادية في الولايات المتحدة بتهمة التهريب ولفت التقرير ايضا الى ان العديد من العراقيين يعتبرون جوزف براود شخصية غير مرغوب فيها.
وتابع التقرير انه بالنظر الى علاقات الشيعة العراقيين بايران والتقارب العراقي العام مع القضية الفلسطينية، فان العراق يبدو كمرشح غير محتمل لكي ينضم الى اتفاقات ابراهيم. كما ان العديد من العراقيين يرغبون في الوقت نفسه، ان تكون بلادهم بمثابة جسر يجمع الاطراف سوية، مذكرا بمحاولة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حاول الكاظمي الاشراف على الحوار السعودي الايراني خلال الشهور ال15 الماضية حيث يؤمن العديد من العراقيين بان هذا الوضع ليس جيدا للمنطقة وحدها فقط، وانما للعراق ايضا، لانه يساهم في منع تجدد التوترات الطائفية في بلدهم.
وختم التقرير بالقول ان ادارة بايدن بعدما عجزت عن التوصل الى اتفاق مع ايران من اجل احياء الاتفاق النووي، فانها تبدو مستعدة لكي تتبنى سياسة أكثر تصادما مع ايران، مضيفا انه في ظل هذا الوضع، فان العراق سيكون في موقف صعب.
واوضح التقرير ان الاحزاب الشيعية برهنت على انها لن تنضم الى ائتلاف مناهض لايران، وان معظمهم وبغض النظر عن علاقتهم بايران، ما زالوا يرغبون في اقامة علاقات ايجابية مع جيرانهم العرب ويعتقدون بلدهم لها مكانتها المستحقة في الحظيرة العربية. وتابع انه في حال اجبرهم استقطاب اقليمي جديد على ان ينحازوا الى جانب ما بين تحالف اقليمي بقادة واشنطن، وبين ايران، فانه سيكون من الصعب الا يسير العراقيون نحو ايران.
وتابع قائلا انه في ظل مثل هذا السيناريو، فان الاحزاب الكوردية والسنية في العراق ستنحاز الى الاغلبية الشيعية، مثلما فعلوا اساسا ازاء قانون مكافحة التطبيع، أو ربما سيجدون انفسهم عندها على الارجح في حالة خلاف مع الشيعة.
وخلص التقرير الى القول انه فيما يتجه بايدن الى الشرق الاوسط، فانه يواجه معضلة، فهو في الاساس كان يسعى للعودة الى الاتفاق النووي، الا ان التوقعات المتراجعة كثيرا حول هذا الخيار، تدفعه الآن نحو خيار الاحتواء لايران، ومن الواضح أن هذا الطريق يحظى بتأييد العديد من الجهات في واشنطن، بالاضافة الى السعودية واسرائيل، الا ان العودة الى سياسة الاحتواء، تشكل تهديدا بسحب مكونات العراق في اتجاهين متعاكسين، وهو ما يمكن ان يخلق عواقب وخيمة على استقرار العراق، وهو ليس بشرى خير للمنطقة.
شفق نيوز