• Friday, 26 July 2024
logo

مشاكل عائلية تتحول إلى جرائم قتل وتتسبب بانهيار معايير المجتمع العراقي

مشاكل عائلية تتحول إلى جرائم قتل وتتسبب بانهيار معايير المجتمع العراقي

يعدّ المجتمع العراقي من أكثر المجتمعات التي مرت عليه أحداث ومتغيرات كالحروب الطائفية والإرهاب وعمليات عنف وتغييرات ديموغرافية، وسقوط مدن بالكامل وتحويلها إلى أطلال خراب، فضلًا عن تشظي الهوية الوطنية لتحل محلها الهويات العقائدية أو القبلية، لذلك فإن جميع هذه العوامل أدت إلى ظهور حالات اجتماعية شاذة أو غريبة عن المجتمع العراقي، آباء يقتلون أولادهم وأمهات يرمين أطفالهن من على الجسور وابنه تقتل والدتها بسلاح والدها غير المرخص وغيرها من الحالات الإجرامية البشعة والتي لا يتقبلها عقل واعي.

وبحسب مختصين، فإن هذه الحالات الإجرامية تسببت بخلل في النظم الاجتماعية وأدت إلى انهيار بعض المعايير القيمية والأخلاقية، والتي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها.

التراكمات النفسية

وفي هذا السياق، تقول الباحثة الاجتماعية والمتخصصة في مجال علم النفس الدكتورة حوراء الموسوي في حديث ، إن «الجرائم داخل الأسرة العراقية تصاعدت خلال الفترة الماضية، بسبب التراكمات النفسية وتراجع المستوى المعاشي وتفشي السلاح المنفلت الذي يحتاج إلى ضبط وعمليات مكثفة لإنهاء تلك الظاهرة التي أصبحت تهدد الأمن المجتمعي».

وترى الموسوي، أن «هذا النوع من الإجرام لا يمكن مواجهته بالقانون والأمن فقط، وإتما يجب أن تعالج الجرائم المجتمعية وفق عدة اتجاهات، منها نفسية واقتصادية وأمنية وحتى سياسية، فضلاً عن إشاعة الثقافة والتعلم بين طبقات الشعب، ما ينعكس سريعاً على الخلافات، وكذلك الجرائم».

وتصاعدت حدة الجرائم الجنائية في العراق خلال الأشهر الماضية، وتسببت بمقتل عشرات المواطنين في مختلف محافظات البلاد، فيما يقول خبراء نفسيون إن تردي الوضع الاقتصادي، وكذلك تأثير فيروس «كورونا» هو السبب الأبرز في تنامي تلك الظاهرة.

فعلى سبيل المثال، كشف مجلس القضاء الأعلى في العراق، أن محكمة تحقيق الحلة صادقت على اعترافات 13 متهماً في جريمة قتل عائلة كاملة من 20 فرداً برصاص القوات الأمنية العراقية في منطقة الرشايد في ناحية جبلة، بمحافظة بابل، وإن «قاضي التحقيق صادق على أقوال 13 متهماً من بينهم 9 ضباط و3 منتسبين إضافة إلى المخبر الذي أدلى بالمعلومات غير صحيحة».

وأضاف «من خلال التحقيقات مع المتهمين تبين أن سبب الحادث إخبار كاذب من قبل ابن أخ المجني عليه، زوج ابنته، نتيجة خلافات عائلية بينهما، حيث أدلى بمعلومات غير صحيحة للأجهزة الأمنية مدعياً وجود إرهابيين مطلوبين وفق قانون مكافحة الإرهاب العراقي في دار المجنى عليه ليداهم منزله من قبل الأجهزة الأمنية».

كما سجلت محافظة بابل جريمة أخرى هزت المجتمع العراقي، حيث أقدم شاب على قتل وإصابة ثمانية من أفراد عائلته، بسبب خلاف حول نخلة.

من جانب آخر، أعلنت السلطات الأسبوع الماضي، اعتقال رجل متهم بقتل شقيقه واغتصاب ابنتيه القاصرتين 12-15 عاما في منطقة النهروان التابعة لمحافظة بغداد. وأثارت هذه الجريمة صدمة بالغة لدى العراقيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

كذلك قتلت شابة في الخامسة والعشرين زوجها خنقاً مؤخراً بسبب مشاكل عائلية، في بلدة سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار جنوبيّ العراق. جاء ذلك بعد أيام على إقدام سيدة على حرق غرفة كان زوجها نائماً فيها، بعدما دسّت له مخدراً في شراب، بحسب اعترافات أدلت بها للشرطة.

ومما تقدم نلاحظ أن ارتكاب الجرائم العائلية لا تتم فقط من طرف الرجال وإنما من النساء أيضاً، وهذا دليل على تغيرات غير طبيعية تركيبة المجتمع ما تسبب بتشوه وانحراف في مسار نظام بناء وتكوين المجتمع، وتؤكد مصادر في وزارة الداخلية العراقية، تسجيل حالات قتل شهرياً في المنازل.

معاقبة المجرمين بالإعدام

ورأى الخبير القانوني علي التميمي في حديثه أنّ «جرائم الحرق وتقطيع الجثث واستخدام أساليب وحشية في ارتكاب الجريمة تؤكد وجود نزعة عالية لارتكاب الجريمة وتخطيطها».

وطالب التميمي بـ «معاقبة هؤلاء المجرمين بالإعدام وفق قانون العقوبات العراقي»، مستدركاً، أن «السبب في ارتكاب معظم هذه الجرائم هو تعاطي المخدرات والبطالة، والسلاح المتفلت وضعف الرادع الديني».

ويعتقد التميمي أن «هذه الجرائم طارئة على المجتمع العراقي وتحتاج إلى حلول سريعة». وختم قائلاً: «شيوع الجرائم البشعة المحبكة وليست الكاملة، أسبابه ليست مادية فقط، فهناك جرائم انتقامية تكون أسبابها تافهة أحياناً».

ولا يملك العراق قانوناً للعنف الأسري، ويعتمد على مواد تشريعية تسمح للزوج والأب بـ «تأديب الأبناء أو الزوجة ضرباً ما دام لم يتجاوز حدود الشرع». وتورد المادة الـ41 من قانون العقوبات أنّه «لا جريمة إذا وقع فعل الضرب استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون. ويعتبر استعمالاً للحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين للأولاد القصر» فيما تلجأ الشرطة عادة إلى فرض تعهدات على المسبب للضرر إن كان والداً أو والدة أو زوجاً، وتكتفي بإجراء «مصالحة» بين الطرفين في بعض الأحيان. وإن كان الطرف المسبّب هو الأب، تُلزم الأطفال بالعودة إلى المنزل.

وسجل العراق عام 2020، ارتفاعاً في الجرائم الجنائية، بمعدل 12 بالمائة، مقارنة مع 2019. وتشير بيانات رسمية إلى تسجيل 4 آلاف و700 جريمة قتل كان خلفها دوافع جنائية خلال العام الماضي، مقارنة مع 4 آلاف و180 جريمة في 2019.

وبلغ عدد الجرائم المسجلة عام 2021 في العراق 1077 جريمة قتل، جرى اكتشاف 666 جريمة منها، أي بنسبة 61 في المائة.

 

 

 

باسنيوز

Top