• Monday, 29 April 2024
logo

دور البارزاني الخالد في إقامة جمهورية كوردستان

دور البارزاني الخالد في إقامة جمهورية كوردستان

جواد كاظم ملكاشي

 

تمر هذه الايام الذكرى السادسة والسبعون لإعلان جمهورية كوردستان في مهاباد بشرق كوردستان، تلك الجمهورية التي نشأت بدعم من الاتحاد السوفيتي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكن الدعم السوفيتي للجمهورية لم يستمر بسبب المصالح الاقتصادية والسياسية التي كانت تربط موسكو بطهران، وقد شارك القائد الرمز البارزاني الخالد في اقامة الجمهورية والدفاع عنها في ظروف اقليمية ودولية حساسة للغاية.

عائلة البارزاني التي قاومت الاحتلال العثماني والبريطاني والأنظمة التي توالت على حكم العراق وسوريا وايران، لم تأخذ الحدود السياسية المصطنعة من قبل  القوى الكبرى لأرض لكوردستان بنظر الأعتبار، فكلما شعرت العائلة البارزانية بالظلم والاضطهاد القومي في أي من اجزاء كوردستان الأربعة واينما اندلعت شرارة ثورة في هذا الوطن المحتل، هب ابنائها والى جانبهم العشائر الكوردية الأخرى لتحرير الأرض الكوردستانية وانتزاع الحقوق القومية من الأنظمة المتسلطة على رقاب شعبنا الكوردستاني.

كان الأحتلال السوفيتي للجزء الشمالي من ايران بعد الحرب العالمية الثانية في اواسط اربعينيات القرن الماضي وتحديداً مع بدء الخطوات الأولى لأنشاء جمهورية كوردستان في مهاباد بشرق كوردستان بقيادة القائد الكوردي الراحل قاضي محمد ورفاقه، فرصة ثمينة وبمثابة بارقة امل لخلاص الجزء الشرقي لكوردستان على الأقل من ظلم واضطهاد النظام الشاهنشاهي في ايران، فهب البارزاني الخالد مع مئات المسلحين المتطوعين من عشيرة بارزان والعشائر الكوردية الاخرى في 11 ايار من عام 1945 وعبروا الحدود العراقية الايرانية للدفاع عن الجمهورية.

في 22 كانون الثاني من عام 1946 وفي مراسيم خاصة اقيمت في مدينة مهاباد لإعلان جمهورية كوردستان الديمقراطية، تم منح البارزاني الخالد رتبة (الجنرال) من قبل رئيس الجمهورية قاضي محمد، تكريماً لشجاعته وبسالته في الكفاح المسلح ودوره المتميز في معترك النضال القومي وشجاعته وخبرته العسكرية، ووضعت جميع القوات المسلحة تحت إمرته، للدفاع عن حدود وكيان جمهورية كوردستان الفتية.

اناطة هذه المسؤولية الكبيرة بالبارزاني الخالد، زادته عزيمة وإرادة وإصرار للذود عن أراض الجمهورية واداء المهمات الموكلة اليه بشجاعة فائقة وثقة عالية بالنفس، حيث قام بتنظيم تلك القوات وتقسيمها الى وحدات عسكرية مختلفة فضلا على القيام بتدريب المئات من الشباب الكوردي المتطوع على الاسلحة وفنون القتال واعدادهم نفسيا وعسكريا لمجابهة التحديات التي كانت تواجه الجمهورية سواء من قبل النظام الايراني او بعض العشائر الكوردية الموالية له.

استمرت جمهورية كوردستان في مهاباد حوالي 11 شهرا حيث قدمت خدمات كبيرة في مجال الاعمار وبناء المدارس والمستوصفات والتدريس باللغة الكوردية، لكن الاتحاد السوفيتي وعبر صفقة اقتصادية وسياسية مع النظام الايراني تخلى عن دعم جمهورية كوردستان، حيث كان هذا القرار بمثابة اعلان الضوء الأخضر لقوات النظام الايراني لتحريك قواته نحو مهاباد عاصمة الجمهورية والمدن والقصبات التابعة لها، لاستعادة السيطرة عليها.

في هذا الظرف العصيب كان البارزاني الخالد وقوات البيشمركة على اهبة الاستعداد للدفاع عن الجمهورية، الا ان امكانيات وقدرات الجيش الايراني والمرترقة الموالين له ارغمت قادة الجمهورية على ارسال وفد حكومي برئاسة (صدر قاضي) شقيق قاضي محمد الى خطوط التماس للتفاوض مع قائد القوات الايرانية التي كانت تنتظر الاوامر لاقتحام مهاباد واقناعه بعدم اللجوء للقوة مقابل انسحاب قوات البيشمركة من داخل وضواحي مهاباد و السماح لهم بدخول المدينة.

واصدر القاضي محمد الأوامر للجنرال بارزاني بسحب قوات البيشمركة بعيدا عن مهاباد تفاديا لوقوع ضحايا بين المدنيين واراقة دماء الأبرياء، لذلك دخلت قوات النظام الأيراني المدينة من دون قتال وانتشرت فيها، ولم تمر سوى ايام على دخول الجيش الايراني للمدينة حيث قامت باعتقال رئيس الجمهورية وغالبية قادتها واعدمت قاضي محمد وعدد من رفاقه في ساحة جوارجرا بوسط مهاباد.

بعد سقوط الجمهورية وإعدام قادتها، لم يبق امام البارزاني وقواته خيار اخر سوى اللجوء الى اراض الاتحاد السوفيتي، حيث بدأت ملحمة عبور نهر اراس، بعد قتال ضار وشرس مع القوات التركية والايرانية والعراقية على الحدود حتى دخول اراض اذربيجان التي كانت احدى الجمهوريات التابعة للاتحاد السوفيتي انذاك ومن هنا بدأت مرحلة جديدة من النضال السياسي والدبلوماسي للبارزاني الخالد.

تلك الأحداث والوقائع التاريخية تظهر جليا ان البارزاني الخالد كان له دورا كبيرا في إقامة جمهورية مهاباد ودعمها عسكرياً للحفاظ على حدودها كجزء من واجبه القومي، ولولا قرار قادة الجمهورية للسماح للقوات الايرانية لدخول المدينة من دون قتال، لقاوم البارزاني وقواته الجيش الإيراني الى الرمق الأخير إما بتحقيق النصر او الاستشهاد مع رفاقه دفاعاً عن هذه الجمهورية التي أرعبت النظم التي تقاسمت أرض كوردستان عبر اتفاقيات مشبوهة مع القوى الكبرى.

 

 

باسنيوز

Top