الميليشيات تشكك بالانسحاب الأمريكي.. للبقاء على قيد الحياة
رغم الإعلان المتكرر للحكومة العراقية عن انسحاب القوات القتالية الأمريكية من القواعد التي كانت تعمل فيها، إلا أن الفصائل المسلحة تشكك على الدوام بتلك الأنباء، إذ تنظر إلى ذلك القرار على أنه مجرد إعلان صوري لتخفيف الضغط عن حكومة بغداد.
وفي 26 يوليو/تموز الماضي، اتفقت بغداد وواشنطن على انسحاب جميع القوات القتالية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بحلول نهاية العام الجاري.
وأعلنت الحكومة العراقية، الثلاثاء الماضي، انتهاء انسحاب قوات التحالف القتالية من أراضيها، بعد 4 جولات حوار بين الجانبين.
وذكر المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة تحسين الخفاجي، أن «وفدًا من اللجنة الأمنية العليا زار قاعدة حرير في أربيل، للاطلاع على انسحاب القوات القتالية من القاعدة، وتم التأكد وبحضور وسائل الإعلام، أنه لم تتبقَ قوات قتالية في القاعدة».
وأضاف أنه «قبل يومين تم تطبيق الاتفاق في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، وكذلك هي الأخرى لم تتبقَ فيها قوات قتالية».
وأوضح أن «عدد المستشارين المتبقين في قاعدة عين الأسد لا يتجاوز 9 مستشارين، وكانوا حاضرين أمام وسائل الإعلام».
وأردف الخفاجي، أن «المهمة الأساسية للمستشارين تقديم استشارة للقوات العراقية في مكافحة الإرهاب، والدعم الجوي إذا طلبنا ذلك في حال احتجنا له».
ذريعة للبقاء
وتشكك الفصائل المسلحة والأحزاب الموالية لإيران بالانسحاب الأمريكي من البلاد، وتروج على الدوام بأنه انسحاب شكلي بهدف تأجيج الرأي العام ومحاولة إيجاد ذرائع للبقاء، في ظل المطالبات المتصاعدة حول ضرورة إنهاء وجود تلك الفصائل.
بدوره، ذكر تقرير لموقع «ميدل إيست مونيتور» البريطاني، أن الفصائل الشيعية التي تتعرض للضغوطات والمصابة بالضعف، تلقت «شريان حياة» لإنعاشها، من خلال عدم انسحاب القوات الأمريكية بالكامل مع العراق بنهاية العام الحالي.
ونقل التقرير عن قادة سياسيين وأمنيين قولهم، إنه «مع مرور الموعد النهائي للانسحاب في 31 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيكون بمقدور الفصائل إعادة تأكيد وجودها على الساحتين السياسية والأمنية من خلال هجمات متجددة على أهداف أمريكية وخطاب عدائي ضد الوجود الأمريكي».
ونقل التقرير عن مستشار سابق لرئيس الحكومة قوله، إن «هناك سلاحاً يحتاج إلى سبب»، مشيراً إلى أن وجود القوات الأمريكية في العراق، يشكل «افضل عذر لهم للاحتفاظ بأسلحتهم وإضفاء الشرعية على وجودهم».
وأضاف «هناك ضغط كبير عليهم، ولهذا فإنهم سيستخدمون هذه المسألة كقضية لهم».
تصاعد الهجمات
ميدانياً، بدأت تلك المجموعات باستهداف القوات العراقية وأرتال الدعم اللوجستي التي كانت تعمل مع التحالف الدولي، بداعي تبعية تلك القوات للتحالف، وهو ما تنفيه بشكل متكرر القوات الأمنية التي تؤكد أن أرتال الدعم اللوجستي تعود للحكومة العراقية.
واستهدف تفجير بعبوة ناسفة رتل دعم لوجستي لقوات التحالف الدولي، الخميس، في محافظة صلاح الدين شمال العاصمة العراقية بغداد.
وقال مصدر أمني، إن «عبوة ناسفة كانت موضوعة على جانب الطريق انفجرت لدى مرور رتل دعم لوجستي تابع للتحالف الدولي ضمن حدود محافظة صلاح الدين»، مبيناً أن «الانفجار لم يسفر عن وقوع أي إصابات».
وخلال الساعات الـ 24 الماضية، استهدف تفجيران رتلين للتحالف الدولي، الأول على طريق الشعلة في بغداد والثاني ضمن حدود محافظة بابل.
وبحسب مصادر أمنية عراقية، فإن تلك الأرتال لا تتبع لقوات التحالف، وإنما هي في الغالب تعود لشركات أجنبية متعاقدة مع الجيش العراقي، لكنها تُستهدف تحت هذا العنوان.
وفي عام 2008، أبرمت الولايات المتحدة والعراق اتفاقية الإطار الاستراتيجي والتي مهدت لخروج القوات الأمريكية بشكل كامل أواخر 2011 بعد 8 سنوات من الاحتلال، وتنظم الاتفاقية العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
خسارة الانتخابات عمّقت أزماتهم
وعادت القوات الأمريكية إلى العراق بطلب من بغداد لمساعدتها في هزيمة تنظيم داعش عام 2014، إثر اجتياح التنظيم لثلث مساحة البلاد في الشمال والغرب بعد أن أوشك الجيش العراقي على الانهيار.
وقادت الولايات المتحدة تحالفا مكونا من نحو 60 دولة لمحاربة هذا التنظيم، وقدمت دعما مؤثرا لإلحاق الهزيمة به. واستعاد العراق كامل أراضيه من التنظيم عام 2017 بعد 3 سنوات من الحرب.
بدوره، يرى المحلل الأمني كمال البياتي، أن «بروز ملف الوجود الأجنبي داخل العراق يأتي مع قرب الانسحاب الكامل والنهائي لقوات التحالف الدولي القتالية، لكن هذا المأزق لا يحقق رغبات الفصائل المسلحة التي تدرك أن وجودها مرهون بذريعة الوجود الأمريكي، وهو ما سيعملون عليه خلال الفترة الماضية، خاصة بعد خسارة تلك المجموعات في الانتخابات النيابية، واهتزاز وجودهم شعبياً».
ويرى البياتي خلال حديثه أن «ملامح هذا المسار بدأت بإطلاق عمليات التحشيد الشعبي عبر فتح باب التطوع لقتال القوات الأمريكية، وتصاعد الهجمات ضد الأرتال العراقية، فضلاً عن الهجمات المتكررة على المنطقة الخضراء، ومنها ما حصل في منطقة المنصور فجر الخميس، حيث استهدفت تلك المجوعات جهاز المخابرات العراقي».
ولفت إلى أن «المؤشرات تؤكد أن المرحلة المقبلة ستكون حرجة، ما يتطلب الحزم في التعامل مع تلك المجموعات التي تهدد أمن البلاد».
وتتعرض القواعد العسكرية العراقية التي تستضيف القوات الأمريكية لهجمات متكررة منذ ذلك الوقت عبر طائرات مسيرة محملة بمتفجرات وصواريخ، وتتهم واشنطن فصائل عراقية موالية لإيران بالوقوف وراءها.
باسنیوز