«مظلة عقود» مع توتال الفرنسية بـ 27 مليار دولار .. جرعة تفاؤل للاقتصاد العراقي
بعث الإعلان عن الاتفاق على «مظلة عقود» بين العراق وشركة توتال الفرنسية، في مجال الطاقة، بقيمة 27 مليار دولار، آمال القطاع الصناعي في محافظة البصرة الجنوبية، وبث جرعة من التفاؤل لدى الفعاليات الاقتصادية المختلفة.
وشملت مظلة العقود التي وقع عليها العراق وتوتال «بالأحرف الأولى»، الأحد، أربعة مشاريع، تبلغ القيمة الإجمالية لها 27 مليار دولار فيما يصل العائد الإجمالي من الأرباح خلال مدة العقد إلى 95 مليار دولار، باحتساب سعر البرميل 50 دولارا، بحسب بيان الحكومة العراقية.
ويقول الخبير الاقتصادي في البصرة، سليم داود: «سيكون للبصرة حصة الأسد في العقود الجديدة، لأن أكثر انتاج العراق النفطي هو من هذه المحافظة».
ويضيف «مع هذا، لا تتناسب استفادة البصرة من مواردها النفطية، مع كمية الخسائر البيئية والاقتصادية التي تتعرض إليها، كما أن الشركات النفطية العالمية تحذر أحيانا من العمل في مناطق المحافظة التي تزداد فيها المشاكل العشائرية المسلحة».
ويعمل الآلاف من أبناء البصرة، والمحافظات المجاورة لها، في قطاع النفط في المحافظة، مما يوفر مواردا اقتصادية مباشرة مهمة للسوق، كما يقول داود «لكن الحكومة بحاجة إلى عمل المزيد، وفتح دورات تأهيلية مهنية تجعل الشركات العالمية تعتمد أكثر على العمالة المحلية، والبصرية خصوصا».
ويقول المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة العراقية، مظهر محمد صالح، إن العقود الموقعة تعكس أمرين مهمين، أولها «أن الكلف الاستثمارية تؤشر كفاءة عالية في الاختزال، وتقليل الهدر بسبب تقليلها إلى ربما نصف مقاسات الكلفة المتداولة عالميا».
والأمر الثاني، بحسب صالح، أن «الطاقات الإنتاجية سواء في مجال تطوير آبار النفط الخام من الحقل الكبير المعنى واستغلال الغاز المصاحب وإنتاج الكهرباء بالطاقة البديلة في الوقت نفسه قد أخضع لدراسات جدوى فنية واقتصادية تظهر ارتفاع العائد بشكل عالي باعتماد متوسط برميل نفط وبسعر وسطي افتراضي معقول هو 50 دولارا، ما يعكس عقلانية التقديرات على مستوى الكفاءة الإنتاجية والعائد على المدى الطويل».
ويقول صالح، إن «الدراسات المذكورة تظهر أيضا أن عائد النفط الخام المتحقق بعد التطوير لوحده سيزيد بأكثر من ثلاثة أو أربع مرات عن كلفة المشروع الاجمالية نفسها، آخذين بالاعتبار أهمية استغلال الغاز بدلا من حرقه».
ويصف صالح استغلال الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء وبشكل أو نطاق واسع بأنه «الحدث الأهم في تاريخ العراق الاقتصادي حيث سيتم للمرة الأولى إنتاج الكهرباء بالتوليد المركزي بالطاقة الشمسية، ويشكل حجم الإنتاج الجديد قرابة 5 بالمئة من طاقة الإنتاج الراهنة للكهرباء المنتج حاليا بشكل مركزي بالوقود التقليدي».
ويضيف صالح أن «المشروع سيوفر آلاف الفرص للعمال والفنيين والمهندسين العراقيين ويدخل العراق في عصر تكنولوجي اكثر تطوراً»، ويرى أن «المشروع بمرتكزاته الثلاثة مضافا إليه مشروع تغذية المياه للحقول النفطية وهو الركن الرابع في البنية التحتية النفطية لحقول النفط وتعزيز إنتاجيتها بشكل مستدام سيكون رافعة قوية لخدمة اقتصاديات جنوب العراق والنهوض بها».
والمشاريع الأربعة هي، تطوير حقل أرطاوي النفطي ومضاعفة إنتاج بمرة ونصف تقريبا، وإنشاء مجمع غاز أرطاوي بسعة 600 مليون قدم مربع قياسي (مقمق)، ومحطة لتجهيز ماء البحر بحجم 7.5 مليون برميل ماء يوميا، ومحطة توليد كهربائية بالطاقة الشمسية تبلغ قدرتها 1000 ميغاواط.
ويقول الخبير الاقتصادي لعراقي، أحمد مهنا، إن «الطاقة الشمسية تمثل التزاما من الحكومة العراقية بمشاريع الطاقة المتجددة التي أعلنت عنها قبل فترة»، مضيفاً أن «مشاريع الغاز المصاحب لاستخراج النفط ستسهم في تحسين البيئة بشكل كبير».
ويعتبر العراق من أكثر بلدان العالم إحراقا للغاز المصاحب لاستخراج النفط، فيما يستورد في الوقت نفسه كميات كبيرة من الغاز والكهرباء من إيران.
وتقول الخبيرة الاقتصادية والمستشارة الحكومية السابقة، سلامة سميسم، إن «الحاجة العراقية لإجراء طفرة نوعية في قطاع الطاقة الذي يعاني من فجوة تكنولوجية مستمرة منذ ما بعد 2003، لكن الروتين وسوء استخدام القانون أدى إلى عرقلة هذه الخطوة».
ورغم أن الاتفاق «مهم» كما تقول سميسم، إلا أنه «أتى في وقت متأخر»، كما أنه يطرح أسئلة بشأن الاكتفاء الذي سيوفره للعراق من الغاز «الذي نستورده من إيران»، متسائلة «هل يمكن لهذا الاتفاق أن يجهز العراق بالكهرباء والغاز الكافيين للتعويض عن الغاز الإيراني وتقليل الديون العراقية بسبب الاستيراد؟».
وتقول سميسم، إن «الحديث عن تشغيل 50 ألف شخص هو مسألة مهمة للغاية، لأن هذا سيساهم في توليد الدخول للعراق، وتحريك الاقتصاد ولو ببطء».
وينتج العراق نحو 3.8 مليون برميل يوميا (أرقام شهر يونيو ومايو) من النفط الخام، فيما يسعى لزيادة هذا الإنتاج من خلال الحقول النفطية الجديدة وتطوير الحقول العاملة أساسا.
كما يقدر الاحتياطي الطبيعي من الغاز بـ132 ترليون قدم مكعب، وهو يحتل المرتبة 11 عالميا بالنسبة لاحتياطيات الغاز، لكنه يقوم بإحراق ما يعادل 62 بالمئة من إنتاجه من الغاز.
باسنيوز