• Tuesday, 24 December 2024
logo

ما دور PKK في مشروع "المعابر المفتوحة" الإيراني؟..شنگال على خطوط الصراع الإقليمي

ما دور PKK في مشروع

مدينة شنگال (سنجار) عاصمة الكورد الأيزيديين كانت على الدوام محطة لتقاطعات جيوسياسية وعسكرية وديموغرافية مهمة، واتصفت عبر التاريخ بأنها مدينة العذاب، وقد دمرتها الحروب مراراً، وهجرت المظالم سكانها في أكثر من مناسبة ، وليست مصادفة أن تكون هذه المدينة ساحة المنازلة الكبرى بين الفرس والعثمانيين في العام 1607، وتتحول في عام 2014 الى بوابة لدخول تنظيم داعش الى بلاد الشام، لتصبح اليوم مجدداً مساحة للتجاذبات غير المباشرة بين المشروعين التوسعيين التركي والإيراني.

 واحتلت ميليشيات الحشد الشعبي المدينة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2017 بعد ان كانت قد حررتها قوات البيشمركة من قبضة داعش ، وقد تم استباحة المدينة من قبل الميليشيات الغريبة التي حوَّلتها الى سوق لتجارة الممنوعات وممر للتهريب وساحة لتنفيذ الاجندات الخارجية المشبوهة .

وكانت قوات البيشمركة وبدعم جوي من التحالف الدولي ضد داعش وفي عملية واسعة شارك فيها الآلاف من مقاتلي البيشمركة باشراف مباشر من الزعيم الكوردي مسعود بارزاني ، حررت شنگال من داعش في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 ، لتعود ميليشيات الحشد لاحتلالها اثر خيانة 16 أكتوبر 2017  وتنسق مع PKK ليشكلا إدارة موازية.  

 وبحسب الدستور العراقي في المادة 140 تعتبر مدينة شنگال من المناطق الكوردستانية المستقطعة او ماتسمى بـ(المتنازع عليها) بين إقليم كوردستان والعراق وقدمت قوات البيشمركة الدماء لتحريرها.

شنگال الجريحة التي تقع بالقرب من تقاطع جغرافي يتوسط العراق وسوريا وتركيا، لا يعيش فيها اليوم سوى اقل من 35 في المئة من سكانها الكورد الأصليين الذين يفوق عددهم المئة الف والذين ينتمون الى الديانة الأيزيدية مع أقليات من العشائر العربية والتركمان.

الحكومة الاتحادية لم تنفذ بعد اتفاق شنگال التي وقعته مع إقليم كوردستان ، الاّ الجزء اليسير منه ، وما زال سبب التهجير الذي فرض على سكانها قائماً، ذلك أن الوحشية التي مارستها عصابات داعش من قتل وخطف بحق الأيزيديين في مطلع أغسطس/ آب عام 2014 ، أبعد الغالبية العظمى من هؤلاء الى مناطق آمنة في إقليم كوردستان وفي بعض المناطق العراقية الأُخرى، وعدد كبير منهم تمكن من الهروب والهجرة الى المانيا وغيرها من الدول الأوروبية، فیما نحو 2000 من النساء والأطفال ما زالوا مجهولي المصير حتى الآن .

 وتُسيطر على سنجار اليوم ميليشيات الحشد الشعبی وأخری تابعة لـ PKK التركي، وتتمتع فصائل ميليشيات الحشد الشعبي "الولائي" أي المؤيدين بالمطلق لإيران بنفوذ كبير في المدينة والقضاء ، ويدفع هؤلاء رواتب لمجموعات PKK وأخرى أيزيدية مؤيدة لهم ويُزودونهم بالأسلحة والمؤن.

 وكان الحزب الكوردي التركي أوجد له موطئ قدم في منطقة نينوى، وخاصة قضاء شنگال (غربي المحافظة)، عند اجتياح تنظيم داعش للمنطقة صيف 2014، وأنشأ هناك ما تسمى بوحدات حماية شنگال التابعة له كما شكل إدارة موازية في القضاء.

ولا يزال مسلحو الحزب يرسخون وجودهم في المنطقة رغم مطالبات متكررة من السلطات المحلية في نينوى، وحكومة إقليم كوردستان بمغادرة المنطقة.

ويحول وجود مسلحي الحزب دون عودة أهالي شنگال إلى مناطقهم التي نزحوا عنها.

 وكان كل من أربيل وبغداد قد توصلتا الى اتفاق بشأن تطبيع الأوضاع في شنگال وإعادة الامن والاستقرار إلى المدينة، وإخراج الجماعات المسلحة منها، تمهيداً لإعادة الآف النازحين إليها، وحظي الاتفاق بمباركة دولية وإقليمية  ، باستثناء ميليشيات الحشد وPKK حيث يعلنان صراحة معارضتهما لتطبيقه .

وقد نسج قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق الولائية علاقات واسعة مع PKK ، وأكمل بذلك الهيمنة على المدينة الإستراتيجية، بحيث أصبحت الميليشيات الموالية لإيران تتحرك بإطمئنان في المنطقة.

زعيم ميليشيا العصائب ، دعا الى التوقف عن تطبيق اتفاق شنگال التي وصفها بـ "اتفاقية الخيانة"، داعياً الى دعم الإدارة التي اعلنها PKK وميليشيات الحشد في المدينة وسمى ذلك بـ"الحل الصحيح" .

  في الإتجاه الأول، ترى طهران أن شنگال مكان تقاطع للمصالح وتعزيز العلاقة مع PKK الذي يشكل تهديداً للحكومة التركية، ومن هذه الزاوية يمكن لطهران أن تلعب على أوراق تبادل المنافع - أو رد الأضرار - مع تركيا، حيث المطامع التوسعية للطرفين تفرض الاختلاف في عدد من المسائل، منها حول التغلغل التركي في شمال سوريا وإقليم كوردستان ، ومنها التباين القائم حول الاستثمار في المنظمات الإرهابية الوليدة، بحيث تحاول كل من الدولتين توجيه هذا الاستثمار بما يخدم مصالحها، وحدة هذا التباين انكشفت مؤخراً على شاكلة واسعة في تعارض الموقف حول أذربيجان وحول الحرب الأخيرة بينها وارمينيا.

 وفي الاتجاه الثاني تحاول المجموعات المؤيدة لإيران في ميليشيات الحشد الشعبي ، توظيف شنگال في خدمة مشروع المعابر المفتوحة، من إيران الى العراق الى سوريا الى لبنان، لكونها مُناسِبة جغرافياً وديموغرافياً، ذلك أن غالبية سكانها ليسوا من المسلمين السُنّة، وموقعها قريب من مدينة دير الزور السورية التي تعتبر محطة هامة في مشروع المعابر المفتوحة التي تُمرَّر عبرها كل أنواع السلع والأسلحة والمواد التي لا يمكن لها العبور عبر القنوات الرسمية.

  والاتجاه الثالث في الإستراتيجية الإيرانية ، التي لا تلائمها عودة الاستقرار الى شنگال ، هي إبقاء حالة الضغط على حكومة إقليم كوردستان ، في محاولة لتحييد هذا الإقليم عن التأثير في موزاين القوى العراقية الداخلية التي بدأت تظهر أنها لن تكون لصالح الإيرانيين، خصوصاً بعد الخطوات الجريئة التي اتخذها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مواجهة ميليشيات الحشد الشعبي  الولائي، وفي انفتاحه على الدول العربية المجاورة.

الأيزيديون الذين يدفعون باستمرار فاتورة غالية للتقلبات السياسية والدينية والعرقية في المنطقة، يدفعون اليوم ضريبة غالية لمناسبة تعارض المصالح التوسعية الإقليمية الشرِهة.

 

 

باسنيوز

Top