حوار الكُرد مع النظام السوريّ:
في المنطق السياسي العام، من حق أي طرف السياسي إجراء الحوار حتى إن كان مع الشيطان، المهم هنا هو الحوار يكون استحقاقاً للمصلحة ما، وما دام الخيار العنفي غير مسامح في علاقة الكرد مع النظام أو أي طرف آخر من الاطراف السوريّة، والمسموح فقط هو الخيار السياسي فإن الحوار يشكل ضرباً من ضروب ممارسة السياسة.
بيد أنّه في منطق السياسيّ الخاص الحوار يشكل الثابت من المعادلة لكن المتحول هو أنّ المنطق السياسي الخاص يحتاج إلى الإتفاق اولاً بين الخاص من خلال التوافق والتشارك في أي حوار أو خيار آخر مع طرف السوريّ.
أهم نقطة ضعف التي لازمت وفد الإدارة الذاتية ومن الحيّز الجغرافي الشمالي، هو أنّ الوفد أجرى نقاشات في دمشق فيما بعض من الأطراف السياسية والحزبيّة العاملة في هذا الحيّز الشمالي لم يسمع لا بالوفد ومن هم ولا بالحوار أصلاً! لا يهمّ فان المشهد الكُردي بات معروفاً للكل على أنّه ممزق ويعاني من الإختلاف والخلاف وبالتالي فإنّ منصوب اللوم يكون قليلاً اذا ذهب طرف ولم يشاور أو لم يذهب طرف آخر.
بات معروفاً أنّ الكُرد أصبحوا في مسارين منحرفين. والمسار ينحو نحو التناقض الحاد، فالطرف الكُردي مع ائتلاف المعارضة وتالياً مع الهيئة التفاوضيّة لا يجوز له اللقاء بالنظام، اما الطرف الكُردي الذي يقدم نفسه أنه يقود تحالفاً باسم مجلس سوريا الديمقراطي متاح له اللقاء او الحوار مع النظام. المزعج في هذه المعادلة أنّ الطرفين يمارسان نفس وتيرة الصراع بين النظام والمعارضة في حين وحسب منطق العلوم السياسيّة بأنّ المشهد الكُردي مازال في حال مصلحة واحدة وهي المسألة الكُردية وحلها ما يعني أن هذه المسألة تفرض نفسها على القوى التي تبنيها أن يكونوا على الوفاق بخصوص حل هذه القضيّة، لا ضير أن يكون هناك الاختلاف في الرؤى على مستوى العلاقات الوطنيّة، إلا انّه بخصوص المسألة الكُرديّة يجب أن يكون هناك رأي واحد موحد هو حل القضيّة.
أحد أهم نقاط الضعف الكُرديّة هو أن أحزابها لم تتفق على صيغة واحدة لحل القضيّة الكُرديّة، وهي الأحزاب وبالرغم من قرب الوضع السوريّ إلى نهايته لم تكلف نفسها للجلوس على الطاولة وتتفق على شكل الحل، وكيف يكون دور الكُرد ان تهربوا الاطراف السورية من حل قضية الكرد. وماذا عليهم فعله؟
في العموم، وكون أنّ الوضع كله صار قاب قوسين أو أدنى من الخروج من عنق الزجاجة، وأنّه ثمة شخصان سيمثلان الكُرد في لجنة صياغة الدستور، فإن أي إنجاز يحققه وفد الإدارة الذاتيّة لصالح الكُرد مع النظام سيكون بمثابة ورقة ضاغطة مهمة في عمليّة بناء أو صياغة الدستور، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، وبقوة، كيف بوسع ممثل الكُرد في عملية الدستور أن يرفع بالورقة اذا كان هناك صراع فيسبوكي قاتل بين الطرفين؟
وحكمة المقال تفيد" لا حقوق تُنتزع إن كان أهل الحقوق على خلاف فيما بينهم"!