صراع في ذروته: شرق الفرات، ومنبج
الوضع يبدو مختلف ما بعد عفرين عن ما قبله، على الأقل أمريكياً قصة عفرين لم تنته بعد
والمنطق الطبيعي يقول كيف تقبل أمريكا وحتى روسيا بإطلاق يد الإسلاميين في هذا الشمال الذي يعرف بمنطقة التنوع والتعدد فضلاً أن الأتراك لم يقدموا نموذجاً من الطراز الجيد في كُرداغ
فهم ما إن دخلوا إلى عفرين حتى نهبوا وسرقوا كل شيء، فضلاً عن الإنتهاك اليومي الذي يقام ضد نخبة عفرين وناسها وكان آخر الإنتهاك بحق المصورة الفوتوغرافية دليشان قره جولي وأيضاً الدكتور عبدالمجيد شيخو
لم يقتصر الإنتهاك بحدود الإختطاف أو الإعتقال، فكرامة الناس وخصوصية عفرين لا تحترم حتى المكون الإيزيدي مهددون بالأسلمة وهم يعيشون تحت ضغط كبير لممارسة الطقوس الإسلامية
بمعنى أن خصوصية عفرين ونمط عيشها لا يُحترم من قبل المسيطرين على عفرين
ولذلك فإن الحديث باستمرار الأتراك في التقدم نحو منبج ومن ثم شرق الفرات وصولاً إلى حدود كُردستان يراه البعض بأنه ضرب من ضروب الخيال وذلك لعدد من الأسباب:
-الخلاف الأمريكي والأوربي مع روسيا بدأ للتو وهذا سيكون عاملاً مساهماً في وضع عقبات أمام تركيا لضرب تفاهمها مع الروس
-تواجد الأمريكيين بكثافة في الشمال وأيضاً في منبج لأن من يخسر منبج يخسر الرقة والأمريكيين لا يتركون أي طرف أن يحكم الرقة بعد أن حرروها هم.
-دخول الفرنسيين بشكل مباشر على الخط وخاصة في منبج هذا يعني الكثير لأن وجود فرنسا في سوريا لا يشبه وجود أي طرف آخر حيث الفرنسيين هم من يعتبرون أنفسهم الطرف الأوربي له الحق في التواجد في سوريا بحكم أن فرنسا هي من كانت تحكم سوريا وليس طرف آخر
-هناك عامل إضافي أن وجود فرنسا في سوريا تعني أن تركيا سوف لا تكون حرة في التلاعب بالحدود لأن الفرنسيين هم من وقع الإتفاقات الحدودية مع تركيا في عشرينيات القرن المنصرم ما يعني أن الأتراك سوف لا يكونوا أحرار في اللعب على الحدود على العكس فإن الفرنسيين سيطالبونهم بالإلتزام بإتفاقاتها التاريخية!
بقي القول ان المشهد اليوم تغيير نوعاً ما، وأن بروز الخلاف الغربي مع الشرق ليس لصالح تركيا وأهوائها وبالتالي أن قواعد اللعبة معرضة للتغيير ومن يدري ربما تبدأ اللعبة من جديد من عفرين لأن ترك قوات الكُردية في بقعة جنوب عفرين ليس لفراغ إنما لإجل إي طارئ قد يحدث سياسياً بين الطرفين إقليمياً ودولياً.
حكمة المقال تفيد بأنه"العبرة لا تكمن في ما نخطط له إنما العبرة تكمن في أمر كنت قد استسلهت به ولم تضعه في الحسبان!".