باريس نقطة التحول بالنسبة لاقليم كوردستان
وبعدها اصرت فرنسا على ضرورة اصدار قرار اممي لحماية الكورد من بطش النظام العراقي و كانت فرنسا حينها رئيسة الدورية لمجلس الامن و حينها اي في عام 1991 تم اصدار قرار (688) و التي بموجبه تم حظر طيران للطائرات و الجيش العراقي على طول الخط الازرق الذي وضعه قرار مجلس الامن و ضغطت على منظمة الامم المتحدة بظرورة ابعاث المنظمات الدولية لمساعدة الكورد و حكومة الاقليم المنتخبة عام 1992 لحمايتة و تنميته و تقديم الدعم اللازم لقطاعاته . ومن حينها سعت القيادات الكوردية و الحكومات المتعاقبة في اقليم كوردستان الى استثمار تلك المواقف الدولية و تحويلها الى علاقات دبلوماسية و بعدها استراتيجية وخاصة بعد سقوط النظام عام 2003 و كان لرئيس الحكومة (نيجيرفان بارزاني) الدور الابرز لتنمية تلك العلاقات و تطويرها و استثمارها لمصلحة الشعب الكوردي منذ تلك الفترة.
جهود الحكومة الاقليم لم تقف في هذا الحد و انما سارعت الحكومة في فتح ممثليات لها في كثير من دول المنطقة و الاتحاد الاوربي و امريكا و روسيا و الوطن العربي استنادا الى المادة 121 من الدستور العراقي و التي ادت الى ان تقوم الكثير من الدول بفتح قنصليات عامة لها في الاقليم ك(الويلايات المتحدة و فرنسا و المانيا و بريطانيا و تركيا و ايران و كوريا الجونبية و روسيا و فلسطين ) و بعض الدول فتحت مكاتبها التجارية ك (مصر و يونان و نمسا و كرواتيا ) و هناك مكاتب للبعثات الدبلوماسية ك (الامم المتحدة و يابان و كوريا الجنوبية ) و التي بدورها حثت هذه الدول و غيرها شركاتها للاستثمار في اقليم كوردستان والتي رغم الظروف التي حلت بالمنطقة الا انها لم تغادر كوردستان و لم تحث مواطنيها على مغادرته و هذ دليل واضح على ثقة هذه الدول بمؤسسات كوردستان و حكومتها.
بعد ان سيطرت داعش على ثلث الاراضي العراقية و استحواذها على سلاح اكثر من ست فرق عسكرية من الجيش العراقي وشنها الحرب على كوردستان و نزوح المئات الاف من الاهالي من وسط و غرب العراق و هروبهم الى مناطق اقليم كوردستان والظروف المأساوية التي كان يعيشها الشعب الكوردي من حرب و قطع الميزانية من قبل بغداد و الصعوبات و الازمات التي كانت تعاني منها الحكومة كان الرئيس الفرنسي (فرنسوا هولاند) اول رئيس دولة يزور اربيل خارج اطار البروتوكولات و تحديدا في (12-9-2014) و وعد بتقديم كل الدعم للبيشمركة و للحكومة و قدمت فرنسا كل اشكال الدعم لاقليم كوردستان منها عسكرية و منها مساعدات للنازحين و منها دبلوماسية و سياسية و كرر هولاند زيارته الى كوردستان في 3-1-2017 .
كان للتعايش السلمي بين اطياف و اديان في كوردستان والتي يعتبرها الحكومة من الثوابت التي يبني عليها الحكومة برامجها و مشاريعها و استقبال الاقليم لاكثر من مليونيي نازح من محافظات و مناطق عدة من العراق و سوريا رغم الازمات التي يعانيها الحكومة و الدبلوماسية الناجحة التي رسم ملامحها حكومة و قيادة الاقليم للتعامل مع دول العالم و خاصة فرنسا السبب الابرز ان يكون لهذه الدولة الوقفات و المواقف القوية تجاه الكورد و كوردستان و اخرها زيارة رئيس الحكومة مع وفد رفيع المستوى لباريس بناءا على دعوة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون.
بعد احداث 16 اكتوبر هذه اول زيارة رسمية لوفد رفيع كوردي خارج العراق و يأتي هذه الزيارة بناءا على دعوة رسمية من الرئيس الفرنسي في ظروف حساسة و صعبة جدا يمربها اقليم كوردستان حكومة و شعبا من قرارات بغداد بالغاء الرحلات الجوية و الاستمرار على قطع الميزانية و الرواتب وحصارها للاقليم و التصعيد المستمر في مواقفها العدائية لكوردستان و انتهاكها الصارخ لاغلب مواد الدستور العراقي وقيامها بحملات تعريب و جينوسايد في عدة مناطق كوردستانية و كذلك رفضها لكل المبادارات و الدعوات لاجراء المفاوضات و استمرارها على نهجها الطائيفي والمذهبي و محاربتها للكورد و تهديدها المستمر باستخدام القوة بحجة فرض القانون و الدستور . و هنا يأتي قوة و اهمية هذه الزيارة التي قام بها رئيس حكومة اقليم كوردستان و التي لم يستخدم فيها مطار بغداد و ذاهبه الى تركيا عبر منفذ فيشخابور و بعدها استقباله من قبل الرئيس الفرنسي كرئيس الحكومة لايقل شأنه عن استقبال اي رئيس اخر.
تمحور المباحثات بين الطرفين على اربع نقاط رئيسية و هي البدء بالمفاوضات و تطبيق الكامل للدستور و خاصة تطبيق المادة 140 و حل جميع المليشيات بما فيها الحشد الشعبي و التوزيع العادل لايرادات العراق واذا نظرنا الى واقع العراق نرى انه من المستحيل ان يستطيع حكومة بغداد و شخص العبادي من تنفيذ هذه النقاط رغم انها تقع ضمن الدستور العراقي لاسباب عدة اهمها ان العراق يعيش في ضائقة مالية حادة و ان الحشد الشعبي ليس تحت سيطرة الحكومة و ان الحكومة و في مثل هذه الظروف لن تستطيع تطبيق المادة 140 من الدستور و هذا يعني انه اذا لم تلتزم العراق بالدستور و البدء بالمفاوضات و حل المشاكل فان نتائج الاستفتاء ستطبق على ارض الواقع و قد يبقى الاقليم ضمن العراق الفيدرالي لفترة اخرى ولكن سيعود حدود الاقليم الى التي اجريت عليها الاستفتاء . هذا اذا علمنا ان المنطقة باسرها متجهة نحو تغييرات كبيرة و هائلة و مقبلة على تقسيمات كبيرة لامحال و هذه التقسيمات سيكون للكورد النصيب و الدور الاكبر و الابرز فيها و هنا يأتي الدور الرئيسي الذي يلعبه فرنسا تجاه القضية الكوردية فكما حمت الكورد بقرار اممي في عام 1991 سيكون زيارة رئيس حكومة اقليم كوردستان نقطة تحول اخرى في كل معادلات المنطقة و نتائجها ستكون لصالح كوردستان .