حكومة الاقليم .. والاستثمار في وقت الازمات !!
فمنذ سقوط النظام البعثي و تحرير العراق عام 2003 فالعراق تحول من ازمة النظام الى ازامات سياسية و ادارية و ومالية و اقتصادية و امنية و عقائدية و مذهبية و قومية و ثقافية و مناطقية و قانونية و دستورية حتى الوصول الى ازمات اقليمية و دولية و عدم حلها و تجاوزها جعلت من هذه الازمات ان تشد الخناق على العراق بعامه و اقليم كوردستان بخاصه و اصبح العراق قاب قوسين او ادنى من الانهيار الكامل!! وهنا يجب ان نعرف انه هناك اختلاف كبير بين الاقليم و بغداد من نواحي عدة كالتعايش السلمي بين اطيافه و اديانه المختلفة و مستوى التعليم و الجامعات و البنى التحتية في اغلب القطاعات وصولا الى الاستثمار باوجهه المختلفة.
وفق المواد (115 و 121 و 141 ) من الدستور العراقي فاعطت هذه المواد الحق لسلطات الاقليم بتشريع القوانين و العمل وفقها و الاحتكام الى قوانينه في حال وجود تعارض مع قوانين بغداد و اعترف الدستور العراقي بالاقليم كيانا فيدراليا قائما بذاته و على حدوده و عمل مؤسساته . و من هذا المنطلق و استنادا على المواد الدستورية فسارعت حكومة اقليم كوردستان بتقديم مشاريع قوانين لبرلمان الاقليم و اهمها كان قانون الاستثمار رقم (4) لسنة 2006 و قانون النفط و الغاز رقم (22) لسنة 2007 للعمل وفقها و فتح ابواب الاستثمار سواءا كان محليا ام اجنبيا امام الشركات لبناء البنية التحتية لكوردستان بشكل مستقل بعيدا عن قوانين و ضغوطات بغداد.
وبعد التوقيع على عقود و مشاريع عدة مع شركات كبيرة و عملاقة خطت الاقليم خطوات كبيرة و نتجت عنها في جلب استثمارات كبيرة الى كوردستان و شهدت تطورات على مختلف الاصعدة و خاصة في بين اعوام 2011 الى 2013 وكانت اربيل هي الوجهة الاولى للاستثمار الاجنبي بدلا من بغداد و لاسباب كثيرة اهمها الثقة و الامان ولكن السبب الاهم هو علم هذه الشركات بمستقبل المنطقة و خاصة كوردستان.
بعد قطع الميزانية في بداية عام 2014 تحول الخلاف بين اربيل و بغداد من اختلافات سياسيةالى خلافات قومية و مذهبية و بعدها و رغم الحرب الشرسة مع داعش و الاعداد الكبيرة من النازحين الذين لجأوا الى كوردستان الا ان بغداد استمرت على سياساتها العدائية تجاه الاقليم و حاولت بشتى الطرق بخلق الازمات و اثارة الفتن و الفوضى داخله وهذا مادفع بحكومة الاقليم باعلان استقلاله الاقتصادي في اواخر عام 2015 عن بغداد و قطعت اربيل اشواط كبيرة لتجاوز كل ازماته و لكن احداث (16-10-2017) حالت دون ذلك و اوضعت الحكومة اما تحديات و ازمات كبيرة باتت تهدد كيانه الفدرالي.
توجهت رئاسة الحكومة الى الاستفادة من ثقة المستثمرين في مؤسسات الحكومة و طبيعة استثماراتها في الاقليم و وقعت على عقود و اتفاقات عدة في وقت كان الازمات في ذروتها و خاصة اتفاق حكومة الاقليم مع شركة (ديلويت) (deloitte) العالمية في 6-10-2016 لتدقيق الحسابات و تقارير هذه الشركة لا يعترض عليها احد لدقتها و شفافيتها و سلمت الحكومة حسابات قطاعي النفط و الغاز الى الشركة و هذا مااعطت الحكومة قوة و مصداقية اخرى امام الشركات العالمية و اضعفت موقف بغداد تماما امام الاقليم في هذا المجال و اولى صفقات الحكومة الكبيرة في الازمة الحالية كانت اتفاقها مع شركة روسنفت الروسية و التي رغم كل التحديات اوقعت على الاتفاق مع حكومة الاقليم و كان لها ردود و نتائج ايجابية كبيرة في هذه الظروف الصعبة جدا التي تمر على اقليم كوردستان .
ولكن مع كل الجهود و المحاولات التي تقوم بها الحكومة لتخطي هذه الازمات باقل الاظرار يجب على رئاسة الحكومة التوجه الى الاستثمار الحقيقي في قطاع الزراعةلانه من امن و انجح الاستثمارات في اوقات الازمات وسواءا كان هذا الاستثمار فردي او جماعي او شركات متخصصة في هذا المجال و تكوين شركات مساهمة لتوفير رؤس الاموال لهذا الاستثمار و تسهيل عملية تنفيذها و من شأن هذا الاستثمار تأمين احتياجات عدد كبير من الناس و احتياجات السوق ايضا من المواد الغذائية اللازمة او على الاقل جزءا منها و توفير فرص العمل خارج مؤسسات الحكومة و بعدها العمل على خطة طويلة الامد لتطويرها و جعلها احدى اعمدة بناء الاقتصاد عليها