هجوم أربيل محاولة لطعن جهود الكاظمي لمنع «الرحيل الجماعي» للبعثات الدبلوماسية
وأعلن الجيش العراقي، عقب هجوم الأربعاء، الذي نفذ بستة صواريخ انطلقت من حدود برطلة (سهل نينوى) بين قرى شيخ أمير وترجلة، وهي مناطق يسيطر عليها الحشد الشعبي، توقيف المسؤول عن أمن المنطقة وفتح تحقيق بالحادث.
وصعد هذا الهجوم من لهجة خطاب المجتمع الدولي ضد حكومة بغداد والمؤسسة العسكرية، بسبب عدم القدرة على كبح جماح المليشيات التي باتت تهدد أمن البعثات بشكل واضح، خاصة بعد إعلان أربيل تورط مليشيا لواء 30 ضمن الحشد الشبعي في تلك الحادثة، وهو تحول نوعي يضع النقاط على الحروف، ويسمّي الأشياء بمسمياتها، دون مواربة أو القفز على الحقائق، وفق مراقبين.
رسائل إيرانية
ويقول مختصون، إن إيران تسعى من خلال ميليشيات خارجة عن القانون، إلى البرهنة على أن جميع أراضي العراق ليست صالحة لاستضافة دبلوماسيين أو جنود أمريكيين، بما في ذلك مدينة أربيل، عاصمة إقليم كوردستان، حيث الاستقرار الأمني في أفضل أشكاله، بالنسبة إلى المناطق الأخرى.
وراج الحديث عن خطة أمريكية للانتقال من بغداد إلى أربيل، بعدما زادت الميليشيات التابعة لإيران من وتيرة هجماتها على مقر سفارة واشنطن في العاصمة العراقية، وسط تحذيرات من «عمل إيراني كبير»، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
وحذرت الولايات المتحدة الخميس من أنها لن تتساهل مع الهجمات التي تشنها فصائل موالية لإيران على المصالح الأمريكية في العراق، مهددة بالانتقام، وسط مخاوف الحكومة العراقية من انسحاب أمريكي محتمل.
وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأوسط ديفيد شنكر: «لا يمكننا أن نتسامح مع التهديدات ضد مواطنينا وجيشنا المتمركز في الخارج، ولن نتردد في اتخاذ إجراءات، إذا لزم الأمر، لحماية أفرادنا»، دون أن يؤكد رسمياً التهديد بإغلاق سفارة الولايات المتحدة في بغداد.
وتتسارع الأحداث في العراق بشكل لافت، بعد قرار واشنطن إغلاق سفارتها ببغداد، إذ أن هجوم أربيل يفتح جبهة ثانية أمام الحكومة العراقية، ولا سيما أن عدداً من الفصائل المسلحة تصر على الاستمرار بتنفيذ الهجمات.
وتعتقد طهران أن توجيهها ضربة قوية لمصالح الولايات المتحدة في العراق، قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قد يربك حسابات الرئيس ترامب ويقطع عليه طريق الولاية الثانية.
وتقول مصادر سياسية مطلعة على ملف البعثات الأجنبية والعربية التي قد تغادر بغداد، بسبب الاعتداءات الإيرانية المستمرة على المقرات الدبلوماسية، إن الولايات المتحدة قد تحد من حركة موظفيها وعسكرييها على الأراضي العراقية، تحضيرا لهجمات ضد قادة الميليشيات.
طعنة لجهود الكاظمي لوقف «الرحيل الجماعي»
في هذا السياق، يرى المحلل السياسي عماد محمد، أن «هجوم أربيل، مثّل طعنة لجهود الكاظمي الرامية إلى منع السفارة الأمريكية والبعثات الدبلوماسية من ترك العاصمة بغداد، ما يمثل ضربة لحكومته الفتية، والتي عوّلت عليها الولايات المتحدة والدول الأوروبية عموماً في تقليص نفوذ المليشيات، وتعزيز سلطة الدولة».
وأضاف محمد أن «أربيل كانت أشجع من بغداد في تعاملها مع الحدث، حيث ضغطت باتجاه اعتقال المسؤولين عن هذا القاطع، وكشفت للراي العام تصوير مكان انطلاق الصواريخ، ووصول السيارات إلى حاملة هذه الصواريخ، ما يقفز بجهود المحققين إلى إمكانية القبض على المنفذين بشكل أسرع».
ولفت إلى أن «توجيه الاتهام إلى اللواء 30 في الحشد الشعبي مثل قفزة كبيرة، حيث ما زالت بغداد تمارس التضليل حتى في إعلامها الرسمي، وهناك نوع من التستر على تلك الجماعات، لكن التحدي أمام سلطات كوردستان هو إثبات تلك الاتهامات، وهذا يتعلق بسير التحقيقات الجارية».
وتأكد تورط الميليشيات التابعة لإيران في هذا الهجوم من خلال معلومات وصور للصواريخ التي انطلقت نحو أربيل نشرتها حسابات وقنوات مؤيدة للحشد الشعبي في السوشيال ميديا.
ونشرت هذه الحسابات والقنوات صور الصواريخ قبل إطلاقها على أربيل، داعية السكان في المنطقة إلى الابتعاد عن المواقع التي تستضيف قوات أمريكية.
من جانبه، تحدث سفين دزەيي، مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كوردستان، في تصريح ، عن الصواريخ التي استهدفت مساء الأربعاء مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان، قائلاً: «مع الأسف، مازال هناك من يؤمن بالعنف والفوضى، هناك من لا يعجبه الأمن والاستقرار السائد في إقليم كوردستان ولايستسيغه، لذلك تراهم يحاولون تخريبه».
مردفاً «لكن حكومة إقليم كوردستان لاتتهاون مع هذه المحاولات، وستفعل كل ماهو ضروري لحماية أمن البعثات الدبلوماسية وقوات التحالف وسلامة مواطني الإقليم بكل مكوناتهم، ولن تتردد في اتخاذ أي خطوة من أجل ذلك».
نفس المجموعات
وقال وزير الخارجية والمالية الأسبق في الحكومة الاتحادية، هوشيار زيباري، إن الهجمات الصاروخية التي وقعت في أربيل نفذتها الجهات ذاتها التي تستهدف السفارة الأمريكية في بغداد.
ووجد زيباري في الهجمات الصاروخية على أربيل «تصعيداً آخر لزعزعة الأمن في إقليم كوردستان والعراق، من قبل نفس المجموعات التي تهاجم السفارة الأمريكية في بغداد وأرتالها العسكرية».
وفي تطور يعكس الفرز الصريح للمعسكرات داخل العراق، انضمت الحكومة الاتحادية بقيادة مصطفى الكاظمي إلى جهود إدانة الهجمات الصاروخية على أربيل، واضعة إياها في مصاف «العمليات الإرهابية».
وترأس الكاظمي، أمس الخميس، جلسة طارئة للمجلس الوزاري للأمن الوطني، بحث خلالها تطورات الأحداث الأمنية في عموم البلاد، غداة الهجوم على مطار أربيل، وفقا لبيان أصدره مكتب الكاظمي.
وناقش المجلس تعزيز الإجراءات الأمنية المتعلقة بحماية السفارات والبعثات الدبلوماسية، وذلك في إطار التزام العراق بحمايتها، وفق المعاهدات الدولية للبعثات الدبلوماسية.
من جهتهـا، نفت وزارة الدفاع العراقية اعتقال الخلية المسلحة التي استهدفت محافظة أربيل في إقليم كوردستان بعدد من الصواريخ.
وقال الناطق باسم العمليات اللواء تحسين الخفاجي لوكالة الأنباء العراقية إن «التصريحات التي نسبت لقيادة العمليات باعتقال المجموعة الإرهابية التي استهدفت محافظة أربيل بعدد مِن الصورايخ بواسطة عجلة نوع كيا عارية عن الصحة».
باسنیوز