• Friday, 26 April 2024
logo

مخاطر عودة الدكتاتورية لأجهاض الديمقراطية (الدكتاتورية وبناء جيش قوي)

مخاطر عودة الدكتاتورية لأجهاض الديمقراطية (الدكتاتورية وبناء جيش قوي)
ترجمة: دارا صديق نورجان


في اطار توضيح الفكر الدكتاتوري العسكري، نتابع سبل أستخدام الأنظمة غير الديمقراطية للجيش وهو ممارسة تودي الى ظهور دكتاتورية عسكرية، فالأنظمة غير الديمقراطية هي في الواقع بحاجة الى استخدام القوة لضمان بقائها في الحكم.. إلا أن اللجوء الى استخدام القوة ينتج تصرفا سياسي اللا أخلاقيا يحول المشكلات والمعضلات الى مخاوف بدلا من معالجتها، ثم أن الجيش القوي يستخدم أو يعمل بأستمرار كأداة فعالة وعصا غليضة بأيدي النخب السياسية لا بل أنه يتمرد عليها أحيانا ويقف بمواجتها لبناء نظام يتوافق مع اهداف الجيش.. إن التصرفات السياسية غير الأخلاقية، وفي طريقها لحصر المشكلات ، إنما تدفع الأنظمة غير الديمقراطية للتفكير أكثر بممارسة القمع وهذا يتطلب منح الجيش وزناً متميزا و موقعا فعالا والمساومة عليه في كثير من الأمور.. غير أن تلك المساومة، في حال كونها لا تحظى بموافقة الجيش، ستدفع بالأخير للتمرد ثانية على ذلك النظام غير الديمقراطي، نحو بناء دكتاتورية عسكرية..
إن أهم نتائج وجود الجيش القوي تظهر عند التوجه نحو مرحلة الأنتقال الى الديمقراطية، وسيبقى الجيش هنا، في حال عدم السيطرة عليه، تهديدا للأنقلاب على الديمقراطية الحديثة أو النامية، وتشير التوقعات بهذا الصدد الى أن الممارسة التالية للجيش ستكون بأتجاه الأنقلاب على الحكومة الديمقراطية مالم تتم السيطرة على الجيش.
إن انعدام العدالة في الأنظمة غير الديمقراطية هو أحد أسباب التفكير في أستخدام الجيش ويصبح في بدايات البناء الديمقراطي سببا في عجز الحكومة عن منع الأنقلاب على الديمقراية ما يوضح أن تحول الأخيرة الى مخاوف، سيفتح قناة ومجالا حقيقيا لظهور بناء الدكتاتورية العسكرية، ثم أننا قد توصلنا في بحثنا هذا الى قناعة أن وجود إيرادات كبيرة من المصادر الطبيعية هو الآخر أحتمال كبير لحدوث أنقلاب على الديمقراطية فسيكون لهذه المصادر الطبيعية المتوفرة للأنظمة غير الديمقراطية أثر سئ على المعادلة السياسية في البلاد.. لأن توفر القمع والتنكيل سيغدوان عنصرا مقبولا بأيدي النخبة السياسية التي تغطى تصرفاتها غير الأخلاقية بتلك المصادر الطبيعية.

الفكر الدكتاتوري العسكري
(داود اسيم أوغلو، ديفيد تيكجي، أنديرا فيذ جين)
إن نظرية الدكتاتورية العسكرية..
(Atheory of military Dictator ships)
وهي أحد البحوث الصادرة عن معهد دراسات العمل والسوق(IZA) في جامعة بون الألمانية، تستعرض مخاطر أحتكار وتولى السلطة من قبل نخبة أقلية وتحول النظام الى دكتاتورية عسكرية، فوجدنا في ذلك البحث عدة نقاط مهمة تستوجب الوقوف عندها:
1- إن الأنظمة غير الديمقراطية والتي تحاول إظهار نفسها كأنظمة مدنية برلمانية، إنما تلجاء الى بناء جيش قوي ضماناً لبقائهم وأستمرارهم في الحكم أي أنها تسعى وبالأعتماد على الجيش، الى تنفيذ كل الطموحات التي ترنو اليها النخبة الحاكمة.
2- ضماناً لتنفيذ الجيش، وفي كل الأحوال، أهداف النخبة السياسية داخل الأنظمة غير الديمقراطية، فأن الأمر يتطلب توافق طموحات النخبة السياسية الحاكمة مع أهداف الجيش، وفي هذه الحالة فأنه يتوجب على تلك النخبة إبداء المرونة أزاء الجيش وبعكسه فأنه يقف في وجهما وينقلب عليها كما فعل (برويز مشرف) وأنقلب على(نواز شريف) في تسعينيات القرن الماضي.
3- إن الجيش ستيتسبب في التعامل بشكل غير أخلاقي مع المشكلات وبالتالي الى تعقيدها من قبل النخبة السياسية الحاكمة بدلاً من معالجتها، ويبلغ بذلك مرحلة متقدمة من المخاطر.
4- وعندما تتعقد المشكلات وتتحول الى مخاطر، فإن التصرفات اللاأخلاقية للنخبة السياسية تتجه نحو التفكير في اللجوء الى القوة وإبقاء المشكلات دون حلول في أجواء من القمع والقهر.
النقاط التي أشرنا اليها هي في الواقع لا تحمي أي نظام سياسي بل هي الخطواط العريضة والرئيسة لنظرية أو فكرة سياسية يعرف بها سير الخطى نحو القمع والدكتاتورية وهي سمات نظام غير ديمقراطي يتخوف الجميع في التوجه نحو دكتاتورية عسكرية.. والسؤال هنا:
هل هي حالة يتم الشعوربها كمخاوف ، وفي الأنظمة غير الديمقراطية فحسب، أم أن لهذه المخاطر وجودها حتى في الأنظمة الديمقراطية وبالأخص في المرحلة الأنتقالية؟ وردا على تساؤلنا هذا فأن النظرية الدكتاتورية العسكرية، تشير في المراحل الأنتقالية أو مراحل البناء الديمقراطي.. وهي مخاطر تنبع من ظاهرة أن بناء جيش قوي أصبح تقليدا متبعا في الدول التي تحث الخطى للأنتقال من الدكتاتورية الى الديمقراطية وكثيرا ما يكون هذا الجيش القوي أرثا متبقيا للنظام الديمقراطي ولكي لا يكون هذا الجيش تهديدا على العملية الديمقراطية فأن المهمة الأولى للحكومة الجديدة في بناء الديمقراطية تكون بالسيطرة على المؤسسة العسكرية ولكي يكون الجيش في خدمة حماية النظام الديمقراطي من المخاطر الخارجية وليس التدخل في الشؤون السياسية الداخلية وهذا التحول برمته يحمل نقطتين في غاية الأهمية:
1- الجيش يكون في الأنظمة غير الديمقراطية والدكتاتورية آلة لمعالجة المشكلات والمعضلات الداخلية وتضمن تلك الأنظمة بقاءها في السلطة بقوة الجيش لذا فأن عدم تغيير مثل هذه الثقافة في الجيش سيشكل بصورة مستمرة تهديدا بالأنقلاب على الديمقراطية الواعدة والسبب في ذلك يعود الى أن معالجة الخلافات والمشكلات تتم في المجتمع الديمقراطي عن طريق الحوار والتفاهم فيما يقوم الجيش في غيرها بقمعها بالقوة وهذا يعني بحد ذاته الأنقلاب على الديمقراطية.
2- في بعض الدول، سيما في بلد مثل عراق ما بعد نظام صدام وحزب البعث، فإن قوات التحالف الدولي، وضمانا لعدم عودة الدكتاتورية، قامت بحل الجيش السابق وذلك بهدف إعادة بناء الجيش وفق ثقافة وطنية جديدة وعلى أساس التوازن بين المكونات الرئيسة في العراق وأستخدامه فقط لمهمات الدفاع الوطني.. إلا أن الأمور قد سارت، وبسبب عدم تجاوز تلك الثقافة البالية، نحو إعادة بناء جيش كبير وقوي وفق ذات النهج القديم.. والفارق بين الجيشين السابق والحاضر إنه كان هناك فارق، هو أنصياع الأول(للرئيس القائد) وأدارة الجيش الآن بيد شخص واحد فقط وهو شخص رئيس الوزراء العراقي الحالي...
(أستعراض عضلات الجيش كخطوة أولى لأعلان الدكتاتورية ).
قبل أنسحاب القوات الأمريكية من العراق كانت توقعات الخبراء والباحثين تقول إن العراق ماضية نحو(3) سيناريوهات سيئة تجعل مستقبل البلاد مظلما و مجهولا وكانت عبارة عن:
1- ظهور دكتاتورية جديدة، أي أن يصبح رئيس الوزراء الحالي دكتاتورا.
2- أندلاع حرب أهلية من جديد أي حرب مذهبية بين العرب والشيعة والسنة، كما حدث خلال أعوام(2003 -2008) ولا تزال قائمة حتى الآن ولكن بصورة أخرى أو التراجع عن الحقوق الدستورية للكورد وبالأخص تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي وعودة المناطق المقتطعة، وبالأخص كركوك، الى أقليم كوردستان وهذه مخاوف أخرى لـتأزم الوضع.
3- تحول العراق الى دولة ضعيفة وفاشلة.. وأن حدوث أي من هذه الأحتمالات سيصبح وبالاً و كارثة ليس للمكونات العراقية فحسب، بل وللمصالح الأمريكية في العراق أيضا إلا أن السؤال المهم هنا هو أي من هذه التوقعات سيسبق غيره ، المعروف أن البروفيسور(كينس بولاك) كبير الباحثين في معهد بروكينكز ورئيس مركز(سابان) لدراسات الشرق الأوسط قد نوه صراحة، أمام الكونكريس الأمريكي في ديسمبر عام 2011 الى أن أكثرية المراقبين والخبراء يرون أن هناك أحتمالا بظهور دكتاتورية أخرى بعد أنسحاب القوات الأمريكية لأن مشكلات العراق تنبؤنا بهذه الحقيقة سيما وأن رئيس الورزا العراقي نوري المالكي يخاف جدا من حدوث أي أنقلاب وهذا ما دفع به الى عدم الصبر على العملية الديمقراطية في العراق ويؤدي أو ينفذ أعمال عنف خارج الدستور كما أنه حاول زرع المقربين منه في صفوف الجيش ضمانا لحماية سلطاته أو بالأحرى أن يجعل من الجيش أداة تنفيذية لتحقيق غاياته، أي أن بوادر ما كان يتخوف منه المراقبون والمختصون قد ظهرت جلية ماحدا بالسيد مسعود بارزاني الرئيس المنتخب لأقليم كوردستان الى وضع العالم أمام هذه الحقيقة وذلك في كلمته التي القاها بمناسبة عيد نوروز القومي وأن رئيس الوزراء العراقي سائر نحو التفرد وحصر جميع السلطات في يديه، وهذا ما أبلغه الى الرئيس الأمريكي أوباما ونائب الرئيس و وزيرة الخارجية وجميع المسوؤلين في الأدارة الأمريكية ولم يخف عنهم أن الدكتاتورية وحدها هي التي تهدد وحدة العراق وتسير بالبلاد نحو الهاوية.. مخاوف الرئيس البارزاني هذه نابعة من محاولات رئيس الوزراء في زيارته الأخيرة الى محافظة كركوك حيث استعرض عضلات جيشه بهدف تشويه هوية كركوك الكوردستانية وخرق الدستور العراقي.. فقد نفذعن طريق الجيش أستعراضا عسكريا سيئا في هذه المدينة دليلا على أن رئيس الوزراء العراقي الحالي، يحاول معالجة القضايا العالقة بين أقليم كوردستان وبين بغداد والتي حدد الدستور معالجتها في أطار الألتزام به، يحاول تغيير وجهة الحلول الى مخاوف وحدوث العنف والتطرف والتأزم، إن هذه الحالة من التوجهات تسمى(تصرفات غير أخلاقية تهدف الى عدم معالجة المشكلات أو جعلها مخاوف(Political moral hazard problem).
إن هذه الحالة التي تظهر بعضا من مخاوف رئيس الوزرا أو النخبة يمكن حلها عن طريق الحوار والدستور بل يحاولون تعقيد المشكلات بحيث يتوقع منها كل الأحتمالات، تظهر جليا أنعدام أو فقد الحكومة المركزية في بغداد لثقتها وإيمانها بالديمقراطية وأستعدادها للجوء الى كل شئ بهدف البقاء في السلطة وأستمرارها...

لماذا قام المالكي بزيارة كركوك في هذا الوقت
إن أية قراءة للأوضاع التي يمربها شخص مثل المالكي تبين أنها ليست في صالحه أو صالح حزبه... فأما يربط مصيره بالدكتاتورية التي خطا نحوها خطوات كبيرة، وهو يدرك جيدا الى أين يكون مصير الدكتاتورية، وإما العودة الى داخل العملية السياسية وتنفيذ أتفاقية أربيل التي حسمت قضية وتسمية ليس فقط رئاسة الحكومة بل وحتى رئاستي الجمهورية ومجلس النواب.
لذا فأن المالكي يقف الآن أمام مفترق طرق يفرض عليه أن يغادر منصبه وأيا كانت وجهته، بل وإعادة تنظيم العملية السياسية وإعادة التوازن الى الجيش و قوات الأمن وفق حجم المكونات العراقية.. فلو عمد المالكي أو اعتقد أن تفيذ مناورة عسكرية وسياسية والتنصل عن الأتفاقيات والتعامل وفق صيغة تنفيذ البنود والفقرات التي تكون تحمى مصلحة فقط، فإن المفروض والواقع هما أن العراقيين وفي مقدمتهم الشيعة ثم الكورد والسنة لا يسامون ببعث الدكتاتورية ثانية في العراق، وعندما نذكر هذه الحقائق فإنها ليست تهديدا ضد أي شخص بل ضد أي دكتاتور. فلقد أراق الدكتاتور اليوغسلافي(سلوبودان ميلوسوفيج) وسفك أنهاراً من الدماء لضمان أستمرار دكتاتوريته في يوغسلافيا السابقة كما أن المجتمع الدولي قد دعا ورجا كثيرا عسى أن يعود الى رشده وتتحرر بلاده من دكتاتوريته، غير أن تلك الفترة ليست ببعيدة ونتذكرها جيدا فلم تبق دولة بأسم يوغسلافيا على خريطة العالم ولم يتمكن ميلوسوفيج من البقاء على كرسيه بل على العكس من ذلك قد أحيل الى المحكمة العليا لجرائم الحرب ولم يبق من يوغسلافيا سوى جمهورية سربيا وأنفصلت عنها بقية القوميات ، هذه في الواقع هي درس بليغ الرئيس الوزراء العراقي أن أراد الأت به لأن الطريق الوحيد الذي يبقى العراق موحدا هو تنفيذ الدستور الذي صوت له أكثر من 80% من العراقيين كما أن هذا الدستور، الذي هو في الواقع ليس نصاً مقدساً، إلا أنه قد حدد خصوصيات مختلف المكونات العراقية بشكل ضمن حماية كل مكون من تهديد الأكثرية لذا فأن هذا الدستور، ومهما حاولوا أجراء التعديلات عليه فإن ذلك ينحصر في تعديل الفقرات المتعلقة بالشيعة فيما يخص هذا المكون وكذلك الحال بالنسبة للعرب السنة والكورد أيضا، ولقد غدا ضمان حماية مختلف اثنيات العراق من تهديدات الأكثرية ، توازناً ثابتا يضمن عدم تمكن أي مكون من تهديد غيره.
هنا، لو عدنا الى الزيارة التي قام بها نوري المالكي مؤخرا الى كركوك ومحاولته أظهار أن كركوك تحمل فقط الهوية العراقية لا غيرها، لوجدنا أن ذلك كان في حد ذاته مناورة أراد الأعلان من خلالها أنه متمكن من غلق طريق الحوار وفرض الهوية العراقية على كركوك بالقوة، إن هذا المسعى الذي سيكون فاشلاً وعميما، إنما هو دليل على أن نوري المالكي لم يتعظ لا من تجارب الأنظمة السابقة في العراق والتي أختبرت، إبان الحرب الباردة والدولة المغلقة، كل الخطط والأساليب وصولا الى أستخدام الغازات الكيمياوية وعمليات الأنفال الأجرامية والتي فشلت في سلخ وتجريد كركوك من هويتها الكوردستانية، ولا من التجربة السياسية لحزبه(حزب الدعوة الأسلامية) في فهم حقيقة أن الفشل هو مصير الدكتاتورية لكل ألأطراف، و بمعنى آخر أن المالكي، لو كان قد أعتبر من كل ذلك لأستوعب جيداً أنه(ليست هناك قوة تتمكن من أنتزاع الهوية الكوردستانية عن كركوك وأن عدم عودتها الى أقليم كوردستان يعني عدم أستقرار العراق في ال(100) سنة القادمة كما كان وضعه في ال(100) سنة الماضية.. غير أن السؤال المهم هو:
الى أي مدى يسمح المجتمع الدولي والولايات المتحدة بشكل خاص، بعودة دكتاتورية أخرى ال العراق سيما في ظل التغيرات الكبرى التي شهدها العالم والمنطقة والدول العربية؟ وردا على هذا التساؤل فإن أكثرية المراقبين يرون أن هذه المسألة ليست مقبولة (أي عودة الدكتاتورية) لا على المستوى الأقليمي ولا الدولي... ما يعني أن المالكي ومهما حاول فرض الأمر الواقع الدكتاتوري على الكورد و على العراقيين بصورة عامة فإن النتيجة ستبين أن عمره في الحكم يكون أقصر مما يتوقعه هو وأن العراق سيعود الى مسار حث الخطى الجدية لتصحيح العملية السياسية ومنها:
1- أن تخيلات المالكي بإعادة بناء الدكتاتورية في العراق عن طريق حكومية أكثرية إنما هي تخيلات أولئك القادة الذين مازالوا يعتقدون أنهم يعشيون في ستينيات القرن الماضي وأن سيادة الدولة هي مقدسة الى درجة تسمح لهم أو تقبل منهم عمل أي شئ في أطارها، ما يفرض أن يدرك الجميع أن العالم، وليس الدولة فقط، هو مفتوح وأن المشكلات القومية والاتينية والدينية والمذهبية لم تعد مشكلات داخلية بل هي قضايا السياسة الدولية:
2- العراق، بأعتباره دولة عصرية وفق دستوره، يجب إعادة بنائه كدولة تعددية و فدرالية برلمانية و مدنية، فلكل ألافكار التي صنفت الدولة العراقية الجديدة معانيها الخاصة، فإما تجديد الأفكار والمعاني الواردة في الهوية العراقية الجديدة وإعادة تنظيمه كدولة مركزية دكتاتورية، وأن هذه الأفكار ستحول دون عودة الدكتاتورية من جديد الى العراق.
3- إن إعادة بناء العراق كدولة فدرالية يعني تحديد سلطات الحكومة الأتحادية و توسيع سلطات الحكومة المحلية والأقليمية.. إن العملية تحمل معنى مهماً وهو إعادة تعريف الديمقراطية خلافا لمفاهيم المالكي الحالية وتقول لنا أن الديمقراطية هي عبارة عن حماية حقوق الأقليات أو الحكم بالأستناد الى الأكثرية حيث لا تشكل قائمة المالكي الأكثرية ولا تتمكن من بناء الأكثرية مرة اخرى.. إن ما ذكرناه اعلاه هو أشارة الى أن الأرضية ملائمة لظهور العديد من الأحتمالات والسيناريوهات المختلفة في العراق فيما ليست ملائمة لأعادة بناء الدكتاتورية ومنها:
* لو أدار المالكي ظهره لكل الأتفاقات وأستمر في خرق الدستور العراقي بتهميش مكون مهم مثل العرب السنة الذين يتجسد وجودهم في اطار(القائمة العراقية) فإن ذلك سيهيئ الأجواء ثانية لحرب مذهبية دموية وليس لحل المشكلات والخلافات.
* وإذاهم المالكي على التواصل في الظلم الذي مارسه نظام صدام و البعث ضد كركوك والمناطق الأخرى المقتطعة من أقليم كوردستان، فإن عليه أن يطمئن ويثق بأن الكورد قد أبدوا المرونة حتى الآن ورضوا بالآلية الواردة في المادة(140) من الدستور العراقي، فسيكون لهم بديلهم إن لم يتعاون في تنفيذ تلك المادة، كما كان لمختلف مكونات يوغسلافيا السابقة بدائلها وكانت النتيجة أحترام المجتمع الدولي أرادة تلك المكونات وبدائلها.
* ولولم يعد نوري المالكي الى داخل العملية السياسية ولم يؤمن بالشراكة الوطنية لأدارة الحكم في العراق، فأن العراق، سيغدو، وإن أصبح لديه جيش كبير وقوات أمن عملاقة، دولة ضعيفة وفاشلة وعندها فلن يقبل الكورد ولا السنة ولا الشيعة أن يعيش العراقيون ولعقود أخرى من الزمن، في مآس ومعاناة أو بالأحرى أن جميع الأحتمالات في العراق واردة غير أن الدكتاتورية، وإن عادت اليه ثانية، فأن عمرها سيكون قصيرا جدا.

أوضاع معقدة وحلول صعبة
الحديث عن معالجة المشكلات الحالية في العراق حتى وإن كانت في المدى النظري واردة، فإن حث الخطى لمعالجتها هو في غاية الصعوبة من الناحية العملية، ويحدثنا عضو مجلس النواب العراقي ورئيس الكتلة أو القائمة العراقية في المجلس (سلمان الجميلي) عن راهن الأوضاع في العراق وقال في حديث خاص أدلى به لمجلة( كولان) وأكد: أن جميع المكونات السياسية في العراق، بأستثناء نوري المالكي، تعتبر أتفاق اربيل خريطة طريق لحل المشكلات والخلافات وأضاف: بالنسبة للحل فنحن نعتبر أتفاق اربيل هو خريطة حكيمة وأجتمعت كل المكونات ، بأستثناء المالكي، على حماية العملية السياسية من الأنهيار والوقوف بوجه المنهج الجديد الناوي على أنبثاق دكتاتورية جديدة في البلاد ما يفرضى أن تتحمل الأطراف الموقعة عليه وتلك التي لم تقبل به، مسؤولية متابعة هذا الأتفاق وتنفيذ فقراته ونقاطه و محاسبة الأطراف التي لا ترغب في أجراء الأصلاحات في العملية السياسية والوقوف ضدها، وأضاف الجميلي: أما بصدد معالجة المشكلات بين الأقليم وبين بغداد، فنحن نرى ذلك في الألتزام بالدستور و تنفيذه مع أحترام التوافق السياسي القائم بين تلك الأطراف ونتمنى، في هذه المرحلة، أن يكون للمالكي رده وبعكسه فإن الأفضل يكون سحب الثقة من الحكومة وأن لدى القوى السياسية القدرة على تشخيص أو تحديد شخص ملائم يبدى أحترامه للتوافقات السياسية، وأزاء تنفيذ الدستور.
إن ما يشير اليه الجميلي هودليل على أن المكونات العراقية قد ملت من التصرفات الدكتاتورية للمالكي لذا فإن الوقت قد حان للبحث عن حل آخر لهذه الأوضاع، ومتابعة لذلك فقد أكد عضو مجلس النواب عن الكتلة العراقية(جمال بطيخ) في حديث خاص، لمجلة(كولان) أن الثقة الآن معدومة بين رئيس الوزراء وبين تلك المكونات فالأهم وقبل كل شئ إعادة بناء الثقة وقال:
الحل برأيي يكمن في عودة الثقة من جديد بين قادة العملية السياسية، لأن السبب في ما نعيشه ويحدث اليوم يعود الى أنعدام الثقة بين القادة السياسيين الذين يديرون الدولة و هو أساس المصيبة التي أبتلينا بها..
وأن الحوار لا شك هو الحل بالنسبة لهذه المرحلة غير أننا سوف نرى، وبعد(10) سنوات من الآن، أنهم ما زالوا مختلفين فيما بينهم وأن خلافاتهم لم تتمخض عن بناء الدولة أو المجتمع وهي أمور كان من المفروض أن تكون لنا فيها ستراتيجية لبنائها غير أنهم بعيدون عن هذا الهدف وتنعدم لديهم أية مشاريع أو خطاب سياسي مشترك وهي أمور كان من المفروض توفر بعد زهاء(10) سنوات من الحكم وأتساءل هل يعقل أن نعيش خلال(10) سنوات أخرى ذات الأمور التي عشناها سابقا؟ فنحن اليوم ما زلنا في المربع الأول وكأننا ما زلنا عند البدايات وسنبدأ من جديد وتعيش الأطراف السياسية في تنافسها وعلى محورين أحدهما يحاول سحب الثقة من الحكومة والآخر يحاول سحب الثقة عن مجلس النواب ، ولسنا نعلم حتى الآن من الذي يفوز على الآخر غير أن الأمر يتطلب برأيي أجراء الأستعدادات لأنتخابات جديدة لأن الحقائق تؤكد أن نكسة سياسية كبرى قد حدثت وأن قادة البلاد عاجزون عن التقدم الى أمام لا بل شهدنا تراجعاً كبيرا الى الوراء وأرى أن أفضل حل لكل ذلك هو الأستعداد لأنتخابات برلمانية جديدة وتشكيل حكومة جديدة.
باري روبين :
أكبر تهديد لمستقبل العراق هو تصور أو أعتقاد طرف ما أن بأمكانه أدارة العراق بمفرده.
* البروفيسور باري روبين الذي هو الآن رئيس المركز العالمي للدراسات الستراتيجية(Gloria) هو رئيس تحرير صحيفة ميدل أيست ريفيو للدراسات الدولية و نائب مدير مركز(السادات – بيكن) للسياسات الستراتيجية، ومختص في سياسات الشرق الأوسط و تركيا واحد المراقبين الدوليين للأنتخابات التركية كان لنا معه حوار مطول عن الوضع الراهن في العراق وتأثيرات الأزمة على مستقبله والسياسة الأقليمية والدولية بصورة عامة فيما يأتي نصه:
* وقع العراق، بعد أنسحاب القوات الأمريكية، في أزمة جديدة ويشكو جميع الأطراف العراقية من أن البلاد سائرة نحو الدكتاتورية والتفرد.. ترى الى أي مدى يعرض هذا المسار العراق ومستقبله والمنطقة بصورة عامة الى المخاطر؟
- نحن في المواقع نجهل ما سيحدث، إلا أن الواقع مؤلم فلا يحدث كل يوم أن يطالب رئيس الوزراء بأصدار مذكرة دولية لألقاء القبض على نائب رئيس الجمهورية، فالذين يتمنون الخير للعراق يتطلعون الى أتباع سياسة مختلفة لتوزيع السلطات غير أنه في حال عدم حل المشكلات القائمة فأنه من الغباء أن يتصور أي شخص أنه سيتمكن من حكم البلاد بصورة فردية و تتلخص المسألة في أنه إذا ما عمدت كل الأطراف الى المساومة فإن الأستقرار سيتحقق فيما تنسحب محاولات الأنفراد ، بجميع السلطات نحو العنف والتطرف، وهو أمر نراه اليوم و يحدث بكل وضوح، غير أن الأمل ما زال يحدونا بإن الأوضاع لم تصل بعد الى هذا الحد و سيكون ذلك نتيجة أو أمرا سيئا إذا ما حدث واتساءل هل هناك قوة خارجية تتعاون في حل هذه المشكلة؟ فأنا الآن لا أرى شيئا من هذا القبيل..
* لقد سارت الأمور في البلاد، و بسبب التقاء كل السلطات لدى المالكي، نحو تعاون الكورد مع السنة و تولى الشيعة سلطة البلاد لوحدهم، فما تأثير ذلك على وحدة العراق؟
- هذه في الواقع هي المسألة التي كنت دائما قلقا بشأنها في أن تعود تلك الأفكار البالية، بعد أنسحاب القوات الأمريكية، في أن بأمكان شخص واحد أن يسيطر على جميع البلاد و يحصر السلطات كاملة في يديه وأن ينفذ ما يشاء.. هذا هو في الواقع أكبر تهديد تتعرض له البلاد بل هو تحد كبير للديمقراطية عندما يقوم بتوزيع السلطات والصلاحيات و تحقيق أو تنفيذ مايراه مهماً. لقد بذلت محاولات واسعة و مشتركة من جميع الأطراف، عندما أندلعت الحرب لأقصاء وأسقاط سلطات صدام ونظامه و ذلك لمنح فرصة تأريخية للعراق لبناء مجتمع و نظام مختلف عن ذلك والآن يعتبر ما يتعرض له العراق أكبر تحدو أسواً مخاطر قياسا بواقع الأوصاع قبل سنتين من اليوم.. فالأمر يستوجب مسعى دوليا لأستقرار الوضع وأقناع مختلف الأطراف بالعمل معاً وهو أمر لا أرى أثاره وأقناع مختلف الأطراف بالعمل معاً وهو أمر لا أرى شئ بصدده ولا يمكن تحقيق ما تحدثنا عنه في أوضاع سيئة و غير مستقرة.. وبالنسبة لما يتعلق بأقليم كوردستان فأنه سيستمر في تولى أدارة و حكم نفسه الى حد كبير والى أن تتشكل حكومة مركزية قوية و طموحة تسعى لضمان عدم أستمرار هذا الوضع غير أنني لا أرى أي سبب لأستئناف الحرب بين الشيعة وبين السنة كما حدث في السنوات الأخيرة.. إلا أن الواقع يتطلب أن تهدف الجهود لتحسين الوضع الأقتصادي ليكون له أنعكاساته و فاعليته على حياة سائر المواطنين نحو مخاطر أكبر ما يتطلب مسعى دوليا بهذا الصدد ثم أن الواقع يؤكد أنه ليس بأمكان أي مكون أو طرف سياسي أن يحكم البلاد عن طريق أبعاد الأخرين فلو كنت لا تنسجم، مثلا مع قائد أو زعيم سنى، فأن عليك أن تبحث عن زعيم سني آخر لأنه لا أحد يرغب في هدر كل تلك المحاولات والتضحيات والمساعي، ومع هذا فنحن نأمل أن يكون العراق قد تجاوز تلك المخاوف وأعتبر منها، غير أن ما يحدث هو واقع أمتد منذ شهور ولم أر له أي تأثير، ومع الأمل بتحسين الأوضاع، فإن ذلك لن يحدث دون و جود طرف يساعد على تحسنها.
* وكيف تتمكن الولاياتت المتحدة من ممارسة الضغط على الأطراف العراقية لأعادة أوضاعها الداخلية وما هي مخاطر تازم الوضع العراقي الداخلي على المصالح الأمريكية؟
-أنا لست في وضع أطلب منه أن تمارس الولايات المتحدة الضغط على هذه الأطراف بل عليها السعى لجمعها والتقليل من خلافاتها.. وقد نعترف أو نرى أن تصنيف أولويات الأدارة الأمريكية قد سار بشكل سئ ومارست الكثير من الأخطاء السياسية في علاقاتها مع سوريا ومصر وغيرها ولا تستوعب جيدا ماذا يحدث في الشرق الأوسط فرغم معرفتها أن ايران تشكل خطرا كبيرا إلا أنها تجهل ولا تعرف كيفية التعامل معها ، ثم هناك الكثيرون في الخليج هم غير راضين عن الحكومة الأمريكية الحالية وأقولها بكل أسف:
إن ما أهتمت به الولايات المتحدة فيما يتعلق بالأستقرار ولم تتحول مصالحها الى أولويات متقدمة وعلياً للأدارة الأمريكية، وهذا هو السئ في المسألة، وأرى أن ما يتعلق بصور تسبب عدم الأستقرار في الأضرار بالمصالح الأمريكية هو :
أولاً/
الشأن الذي لا يتحمل المبالغة هو النفوذ الأيراني وتأثيراتها الكبيرة في المنطقة.
ثانيا / سيوجد عدم الأستقرار أرضية جيدة للقوى الموالية الى أيران(من راديكالية وأرهابية) للعودة الى الحرب والأقتتال.
ثالثا/ يعتبر العراق أحد مكتسبات الولايات المتحدة صحيحا كان أم خطأ وأن تفككه وعودته الى أوضاع الحرب سيكون شيئا سيئا للغاية للولايات المتحدة وعموم أطراف المنطقة لأنه سيكون لها تأثيرها السئ في عدم أستقرار المنطقة ثم لا يزال هناك بعض القوات والعاملين الأمريكيين في العراق وسيتعرضون الى الخطر في حال توجه الوضع نحو الحرب والعنف، ويكون الخطأ الأكبر عندما تستجد هناك مخاوف وخطر حقيقي على صادرات النفط في المنطقة، وعموما فأنا أشدد دائما أن لدى قليلاً من الثقة بالسياسة الراهنة للحكومة الأمريكية.
* لقد كان أقليم كوردستان دائما منطقة آمنة إلا أن الخلافات القائمة بين الأقليم وبين رئيس الوزراء المالكي تكاد تقود أو قد تتوجه نحو أندلاع إقتتال دموي بين الطرفين فيا ترى كيف يكون دور الولايات المتحدة في مثل هذه الحالة؟
- ليس بأمكاني الأنحياز الى أي طرف بالنسبة لهذه الحالة، إلا أنني اتفهم تماماًً قلقكم وأعلم أن السفير الأمريكي قد نقل تصريحاتكم و توجهاتكم، ولكنني ما زلت أتساءل: هل هناك أستعداد لأتخاذ أي قرار إذا ما وصلت هذه المسألة الى المستويات الأعلى ؟ و أقولها مع الأسف أنه ليست هناك أية أرادة من هذا القبيل وبالأخص في هذه السنة بسبب أوضاع وطبيعة الأدارة الأمريكية والأنتخابات المقبلة فيها في تشرين ثاني من هذا العام ولا أتكهن بما يحدث فيها وهل يأتي شخص آخر الى الأدارة الأمريكية ويتولى ويهتم بهذه المسألة؟
وأكرر أن الدول العربية قد أرتكبت خطأ كبيرا بعدم سعيها لأعادة دمج العراق مع المنطقة بل أنها قد أغلقت الأبواب بوجهه ولم تسهم إطلاقا في المشاركة بنجاح العراق وأستقراره وتركت للعراق أن تقترب من أيران لأنه بلد يحكمه الشيعة بالنسبة لمصالح العرب، فهناك اليوم حرب واسعة تدور في المنطقة فهناك أسلاميون ثوريون يسعون لتولى مقاليد السلطة من جهة كما أن الشيعة والسنة الأسلاميين قد شكلوا كتلتين مختلفين هما الآن في تصارع بين من جهة أخرى وهذا هو الملاحظ في الحرب الداخلية في سوريا، والسؤال هو كيف يكون موقف ورؤية العراق في حين أن الأسلاميين الراديكاليين هم اليوم في مساع جادة للوصول الى الحكم وهذا مالم يحدث في العراق حتى الآن فضلا عن الصراع القائم بين الشيعة والسنة.. أي أن العراق راغب ويعمل على النأي بنفسه من النفوذ الأيراني والحرب الداخلية وتجنب أن يتحول الى دولة يسيطر عليها الراديكاليون وهو يحتاج في هذا التوجه الى المساعدة والتعاون.. وقد يختلف الكثيرون معى في هذا التوجه والرأي وعموماً هناك فاصل كبير بين واقع المنطقة وبين نظرة الغرب وهو أمر مضر بلا شك.
* ألا ترون أن أنعدام الأستقرار في العراق سيتسبب في أن يتحول الى ساحة للتدخل الخارجي؟
- هذا بالضبط هو ما يقلقني، فقد كان حتى الآن ساحة للصراع القائم بين ايران و سوريا من جهة وبين السعودية والأردن من جهة أخرى غير أن الأوضاع قد تغيرت ولم تعد سوريا جزءا من هذه المسألة.. ثم ماذا يحدث و ماذا يضر لو وضعت الحكومات الأسلامية السنية ثقة أكثر بنفسها وتمتعت بأستقرار أكبر وهذا الأمر يشمل(مصر) أيضا ولا تنسوا أن هناك أنتخابات ستجرى في البلاد لأنتخاب رئيس جديد وتشكيل الحكومة فيما بعد وهل سيصار الى التدخل في العراق بسبب أختلاف وجهات النظر الخارجية أزاء ما يحقق مصالح السنة أو الشيعة؟ وهذا بالذات ما يضعف الوضع ويعقده.. وفيما يتعلق بالحرب الداخلية في سوريا وعدم الأستقرار في المناطق الأخرى ومع وجود مشكلات لدى أيران _ فإن العراق ما يزال بمنأى، الى حدما، عن التأثيرات الخارجية للدول الأقليمية المدمرة في أعوام 2004-2005-2006 ، وما بعدها.. فنحن نعلم أنه كانت هناك في حقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حرب باردة بين الدول العربية و وكان هناك طرفان يقود الأول كل من مصر و دولة البعث في العراق و يقود الثاني السعودية والأردن، فهل ترون اليوم مثل هذا التصنيف في الصراع، فقد أصبحت سوريا ساحة للحرب ولبنان الى حدما و سيتحول العراق الى هذه الساحة أيضا ما يتطلب من العراق أن يعيد تنظيم وضعه الداخلي لتجنب هذا المنحى.. وسيظهر مع نهاية هذا العالم حقيقة أن هناك قطبين أو طرفين الأول هو مصر التي يسيطر عليها الأخوان المسلمون والآخر العراق و سوريا إذا ما بقى فيها النظام الحالي وأن ينأى العراق بنفسه من الوقوف ضد هذه المعادلة لأن لديه الكثير مما سيخسره في هذه الحالة لأنه بلد فيه صراع قائم بين الشيعة وبين السنة وأضربه هذا الصراع وأكثر من أية دولة أخرى، وقد آن الأوان لمعالجة هذا الصراع فلقد كان تأريخ الشرق الأوسط خلال السنوات ال(16) الماضية تأريخا مأساويا من العنف وعدم الأستقرار والأحقاد و الصراعات على أساس الأيمان بأمكانية أن يسيطر شخص واحد وآيديولوجية واحدة أودولة بعينها على جميع الأشياء أو غالبيتها وأتوقع أن تنزلق المنطقة الى أوقات عصيبة وعندها لن تتمكن سوريا و لبنان و مصر و تونس و ليبيا من تجنب هذا المرمى والأفصاح بأنها تمارس هذه اللعبة منذ عقود من الزمن ولا نريد أن نبقى جزأ منها بعد الآن غير أن بأمكان العراق الأفصاح عن ذلك وهي مسألة ليس للكورد أية مصالح للتورط فيها لذا فأنه يحتمل و يتوقع من العراق، من بين جميع البلدان العربية، أن يتجنب هذا المنحى أو هذه المسألة.. بل سيكون تحوله الى جزء من هذه المسألة، بمثابة كارثة أو مأساة يعاني منها كل العراقيين، كما أن حدوث حرب داخلية في العراق وعجز الحكومة وضعفها عن أداء شؤونها وأعمالها وفشل القادة في التعاون فيما بينهم، سيكون أكبر خطر على أنزلاق العراق الى هاوية ذلك الخلاف المستمر منذ عقود من الزمن.
Top