رئيس البرلمان يستنجد بطالباني لحماية الدستور من الخروقات
وقال النجيفي في مؤتمر صحافي في بغداد اليوم ان العراق يمر حاليا بمرحلة تحول مهددة بالمخاطر تتطلب من الجميع التعاون من اجل امنه واستقراره واستكمال التشريعات المطلوبة لبنائه. واضاف ان الدستور العراقي حدد علاقة الهيئات المستقلة العليا بالسلطتين التشريعية والتنفيذية حيث منح البرلمان سلطة الرقابة عليها والحكومة مهمة التنسيق معها . لكنه اشار الى ان قرار المحكمة الاتحادية العليا في الثامن عشر من الشهر الماضي بربط هذه الهيئات بالحكومة بدلا من البرلمان خلق تشويشا وضبابية على هذه العلاقة . واوضح ان البرلمان شكل لجنة برئاسته وعضوية ممثلي الكتل السياسية لدراسة هذا الخلل ومعالجته. وقال انه من غير المعقول ان ترتبط هيئة النزاهة مثلا بالحكومة وهي مكلفة بالرقابة على ادائها وكذا الحال بالنسبة للمفوضية العليا للانتخابات والبنك المركزي لان ذلك سيؤثر على استقلاليتها. وشدد على ان هذه الهيئات يجب ان تبقى كما حددها الدستور تحت رقابة البرلمان وتنسق مع الحكومة .
يذكر ان البنك المركزي والمفوضية العليا للانتخابات ومفوضية حقوق الانسان وهيئة النزاهة من ابرز "الهيئات المستقلة" التي ينص عليها الدستور وتخضع لرقابة البرلمان بينما ديوان الرقابة المالية وهيئة الاعلام يرتبطان به مباشرة .. بينما يكون مجلس الوزراء مسؤولا عن هيئة الاوقاف ومؤسسة الشهداء.
وأعلن النجيفي انه طلب تدخل الرئيس العراقي جلال طالباني لحماية الدستور من الخروقات
" لان قرار المحكمة الاتحادية شكل تهديدا للدستور والعملية الديمقراطية في البلاد". واشار الى انه طلب من المحكمة الاتحادية توضيحا او تفسيرا لقرارها الاخير بربط هذه الهيئات بالحكومة بدلا من البرلمان . وقال ان قانونا جديدا للمحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الاعلى سيقدم الى مجلس النواب قريبا لمناقشته والتصويت عليه "حيث ستكون هناك محكمة جديدة خلال الفترة المقبلة يحدد القانون واجباتها وتفسيراتها" . واكد ان المحكمة ستكون مستقلة وغير خاضعة لاجندات سياسية .
وحول تأخر تصويت مجلس النواب على مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية المرشح لرئاسته زعيم الكتلة العراقية أياد علاوي اوضح النجيفي ان القانون هو في مكتب رئيس الجمهورية حاليا وسيرسله الى البرلمان قريبا لمناقشته والتصويت عليه . وقال ان هذا المجلس مهم لانه احد ركائز الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة الجديدة ويمثل ركنا اساسيا في الاتفاق السياسي على الشراكة بين القوى السياسية لادارة البلد .
وفيما يخص تأخر اقرار الموازنة العامة للعام الحالي اشار النجيفي الى ان مشروعها قد تعرض لتغييرات عدة وارجع الى الحكومة لتعيد صياغته قبل ارساله الى مجلس النواب مجددا لمناقشته والتصويت عليه الذي قال انه يأمل ان يكون قريبا . وفيما اذا كانت الاضطرابات التي تشهدها دول عربية حاليا ستؤثر على انعقاد قمة بغداد العربية المقررة في 23 من الشهر المقبل اشار النجيفي الى ان العراق جاهز لاستضافتها ويعمل على انجاز تحضيراتها اللوجستية . واشار الى انه تم توجيه دعوات الى القادة العرب للمشاركة في القمة وان هذه الدعوات قد تم قبولها . وقال "ان هناك تطورات يمكن ان تحصل في بعض الدول العربية ويمكن ان تؤثر على القمة لكن مؤتمرها ضروري لتعزيز علاقات العراق العربية" .
وحول بقاء حقائب الوزارات الامنية شاغرة قال النجيفي ان رئيس الحكومة نوري المالكي طلب موعدا من البرلمان للتصويت على شخصيتين مرشحتين لوزارتي التجارة (التي ستسند لمرشح من التحالف الكردستاني) وشؤون المرأة (المرشحة لها شخصية نسوية من الكتلة العراقية) .. لكنه اوضح ان اشغال الحقائب الامنية الثلاث للدفاع والداخلية والامن الوطني سيتأخر بعض الوقت . وبحسب المحاصصة المتبعة في العراق لتوزيع الوزارات فأن وزارة الدفاع ستكون من حصة العراقية ووزارتي الداخلية والامن الوطني للتحالف الوطني .. في وقت تم حسم رئاسة جهاز المخابرات اليوم باسنادها الى التحالف الكردستاني والتي سيتولاها كريم سنجاري وزير داخلية اقليم كردستان من الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه طالباني.
وعن التقارير التي اشارت الى وجود معتقل سري مرتبط برئيس الحكومة تمارس فيه عمليات تعذيب للمعتقلين قال النجيفي ان مجلس النواب يتابع اوضاع حقوق الانسان في البلاد او اي خرق او اعتداء على المعتقلين . واكد عدم السماح بمثل هذه الاعتداءات داعيا الحكومة الى تقديم تفسيرات الى البرلمان حول صحة وجود معتقلات سرية في البلاد . واضاف ان القوات الاميركية ستنسحب بشكل كامل مع نهاية العام الحالي وقال "ان على العراق ان يهئ أوضاعه العسكرية والسياسية والدبلوماسية ليكون مهيئا لهذه المرحلة الجديدة" .
وكان المالكي حذر الاحد من ان الغاء قرار المحكمة الاتحادية بالحاق الهيئات المستقلة بالحكومة سيخرب البلد على اعتبار ان قرارتها قطعية وغير قابلة للطعن محاولا طمأنة رؤساء الهيئات المستقلة بعدم فقدان مؤسساتهم لهذا الاستقلال بسبب قرار المحكمة لكن هؤلاء الرؤساء اكدوا مخاوفهم من هذا القرار .
وفي جلسة خاص لمجلس النواب العراقي ناقش خلالها قرار المحكمة الاتحادية امس اوضح سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي انه وفقا للدستور فان البنك المركزي يكون مسؤولا امام مجلس النواب حصريا دون غيره من السلطات مؤكدا ان البنك يتمتع بالاستقلال في مهامه ولايتلقى اي تعليمات من اي مؤسسة او هيئة اضافة الى انه يتمتع بالاستقلالية المالية مشيرا الى ان العلاقة مع الحكومة تقتصرعلى المشاورة في الامور المالية .وعبر عن الخشية من التداعيات الخطيرة لقرار المحكمة الاتحادية على البنك المركزي وخاصة على الصعيد الدولي فيما يتعلق بالارصدة المالية في الخارج التي مازالت محفوظة من الدعاوى القضائية لحد الان . وليس بالامكان معرفة حجم الاموال العراقية في الخارج على وجه الدقة لكن بعض المصادر تشير الى انها بحدود ستين مليار دولار.
اما فرج الحيدري رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فقد اشار الى ان عمل المفوضية يتعلق بالاشراف على الانتخابات وهي عملية فنية لا ترتبط بجوانب خدمية او غيرها وعلى هذا يصعب ربطها بالحكومة للحفاظ على استقلاليتها طارحا تساؤلات عدة عن كيفية العمل بقرار الارتباط بالحكومة في المجالات الادارية والمالية والفنية موضحا ان التدخل في الجوانب الادارية والمالية سينعكس على عمل المفوضية في الانتخابات مما يهدد الحيادية والنزاهة في ادارة عملية الانتخابات .
من ناحيته تحدث رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة عن اهمية استقلالية عمل الهيئة والتعاون مع السلطات الثلاث مشيرا الى ان هيئة النزاهة تعمل بموجب التزام دولي يتوجب على العراق احترامه للحفاظ على استقلاليتها وفقا لقانون هيئة النزاهة والنصوص الدولية لمكافحة الفساد التي تم المصادقة عليها عام 2008 .وحذر العكيلي من خطورة ان ترتبط الهيئة بجهة معينة على حساب اخرى لانه يمكن ان تستخدم كسلاح ضد الجهات الاخرى لافتا الى ضرورة ان يكون عمل الهيئات المستقلة مع السلطات على اساس التعاون والتنسيق والتكامل لا على اساس الجهة الاعلى او الادنى .بدوره شكا برهان الشاوي رئيس هيئة الاعلام والاتصالات من تاخر تشريع قانون ينظم العمل في المجالات التي تهتم بها الهيئة معتبرا ان بعض جوانب قرار المحكمة الاتحادية يلفه الغموض .
وقد تباينت مداخلات النواب بشان قرارات المحكمة الاتحادية .. ففيما اعتبرها البعض ملزمة وغير قابلة للطعن متسائلين عن مدى استعداد المجلس للبت بهذه القرارات راى اخرون ضرورة اعادة النظر بتلك القرارات . وتضمنت المداخلات التاكيد على ان الهيئات المستقلة وجدت لتكون تحت هذا العنوان مع الدعوة لتشكيل لجنة تضم ممثلين عن النواب المشاركين في كتابة الدستور لبحث المسألة فضلا عن عدم تشريع بعض القوانين وفقا للاجتهادات السياسية مع المطالبة بحضور رئيس المحكمة الاتحادية او من يمثله الى مجلس النواب للاجابة على الاستفسارات المتعلقة بهذا الخصوص .
وقال المالكي قال خلال اجتماعه مع رؤساء الهيئات المستقلة ألاحد ان الدستور واضح وصريح ويتبنى عملية الفصل بين السلطات لأن عدم الفصل بينها هو تنازع .. واضاف "لعلي في ذلك أجد حالة من القلق على عمل الهيئات المستقلة ولا أجد مبررا لذلك لأن هذه الهيئات هي مستقلة من خلال قوانينها التي تعمل بها". وطمأن المالكي رؤساء المؤسسات المستقلة قائلا " لانريد أن نؤثر على إستقلالية هذه الهيئات ما دامت تستند إلى قانون في عملها ونريد من مجلس النواب أن يقوم بتشريعات تساندنا في الحفاظ على مصلحة الدولة". واوضح "ان لقاء اليوم مع المسؤولين على الهيئات المستقلة هو لتوضيح الصورة أمام الجميع وحتى تكون بعيدة عن التسييس وان قرارات واحكام المحكمة الإتحادية وبموجب الدستور واضحة وقطعية وغير قابلة للتمييز" . وقال "نؤكد للجميع أن هذه الهيئات سوف تعمل بقوانينها دون تغيير وان إستقلاليتها ستبقى مصانة ومحترمة لأننا دولة دستور ومؤسسات وقانون".
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد اصدرت في الثامن عشر من الشهر الماضي قرارا بربط الهيئات المستقلة برئاسة الحكومة بدلا من مجلس النواب معللة ذلك بـ"غلبة الصفة التنفيذية على اعمال" هذه الهيئات وابرزها البنك المركزي والمفوضية المستقلة للانتخابات. واصدرت المحكمة قرارها بناء على استفسار من المالكي يعتبر ان ربط بعض الهيئات المستقلة ذات الطبيعة التنفيذية في عملها بمجلس النواب امر لا يتفق مع اختصاص المجلس ويتعارض مع مبدا فصل السلطات.
-الإيلاف