• Thursday, 27 June 2024
logo

مؤشرات الكتاب في معرض اربيل الدولي

مؤشرات الكتاب في معرض اربيل الدولي
طارق كاريزي

تظاهرة ثقافية مهمة تشهدها سنويا اربيل. معرض اربيل الدولي في نسختها لهذا العام اقيم خلال الفترة (10-20/تشرين الاول) الحالي، وكانت المشاركة عريضة حيث شاركت 250 دار نشر قادمة من 28 دولة مقدمين 700 الف عنوان كتاب، علاوة على مستلزمات ثقافية وترفيهية للقراء على اختلاف صنوفهم وشرائحهم.
معرض اربيل الدولي للكتاب حلقة من سلسلة معارض الكتب التي تقام في الشرق الاوسط والعالم العربي خلال كل عام. ويركز معرض اربيل بصورة خاصة على الكتب المنشورة باللغات (الكوردية، العربية، الانكليزية)، فالغالبية العظمى من زوار المعرض هم من زبائن وقراء الكتب بهذه اللغات.
الدائرة المعرفية المتاحة للعرض في معرض اربيل واسعة بحيث شهد المعرض في نسخاتها السابقة حرّية مطلقة للعرض اثارت اعتراضات في الوسط الثقافي والاعلام الكوردستاني الذي تحدث عن ضرورة اتباع نظام مرن للفلترة بحق هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة بالشكل الذي يعيق تسرب الكتب التي تحرض على العنف والكراهية او تسهم في تمهيد الارضية لعشعشة الفكر المتطرف الذي لا يخدم الانسانية وتطلعات الشعوب للحرية والعيش بسلام.
هذه الملاحظة يبدو انها اخذت بنظر الاعتبار في الدورة الاخيرة من معرض اربيل الدولي للكتاب. وهذا لا يعني التضيّق على دائرة حرّية التعبير، بقدر ما يعني اننا بصدد تحصين المجتمع ضد التطرف والفكر التحريضي الذي بات يعد آفة تهدد السلم الاهلي والامن المجتمعي في العالم باسره.
المعرض عموما شهد اقبالا كبيرا، لكن الاجنحة الخاصة بدور النشر الكوردية كان لها حصة الاسد من زبائن المعرض على اختلاف اعمارهم ومستوياتهم الثقافية، فلغة الثقافة الاولى في كوردستان هي الكوردية التي يجيدها الكل ويستطيع تلقي المعارف المعلومات بها دون معوق. اما اجنحة دور النشر القادمة من مختلف بلدان العالم العربي، فكانت اقل جذبا للزبائن، رواد هذه الاجنحة هم القراء الكوردستانيون من ابناء الاجيال السابقة وعددهم في تراجع مستمر، اضافة الى زبائن قادمون من الموصل وبغداد ومدن ومحافظات عراقية اخرى. ولعل عناء السفر وتكاليفه يحد من ازدياد عددهم بالشكل المطلوب والمنتظر.
وبهذا الخصوص نهيب بالجهات المعنية، وفي مقدمتهم ادارة معرض اربيل للكتاب ووزارتي الثقافة في اربيل وبغداد والاعلامين الكوردستاني والعراقي، التحرك لتسهيل مهمة وصول زبائن الكتاب من العراقيين الى المعرض، من خلال تسيّر رحلات ثقافية جماعية وبتكاليف مناسبة، بحيث يتيسر لاوسع شريحة من القراء العراقيين من الموصل الى البصرة، خصوصا الطلاب والاكاديميين والكتاب والصحفيين وزبائن الكتاب والمولعون بالثقافة، زيارة معرض اربيل للكتاب. ولعل مؤسسة المدى كونها راعية المعرض بالتعاون مع حكومة اقليم كوردستان يقع عليها الثقل الاكبر في هذا المجال.
معرض اربيل الدولي للكتاب يقدم الدليل القاطع على حقيقة كون الثقافة سلعة مهمة لها زبائنها، فرغم الازمة المالية التي مازال الاقليم وسكانه يعانون من تبعاتها، الا ان الوسط الثقافي وسوق الكتاب مازال بكل خير، ورغم سعة انتشار الثقافة الالكترونية، الا ان الثقافة الورقية مازالت لها السيادة والحضوة الكبرى لدى القراء ومريدو الثقافة والمعرفة.

Top