• Thursday, 27 June 2024
logo

شيخ خطاطي كركوك: الخط زاد روحي الازلي

شيخ خطاطي كركوك:  الخط  زاد روحي الازلي
طارق كاريزي

مع ان محله يقع بالقرب من اهم واشهر شارع في المدينة، الا انك وانت تصل الجزء الجنوبي من شارع الجمهورية في قلب كركوك، لابد ان تجتاز زقاقا ضيقا باتجاه الغرب لتدخل عمارة مهملة، حيث يوجد شيخ خطاطي كركوك في صالة تقع في الطابق الارضي منه.
عبدالرحمن جوهر روزبياني كان منذ الصغر مولعا بالادب والفنون. عندما كان صبيا فان نظام الدراسة في الكتاتيب والمتوارث في كوردستان مازال شائعا في كركوك. كان يمضي الساعات بالقرب من نافذة تطل على قاعة درس الطلبة، ويستمع بكامل احاسيسه الى الشيخ الذي كان يعطي الدروس لطلبته. تعرض لعقوبة قاسية من قبل والده بعد ان اشتكاه شيخ المسجد، كونه اجاب على سؤال طرحه الشيخ ولم يستطع جميع طلبته الاجابة عليه، فانبرى الصبي عبدالرحمن وقرأ قصيدة للشيخ سعدي الشيرزاي دون اي خطأ، وكان هذا هو جواب السؤال بالتمام والكمال.
امضي الشطر الاعظم من عمره في السلك الوظيفي. البداية كانت في مدينة كوية حيث بنى شبكة من العلاقات الاجتماعية مع النخب الثقافية في هذه المدينة الشهيرة باعلامها من الادباء والشعراء والمتنورين والفنانين. وكان يمضي اغلب وقته في قراءة الكتب الموجودة في مكتبة كوية العامة حتى انهى قراءة الآلاف المؤلفة من كتبها، قبل ان ينتقل وظيفيا ويعود الى مسقط راسه كركوك.
عبدالرحمن روزبياني خطاط بارع، ورشته ومكان عمله تفتقر للتنظيم وهي عبارة عن كم كبير من وسائل واداوات فن الخط ولوحات واحرف وقطع من خطوط منفذة على مواد متنوعة، وهو من الخطاطين القلائل الذين لم ينساقوا الى البساطة والجاهزية التي تقدمها تقنيات الكتابة والطبع الالكترونيين، فهو مازال يلبي طلبات زبائنه بحسب التقاليد العريقة لفن الخط معتمدا فقط على خبراته وقدراته في مجال هذا الفن.
سألته: لم لا تصدر كرّاسا للخط تنشر فيه نتاجاتك ومختارات من لوحاتك الخطية، فهي من جهة تخدمك من خلال تعرف الخطاطين وعشاق هذا الفن على مدى حرفيتك العالية ودرجة اتقانك لاصناف الخطوط، وهي في ذات الوقت ستكون بمثابة المعين والمرشد لطلاب فن الخط؟
اجابني شيخ خطاطي كركوك "لقد تعرض ارشيفي للنهب والتدمير عام 1991، فبعد سيطرة قوات الحرس الجمهوري على المدينة ونزوح كافة سكانها نحو اربيل والسليمانية، وصلت ايادي النهب والسلب الى ارشيفي وتم سرقة روائع مختارة من اللوحات الخطية التي نفذتها طوال عشرات السنين من عمري، وما لم يستطع السرّاق نهبه قاموا بتدميره."
الاستاذ الفنان روزبياني عاشق كبير للادب والفن، عندما تزوره في ورشته يمطرك شعرا ويشعرك بعمق، بان فن الخط زاده الروحي المفضل مادام حيّا، فالازميل لا يبارح انامله ولو للحظة واحدة.

Top