• Friday, 03 May 2024
logo

قمة عربية في أربيل

قمة عربية في أربيل
معد فياض




بارك العراقيون زيارات رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي للمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية، والترحاب الذي حظي به، وهو يستحقه كونه يمثل العراق بكل قومياته وأديانه وطوائفه، كما حظي حديث الشيخ محمد بن زايد نائب رئيس دولة الامارات عن العراق، والذي اسماه"عراقنا" موضحاً حرصه البالغ على تطور العراق، شاكراً العراقيين الذين أسهموا بتأسيس دولته (الامارات) وبنائها، وما زال هناك آلاف من العراقيين، العرب والكورد، الذين يساهمون في تعزيز تطور الدولة الخليجية الحديثة والمتقدمة في كافة المجالات.

محاولات انفتاح االعراق نحو عمقه العربي مرحب بها من قبل جميع العراقيين، ونتمنى ان تكون هذه المحاولات جادة ومثمرة، إذ أن الدول العربية طالما رحبت واستقبلت رؤساء جمهورية وحكومات وبرلمان عراقيين على مدى أكثر من 15 سنة، بل ان قيادات هذه الدول العربية قدمت الكثير من المبادرات الطيبة للشعب العراقي، لكنها، وبسبب التدخلات الإقليمية، غير العربية، في الشأن الداخلي العراقي تم إحباط هذه المبادرات وإبعاد العراق عن عمقه الستراتيجي العربي ليكون العراق حديقة خلفية للجارة الشرقية التي تعتبر بلدنا الدجاجة التي تبيض ذهباً لها.

نحن لا نشك على الإطلاق بجهود الكاظمي في رأب الصدع الذي حدث في علاقات العراق مع حاضنته العربية، هذا الصدع، وأحيانا التخريب الذي افتعله وتعمده بعض رؤساء الحكومات وقادة الأحزاب الشيعية تنفيذاً لاجندات خارجية، لكننا نخشى كثيرا على مبادرات رئيس الوزراء المخلصة لان يستعيد العراق دوره المحوري والمؤثر في المنطقة خاصة والعالم العربي عامة انطلاقاً نحو العالم اجمع، لا سيما وأن ظروف العراق الجغرافية والاقتصادية وإمكاناته البشرية مهيأة لان يأخذ هذا الدور الحقيقي والمشروع بعيداً عن تأثيرات الدول الاقليمية، غير العربية، التي تريد ان يبقى العراق ضعيفا وتابعا لها تحقيقا لمصالحها الاقتصادية والعسكرية.

عندما نتحدث عن العراق ودوره إنما نعني عراق العرب والكورد، وبجميع مكوناته الدينية، فالكورد هم القومية الثانية في تكوين الشعب العراقي، والعراق دستوريا دولة فيدرالية، ولاقليم كوردستان دور فاعل في رسم سياسات العراق ودعم المشاريع البناءة للحكومة الفيدرالية، والأكثر من هذا وذاك فان التمثيل الدبلوماسي العربي والغربي في عاصمة اقليم كوردستان، اربيل، واسع ومؤثر، والجميع يعرف ان حجم النشاط الاقتصادي، من خلال الاستثمارات العربية في الاقليم كبير جدا، سواء كان على المستوى الحكومي او الخاص، وتربط قيادات الاقليم، خاصة القيادات البارزانية علاقات وثيقة وعميقة مع قيادات غالبية الدول العربية المجاورة للعراق، الخليجية والاردن ومصر ولبنان خاصة، وهم يطمحون لتوسيع قاعدة هذه العلاقات مع قيادات دول المغرب العربي.

انطلاقاً من كل هذا، نقترح هنا بان يكون مشروع عقد القمة العربية القادمة، سواء كانت ثلاثية او رباعية او عامة، في عاصمة الاقليم، اربيل، كونها مدينة عراقية حضارية ومتطورة عمرانيا ومستقرة امنيا وجاهزة لاستقبال مثل هذا النشاط الكبير، فالدول العربية، بل حتى الغربية، تعقد اجتماعاتها الدولية، سواء كانت لقاءات قمم او مؤتمرات اقتصادية او سياسية او علمية، في مدن مختلفة من بلدانها بعيدا عن عواصمها، فما الضير ان تستقبل اربيل مؤتمراً للقمة العربية كي نبرهن للعالم اجمع ان العراق دولة فيدرالية وان لا فرق بين اربيل والبصرة وبغداد والنجف، وان نضع العراق كله بواجهة الاحداث الكبرى.

لقد تحولت اربيل خلال العقد الاخير الى مدينة متطورة من حيث العمران والبناء والتقنيات الحديثة والالتزام بالقوانين الذي حقق الاستقرار الامني في الاقليم، واثبتت الاجراءات التي رافقت زيارة بابا الفاتيكان، فرنسيس الاول، لاربيل واقامة القداس الكبير نجاح حكومة الاقليم والمجتمع الكوردستاني باستضافة الاحداث الدولية الكبرى، من هنا يأتي مقترحنا لعقد القمة العربية، مهما كان حجمها، في عاصمة الاقليم، وكي نشرك الكورد بالقرار العراقي العربي ونشعرهم بانهم جزء مهم ومؤثر من العراق ونصحح الاراء الخاطئة التي يعتقدها بعض الاشقاء العرب حول الكورد والاقليم وعلاقته بالعراق.

إن عقد القمة العربية في أربيل بالتأكيد لن يؤثر على مكانة بغداد، عاصمة العراق وكل العراقيين بمختلف قومياتهم واديانهم وطوائفهم، ذلك أن العالم كله يعرف من هي بغداد تاريخيا وحضاريا، بل أن تحقيق هذا المقترح سيمنح العراق زخما معنويا ومؤثراً ويعطي صورة ايجابية لمكانة العراق بكل مدنه، وان العراق كبير وقوي بكل قومياته ومكوناته الاثنية والدينية، كما سيمنح القادة والوفود المشاركين في القمة فرصة للاستمتاع بجمال طبيعة إقليم كوردستان العراق واستقراره وهو جزء من استقرار البلد، والاطلاع عن كثب على تاريخها الحضاري، قلعة اربيل خاصة، وهو جزء من تاريخ البلد عامة، ويعطي صورة واضحة للتعايش السلمي بين قوميات العراق.










روداو
Top