كوردكوين
لقد اثبتت العملات الرقمية عموماً و البتكوين خصوصاً بأنه من الممكن جدا أن تتحول الأشياء من العدم إلى قيمة مالية كبيرة لا يُستهان بها، والسر طبعاً يكمن في أن تصبح تلك الأشياء حديث الساعة و يزداد الطلب عليها فتصبح لها قيمة شيئاً فشيئاً وكلما زاد الطلب عليها زادت قيمتها وليس لديها أي سقف محدد تتوقف عندها تلك الزيادة، فمازال وسيبقى قانون العرض و الطلب هو أساس ارتفاع و انخفاض قيمة الأشياء وهذا لسان حال عملة البتكوين الآن وباقي العملات الرقمية الأخرى، فحسب أسعار اليوم فالبتكوين الواحد حاليا والذي يُقدر قيمته بـِ 59000 دولار تقريبا يساوي 855 برميل نفط المسعر حاليا بـِ 69 دولار ...!!
فتصوروا و فكروا بالفرق بين النفط و قيمته الحقيقية وتكاليف استخراجه وقوته و بين مجموعة ارقام وأكواد برمجية لاحول لها ولا قوة و ابحثوا في الأسباب التي ادت الى ذلك و ستجدون بأن هناك ثغرة لا يجب تجاهلها و القفز من فوقها، ومن يكتشف سر ذلك يكون من بين الدول التي تصعد نحو القمة اقتصادياً و سياسياً ربما ....!!!!!
كوردكوين عملة الكترونية أو رقمية أو مشفرة من الممكن جداً أن يبدأ إقليم كوردستان بالتفكير على اطلاقها للتحرر من القيود الاقتصادية التي تتحكم بها، فعملية تصنيعها تحتاج فقط إلى حاسبات مجهزة بقدرات حوسبة عالية وكمية كافية من الكهرباء في اطار عملية تسمى التعدين، وبعدها يجب أن يتم طرحها و إدارتها وتسويقها بشكل صحيح و تحديد كمياتها بدقة لتجنب أي تضخم قد يحصل، فيتم التداول بها ويقبل الناس على شرائها والاستثمار بها ويرتفع الطلب عليها شيئا فشيئا لتزداد قيمتها وتصبح ملاذاً آمناً للكثير من المستثمرين في كوردستان و العراق والدول الأخرى وربما في جميع دول العالم، فعملة كورد كوين لا تحتاج إلى موافقات دولية أو إقليمية ولا تحتاج أيضا الى احتياطي من الذهب و العملات الأجنبية ولا يترتب عليها أي عقوبات اقتصادية او سياسية او اغلاق المطارات و المعابر و لا تحتاج الى مرافئ بحرية للتجارة بها وتوصيلها ونقلها و تداولها؛ وإن أصبحت العملات الرقمية في يوم من الأيام العملة المفضلة للتجارة الدولية، عندها سيكون لدى الكورد حصة جيدة من كعكة الاقتصاد العالمي الحديث، فربما نتحرر اقتصادياً من تلك القيود المفروضة علينا بشكل متجدد ومستمر.
فمجلس الاستقرار المالي و كذلك صندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية، دعوا جميعهم الى وضع إطار تنظيمي للتعامل مع العملات المشفرة، وكذلك البنوك المركزية في الدول الكبرى تسعى الى منافسة تلك العملات المشفرة من خلال اطلاق نسخ رقمية من عملاتها الرئيسة كالدولار واليورو والين، فالدول التي لديها عملات حقيقية خاصة بها قد بدأت بالتوجه الى اصدار العملات الرقمية فكيف للدول التي ليس لديها أي عملة ....!
ربما تكون البتكوين وباقي العملات الرقمية مشروعاً سياسياً أو اقتصادياً أو تجربة لتمرير مخطط ما أو منظومة دفاعية لمواجهة قوة هجومية ضاربة بين الكبار، وأياً كان هو الاحتمال الصحيح، فقد انحرف المشروع عن مساره قليلاً وأثبت نفسه كسلعة لها قيمة و أثبت بأن البشر يقبلون بأي شيء طالما هناك غيرهم من البشر قبلوا به فسياسة القطيع حقيقة، وكذلك سياسة ركوب الموج ونظرية عدم التفريط بالأرباح المتوقعة والهوس بالمتاجرة وسيطرة عنصر الغيرة على البشر، والعديد العديد من الأسباب الأخرى تدفعنا الى ضرورة التفكير من خارج الصندوق وقراءة ما بين السطور والتجرء الاقتصادي والتوجه نحو الاقتصاد الرقمي الذي لا يكلف شيئاً والذي سيكون المسيطر فيه هو من تجهز وسبق الاخرين بأشواط، والكورد لديهم الجرأة الكافية و اللازمة لعملية تحرر اقتصادي فريد من نوعه و التوجه نحو امتلاك قوة اقتصادية لا يُستهان بها لتثبت نفسها في المنطقة كملاذ آمن للتجارة والصناعة ومنصة قوية للاستثمار الرقمي بعيدا عن الاستثمار الكلاسيكي وتضع قدما بين الدول المتقدمة اقتصاديا، فالكورد كوين فكرة و الأفكار تصنع الحضارات.
روداو