البارزانية العظيمة وأخلاق الپێشمهرگايتي
منذ الأيام الأولى لتأسيس المدرسة البارزانية في مركز المشيخة في بارزان استندت على مبدأ أساسي يتمثل بتلازم الأخلاق الوطنية مع الحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي، والعمل على تحقيق المكاسب والأهداف الكوردية وتذليل الصعاب أمام مسيرة الكورد في الأجزاء الأربعة وتحدّي الخطوط التي رسمها محتلو كوردستان والهادفة إلى إلغاء توجهاتهم الاستقلالية.
سعى شيوخ بارزان منذ قيادة الشيخ عبدالسلام البارزاني (الذي أعدم في الموصل عام 1914) مروراً بالشيخ أحمد البارزاني (الذي رفض الخضوع للسلطات العراقية) ثم القائد مصطفى البارزاني (1903-1979) وانتهاء بالرئيس مسعود بارزاني إلى خدمة طموحات الشعب الكوردي المشروعة في العيش بكرامة وحرية في كل أرجاء كوردستان مسخّرين كل طاقاتهم للدفاع عنها، فوضعوا الأسس الأولى للتنظيم العسكري بتسميات مختلفة، ولم يستقروا على تسمية موحدة لاولئك المناضلين إلا بعد تأسيس جمهورية كوردستان الفتية في مهاباد التي أسّسها القائد الشجاع قاضي محمد، تلك الجمهورية التي كان عمادها الأساسي البارزاني مصطفى بقواته العسكرية، أولئك الذين سار بهم من جبال بارزان للذّود عن مكتسبات مهاباد، فتشاور القادة والمسؤولون لاختيار تسمية للقوة العسكرية للجمهورية، وحسب المصادر المتوفرة قيل إنه تمت المناقشة، فسمعهم رجل الخدمات الذي كان يقدم هم الشاي وطرح تسمية الپێشمهركة بمعنى المضحي او الفدائي فأعجب الحضور، ونقلوها لرئيس الجمهورية، فوافق على الفور، وأصبح الاسم الرسمي للقوات الكوردية، فسطّر أولئك الپێشمهركة أروع الملاحم في أصعب المعارك، وأصبحت الپێشمهرگايتي نبراسا للإخلاص والوفاء.
هم الذين دافعوا عن الجمهورية، وهم الذين رافقوا البارزاني مصطفى إلى الاتحاد السوفييتي وهم الذين أشعلوا ثورات أيلول وكولان وانتفاضة عام 1991 وهم الذين تصدّوا لآفة العصر تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وإن ما زاد الپێشمهركة قوة وصلابة هو انخراط القادة مع المراتب والافراد والتضحية، ففي عام 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين طرح الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر بعد حل الجيش العراقي حلّ كل القوى العسكرية بما فيها الپێشمهركة فكان رد الرئيس مسعود بارزاني قويا وحاسما برفضه المقترح وتأكيده أن الپێشمهركة ليست ميليشيا بل هي أقدم من الجيش العراقي وحل الپێشمهركة يعني لنا القضاء على الكوردايتي، لان الپێشمهركة والكوردايتي متلازمتان، ولا يمكن الفصل بينهما بأي شكل من الأشكال.
منذ اليوم الأول لتأسيسها أشرف معلمو المدرسة البارزانية على هذه المؤسسة بشكل مباشر، ورسخوا فيهم قيم المحبة والوفاء والتضحية والإخلاص، وأدركوا إن النجاحات لا تتم دون تلاحم بين القادة البارزانيين والپێشمهركة، فكانوا في الصفوف الأمامية على الدوام، ففي إحدى لقاءاته التلفزيونية قال الرئيس البارزاني اثناء هجوم داعش على مناطق زمار وربيعة اتصلت بمنصور بارزاني وهو قائد القوة المدافعة سألته عن معنوياتهم، فكان جواب منصور إذا وصل الأعداء إلى دجلة فأعلم حينها اني ومن معي قد استشهدوا، وبفضل ثباتهم ودفاعهم سطروا أروع الملاحم ودحروهم اشد هزيمة وأثناء مقابلة مع القائد مسعود بارزاني أكد ان مكانه الطبيعي هي الپێشمهرگايتي وأكد قائلا كنت پێشمهركة وسأعود پێشمهركة وهي اعلي مراتب الشرف بالنسبة لنا.
واليوم موقف الرئيس بارزاني هو امتداد طبيعي لتلك المواقف السابقة، وترجمة حقيقية لتوجهات ومبادئ المدرسة البارزانية العريقة وتأسيسه لپێشمهرگة روج للدفاع عن كوردستان سوريا هو تتويج لأخلاق لتلك المدرسة، وستبقى الپێشمهرگة والپێشمهرگايتي عنوان للمحبة والإخلاص.
k d p