• Saturday, 04 May 2024
logo

القوة الناعمة..

القوة الناعمة..
فاروق حجي مصطفى



صحيحٌ إنّ صاحب نظرية "القوة الناعمة" هو جوزيف ناي، إلّا إنّ المؤسسة السياسيّة الأمريكية اعتنت بهذه النظرية أكثر من جوزيف ناي نفسه.

تجدر الإشارة إنّ فكرة "القوة الناعمة" لم تكن جديدة في التناول الكتابي أو الخطابي، فقيل إنّ كونفوشيوس، وسقراط هم من الأوائل الذين تناولوه في كتاباتهم.

والأمريكيون قاربوا هذه الفكرة بشكلٍ أكثر جدية، وأعتبروا إنّ هذا النوع من القوى أكثر جدوى من القوى الأخرى ولا سيما القوى الصلبة.

ولا يخفى على أحد إنّ الأمريكان ومنذ عقود لم يخلّوا بالتوازن بين القوتين، وربما في أحيانٍ كثيرة نصيب "القوة الناعمة" نصيب الأسد في الميزانيات المقررة.

ولا نستغرب إنّ وزارة الدفاع في المجتمعات الغربيّة تقف إلى جانب تفضيل "القوة الناعمة" على القوى الصلبة.

وثمة من يرى بإنّه إذا كانت تتمركز القوة الصلبة في المعسكرات وحلبات الصراع، وفِي ساحات المعارك، فإن القوة الناعمة بإمكانها أن تتواجد في غرفة النوم لأيّ رئيس من رؤساء العالم.

وبوسع القوة الناعمة اختراق كل الجدران، وتقتحم في كل المجتمعات مهما تتخذ من الصلابة والتزمت أنماطاً لتفكيرها.

وتجدر الإشارة إنّ الأمريكان لم يفكروا يوماً أن يؤسسوا حزباً تابعاً أو موالياً لهم في أي منطقة من العالم، وقد تجد من الصعوبة بإنّ حزباً سياسياً يطرح ولائه للامريكان. بيد إنّ الغرب لم يقفوا ساكنين في مسائل التنمية، ومنظماتها تتواجد بكثرة في كل أصقاع العالم، وإنّ الأثر الذي تركته وكالة التنمية الأمريكية أكثر عمقاً من كل معركة خاضتها أمريكا، وقيسوا هذا الأمر على كل الدول الغربيّة.

وعلى عكس الغرب فإنّ في مناطقنا سرعان ما يقومون بتأسيس أحزاب تابعة في البقع الأخرى، وكل حزب شمولي إسلامي كان أو حديث يرى في نفسه الحق بالتواجد في المكان الذي يريد دوماً احترام الخصوصية الجغرافية أو تقديراً لتطلعات الناس.

بقي القول، إنّ الغرب استفادوا جداً من تجارب حروبها، واستخلصوا العبرة، مفادها إنّ أنماط الفكر والعيش لا تتغير بالقوة الصلبة، وإنّ الحروب لا تجلب إلّا الدمار فيما تفعل القوة الناعمة فعلها، وتؤثر في الذهنية وتترك أثر بالغاً في الولاءات والانتماءات، ولكن قبل ذلك فإنّ الصرف الذهني للقوة الناعمة أكثر كلفة من القوة الصلبة، والحق إنّ الكلفة لا تقف في حدود الإبداع أو الإبتكار بقدر ما إنّ المال والأعمال تؤثر في المسار وهو بنفسه يولّد أناساً من نوعٍ ثاني، أناساً يسخرون جلّ وقتهم للتنمية.








باسنيوز
Top