وماذا بعد يا حزب العمال الكوردستاني
لعلّها واحدةٌ من أهم توصيفات فاوست في تعليل دكتاتورية الكلمة / المصطلح ، هذه الكلمة التي منها – على هديه – صيغت ولم تزل أقسى أنواع المقاصل ، وهي ذاتها الكلمات التي ستتوارد معها إلى ذهنيتنا لمجرد استذكار رواية / ظلام عند الظهيرة / للكاتب الهنغاري اﻷصل – آرثر كوستلر – خاصةً إن اقتطعنا منها ما يتواءم مع يقينية بعضهم في صوابية أحزابهم المطلقة و استحالة الوقوع في الخطأ من جهة ، وطوباوية القائد الفيلسوف الأسطوري إلى درجة التقاطع لا بل و الاندماج الروحاني الديني مع العلماني – ظناً – وانخراطه – التصوفي – و إسباغ مايشبه صفة النبوّة على ملهمه الأوحد ، يقول كوستلر : / .. إنّ الحزب ﻻ يخطئ أبداً أيها الرفاق ، يارفيقي ، أنا وأنت يمكننا أن نخطئ ، لكن الحزب ﻻ يخطئ ، الحزب هو شيء أكبر مني ومنك بكثير ، وأكبر من ألفٍ مثلك وألفٍ مثلي ، الحزب هو التجسّد العملي للفكرة الثورية في التاريخ ، والتاريخ ﻻ يعرف شيئاً اسمه الضمير ، أو شيئاً اسمه التردّد ، الحزب متماسك دائماً وﻻ يُقهر أبداً ، يسير كالسيل نحو هدفه ، وهو عند كلّ منحنى في مجراه ، يلفظ الوحل والطين الذي كان اصطحبه ، كما يلفظ الجثث التي كانت قد غرقت فيه والتاريخ أيها الرفيق يعرف طريقه ، وهو ﻻيقترف أخطاءً خلال تلك الطريق ، أليس كذلك أيها الرفيق ؟ … / … – صدرت روايته هذه سنة 1940 … نقلاً من جريدة الحياة عدد 18470 يوم الثلاثاء 29 / 10 / 2013 ص 12 زاوية ألف وجهٍ ﻷلف عامٍ . وهنا ، أ فليست هذه الظاهرة هي واحدة من أعتى اشكال تراجيديا الأيديولوجيات العابرة لفضاء الواقعية وخلطها المتعمّد بالقيم الجبرية غير القابلة للجدل أو النقد؟
لا بل ومحصّنة بكلّ أشكال التطويب ؟ وعليه فهل سيتجرّأ فلاسفة الآيكولوجيا الأنتي واقعية ! تبيان أسباب حالة الإنفصام والقطيعة ؟ وبالتالي ظاهرة الخلط والتناقض الفكري إلى حدّ الضياع ، فيبدو بعضهم كمنظّرين يجادلون بينياً بنزعة الاستحواذ الفكري من جهةٍ والأحلام المتداخلة والمتشابكة مع هوس اليقظة التائهة من جديدٍ مع أحلامها ، هذا الأمر – كوردستانياً – وكمقياسٍ واقعي والذي يفرض تساؤلاً رئيساً عن سرِّ ما يجري بين أكبر جزءٍ كوردستاتي – كمثالٍ – والأجزاء الأخرى؟
وكظاهرةٍ كانت ال – بروفا – التي ابتدأت سنوات – ١٩٧٧ – ١٩٨٠ – حتى بدايات انقلاب كنعان ايفرين ، وانسياح أو مغادرة اوجلان تركيا ، هذا الامر الذي يذكّرنا بأشدّ حالات الإحباط الكوردية من جهةٍ ، وانعكاسها المستمر بسلبياتها في واقعنا الكوردي و أعني بها ظاهرة الاستغباء الممنهج للشارع واستخدام نمطية لوبون والقطيعية المفرطة ! ولتتولّد من جديدٍ مجموعة أسئلة متداخلة ، حول الفرق بين ماهية الأيديولوجيا والعقيدة إن وجدت ؟! هذا أولاً ؟! … وثانياً : ذلكم المتقاتلين على خلافٍ حدث منذ ١٤٠٠ سنة وأولئكم المتشبّثين بمقولة أنهم أفضل لا بل ومركز إشعاعٍ فكري وديمقراطي للبشرية ولا يرون غير ذواتهم ولذواتهم ، في أيّ تصنيفٍ يوضعون؟
والأهم ثالثاً هو الجمود العقائدي والذي يصرّ على عنوانه الثابت في أنه لا مكان لأيّ مختلفٍ في الحياة ؟! . إنّ الهروب كمصطلحٍ وراءً والتقوقع بالمرادفات – أماماً ره – للقهقرى هبوطاً وسويّات القناعات ماهي سوى لعب بالكلمات وإفراغها من مضامينها كهوبرة ، هذا الأمر الذي سيحتم علينا تحديد الأهم من المهم وبالأخص في أولوية الانتماء، وهل هي للأيديولوجيا العابرة أم للقومية؟
بالرغم من زعم الغالبية في الانتماء للثانية ؟! ..
نعم إنّ هكذا تساؤلات ستستجلب معها نمطاـ آخر من الاستفهامات وهي أشبه بالاستجوابات التي ستطفو عليها الصيغ الجبرية النافية لنمط وطبيعة التعاطي المفترضة من جهةّ، والزجرية المستندة على طوباويات مستوجدة من جهةٍ أخرى مثل: القوموية مشروع استعماري ، التعددية والتشارك سواها تحت سقف القوس خيانة ثورية ، وتليها بين فترةٍ وأخرى طقة فشك ومشاريع هدم للبنى التحتية كما حدث ويحدث في اعرق مدن كوردستان ( .. آمد وبوتان .. ) ، قابلها هدوء لم تشهدها المنطقة عبر التاريخ و ليظهر سد ألسكو للوجود، فهل أعيد بكم لمواقفكم إلى أيامات توركوت اوزال وطروحاته ؟ وطبيعة هذا المشروع تحديدا ؟ والسؤال الذي بات يضجّ في رؤوسنا جميعاً لماذا أمّنتم تلك المنطقة لابل قدّمتم لها السلام طيلة فترة تنفيذ هذا المشروع؟
إن العبث حتى في الطوباويات واستثمارها لغير غاياتها ، لا بل و بنبل تلك القناعات وسموها ، و إبرازها كبطاقةٍ حمراء ندرك جميعاً بأنّ مَن ضحّوا بحياتهم، وهبوها من أجل قضيةٍ وشعبٍ لا شخصٍ أو عقيدة تتغيّر وتتشعّب بجرّة قلمٍ وقدوم أو استنساخ فكرةّ ، وهنا فإنّ تكرار بارمومتر الشهداء والجرحى والمفقودين كلزومٍ لصناعة بروباغندا وكسلاحٍ مزدوج تستهدف في الأساس تحريم الجدل في الانكسارات ، لا بل وفي الالتجاء إلى تقية الشهداء وعلى أرضيتها بناء وهم النضالات ال – سردم – ية ، هذه البروباغندا بوجهيها الأيدلوجي السياسي ومفرداتها العسكرية التي ما جلبت سوى الفظائع لشعبنا ، دون أيّ منتجٍ واقعي على أكبر رقعةٍ جغرافية لكوردستان مساحةً وسكاناً ، إلى درجة يُخال للمرء وكأنّ هذه المنظومة مصمّمة على تطبيق نظرية مالتوس ورؤيته في إعادة التوازن العددي البشري بخاصيةٍ كوردية !
وهنا لن نعيد سلسلة مقاومة المدن الشعبية من ( كه فري إلى نصيبين ) بقدر ما يتطلّب منا أن نتذكّر شريطها ونتائجها الكارثية ! والآن ! لا بل منذ العدوان الدموي على عفرين و احتلالها وإخراج ناسها ومنعهم من العودة ! وتمدّد رقعة الاحتلال التركي طولاً وعرضاً ! أو ليست هي خدمة مجانية للأعداء كانت وستظلّ ان تمّت ممارسة سياسة الافراغ السكاني كتغييرٍ ديمغرافي ممنهج لها ؟ !
وأمر آخر ، ومع الإقرار بأنّ تركيا الطورانية هي واحدة من أكثر الدول العدوانية لقضية كوردستان والشعب الكوردي؟ ولكن هناك ثلاثة دول أخرى ! .
وهنا يبرز الطابع الحقيقي في مفهوم الجدلية الأوجلانية وقضايا الصراع الأيديولوحي ، وعليه فإنّ الهدف من ابراز تركيا وحدها كالعدوة الوحيدة، وفي كلّ مرةٍ يأتي وكنتيجةٍ لممارستها ! استجلاب لكوارث عديدة ؟ وأبسط أنموذج لهذا الأمر ومن مفرزات الأزمة السورية وبعمائها المهدرج كنتاج لتلك البروباغندا العظيمة ! و : النتيجة ؟ أين اختفيتم يا منظّري سردم ؟ لماذا أصبحتم كالكرة تتقاذفكم الدول وتقطعكم تداخلات مصالحها ؟ وأين أنتم من أية مبادرةٍ إنقاذية بخاصيةٍ كوردية ؟ … إنّ تجربتكم في سوريا المنتجة وفق خرائط سايكس بيكو، كان من الممكن أن تبقى مناطقنا كما السويداء ونحافظ على سلمنا الاجتماعي ، لا بل وأن نلعب دور استقطابٍ فعلي للمعارضة والنظام سوية ! ولكنها ردة فعل البندقية التي أصبحت مثل أسلحة الملك فاروق الفاسدة ! سوى دماء الشهداء البررة .. ! كفى نفاقاً ولنضع اليد على الجرح ، فرغم كلّ الانكسارات هناك دم نقي سُفِك، وناس هجروا دورهم، وشباب وفتيات في الأسر، وعشرات الآلاف من الجرحى وغياب فعلي لكلّ الوجوه التي ساهمت وأوصلت مناطقنا إلى هذا الجحيم .. والآن ومع كلّ فشلٍ يهرعون مطالبين بوحدة الصف، ولكن ضمن سياقية الضمّ والاستحواذ وفرض الطاعة وتقديم الولاء للحزب والقائد الضرورة ! ودون ذلك هي التقية الثورية التي تتوازى مع الفتوى الشرعية ، هذه التقية المدعومة بقوة سلاحٍ وذخيرةٍ موهوبة ولعملٍ محدّد ستُجمَع أو ستُدمَّر مع انتفاء الحاجة لكم ، وحينها سيدعونكم إلى تسويات ومصالحات فردية ! . وفي الجانب الآخر سيكون من الغباء اعتبار كلّ هذه النتائج من بنات الصدفة ولم تكن تخطر ببالهم، وذلك لأمرين رئيسيين ! أولها : التسليم بهيمنتهم الفعلية بالشأن العسكري لا بل وتجاهلهم لملفّها ، مما سهّل في تبسيط اليد والتفرّد بدائرة الفعل العسكري ، ومع خفض التصعيد وتنافي حاجة الدول النافذة سيتمّ شفط القوة و إعطابها ! والأمر الثاني : منذ بدايات العمل السياسي والجهود المبذولة أممياً ، خاصةً مؤتمرات جينيف، التقطتم جميعاً الإشارة بأنكم مثل العديد من القوى العسكرية ممنوعون من الوجود والتمثيل السياسي ، وهذه تتحمّلون مسؤوليتها بجدارةٍ، كخيارٍ عسكري انخرطتم فيها مع يقينكم التام بكلّ الانعكاسات ونتائج ها التي تظهر بوضوحٍ الآن .. وحتى لا نطيل في سرديات الماضي : كنتم ولا زلتم تعيدون أسطوانة وحدة الحركة وبذات النمط ! أي بقطيعية فورية و .. هيا تعالوا وانضمّوا للقافلة وبشروطكم الممجوجة في دفعٍ إلى الوراء بدل أن تتقدّموا ولو بخطوةٍ رمزية جداً وكمثالٍ : فتح أبواب معتقلاتكم ! وكشف مصير مَن هو ليس عندكم، وتقديم مبادرةٍ منكم لا عبر مَن استُهلك تماماً في اللفّ والدوران أو أبدع أسلوب الشتيمة المقزّزة في عالمنا السياسي البسيط والمحوّط كان بسلاسة احتُرِمت مع كلّ الخلافات كقيمٍ إجتماعية ، وحينها – بتصوّري – يمكن فتح بوّابة لا مجرد طاقة تفاهم ! .. أما أية مبادرةٍ ومن أية جهةٍ أو منظمةٍ مدنية رغم نبل توجّههم كمؤسسةٍ ستبقى تلفّ وتدور في فلك الصيد بعامل الزمن والتويترات والتناقضات لا أكثر ! وبجملةٍ مختصرة بالرغم من أنكم تتلمّسونها قبل الجميع :لن توجد لكم بقعة ضوءٍ في الحلول السياسية وذلك لعدة أسبابٍ منها : قبولكم البقاء في صفّ العسكر ومن خلالها الظنّ في إمكانية اللعب في ومع الاجندات في حين أنهم يرونكم مجرد أدواتٍ ؟ وثانيهما رفضكم للتعويم كفورة قوة وضجيج السلاح الذي سيصبح بلا جدوى . وثالثهما وهي باطنيات كانت قد تراكمت ولكنها انكشفت في عنوانها الأبرز ، حيث بات الأمر الوحيد المطلوب والمنكشف في كلّ مفاصله هو : ضرب عمق الانتماء القومي وشرخ التلاحم البيني ومفهوم الترابط المصيري وتقديم الشعب والمناطق الكورديتين كقطع كاتو سهلة البلع ، وعود على بدء وباختصارٍ : إن لم تكن بالقوة تسعى لفرض وجودك، فها هي الأصوات تتعالى في كلّ المناطق خارج بيئتكم يصرخون مطالبين بخروجكم من مناطقهم، ولم يبقَ أمامكم سوى أمر واحد؛ افتحوا الطريق إلى بانة وسقز ومهاباد ومنها ارجعوا الى بينغول وآرارات .
باسنيوز