• Sunday, 22 December 2024
logo

أربيل آلهة الشمس والقمر

أربيل آلهة الشمس والقمر
معد فياض



المدن الخالدة لا تهزها مجرد ريح حاقدة، ولا تغير من تأريخها وحاضرها ولا تؤثر على مستقبلها وخطط تقدمها. مدينة مثل هولير، أربيل، قلعتها شامخة، تشرق الشمس بوجهها كل فجر، وجذورها ممتدة عميقاً في أرض قوية منذ آلاف السنين، لن تنال منها صواريخ المرضى الحاقدين، بل تزيد قادتها وأهلها إصراراً على المضي بالبناء والفرح.

هولير، مدينة يمتزج طابوقها بأغاني ودبكات وأفراح وتضحيات وعزيمة لا تلين، ووسط علو موسيقى الطبل والمزمار تضيع وتتلاشى أصوات انفجار الصواريخ مهما كثرت أو بلغت مدياتها.

أربيل هي أقدم مدينة آهلة بالسكان منذ سبعة آلاف عام، جاء اسمها في الكتابات المسمارية القديمة (أربيلم)، وسمها البابليون (أربا-أيلو) أي مدينة الالهة الأربعة، وفي العهدين الأموي والعباسي سميت (أربل)، لكن المؤرخين يؤكدون أن أقدم أسماء هذه المدينة هي (أربائيلا ،أربيلا ،أرباأيلو ،أربيلم) كما أن المؤرخ (بيني) ذكر أسم أربيل بـ(أربيليتس).

كانت أربيل منذ القدم مدينة مقدسة، وكان فيها العديد من المعابد ودور العبادة، إحدى هذه المعابد معبد الآلِهَة عَشتار، الذي ما يزال قائماً في قلعة أربيل، وهي آلهة الحب والخصب والجمال، كما كانت للشمس آلهتها الخاصة وكانت يطلق عليها بـ(شربل)، والالهة الرابع هو إله القمر.

وصاحب كتاب العقد الثمين يقول إن أحد أبناء النبي إسماعيل كان اسمه أربيل.

مدينة مثل أربيل تقلق الحاقدين والمرضى النفسانيين المصابين بعقد النقص والشعور بالكراهية حتى لأنفسهم، وما زاد هؤلاء المرضى هو أن هذه المدينة، منذ أن زرعت قلعتها قبل آلاف السنين في أرض صلبة، وهي تنمو وتكبر مثل شجرة مباركة، وكانت، وما زالت، عصية على الأعداء وعلى من حاول أن ينال منها ويهدمها على مر التاريخ، بل كانت بعد كل عاصفة تمر بها تنهض مثل طائر الفينيق لتحلق عالياً. ما يقلق اعداء الحضارة والانسانية هو ان مدينة الالهة الاربعة تحرسها السماء والطبيعة وأهلها البناة المبدعون المعروفين بعنادهم ضد من يعاديهم.

المرضى الذين أرسلوا قبل ليلتين صواريخ سمومهم نحو المدينة المقدسة يجهلون التاريخ والجغرافيا، وعماهم غباؤهم وحقدهم عن فهم طبيعة وتكوين أهل أربيل، قادة ومواطنون ومقيمون نهلوا من خيراتها المباركة، ظناً منهم بأن صواريخ الحقد ستؤخر عمرانها أو تقلق اهلها، لكن احلامهم الخبيثة باءت بالفشل المؤكد.

الحاقدون الذين وجهوا صواريخ سمومهم نحو أربيل هم ذاتهم من كان قد شرع أبواب الموصل أمام جيوش الظلام من الدواعش اعتقاداً منهم بان عاصمة اقليم كوردستان ستكون هدفاً سهلاً لقوى الارهاب، ولقهر أهل الموصل لأسباب طائفية، ذلك أن تلك المدينة، أربيل، هي درة من درر حضارة وحاضر العراق، وصار يشار اليها باعتبارها واحدة من المدن المتطورة في الشرق الاوسط.

وعلى مدى أكثر من 17 عاماً خرب الفاسدون كل مدن العراق عن قصد وسرقوا اموال العراقيين، بينما انشغل نيجيرفان بارزاني، رئيس الوزراء السابق ورئيس إقليم كوردستان وبدعم من الزعيم مسعود بارزاني، الرئيس السابق للإقليم، وبمساندة فرق وطواقم من المتخصصين لبناء مدن كوردستان العراق، وكانت، وما زالت، أربيل في المقدمة، هذه المدينة التي تحتضن بكرم ومحبة كل فئاات العراقيين بجميع أطيافهم بفضل روح التسامح التي تميز أهلها الكورد الطيبين.

أربيل محمية بأرواح من ناضل واستشهد من أجل حرية كوردستان، وأربيل محصنة بعزيمة اهلها الكورد الذين طوعوا صخور الجبال وهم يقاتلون دفاعاً عن حريتهم وكرامتهم ووجودهم ومستقبل ابنائهم..أربيل التي تمنح حبها لكل من أحبها ويحب اهلها، عصية على كل من يحاول النيل منها وهذا ما يحدثنا التاريخ عنه، وما نشهده اليوم.









روداو
Top