• Sunday, 25 August 2024
logo

بعد اغتيال الهاشمي.. المواجهة باتت أكثر وضوحاً

بعد اغتيال الهاشمي.. المواجهة باتت أكثر وضوحاً
شيروان الشميراني


لم اعرف الخبير الامني الاستراتيجي العراقي هشام الهاشمي شخصياً، كنت أراه على القنوات ونشر مقالات له على موقع رووداو العربي، لكن اغتياله آلمني، ليس لسبب شخصي بل لأنه كان مدنيا بشكل كامل، ولم يؤذي احدا ولم يقتل احدا حتى يقتل، طريقة قتله امام باب منزله عند عائلته مفجع.

كل الدول التي تغيب فيها النظام ويكون القانون مجرد زعم، الدول التي تكون فيها الصراعات الاثنية والمكوناتية والطائفية محتدمة، قتل الكتاب و الاعلاميين يشكل مشهدا من مشاهد الحياة فيها، من لبنان الى سوريا الى اليمن، وكذلك الحال مع الدول الاستبدادية، الدول التي تتشظى فيها شرعية السلاح، لكن العراق منذ 17 عاما ومازال يعاني، اخطر بلد للعمل الاعلامي، حقاً غريب، بلد يحتوي على أكثر مئة من حزب سياسي من منطلق حرية التجمع، فيه من المتنفذين من يجعل القانون خلف ظهره ويدوس عليه بالاقدام، ليصفي الحساب الشخصي متعلق بخلاف في الرأي والتدبير بنفسه دون اللجوء الى القانون، هو الحال نفسه عندما كان المجمتع رعوياً، عقلية الضَيعة هي التي تحكم... قوة ترى نفسها فوق قوة القانون.

ما حدث هو مواجهة حقيقية بين اتجاهين يسودان الان في العراق، من دون الذهاب بعيدا، ان ذلك الاغتيال يكون بداية جديدة لمرحلة اخرى من الاغتيالات عبر الكاتم، لكتم الصوت المخالف، الهاشمي كان من الاصوات المساندة لدولة يسود فيها القانون حقا وحقيقة وليس شعارا انتخابياً، كان مؤيدا هادئا علميا داعياً لدولة مؤسساتية، غير مستبعد ان يكون الاغتيال رسالة الى رئيس الحكومة تقول بقطع الألسن الاعلامية بما ان مصطفى الكاظمي توجهاته الاعلامية ومحاولاته لترويج سياساته والاعتماد على الاصوات والاقلام المنسجمة المتناغمة معه بارزة.

ان اغتيال الهاشمي يعني ان الطرف الاخر لا يستسلم بسهولة لأجندات الحكومة الحالية وان كل من يقف معها يكون ضدا له، ما يعني تحديا كبيرا لرئيس الوزراء من عدة نواح:

الحالة الامنية وعدم شعور اهل العلم و الفكر والقلم والاعلام بالأمان على حياتهم، قلت قديما ان النظام السابق كان يقول لا تقل ما يغضبني لان لا حرية لأعداء الثورة، أما ألآن فيقول قل ما تشاء فإن النظام السابق أصبح بائدا لكنك ستقتل، ظاهرة قتل الصحفيين كانت مفهومة في الشنوات الفارطة بما أن القاعدة وداعش منظمتان ارهابيتان لم تتخطا شريحة عراقية إلا و استهدفتاها، لكن الآن من؟

القبض على الجهة الواقفة خلف العملية، مهما كانت الحجج والمبررات، إن الادانة على قتل مئات المتظاهرين السلميين وجرح عشرات الالاف لم تأت بنتيجة، ومازال الطلب على تقديم الجناة الى العدالة يتردد، هنا نحن الان امام عمل آخر بحاجة الى التحقيق والكشف وتطبيق القانون عبر قضاء محايد، الحكومة قالت انها ستفعل، لكن الحكومات السابقة ايضا قالت انها ستفعل إزاء كل عملية اغتيال.

التحدي الثالث هو كيف يمكن لرئيس الوزراء حماية ارواح المساندين له بوجود السلاح السائب المسحوب الزناد في كل مكان بالعراق؟

هل إن سياسات الحكومة و القرارات المتخذة خلال الفترة الماضية هي الكامن وراء هذه الاعمال، أي ان يأتي الرد عبر القوة النارية بما ان مؤشرات الايام الماضية كلها تدل على ان للحكومة نهج لا تتراجع عنه و هو نهج لا يعجب قوى سياسية و عسكرية ليست متنفذة فقط بل حاكمة.

في المرحلة المقبلة قد تسكت اصوات أخرى، ليس عبر الرصاص فقط، بل عبر بث الرعب، والتلويح بمشاهد الدماء.




rudaw
Top